سليمان الحكيم

المنظر الأول

(في صنعاء … شاطئ البحر … الصياد قد رمى شَبَكتَه في الماء وهو يجذبها.)

(يُخرِج سكينًا ويُعالج فَتْحَه … فلا يجد به شيئًا غير دخان أسود كثيف يخرج منه صاعدًا إلى السماء … ويتجمع الدخان ثم ينتفض فإذا هو عفريت.)

(الصياد لا حراك به ولا نطق من الروع.)

(يتحول العفريت إلى دخان، ويدخل القمقم النحاسي، ويختم عليه الصياد كما كان، ويحمله في يده.)

(فاصل موسيقي.)

(تُسْمَع أصوات دانية … فيختفي الصياد بقمقمه وشَبكَته، ويظهر الكاهن صادوق والوزير آصف بن برخيا.)

(يدخل سليمان وهو يضحك.)

(سليمان يضحك وهو ينظر إلى الأرض، كأنه يتبع شيئًا فوق رمالها.)

(يضحك ثم يضحك.)

(صادوق يضحك في كمه من آصف.)

(آصف يشير فيأتي أحد أتباعه حاملًا الهدهد.)

(صادوق وآصف يتبعان الحديث في اهتمام.)

(يخرج.)

(يظهر الصياد مترددًا يَتعثَّر في مِشيته وفي يده القمقم.)

(يطلقه من القمقم، ويتصاعد الدخان.)

المنظر الثاني

(في سبأ … قاعة العرش في قَصر الملكة … بلقيس على عرشها يَحف بها وزراؤها ورؤساء جيشها، ويجلس عند أقدامها الأمير الأسير منذر.)

(بلقيس تبتسم راضية، وتَلتفِت ناظرة إلى وجه الأمير الأسير منذر.)

(يدخل أحد الأتباع ويُسرُّ في أُذن بلقيس كلامًا.)

(يدخل الرسل ويتقدَّم كبيرهم إلى الملكة بالتحية ويُقدِّم الهدية.)

(تشير إلى الرسل بالانصراف.)

(تشير بيدها علامة فض المجلس.)

(الجميع يخرجون ما عدا الملكة والأمير الأسير.)

(تتقدم وَصيفتُها الأولى شهباء تَتبعُها الوصائف حاملات أدوات الزينة.)

(بلقيس تشير إلى الوصائف ما عدا شهباء، فَيخرُجْن، وتتناول المرآة بيدها وتنظر فيها.)

(يخرج قبل أن ينتظر إذنها له.)

(شهباء تدنو من النافذة المطلة على الحديقة وتشير إليه بالحضور.)

(منذر يدخل.)

(تخرج شهباء.)

(بلقيس تطرق وتخفي عينيها بيدها حتى لا يرى عبرة تكاد تسقط.)

(يخرج فرحًا.)

(تضع رأسها في كفيها وتجهش بالبكاء.)

المنظر الثالث

(في أورشليم … قصر سليمان … بهو عظيم.)

(يشير بيده فيمتلئ المكان بالأتباع قادِمِين على أنغام موسيقى.)

(يتقدم العفريت صخر من بين صفوف الجن.)

(داهش الجني يشق الطريق مسرعًا إلى الصياد هامسًا.)

(الجميع يغمضون.)

(تنطفئ الأنوار فجأة، ويحل الظلام في المكان لحظة، ثم يعود النور، فإذا عرش بلقيس في صدر البهو.)

(الصياد يفيق من ذهوله ويحس بالفخر.)

(يسمع دق الطبول وصهيل الخيول.)

(يُنفَخ في الأبواق وتُفتَح الأبواب … وتظهر بلقيس بردائها الطويل وخَلفَها وصيفتها شهباء، والأسير منذر والوزير آصف بن برخيا … وأتباع لها وتابعات.)

(يقودها نحو عرشها.)

(تَجلِس على عرشها … ويجلس سليمان على عرشه.)

(موسيقى رائعة … وأكواب وشراب … وجوقة من الراقصات الجميلات يرقصن رقصات غريبة.)

(يشير الملك بيده فينصرف الجميع ولا يبقى غيره مع بلقيس وحدهما.)

(تخرج بلقيس بين الجواري، ويبقى سليمان وقد أَطرَق وجعل ينكث بعصاه الأرض.)

(يدخل الجني يقود الصياد.)

(الجني يختفي وهو ينظر إلى الصياد في رثاء.)

(الصياد يطرق ولا يجيب.)

(يتركهما ويتجه إلى الانصراف.)

المنظر الرابع

(في الصرح العجيب … أرض من زجاج أبيض يبدو كأنه لُجَّة ماء … وفي صدر المكان فراش ورياش.)

(الصياد يخطو على الأرض البلورية رافعًا أطراف ثوبه دون انتباه.)

(يسدل ثوبه كما كان.)

(بساط الريح وعليه سليمان وبلقيس في سماء الشرفة.)

(يجذبه إلى الخارج.)

(سليمان وبلقيس يهبطان الشرفة ويدخلان.)

(ينهض للانصراف.)

(تنهض.)

(تنصرف.)

(سليمان لا يجيب … ويُطرِق في غضب كظيم.)

(الجني والصياد يطلان برأسيهما من خلف باب.)

المنظر الخامس

(مَخدَع في الصرح … بلقيس جالسة مُطرِقة تبكي أمام حوض رخامي قد رقد فيه تمثال حبيبها منذر المسحور حجرًا … وعلى مقربة منها وصيفتها شهباء.)

(لحظة صمت.)

(سليمان يظهر في الدهليز.)

(سليمان ينظر إلى بلقيس ويضحك طويلًا.)

(تذهب بلقيس مع سليمان ويخرجان، وتبقى شهباء مُطرِقة في أحد الأركان … يدخل الجني والصياد في ذيله.)

(ينصرف.)

(تبكي … فيأخذ الجني يدها ويقودها إلى الحوض وهي لا تشعر … فتتساقط فيه دموعها.)

(يُسمع صوت راعد ويُرى برق لامع.)

(يذهب.)

(شهباء تغطي وجهها بكفيها.)

(يجثو عند قدميها … ويَظهر عندئذٍ سليمان باسمًا يقود بلقيس … فتقف بلقيس مذهولة أمام هذا المنظر.)

(ينهض ويُطوِّقها بذراعيه ويُقبِّلها.)

(بلقيس شاحبة بلا حراك كالميتة!)

(بلقيس تنهار، فيسندها سليمان وقد انقطع ضحكُه فجأة وتَغيَّر وجهه.)

المنظر السادس

(البهو الكبير في قصر سليمان … سليمان مُطرِق حزين، وأمامه الكاهن صادوق.)

(يخرج.)

(سليمان يطرق … موسيقى … يدخل آصف.)

(يظهر الصياد في الحال.)

(سليمان يشير إلى آصف بالانصراف.)

(يدخل آصف.)

(آصف يفسح الطريق للملكة بلقيس وهي قادمة بالثوب الذي جاءت به إلى أورشليم … موسيقى.)

(ينصرف الجميع تاركين سليمان وبلقيس وحدهما.)

(تعزف موسيقى، ويدخل الوزير آصف والرؤساء ليشيعوا الملكة بلقيس مع سليمان وهما خارِجان.)

المنظر السابع

(في الصرح … سليمان نائم على كرسيه متكئ على عصاه … الكاهن صادوق وآصف بن برخيا، والصَيَّاد يتهامسون.)

(يشير إلى الصياد.)

(عصا سليمان تَتفتَّت … وينهار جثمانه على الأرض.)

(يهرعان نحو الجثمان صَائِحَين، فيعترضهما الصياد.)

(يَحملونَها ثلاثتهم إلى الفراش ويُسدِلون عليها الستر.)

(ضجة في الخارج … وأصوات غريبة.)

(يخرج آصف والكاهن صادوق.)

(الصياد يحمل شبكته ليخرج … وإذا الجني داهش بن الدمرياط يدخل ضاحكًا ضحكات طويلة.)

(يسمع دق طبل حزين … ويدخل موكب رائع يتقدمه الكاهن صادوق والكهنة وآصف بن برخيا، وأتباع … كلهم مطرقون … ويكشف الستار عن جثمان سليمان … ويحمل على الأعناق … ويخرج الموكب على دقات الطبول في سكون رهيب.)