تطور التباين
إن دراساتنا على التنوع الجيني تُكسبنا فهمًا أكبر لمدى التشابه بيننا جميعًا في تبايُننا المذهل؛ فالتباين الذي يجعل كل واحد منا متفرِّدًا على المستوى الجيني يمثل جزءًا من ١٪ من الأشياء التي تجعلنا جميعًا متشابهين.
(١) تاريخ من التنقل والامتزاج
إن التبايُن الجيني البشري هو نتاج تاريخٍ طويل من الهجرة، من التزاوج عبر الحدود، من القرصنة، من اتخاذ العبيد … من مزج الأشياء معًا، مخلِّفين وراءنا بعض التبايُن.
تتلاشى الفواصل الحادة للاختلاف الجسدي التي يفترضها العرق ضمنًا عند دراستها وفحصها عن كثب. لا شك أن الأشخاص المُنتمين لنقطتَين بعيدتَين على الأرض يَميلون إلى الاختلاف في الشكل. ولكن بالنسبة إلى مُسافرٍ يسير بين هاتين النقطتَين، فإن الأشخاص الذين يُقابلهم عند أيِّ نقطة على طول الطريق سوف يَبدون مُتشابهَين إلى حدٍّ كبير مع أولئك المُجاورين. إن للون بشرة الإنسان مليون درجة — ليس أربعًا أو خمسًا — ولا يوجد حدٌّ جغرافي يفصل ذوي الشَّعر الأملس عن ذوي الشعر المجعَّد. إن السمات التي تجعل الناس في جزء من العالم يَبدون مختلفين عن أولئك في جزءٍ آخر تَمتزج وتختلط بطرق تتحدى التصنيف السهل. والأنماط المعقَّدة للتباين البشري إنما تَعكس تاريخًا من التنقل والامتزاج البشري مُستمر منذ ظهورنا في أفريقيا قبل مئات الآلاف من السنين. واقتصر دور التاريخ الحديث على تسريع، وليس بدء، نمطٍ طويل من التنقُّل والامتزاج، وهو النمط الذي بدأ بجماعات من الصيادين وجامعي الثمار والبدو الرُّحَّل قبل آلاف السنين، وتسارعت وتيرته عبر السفر بالقوارب وحركات التنقل الجماعي الحديثة للأفراد بالطائرة.
(٢) تطور التباين البشري
يَبلغ التباين ذروته حيثما تطول حياة البشر لأقصى مدًى. وقد عاش الناس في أفريقيا فترةً أطول بكثير من أي مكانٍ آخر؛ إذ يُقدِّر علماء الأنثروبولوجيا التطورية مثل كين كيد (الوارد ذكرُه في هذا الفصل) أن السلالة البشرية قد نشأت في أفريقيا منذ فترة تتراوَح ما بين ١٥٠ ألف إلى ٢٠٠ ألف عام. وقد أتاحت هذه الفترة للسكان في أفريقيا مراكمة المزيد من الطفرات، أو التغيرات الجينية الصغيرة التي تُعدُّ المصدر لتبايُنِنا الجيني. ونظرًا لأن جزءًا فقط من السكان الأفارقة قد انتقلوا خارج أفريقيا للشروع في استعمار العالم، فلم يَنتقِل معهم سوى جزء من التبايُن الجيني. ولهذا السبب، يُمثِّل مُعظم التباين الجيني لدى الناس الذين يعيشون خارج أفريقيا شعبة لذلك التبايُن الذي يوجد بين الأفارقة، وحتى اليوم يظلُّ جزء أكبر من التباين في أفريقيا.
الأمر الواضح هو أن البشر المعاصرين انتشروا خارج أفريقيا خلال المائة ألف عام الأخيرة. وبعض التقديرات الزمنية حدَّدت وقوع هذا الانتشار من جنوب غرب آسيا منذ ٥٠ ألف عام، ويوجد العديد من التقديرات الأخرى تعود إلى ٩٠ ألف عام مضت. وهذه التقديرات المختلفة تقوم على مجموعاتٍ مختلفة من البيانات ونماذج ساعة جزيئية وإجراءات تقدير مختلفة؛ إذ يوجد ندرة في الأدلة الأثرية الدامغة المدعومة بالبيانات الجيدة التي تدعم الزمن.
وقد أظهرت نتائج ذات صلة من مُختبَراتنا أن السكان في شمال شرق أفريقيا كانوا يشتركون في قدرٍ أكبر بكثير من التشابه مع غير الأفارقة أكثر من السكان القادمين من غرب ووسط أفريقيا. ومن تفسيرات ذلك تدفُّق الجينات الحديثة نسبيًّا من السكان غير الأفارقة إلى شمال شرق أفريقيا. وعلى العكس، بدا منطقيًّا الاعتقادُ بأن السكان من شمال شرق أفريقيا هم الذين انتشروا خارج أفريقيا. فلم تكن مجموعةٌ سكانية من غرب أفريقيا أو جنوبها لتُهاجر عبر الأجزاء المتوسطة المأهولة بالفعل من أفريقيا من أجل تأسيس مجموعاتٍ سُكانية غير أفريقية. كذلك كنا نجد أن التغييرات في تواتُرات الألائل تُظهر نمطًا من التغيُّر المستمر عبر المناطق الجغرافية خارج أفريقيا. والتمثيلات النقطية في شكل ١١-۳، هي محاولة للتعبير عن التعقيدات التي كنا نجدها في البيانات الصبغية الجسدية بطريقةٍ واضحة وبسيطة.
إن أي نوع مُنتشِر على نطاقٍ واسع سوف يكون له بعض التبايُن الجيني عبر نطاقه مع ملاحظة نزوع السكان الأبعد والأكثر تهميشًا إلى مزيد من الاختلافات. وعلى ذلك يتوقَّع المرء أن يكون لدى السكان على أطراف أفريقيا اختلافات في تواتُر الألائل؛ إذ تكون الألائل في بعض المَواضع في أعلى معدَّلات التواتُر في غرب أفريقيا، فيما ستكون الألائل في مواضعَ أخرى عند أعلى معدَّلات التواتر في جنوب أفريقيا … إلخ. وهكذا فمنذ حوالي ١٠٠ عام كان هناك قدرٌ كبير من التباين الجيني داخل وعبر أفريقيا، والذي يُمثَّل على نحوٍ تجريدي في شكل ١١-۳أ بالنقاط المتعدِّدة. لاحظ أن النقاط الفردية لا تمثل فردًا أو مجموعة من السكان بالذات؛ بل إن تنوع الألوان في منطقةٍ ما يُمثِّل قدر التباين الجيني في تلك المنطقة وطبيعته. والاختلافات البسيطة في عدد الألوان في أيِّ منطقة تُمثِّل هذا التباين الجغرافي.
منذ ما يقرب من ١٠٠ ألف عام، وربما بعد ذلك، غادر بعض الأفارقة أفريقيا متجهين إلى جنوب غرب آسيا، كما هو موضَّح في شكل ١١-۳ب. وحملوا معهم ألائل كانت الأكثر شيوعًا بالفعل في شمال شرق أفريقيا. وتُشير الأدلة إلى أنهم كانوا عددًا قليلًا نوعًا ما من الأفراد و/أو أن المجموعة السكانية الجديدة في جنوب غرب آسيا ظلَّت محدودة العدد لزمنٍ طويل قبل التوسع والانتشار داخل بقية أوراسيا. ونتيجةً لذلك، حدث فقدٌ كبير للتباين الذي لا يزال موجودًا في شرق أفريقيا. ومنذ ما لا يزيد على ٤٠ ألف عام، توسَّعت هذه المجموعة السكانية المؤسسة الوحيدة لتشغل الأجزاء الصالحة للسُّكنى من أوراسيا. ويوضِّح شكل ١١-۳ﺟ أن هذا التوسع قد أسفر عن فقدانٍ بسيط للتباين في أوراسيا الشرقية بالنسبة إلى أوراسيا الغربية. ومنذ حوالي ٢٠ ألف عام، هاجَرت مجموعةٌ سكانية من آسيا الوسطى على جسر بيرنجيا الأرضي ومنه إلى بقية أمريكا الشمالية والجنوبية، صاحبه قدرٌ إضافي من الانحراف الوراثي؛ ما أدى إلى تكوين هويةٍ جينيةٍ فريدة نوعًا ما للأمريكيين الأصليين.
ومن العوامل المُعقِّدة لإعادة الهيكلة الكاملة لإعمار العالم (بما فيه أفريقيا) موجات الهجرة اللاحقة للشعوب والتي تنتج عن ظواهرَ مناخيةٍ وجيولوجية. نحن لا نعرف ما إذا كان البشر قد وصَلوا بالفعل إلى جنوب شرق آسيا منذ ٧٥ ألف عام، ولكن من الواضح تمامًا أن ثوران بركان بحيرة توبا الهائل كان من شأنه أن يُخلِّف أثرًا مهلكًا على الجماعات السكانية من الهند مرورًا بجنوب الصين، والفلبين، وأجزاء مما يُعرَف اليوم بالأرخبيل الإندونيسي. (هل ساعد هذا على إبقاء إنسان فلوريس (أو الإنسان القزم) معزولًا؟) لقد كان من شأن الرماد والكبريت في الغلاف الجوي العلوي، واللذَين نتَجا عن ذلك الثوران، أن يُؤدِّيا إلى حدوثِ تبريدٍ عالَمي لعدة سنوات على الأقل؟ وهذا التبريد لسائر أجزاء الأرض كان من شأنه التأثير على الحياة النباتية والحيوانية في كل مكان؟ وربما كان ليُحدَّ من إحجام السكان من البشر؛ مما يُعزِّز من آثار الانحراف الوراثي وربما يكون قد أسفر عن تأثير الانتخاب على بعض الألائل في بعض الجينات. كان من الأحداث الكبرى الأخرى تقدُّم وتراجع الأنهار الجليدية خلال المائة ألف عام الماضية. فمع الزيادة في معدَّلات التجلد، انخفضَت مُستويات البحر. فكان الجزء الأكبر من إندونيسيا التي نعرفها اليوم من شأنه أن يكون كتلةً يابسةً واحدة منذ ٢٠ ألف عام. وهكذا أدى انسحاب السكان من الشمال نظرًا لتقدُّم الأنهار الجليدية ثم إعادة التوسع اللاحقة في تلك المناطق في عهدٍ أقربَ كثيرًا، كل ذلك يعمل على تعقيد الصورة الحديثة. على الرغم من ذلك، تُقدِّم الرسومات التوضيحية النقطية التي وُضعت منذ ما يزيد على عقد نظرةً عامةً واضحة للتبايُن البشري الحديث حتى موجات الهجرة الواسعة خلال الحقب التاريخية.
ويُمثِّل شكل ١١-۳أ، بشكلٍ مجرَّدٍ وأسلوبيٍّ للغاية، التباين الجيني الذي تراكم بالفعل لدى البشَر المُعاصرين على المستوى التشريحي في أفريقيا في حوالي ٢٠٠ ألف عام؛ ويُمثَّل هذا التباين الجيني بالنقاط الملوَّنة المختلفة. لاحظ أن الألوان غير موزَّعة بالتساوي عبر القارة كما هو متوقَّع من عزلة وانفصال مفروضَين بموجب نموذج التباعد. فثمة المزيد من اللون «الأحمر» في الجنوب من أفريقيا؛ فيما يوجد المزيد من اللون «الأزرق» و«الأصفر» في شمال شرق أفريقيا.
منذ حوالي ١٠٠ ألف عام، هاجرت بعض الشعوب من شمال شرق أفريقيا إلى جنوب غرب آسيا كما هو موضَّح في شكل ١١-۳أ. ولما كان مَن هاجروا نشئوا من الجماعات التي تسكن شمال شرق أفريقيا، فقد كانوا بمنزلة عيِّنة من هذه التجميعة الجينية المنحرفة جزئيًّا بالفعل، وهذا «الخطأ في الاستعيان» أبرز فقدان التبايُن. ولم يُمثَّل سوى جزءٍ بسيط من التبايُن الجيني في أفريقيا ككل في تلك الجماعة السكانية «غير الأفريقية» الأولى. وتلك الجماعة السكانية في جنوب غرب آسيا هي التي تزايَدت في الأعداد بعد ذلك وانتشرت جغرافيًّا لتحتلَّ كامل منطقة أوراسيا وميلانيزيا الأسترالية قبل حوالي ٥٥ ألف عام، كما هو موضَّح في شكل ١١-۳ﺟ. ولم يكن يوجد ما يكفي من الوقت لظهور قَدرٍ كبير من التباين الجيني الجديد داخل الجماعات السكانية التي وصلت في نهاية المطاف إلى شرق آسيا. على الجانب الآخر، فُقد بعضٌ من التبايُن الذي تراكم في جنوب غرب آسيا.
منذ فترة أحدث من ٤٠ ألف عام، هاجرَت بعضُ الجماعات من سيبيريا والساحل الشرقي لآسيا إلى الأمريكتين وتوسعوا ليحتلُّوا كلًّا من أمريكا الشمالية والجنوبية. وفي أثناء ذلك الاستعمار فُقد قدرٌ إضافي من التبايُن، ولكن كان التأثير أقل من أن يكون مرتبطًا بالهجرة من أفريقيا.
(٤) الامتزاج والتنقُّل
لقد خرجنا من أفريقيا ولم نتوقَّف قط عن التنقُّل والامتزاج. فلم يكن هناك جبلٌ عالٍ بما يكفي لصدِّنا.
على الرغم من أن كين كيد كان يقول إن مسارات الهجرة البشرية ليست محددة كما هي في شكل ١١-٤، فإن الخريطة تَمنحنا إدراكًا للأنماط الرئيسة المتنوِّعة للهجرة البشرية. ربما يُعاد بناء هذه الأنماط بناءً على التبايُن الجيني وتؤيد بالأدلة الأثرية. ونحن نميل إلى اعتبار أمريكا الشمالية قبل الاحتكاك الأوروبي أرضًا مستقلة نسبيًّا مؤلفة من جماعاتٍ صغيرة ومنعزلة نسبيًّا، مثل هنود الشمال الشرقي، وهنود السهول، وهنود الجنوب الغربي، الذين ربما يكونون قد مارَسوا التبادل التجاري معًا على مستوًى محلي (على الرغم من الأشياء التي وُجدت في ديكسون ماوندز بمنطقة المسيسيبي الوسطى، بولاية إلينوي، وهي قريةٌ صغيرةٌ فقيرة كانت مأهولة منذ ألف عام، يُمكن تتبع أصلها إلى أطراف أمريكا الشمالية).
شكل ١١-٥، وهو عبارة عن خريطة لمسارات التجارة، وشكل ١١-٦، وشكل ١١-٧، اللذَين يُظهران أشياءَ أثريةً، هي جميعًا أشكالٌ مُذهِلة؛ نظرًا لأنها تكشف الحركة عبر صور الطبيعة. فما يتمُّ صنعه في مكان يُكتَشف في مكانٍ آخر، والذي ربما يكون شيئًا مُتداوَلًا تجاريًّا. الأمر نفسه يسري على الجينات. فإذا عرفنا أن التبادل قد حدث، فمِن المُحتمَل أن يكون التزاوج قد تمَّ أيضًا، وبالتالي حدثَت عمليات نقل للجينات. فالناس يتفاعَلون ومن ثم تجوب فِكَرهم، وأشياؤهم، وجيناتهم العالم. لا وجود تقريبًا لأيِّ عوازل تناسُلية. فنحن جماعةٌ توالديةٌ واحدةٌ كبيرة.
وجهات نظر حول علم الأنساب الوراثي
توجهنا بالسؤال إلى أربعة علماء وباحث قانوني بشأن استخدام علم الوراثة من أجل إعادة بناء تسلسل النَّسَب. لم نَسألهم عن العرق، ولكن إجاباتهم ربما كانت تتَّسق مع رسالة هذا الكتاب. غير أن علم الوراثة قد مضى ليشمل مجموعةً مثيرة من القصص عن تاريخ الأفراد والأنساب. فمن المُمكن أن يكون علم الوراثة فعَّالًا للغاية في تحديد ماهية الفرد على المستوى الوراثي، وربما يُمكن أن نستخلص من علم الوراثة استنتاجات فيما يتعلق بالأصول الثقافية والاجتماعية للأفراد.
فيما يلي خمس وجهات نظر:
•••
«عيوب علم الأنساب الوراثي»
«استعادة الماضي»
«مسألة تأويل»
إنني أقوم بدراسة كيف ولماذا يَستخدم الأمريكيون الأفارقة اختبارات علم الوراثة الجينية. غالبًا ما يَعتقد مستخدمو علم الوراثة الجيني أنهم يُزوَّدون بأدلةٍ علميةٍ قاطعة على أُصولهم. ولكني أرى أن نفس هؤلاء المُستخدِمين قد يَلعبون دورًا في تأويل هذه البيانات لتُلائم توقُّعاتهم. فقد أجرَت إحدى السيدات في دراستي بحثًا وراثيًّا تقليديًّا قادها إلى الاعتقاد بأن أجدادَها للأم جاءوا من جنوب أفريقيا. ولكن اختبارًا للدنا الميتوكوندري لتسلسُل النَّسَب من ناحية الأم استنتج أن أصولها تعود إلى غرب أفريقيا. وقد وفَّقت السيدة بين هاتين الروايتين المختلفتين الخاصتَين بنسبها بتلفيق قصة عن الهجرة الأفريقية لأسلافها من الغرب إلى الجنوب.
«ادعاء الهوية»
يُروج بعض الناس لتحليل الدنا كوسيلة لتحديد المنتمي «للأمريكيين الأصليين» ومن لا ينتمي لهم جينيًّا. وهذا النهج يقتضي ضمنًا إمكانية ظهور هُوياتٍ أمريكيةٍ أصلية، بل وحتى انتماءات لقبائل بعينها، في الدنا. غير أن القبائل هي عبارة عن كياناتٍ حية أعادت تشكيل تعريفاتها للانتماء للجماعة مرارًا عبر خطوطٍ سياسية وخطوط قرابةٍ معقدة ومتغيرة. إن علم الوراثة وحده لا يجعل شخصًا ما أمريكيًّا أصليًّا؛ فهي مسألة ثقافة وأسلوب حياة. كذلك تُدافع القبائل الأمريكية الأصلية عن حقوق الحكم بناء على سلطتها التاريخية ككياناتٍ ذات سيادة. ومبعث قلقي أن يشجع اختبار الدنا بعض الناس على المطالبة بالسلطة السياسة القبَلية بناءً على شكلٍ ضيِّق من النسب الجيني، ما يترتَّب عليه تحجيم السلطات السيادية السياسية والثقافية القبلية.
«أقل من معلن»
«تبدو» نتائج اختبار واسمات معلومات النسب أكثر وضوحًا بكثيرٍ مما تبدو عليه في الواقع. فعلى مستوى القاعدة، تَعمل مثل هذه الاختبارات على أساس احتمالية أن التبايُنات، التي عادةً ما يُشار إليها ﺑ «واسمات» في الدنا لشخصٍ ما، توجد بين «الأفارقة»، و«الأوروبيين»، و«الآسيويين»، و«الأمريكيين الأصليين». ولكن هذه المتغيِّرات الجينية ليست مقتصرة على أيِّ مجموعةٍ سكانية بعينها على نحوٍ صارم. على سبيل المثال، توجد الواسمات التي يتمُّ تحديدها بواسطة الاختبار بوصفها «للأمريكيين الأصليين» أيضًا بين الأشخاص المنحدرين من وسط آسيا؛ ومن ثم قد تقول النتائج إن الواسمات لشخص من أصل «أمريكي أصلي»، في حين قد يكون إرث الشخص، في الواقع، أوزبكيًّا. وهذه الأنواع من اختبارات «تحديد الأصل وفقًا للدنا» يُمكن أن تقدم بعض المعلومات عن الواسمات الجينية التي يشترك فيها الشخص مع الناس حول العالم. غير أن هذه المادة المشتركة في الدنا ليست بالضرورة أن تكون من سلفٍ مُشترَك، وهو ما يُعدُّ العنصر المضلل هنا؛ فالكثير من الناس حول العالم، في الواقع، «يشتركون في حيازة» واسماتٍ من شتى الأنواع لكثير من الأسباب الإيكولوجية والتطورية المختلفة. يبدو هذا أقل إثارة من النَّسَب الموروث المباشر من أفريقيا، أو أي مكانٍ آخر، ولكنه غالبًا ما يكون أدق.
ملاحظات ختامية
في هذا القسم تتبَّعنا المعرض المتحفي والموقع الإلكتروني وتناولنا بمزيد من الشرح بالصور والكلمات لماذا لا يُفسِّر العرقُ التبايُنَ البشري. في الوقت ذاته، نأمل أن نكون قد قدمنا بعضًا من التاريخ المثير لدراسة التبايُن البشري. إن الحكمة القائلة بأننا نرى ما يريدنا عقلنا أن نراه تبدو صحيحة. ولعل ما هو أهم أننا قد أوضحنا مدى روعة التبايُن البشري. ولكن كيف نتبايَن؟ إن بِنية التبايُن البشري ليست كما كنا نعتقد على الإطلاق.
قراءاتٌ أخرى
-
Davis, D. S.:2004 Genetic Research and Communal Narratives. Hastings Center Report 34(4): 40–49.
-
Elliott C., and P. Brodwin:2002 Identity and Genetic Ancestry Tracing. British Medical Journal 325: 1469–1471.
-
Kittles R. A., and K. M. Weiss:2003 Race, Ancestry, and Genes: Implications for Defining Disease Risk. Annual Review of Genomics and Human Genetics 4: 33–67.
-
Lee, S., D. A. Bolnick, T. Duster, P. Ossorio, and K. TallBear:2009 The Illusive Gold Standard in Genetic Ancestry Testing. Science 325(5936): 38-39.
-
Rosenberg, N. A., J. K. Pritchard, J. L. Weber, H. M. Cann, K. K. Kidd, L. A. Zhivotovsky, M. W. Feldman:2002 Genetic Structure of Human Populations. Science 298: 2381–2385.
-
Templeton, A. R.:2003 Human Races in the Context of Recent Human Evolution: A Molecular Genetic Perspective. In Genetic Nature/Culture: Anthropology and Science beyond the Two-Culture Divide. A. H. Goodman, D. Heath, M. S. Lindee, eds. Berkeley: University of California Press, 234–257.
-
Tempelton, A. R.:2007 Genetics and Recent Human Evolution. Evolution 61(7): 1507–1519.