إهانة البشر
يتضمن تاريخ العلوم كثيرًا من المُحاولات الرامية لتسويغ العرق والتدرجات العرقية وتبريرهما.
من الناحية التاريخية، كان اهتمام علوم العرق بفهم التنوع البيولوجي كوليدٍ للبيئة، أو فيما بعدُ، للتطوُّر، أقلَّ من اهتمامها بتحليل ذلك التنوع لأغراضٍ سياسية. قد يبدو هذا زعمًا رائعًا؛ إذ إنه يرد على الافتراض الشائع بوجود أساسٍ تجريبي قائم منذ فترةٍ طويلة للتصنيفات العرقية في العلوم الطبيعية. ومع ذلك، كما يُذكِّرنا عالِمُ الوراثة ريتشارد ليونتين، فقد أُدخِلَ العرق إلى العِلم من خلال ممارسةٍ اجتماعية وليس العكس. لم يلجأ علماءُ الطبيعة المُتأثِّرون بنماذج العقلانية والتجريبية في عصر التنوير الأوروبي إلى استخدام العِلم لتبرير التصنيف الشعبي للعِرق حتى أواخر القرن الثامن عشر. وكان أملُهم أن يتمكَّن العِلمُ من تبرير هذه التناقضات المتمثِّلة في الحرية، والعبودية، والإبادة الجماعية، عن طريق إثبات وجود أساسٍ في الطبيعة للنظام الاجتماعي القائم.
في البداية، كانت المهمَّة المحدَّدة لعِلم الأعراق مزدوجة؛ إذ كان على العلماء أن يحدِّدوا بموضوعية (١) ما إذا كانت كلُّ الأعراق بشرية بالكامل. و(٢) ما إذا كانت كلُّ الأعراق البشرية متساوية. بحلول القرن التاسع عشر، تمحوَر النقاشُ حول نظريتين للأصول العرقية؛ تعدُّد الأصول، والأصل الواحد. رأى المنادون بتعدُّد الأصول أمثال جوسايا نوت، وجورج جليدون، ولوي أجاسيز، الأعراقَ البشرية على أنها أنواعٌ منفصلة. وفي الوقت نفسه، اقترح المُنادون بالأصل الواحد أمثال تشارلز داروين أنَّ الأعراق تُمثِّل اختلافًا وتنوُّعًا في النوع البشري الواحد. وكان تشكيل الأساس لهذه المحاولات الأولية في التاريخ الطبيعي من خلال مسألة طبيعة الاختلافات العرقية. هل الاختلافات الظاهرة هي اختلافاتٌ فطرية ولا يمكن تغييرها أم أنها اختلافاتٌ يمكن تقليلها، أو محوها، من خلال إنهاء الممارسات الاجتماعية التمييزية؟ ظهرت التحدياتُ الصريحة لفكرة الأعراق البشرية في وقتٍ لاحق.
على الرغم من أن المنادين بتعدُّد الأصول قد دعَّموا حُججهم في البداية بالإشارات الواردة في الكتاب المقدَّس إلى الناس الذين لا ينتمون إلى ذرية آدم في أرض نُود أو الخرافة الحاميَّة (التي تَفترض أنَّ الشعوب انحدرت من حام ابن نوح)، كان الكثيرُ من العلماء الأمريكيين من المسيحيين الذين وجدوا أن الرأي المنادي بوجود أصلٍ واحد للنوع البشري أكثر توافقًا مع قصة الخَلق الواردة في الإنجيل (فريدركسون ١٩٨٧)؛ ومن ثمَّ كان الدينُ عائقًا أساسيًّا منذ وقتٍ مُبكِّر أمام القبول الواسع الانتشار لنظرية تعدُّد الأصول على وجه الخصوص، وكذلك أمام الحُجَج العلمية للأصول البشرية المُقدَّمة من كلا الجانبَين.
بدأ هذا النموذج يتغيَّر عام ١٨٥٩؛ ففي ذلك العام، نشر داروين كتابه «أصل الأنواع»، الذي تحدَّث فيه بوضوح عن نظرية الانتخاب الطبيعي. كان شرحُ داروين للآلية الفعلية التي يجري من خلالها انتخابُ العوامل البيئية للتنوُّع البيولوجي ضمن النوع الواحد خطوةً حاسمة في تقديم التطوُّر كبديلٍ معقول لقصة الخَلْق في المجتمع العلمي وفي المجتمع العام بمفهومٍ أشمل.
تمحورت النقاشاتُ العلمية المَعنيَّة بالإنسانية والمساواة بالأساس حول الذكاء؛ حيث أكَّد المنادون بتعدُّد الأصول على وجه التحديد أن القُدرة الإدراكية موزَّعة على نحوٍ غير متساوٍ بين الأعراق. وكانت الوسيلة الأساسية لتحديد هذه الاختلافات هي قياسُ القِحْف؛ أي قياس حجم الجمجمة. وعلى نحوٍ مُتوقَّع، ذكر المنادون بتعدُّد الأصول أن الأوروبيين والبِيض الأمريكيين كانوا يتَّسمون بحجم جمجمة أكبر وقدرة قِحْفية/إدراكية أكبر بالمقارنة بالأمريكيين الأصليين والأمريكيين الأفارقة. في منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا، اعتُمِدَت الحُجج التي ساقها المنادون بتعدُّد الأصول في المجتمع العلمي وخارجه؛ مما دَفَعَ فريدريك دوجلاس، المؤيِّد لإبطال الاسترقاق الذي كان عبدًا في السابق، إلى تقديم تفنيدٍ للعنصرية العلمية ربما يكون التفنيدَ المنهجي الأول من نوعه. في خطابٍ أُلقي بإحدى حفلات التخرُّج في كلية ويسترن ريزيرف عام ١٨٥٤، رفَضَ دوجلاس المزاعم المُستندة إلى علم قياس الجماجم بوصفها «دعاية ضد الزنوج»، مشيرًا إلى أن البيئة الاجتماعية قدَّمَت شرحًا أفضل للأحوال البائسة التي يعيشها السود والشعوب الفقيرة في كل أنحاء العالم.
على الرغم من استحواذ القِحْف (أي الجمجمة) على القدر الأكبر من اهتمام علماء العرق «الموضوعيِّين»، فقد درسوا فعليًّا كلَّ سمةٍ تشريحية وفسيولوجية في الإنسان، بالإضافة إلى الأمراض الحقيقية والمُتخيَّلة (هاموندس وهِرتسيش ٢٠٠٨). ابتكر الطبيبُ الشهير سامويل كارترايت، على سبيل المثال، مصطلحَ «هَوس الهروب» لتفسير ميل العبيد الأفارقة إلى محاولة الهروب، ووصَف الجلدَ بالسوط كطريقة للعلاج. بل ومن الأمور الأكثر إرباكًا وتشويشًا تصرفاتُ جيمس ماريون سيمز «الأب المؤسِّس لطب النساء»، الذي استغلَّ نساءَ البِيض الفقراء والسودِ العبيد لوضع أساليب وإجراءاتٍ جراحية متعلِّقة بطب النساء. اشترى سميز نساءَ العبيد بغرض إجراء التجارب الجراحية عليهنَّ، واصفًا إياهن بأنهن أكثر مُقاوَمةً للألم مقارنةً بنساء البِيض، وأجرى عملياتٍ جراحية عليهنَّ دون تخدير (بيرد وكلايتون ٢٠٠٠). لم تكن الإهانة العرقية لأجسام البشر وعقولهم مقصورة على السود العبيد والأمريكيين الأصليين فقط. خلال النصف الثاني من القرن، مع التزايد السريع في أعداد العُمَّال الصينيين الوافدين إلى كاليفورنيا وغيرها من الولايات الغربية، وصفت الهيئاتُ الطبية هؤلاء الصينيين بأنهم ناقلون لأمراضٍ مُعدية مثل الدفتيريا والتيفود وحالة الاختلال العقلي الأكثر غموضًا» (هاموندس وهِرتسيش ٢٠٠٨).
في أوائل القرن العشرين، ظهرت الأنثروبولوجيا الثقافية كمجالٍ يُعنى في الأغلب بدراسة الأنواع العرقية والاختلافات العرقية (بليكي ١٩٨٧، أرملاجوس وجودمان ١٩٩٨، ماركس ٢٠١٠). ومع هذا، تصدَّى بعضُ روَّاد هذا المجال لفِكَرٍ سائدة عن العرق، وردُّوا عليها. وكان من بينهم فرانز بواس، الذي يعتبره الكثيرون مؤسِّس علم الأنثروبولوجيا الأمريكية الحديثة. أشار بواس عام ١٩١٢ إلى تغيُّراتٍ كبيرة في شكل الجمجمة وحجمها بين المهاجرين اليهود والصقليِّين وبين أبنائهم المولودين في الولايات المتحدة. أوضحت نتائج بواس أن تطوُّر الجمجمة حدث نتيجة الظروف البيئية، مما شكَّك في فكرة «الأنواع» العرقية الثابتة التي تُحدِّدها صفاتٌ عِرقية قابلة للتوريث. ومع الهجوم الذي تعرَّضت له الدراسات المَعنيَّة بقياس الجمجمة، شَرَعَ علماءُ النفس وعلماء غيرهم في تأسيس حُججهم فيما يخصُّ الذكاءَ المستنِد إلى العرق على نتائج اختبارات نسبة الذكاء. في الولايات المتحدة، اتَّسمت اختبارات نسبة الذكاء بتحيُّزٍ ثقافي هائل واستُخدِمَت في تبرير التمييز ضد الأشخاص الوافدين من شرق وجنوب أوروبا في سياسة الهجرة، فضلًا عن الفَصْل العنصري في قطاع التعليم العام.
خلال فترة الكساد الكبير، سعى أيضًا علماءُ الأعراق إلى تبرير التفاوت الاقتصادي والاجتماعي عن طريق وضع أساسٍ وراثي لانتقال الذكاء، وغيره من الصفات الأخرى مثل السلوك الإجرامي وأخلاق العمل، وراثيًّا. وأشاروا إلى أن هذه الصفات السلبية موجودة «في الجينات»؛ ومن ثمَّ فهي محتومة وموروثة، وتشير إلى تدني الطبقة الاجتماعية. هذه النظرية الوراثية كانت الأساسَ الذي ارتكزت عليه حركةُ «تحسين النَّسْل» التي استُوحيَت منها مبادئ الصحة العرقية في ألمانيا النازية. يبدو أن الأمر في الواقع كان يقتضي وقوعَ مأساة الهولوكوست، التي تضمَّنت قتلَ ما يَقرُب من ستة ملايين يهودي بمباركة الحكومة، وغير ذلك من «الأفعال الشائنة» للحُكم النازي وحلفائه، لإجبار العنصرية العلمية على التراجُع (باركان ١٩٩٢).
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فَقَدَ مبدأُ توريث الصفات شعبيته إلى حدٍّ كبير كأساسٍ للسياسة العامة في الولايات المتحدة؛ وذلك بفضل الجهود المشتركة لعلماء الأنثروبولوجيا أمثال بواس، وويليام مونتاجيو كوب (١٩٣٦)، وروث بنديكت (١٩٤٥)، وآشلي مونتاجيو (١٩٦٤). وزادت أعداد علماء التطوُّر الذين رفضوا العرق كمُكوِّن بيولوجي، متَّفقين على أن الفئات العرقية تفتقر إلى صحة التصنيف العلمي. رأوا أن هذه الفئات تصنيفاتٍ اعتباطيةً (بالنسبة للطبيعة، وليس من الناحية الاجتماعية) وغير دقيقة (تفتقر إلى الثبات عبر الثقافات)، ووضَعوا مفاهيمَ بديلة أنسبَ لدراسة الاختلاف البيولوجي بين البشر. أحلَّ بعضُ علماء الوراثة السكانية وعلماء الأنثروبولوجيا، على سبيل المثال، مفاهيمَ السكان والانحدارات، التي خطَّطت التوزيع المستمر (كنقيضٍ للتوزيع المنفصل أو المتعلق بالعرق) للصفات الجسدية وتواتُرات الصِّفات محل العرق (ليفينجستون ١٩٦٢، بريس ٢٠٠٥، انظر الفصل السابع من هذا الكتاب). في الفترة من خمسينيات القرن العشرين إلى أوائل ستينيات القرن العشرين، تزامنت هذه الأحداث مع حركة حقوق الإنسان، التي ساعَدت في نهاية الأمر في تعزيز بيئةٍ سياسيةٍ أقلَّ عداءً للعنصرية العلمية.
على الرغم من أن فكرة العرق كمُكوِّن بيولوجي لم تختفِ أبدًا في واقع الأمر؛ فإنه بحلول ثمانينيات القرن العشرين كان المفهوم خامدًا نسبيًّا، ومُهمَلًا تقريبًا من جانب العلماء كأحد العوامل التي تُبرِّر الاختلافات البشرية (أرميلاجوس وجودمان ١٩٩٨). ومع ذلك، أُثير النقاشُ العامُ من جديد عام ١٩٩٤ بشأن العرق والذكاء مع نشر «مُنحنى الجرس»، وهو كتابٌ مثير للجدل يَعرضُ فيه عالِمُ النفس ريتشارد جاي هيرنشتاين واختصاصيُّ العلوم السياسية تشارلز موراي ظهور «نُخبَةٍ معرفية» في الولايات المتحدة، تتألَّف في معظمها من أفرادٍ ينحدرون من أصولٍ أوروبية وآسيوية؛ وذلك وفقًا للتسلسل الزمني للأحداث. يشير العنوان إلى رسمٍ بيانيٍّ على شكل جَرس لنتائج اختبارات نسبة الذكاء، ومرةً أخرى، كان العلماءُ منشغلين بمناقشة مدى الدور الذي تلعبه فروق الذكاء العرقي المزعومة في تفسير عدم المساواة الاجتماعية أو توضيحها. في المجتمع العلمي وأجهزة الإعلام السائدة، احتشدَ الناسُ ما بين مؤيِّد لهيرنشتاين وموراي وناقدٍ لهما. اختلف البعضُ، أمثال عالِم الأحياء التطورية ستيفن جاي جولد، مع الفرضية التي ترى الذكاء بوصفه كيانًا «قابلًا للقياس، وثابتًا من الناحية الوراثية، ومتفرِّدًا»؛ «شيئًا» راسخًا لا يُمكن اختزاله في رقمٍ واحد يفيد في تصنيف الأفراد، والأعراق، والفئات. في النسخة المُنقَّحة من «التقليل من شأن الإنسان» (١٩٩٦)، وصَف جولد جهود تصنيف الذكاء البشري بأنها جزءٌ من المنهج القديم الأوسع نطاقًا «للحتمية البيولوجية»، وهي أيديولوجية تُعزي اختلافات السلوك والقدرات بين البشر — وبالتبعية التنظيم الاجتماعي والطَّبَقية الاجتماعية — إلى الصفات الفطرية المتعلِّقة بالنشوء الحيوي في المقام الأول.
من المؤسف أن الانتشار الثقافي للحتمية البيولوجية يكفل قدرة علم الأعراق وغيره من أشكال الداروينية الاجتماعية الأخرى على البقاء، ويضمن وجود حالة من الإعجاب والانجذاب العام إليهما. في الواقع، أشار الجدل المتجدِّد حول العرق والذكاء في تسعينيات القرن العشرين إلى إحياءٍ أوسع نطاقًا لمفهوم العرق المتعلق بالنشوء الحيوي والذي قَويَ في عصر الجينوم (كونيش وآخرون ٢٠٠٨، مجلس بحوث العلوم الاجتماعية ٢٠٠٥، كيتا وآخرون ٢٠٠٤). ومن دواعي المفارقة أن التصريح الشهير للرئيس بيل كلينتون عام ٢٠٠٠ حول أن فكَّ شفرة الجينوم البشري قد أوضحَ أن المتواليات الوراثية للبشر مُتطابقة بنسبة ٩٩٫٩ في المائة — وهو ما آذَن بالتأكيد بزوال مفهوم العرق القائم على علم الأحياء — لم يكن له تأثيرٌ يُذكَر فيما يبدو سوى أنه حفَّز مؤيدي علم الوراثة العرقي.
في الوقت الحالي، تتجلَّى جهود «اختزال العرق في الأسباب الوراثية» بأوضح صورها في الطب الحيوي وغيره من المجالات المتعلِّقة بالصحة. ونادرًا ما تأخذ الدراسات القائمة على العرق المعنية بالاستجابة الدوائية وقابلية التأثُّر بالأمراض في اعتبارها النتائج العلمية الاجتماعية المتعلِّقة بالعواقب الصحية للعنصرية أو العرقنة، أو الأحداث التاريخية الحاسمة في عِلم الأعراق (هاردينج ١٩٩٣، داستر ٢٠٠٥، مونتويا ٢٠٠٧، كريجر ٢٠٠٣). بدلًا من ذلك، غالبًا ما تُعيد هذه الدراسات استخدام مفاهيم العرق الطوبولوجية والجغرافية القديمة وتخلط بينها (فيلدمان وليونتين ٢٠٠٨، كَان ٢٠٠٤)، وكذلك تفعل محاولات إرجاع السبب في النزوع إلى السلوك الإجرامي أو العنيف «إلى الجينات» (أوسوريو وداستر ٢٠٠٥). يبدو أننا عاجِزون عن التحرُّر من قيود الخيال العِرقي؛ وَصَفَ عالِمُ الأنثروبولوجيا البيولوجية ألان سويدلاند العجزَ عن فصل احتمالات علم الجينوم عن مفاهيم العرق غير المؤكَّدة بأنه من قبيل «تطبيق تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين على أحياء القرن التاسع عشر» (ذُكِرتْ في أرميلاجوس وفان خيرفن ٢٠٠٣). ومع ذلك، فإن بعض علماء الأنثروبولوجيا وغيرهم من العلماء الآخرين بصدد صياغة مفاهيمَ جديدةٍ توضِّح مدى اتصال العرق بالنماذج المُعقَّدة للاختلاف الثقافي والوراثي والبيئي الحقيقي بين البشر، من عدمه (تمبلتون ٢٠٠٣، جاكسون ٢٠٠٤، جرافلي وآخرون ٢٠٠٩، كوزاوا وسويت ٢٠٠٩، لونج وآخرون ٢٠٠٩).
المخطط الزمني لإهانة البشر (١٧٠٠–٢٠٠٠)
عند إمالة الخط الوَجْهي للأمام، حصلتُ على رأس تشبه رءوس القدماء، إلا أنني عندما أملتُ ذلك الخط للخلف، تكوَّنتْ لديَّ ملامح وجه الزنوج، وتحديدًا الصورة الجانبية لقرد، أو لشخص صيني، أو معتوه؛ وذلك بالتناسُب مع مدى إمالتي لهذا الخط نفسه بدرجة أكثر أو أقل إلى الخلف.
هذا التغيُّر غير المُدرَك لم ينتج عنه أيُّ اختلاف مُميِّز بين البشر، سواءٌ كان هذا الاختلاف من ناحية اللون أو الهيئة أو البنية الجسدية، يجعلنا لا نُدرجهم مع غيرهم ممَّنْ ينتمون إلى نفس النوع حتى إنه يتَّضح لنا بجلاءٍ أن ثمة قرابة بينهم جميعًا، أو أن أحدهم لا يختلف عن الآخر إلا بدرجةٍ طفيفة.
الجماجم «القوقازية» تتَّسم بأعلى قدرةٍ استيعابية، يليها الجماجم «المنغولية»، و«الملايية»، و«الأمريكية»، و«الإثيوبية». يشير بعض الأوروبيين إلى هذه النظرية باسم «المدرسة الأمريكية» لعلم الأحياء البشري. وفي مراجعة أُجريَت لعمل مورتون عام ١٩٨١، اتضح أنه تلاعب في النتائج باستبعاد الجماجم التي لم تتَّفق مع توقُّعاته. يشير العِلم المعاصر إلى انعدام الصلة بين حجم الجمجمة والذكاء.
ينبغي لنا — نحن أبناء الجنوب — أن نعتبره [مورتون] صاحب الفضل علينا؛ نظرًا لما قدَّمه من مساعدةٍ ملموسة للغاية في وضع الزنوج في وضعهم الحقيقي كعِرقٍ وضيع.
إنَّ الاختلافات الموجودة بين أعراق البشر هي نفسها الاختلافات المُلاحظة بين عائلات القرود أو غيرها من الحيوانات وأجناسها وأنواعها المختلفة، و… غالبًا ما تكون الاختلافات بين الأعراق المختلفة أكبر من تلك الاختلافات التي تُميِّز أنواع الحيوانات أحدها عن الآخر.
ومن ثمَّ، فإنه على الرغم من أن أفريقيا كانت ولا تزال مزيجًا إثنيًّا مضطربًا من الهمجية والوحشية، فإن أستراليا وبولينيزيا ظلتا في الهمجية، نقيَّتان وبسيطتان، بفضل الفنون والمؤسسات المتعلِّقة بهذه الحالة. وعلى نحوٍ مماثل، أوضحت العائلة الهندية لأمريكا … حين اكتشافها، كلَّ حالة من هاتين الحالتين [الهمجية والوحشية]، ولا سيَّما ما يتعلق منها بالمرحلة الدنيا والمرحلة المتوسطة من الوحشية، على نحوٍ أوضح وأشمل من أي جزءٍ آخر من تاريخ تطوُّر البشرية.
فريدريك دوجلاس، من أوائل مَن انتقدوا «عِلم الأعراق»
عام ١٨٥٤، نشر فريدريك دوجلاس، الذي هَرَبَ من أَسر العبودية ليُصبح مُفكِّرًا مشهورًا وأحد مؤيدي إبطال الاسترقاق؛ «مطالب الزنوج، من وجهة النظر العرقية»، وهو دراسةٌ نقدية عن عِلم الأعراق أجراها نوت، وجليدون، ومورتون، وأجاسيز، وآخرون. في هذا العمل، يتحدَّث دوجلاس بوضوح عن قضية «التنشئة» في صميم مناقشةٍ أمريكية حول «الطَّبْع مقابل التنشئة».
أعتقدُ أنه سيتبيَّن دائمًا أن صحة أي جانب من الجنس البشري أو اعتلاله سيترك أثره على الجانب الجسدي، وكذلك على الجانب الفكري للإنسان. ثمة مئات الأمثلة التي يمكن الاستشهاد بها، لعائلاتٍ كاملة تراجعت هيئتها الشخصية، وأخرى تحسَّنت، نظرًا لتغيُّر الظروف؛ فالإنسان يؤثر فيما حوله ويتأثَّر به. وربما يصيغ المرءُ ظروفه، لكن ظروفه أيضًا تصوغه.
جورج هورس كابتشر
ليس ثمة مجموعة تتَّسم بالوطنية والولاء مثلنا؛ عندما تكون لدينا رقصة للمُحاربين القدامى، فإن كلَّ [ذَكَرٍ] بالغ ينهضُ من مكانه ويرقص؛ لأننا جميعًا خَدمنا بلدنا كمُتطوِّعين، فهذا جزءٌ من هويتنا. ونظرًا للأسلوب الذي نُعامَل به في هذا البلد، غالبًا ما يستعصي على الناس فهم منطقنا وراء هذا الإخلاص الشديد … نحن مُكرَّسون لخدمة بلدنا — الأرض الحقيقية — ونتفانى في سبيل ذلك … ولا يؤثر اسم مَن الموجود على الوثيقة؛ فنحن أصحابُ الأرض ومالكوها.
في يوم من الأيام، سوف يُنظَر إلى فكرة وجود تدرُّج هَرَمي للأعراق البشرية، وهو أحد المستجدَّات العقائدية في العصور الحديثة … على أنها أحدَ أبلغ الأدلة على فساد العقل البشري وفساد العرق المتغطرس الذي حوَّلها إلى عقيدةٍ علمية.
إنقاذ عِلم الأعراق البشرية (الإثنولوجيا)
قُبيل نهاية القرن العشرين وبداية هذا القرن، اعتقد كثيرٌ من علماء الأنثروبولوجيا أن ثقافات الأمريكيين الأصليين أوشكت على الانقراض. وفي خضمِّ يأسهم من إنقاذ المعرفة المتعلقة بهذه المجموعات البشرية، عَكَفَ علماءُ الأنثروبولوجيا وجامعون خصوصيون على جمع الأواني والأغراض الدينية والملابس، بل وبقايا الهياكل العظمية، بهدف عرضها في المتاحف أو المجموعات الشخصية.
إلا أن الهنود الأمريكيين لم يَنقرضوا، وأُعيدَت في السنوات الأخيرة الكثيرُ من الأغراض والرُّفات البشري الذي جُمِعَ خلال هذه الفترة إلى القبائل التي تنتمي إليها.
إما أن نجمع الآن من السكان الأصليين كلَّ ما لا يزال متوافرًا للدراسة، أو لن يتأتى لنا ذلك على الإطلاق. فما نفقده الآن يستحيل علينا استرداده مُجدَّدًا.
باتَ من الواضح ضرورة التخلِّي عن الفكرة القديمة التي تنصُّ على الثبات المُطلَق للأنواع البشرية، وما يُصاحبها من تخلٍّ عن الاعتقاد في الأفضلية الموروثة لبعض الأنواع على غيرها.
علينا أن نُدرك نحن الأمريكيين أن … النزعة الجيَّاشة إلى التأثر بالعاطفة دون العقل التي جعلت من أمريكا «ملاذًا للمضطهدين» تجرف الأمة نحو هاويةٍ عِرقيةٍ سحيقة. وإذا تُرِكَت بوتقة المَزْج تُعمِل أثرها دون إخضاعها للسيطرة، وظلَلنا نتبع شعارنا القومي ونغضُّ الطرفَ عَمدًا عن كلِّ «تمييز على أساس العرق، أو العقيدة، أو اللون»، فسوف ينقرض الأمريكيون الأصليون المُنحدرون من سكان المستعمرات الأمريكية الأوائل كما انقرض الشعبُ الأثيني من عصر بريكليس، وشعبُ الفايكنج من عهد رولو.
لا شك أنَّ ثمة شعوبًا وأعراقًا مُتخلِّفة بالفعل حاليًّا، وأنَّ ثمة أعراقًا متقدِّمة وأكثر تقدُّمًا، وأنَّ الاختلافات بينهم تميلُ إلى التزايد لا إلى النقصان.
إنَّ البيانات التي توصَّلنا إليها من اختبارات الجيش تشير بوضوح إلى التفوُّق الفكري لفريق العرق الشمالي، وفيما يبدو، يأتي العرق الألبي، وفقًا لأرقامنا في مرتبةٍ أدنى كثيرًا من الناحية الفكرية عن النوع الشمالي.
إنَّ قراءةً مُتأنية للجنسيات التي صنَّفها [بريجام] على أنها أقل شأنًا ستوضِّح أنَّ ثمة ترابطًا وثيقًا بين المبالغ المالية التي أُنفِقَت على التعليم وانخفاض مستوى الذكاء [لتلك الجنسيات] نسبيًّا.
عندما نقرأ أنَّ أعظم الشخصيات وأكثرها براعةً كانت ذات شعرٍ أشقرَ وعيونٍ زرقاء، يُمكننا أن نفطن بذكاءٍ إلى ملامح مؤلِّف الكتاب.
للتصدِّي لهذه المعتقدات والردِّ عليها، قارَنَ ويليام مونتاجيو كوب — عالِمُ الأنثروبولوجيا الطبيعية بجامعة هوارد — القياسات الجسدية لأوينز بقياسات غيره من اللاعبين. واستنتج أنَّ أوينز يتَّسم ببعض الصفات التي يُعتقَد أنها ترتبط بالأمريكيين الأفارقة، مثل قِصَر عضلة رَبْلَة الساق نسبيًّا. كما أوضح أن القياسات الخاصة بالصفات الجسدية للأمريكيين الأفارقة والبِيض متشابهة بالدرجة التي تسمح بعقد أي مقارنات ذات معنًى فيما يخصُّ الأداء الرياضي. وَجَدَ كوب أن الاختلافات من حيث التدريب والخبرة، وليس العرق، هي على الأرجح التي تُفسِّر تفاوت الأداء الرياضي.
تبدو هيئة اليهود من أكثر الهيئات الموجودة في عائلةٍ عِرقية تتألَّف من أناسٍ بِيض البشرة لفتًا للنظر، كما أنها أسهل الهيئات تمييزًا على الإطلاق؛ حيث يمكن تمييزها من خلال تعبيرات الوجه المميِّزة.
ستُعاود الثورات المُعادية للسامية الاندلاع من جديد متى دخلَت المُجتمعات في حالاتٍ من الفوضى الاقتصادية، وبينما يبحث الساسة عن أكباش فداءٍ يُضحُّون بها، وطالما تُقيم بيننا أقلياتٌ يهودية ذات سماتٍ جسدية مُميِّزة تفوَّقت، بحُكم ذكائها، على منافسيها من غير اليهود، وازدهرت في ظل المصائب والمِحَن التي حطَّمت الغالبية العظمى ممَّن يحظَون بهباتٍ طبيعيةٍ أقلَّ.
في ألمانيا النازية، أدَّت العنصرية ومبادئ تحسين النَّسْل إلى إشعال كارثة الهولوكوست. وفي الفترة ما بين عامَي ١٩٣٣ و١٩٤٥، قتل النازيون ما يزيد عن ستة ملايين يهودي وعددًا غير معلوم من طائفة الروما (الغجر) في إطار برامج تهدف إلى إبادة مَن يرونهم أقل شأنًا منهم من الناحية العرقية. استهدفَت سياساتُ الإبادة النازية أيضًا البولنديين، والروس، والأوكرانيين، وذوي الإعاقات الذهنية والبدنية، والمثليين، والمختلفين عنهم سياسيًّا ودينيًّا.
إنَّ المهم هو وحدة البشر من وجهتي النظر البيولوجية والاجتماعية. وإدراك هذا الأمر والعمل وفقًا له هو المطلب الأول الذي ينبغي للإنسان الحديث الاضطلاع به.
تعارَض استنتاج ليونتين مع أيديولوجية العرق المعروفة؛ ومن ثمَّ كانت أهميته القصوى، ومضمون هذا [التحليل الوراثي الجديد] … أن الاختلافَ العرقي المُزمَع ليس بالموضوع المهم الذي يلتفتُ إليه شخصٌ مهتمٌّ بدراسة الاختلافات العامة بين البشر.
لا يتضمَّن «المنحنى الجَرسي» حُججًا جديدة ولا يُقدِّم بياناتٍ جذَّابة لدعم نظرته الداروينية الاجتماعية المُنطوية على مفارَقة تاريخية … يُعزى فشل الحُجة الأساسية في «المنحنى الجَرسي» إلى أنَّ مُعظم الفرضيات التي قدَّمها كانت مغلوطة.
خاضَ العلماءُ، الذين كانوا يرغبون في مواصلة دراسة الرُّفات، نزاعًا قانونيًّا دام لفترةٍ طويلة مع قبائل الأمريكيين الأصليين الذين أرادوا أن يُوارى الهيكل العظمي الثرى من جديد بوصفه هيكل جَدِّهم. أوضحت دراسةٌ أخرى أن إنسان كينويك يتشابه في ملامحه التشريحية مع بعض الآسيويين القدماء، واستند بعضُ علماء الأنثروبولوجيا إلى هذه الاختلافات العرقية بهدف معارضة حق الأمريكيين الأصليين في إعادة الدَّفْن، ثم قَضَت محكمةُ استئنافٍ فيدرالية عام ٢٠٠٤ بالسماح للعلماء بمواصلة دراستهم والمضي قُدمًا.
مارسَ العلماءُ أعمالَ الحفر والتنقيب وعَكَفوا على دراسة الأمريكيين الأصليين على مدى عقودٍ من الزمان. ومن وجهة نظرنا، فإن هذه المُمارسات تمثِّل استباحةً لحُرمة الجسد وانتهاكًا لمُعتقَداتنا الدينية الأكثر رسوخًا. توجد حاليًّا آلاف الرُّفات العظمية التي تخصُّ السكان الأصليِّين على أرفف المتاحف والمؤسَّسات، بانتظار اليوم الذي يمكنها فيه العودة إلى الأرض، وبانتظار اليوم الذي ينظر فيه العلماءُ إلى هذا الرُّفات وغيره بعين الاحترام التي يستحقُّها.
ربما يصبُّ هذا [البحث] في مصلحة العِلم، بيد أنني غير مُقتنع أنه يصبُّ في مصلحة القبائل.
(١) جو واتكينز: الكَفُّ عن عَرْقَنة الماضي
***
(١-١) العرق مقابل الإثنية
إنَّ العرق، كما سيُؤكِّد علماء الأنثروبولوجيا، هو بناءٌ اجتماعي وليس بناءً فسيولوجيًّا، بيد أن إساءة الفهم العام لهذا الفارق لا تزال تُولِّد مشكلاتٍ بين الجماعات الإثنية المختلفة والمجتمعات المُتحدِّرة من أصل معيَّن. في الوقت الحالي، يمثل «الهنود الأمريكيون» إثنيةً مبنية على أُسسٍ سياسية وليست عرقية؛ فالهنود الأمريكيون يُعرَّفون من خلال علاقتهم بتنظيمٍ سياسي — وهو «القبيلة» — وليس من خلال أي علاقةٍ وراثية. وحتى الجماعات القَبَلية التي تستند عضويتها إلى «كمية الدم» (النِّسب المئوية المُعمَّمة للدم «القَبَلي» مقابل الدم «غير القَبَلي») لا تستخدم المقاييس الوراثية لتحديد هوية أبنائها.
(١-٢) علم الأنثروبولوجيا والهنود الأمريكيون
يَتمحوَر التاريخ السلبي بين علماء الأنثروبولوجيا والهنود الأمريكيين — في جانبٍ كبير منه — حول التنقيب عن رُفاتٍ بشرية لهنودٍ أمريكيين تعود إلى العصور القديمة والتاريخية والحديثة والاحتفاظ بها. ولقد قدَّمتُ مقتطفاتٍ تاريخية موجزة عن العلاقات التي تربط بين علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين والهنود الأمريكيين في مواضعَ أخرى (واتكينز ٢٠٠٠، ٢٠٠٣، ٢٠٠٤، ٢٠٠٥أ، ٢٠٠٥ب). كتبَ أيضًا مؤلِّفون من الهنود الأمريكيين أمثال ديلوريا (١٩٦٩)، وإيكو-هوك (١٩٩٧، ٢٠٠٠)، وميهيجوا (١٩٩٦)، ورايدينج إن (١٩٩٢)، وتروب وإيكو-هوك (١٩٩٢)، وآخرون غيرهم، عن هذه العلاقات، إلا أن الضوء سُلِّطَ بتركيزٍ قوي على تأثير تنقيب علماء الأنثروبولوجيا عن الرُّفات البشري وإخراجه من خلال المقارنة التي عقدتها ديفون ميهيجوا بين سارقي المقابر وعلماء الآثار؛ حيث كتَبت أنَّ «الاختلاف الوحيد بين التنقيب غير الشرعي بمقبرةٍ ما والتنقيب العلمي يتمثَّل في عامل الوقت، وكِريم الوقاية من الشمس، والمكانس الصغيرة، ونظافة المنطقة وترتيبها عند انتهاء العمل» (١٩٩٦: ٢٣٣). في مقدور المرء عند العمل انطلاقًا من هذا المنظور أن يرى كيف أصبح من السهل لمخاوف الهنود الأمريكيين تجاه علم الآثار أن تتَّخذ طابعًا شخصيًّا يفوق منظور المجتمعات المتحدِّرة من أصولٍ أخرى.
كوسيلة لمُحاولة إصلاح بعض المشكلات المتعلِّقة بالاحتفاظ بالرُّفات البشري للهنود الأمريكيين ضمن مجموعة المعروضات الخاصة بالمتاحف المُدارة تحت إشراف الحكومة، أصدر الكونجرس عامي ١٩٨٩ و١٩٩٠ قانونًا يهدف إلى منْح قبائل الهنود الأمريكيين الفرصة لاستعادة رُفات أسلافهم. اعتبر بعضُ علماء الأنثروبولوجيا أنَّ هذا القانون — قانون حماية مقابر الأمريكيين الأصليين وإعادة الرُّفات إلى الوطن — فرصةً لتوسيع مجال دراستهم، مُشيرين إلى أن «قانون حماية مقابر الأمريكيين الأصليين وإعادة الرُّفات إلى الوطن سوف يسمح لعلم الآثار الحيوي أن يظهر بوصفه مهنةً مسئولة ونشيطة وربما أكثر علانيةً» (روز وآخرون ١٩٩٦: ٨٢). في حين أن آخرين من أمثال روبسون بونيشسين اعتبَروه يمثل تهديدًا لعلم الآثار، مُشيرين إلى أن «إعادة الرُّفات البشري إلى الوطن خرَجت عن نطاق السيطرة وتوشِك أن توقِف نشاطنا كمهنة» (حسبما استشهد به في جونسون ١٩٩٦). يرى كثيرٌ من علماء الأنثروبولوجيا أن إعادة الرُّفات البشري إلى الوطن، التي يُمكن إثباتها بسهولة لجماعات الهنود الأمريكيين القديمة أو القريبة منها زمنيًّا كان أمرًا مفهومًا ومبرَّرًا، إلا أن تبرير إعادة ذلك الرُّفات صار أكثر صعوبةً عندما بدأ الأمر يتعلَّق بالمواد التي تَرجع إلى «الماضي السحيق». وتعدُّ قضية كينويك أبلغ مثال على ذلك.
تضمَّنت قضية كينويك مجموعة من الرُّفات البشري البالغ عمره من ٨٠٠٠ إلى ٨٥٠٠ عام، وهي من أقدم مجموعات الرُّفات البشري التي تعود إلى نصف الكرة الغربي. أوعزَ عُمر الرُّفات إلى بعض علماء الآثار أن إعادة الرُّفات البشري إلى الوطن كانت أمرًا جائزًا في ظل قانون حماية مقابر الأمريكيين الأصليين وإعادة الرُّفات إلى الوطن؛ بينما يرى آخرون أن المعلومات العلمية التي من المحتمَل أن يحتفظ بها الرُّفات قد جعلت إعادة الرُّفات إلى الوطن أمرًا يصعب تبريره من الناحية العلمية. اتسمت الرُّفات البشري التي جرى استردادها من نهر كولومبيا في واشنطن بصفاتٍ جسدية حَدَتْ بدكتور جيمس تشاترس، وهو عالِم آثار في المنطقة كُلِّف بمهمة استرداد الرُّفات، إلى تصنيف الرُّفات على أنه «قوقازي»، وهو أحد «الأنواع العرقية» الثلاثة القديمة. ومع ذلك، عندما استُشهِد في الصحف المحلية بما ذَهَبَ إليه د. تشاترس في كون الرُّفات فيما يبدو «قوقازيًّا»، وهو مصطلحٌ يشيع استخدامه في الولايات المتحدة لوصف «الأمريكيين البِيض»؛ اتخذت القضية والرُّفات طابعًا عِرقيًّا.
صنَّفَ علماءُ الأنثروبولوجيا الطبيعية الرُّفاتَ البشري استنادًا إلى مجموعة من القياسات التي أُجريَت على مكونات الهيكل العظمي البشري. وعند ربط هذه القياسات معًا، تكوَّنت «نماذج» إحصائية استُخدِمت في تحديد خصائص السكان. يَستخدمُ علماء الأنثروبولوجيا الطبيعية وعلماء التشريح هذه «النماذج» لوضع الأفراد ضمن «خلفياتٍ إثنية» محتمَلة كوسيلة نقاش في المقام الأول، بدلًا من إسنادها إلى أيِّ حقائقَ عنصريةٍ.
بمجرد أن صُنِّفَ الهيكل العظمي لإنسان كينويك على أنه «أبيض»، حدثت العَرْقنة. أشار الكاتِبُ السياسي اليميني لويل بونتي إلى أن إنسان كينويك ربما أثبت أن «بعض «الأمريكيين الأصليين» الأوائل كانوا بيض البشرة ويَنحدرون من أصول أوروبية» (بونتي ١٩٩٩). بالإضافة إلى ذلك، اقترح أن «الأمريكيين ذوي البشرة البيضاء ربما قُضيَ عليهم على يد أجداد الهنود الحاليِّين الذين شنوا هجماتٍ عليهم.» وأنه لولا وقوع الإبادة الجماعية، «فلربما كان في استقبال كولومبوس السكانُ الأصليون الذين يفوقونه في بياض البشرة.»
ثمة الكثير من الآثار السياسية المُترتِّبة على عَرْقنة الماضي على هذا النحو تتمثَّل في الجوانب السياسية لسيادة الأمريكيين الأصليين وبِنيتهم الاجتماعية. إذا كان السكان «الفعليون» لأمريكا من البِيض، وسُلِبت أراضيهم على أيدي «الأمريكيين الأصليين» المعتدين، فإن «إعادة اكتشاف» أمريكا على أيدي الأوروبيين ما هو إلا إعادة غزو واغتصاب للأراضي التي كانت ملكًا لهم من قبلُ، وبذلك يُمكن اعتبار المُعاهَدات التي أُبرمَت مع الهنود غير ضرورية وملغاة.
عندما تقدَّمت قبائل الهنود الأمريكيين المحلية بطلبٍ لإعادة الرُّفات البشري إلى الوطن، أقام ثمانية علماء دعوى قضائية لتمكينهم من استخدام الرُّفات البشري لأغراض الدراسة. ويُعدُّ الرُّفات مهمًّا نظرًا لما قد يتضمَّنه من معلوماتٍ بحُكم قِدَمه عن السكان الأوائل لهذا النصف من الكرة الأرضية. ودعمًا لهذه القضية، أقامت منظمة «أصدقاء ماضي أمريكا» — وهي منظمة غير هادفة للربح — حملةً كي تؤكِّد من خلالها للرأي العام أن «الماضي» شأنٌ يخصُّ الجميع ويجب ألَّا «تخضع لسيطرة» طائفة بعينها. هذه الفكرة عن الإرث المشترك تسود في الثقافة الغربية، ويستفيد علماء «حوار حول إهانة البشر» الآثار من هذا المفهوم. ومع ذلك، للإيجاز، فإن حقوق الجماعات الأصلية في ملكية تُراثهم الأثري والثقافي والتحكُّم فيه قلَّما تتساوى مع حقوق الأمم التي يعيشون في كنفها.
يشير لاري زيمرمان (٢٠٠١: ١٦٩) إلى نقطةٍ مهمة عن الوضع داخل الولايات المتحدة: «يصعب النظر إلى العلاقة التاريخية بين علماء الآثار والأمريكيين الأصليين على أنها أي شيءٍ خلاف الاستعمار العلمي.» حيث تُكتسَب المعرفة بشأن البشر ثم «تُصدَّر» خارج «بلد المنشأ» لاستخدامها بهدف معالجتها في شكل مادةٍ فكرية.
(١-٣) علم آثار الشعوب الأصلية
ناقشَت مؤخرًا حركةٌ في علم الآثار تُسمَّى «علم آثار الشعوب الأصلية» فائدة علم الآثار بالنسبة إلى الجماعات الأصلية دون الاكتفاء بمُناقشة أساسياته فقط كعلم. وفي أحدث هذه المناقشات وأكثرها إيجازًا، أوضح نيكولاس أن الفكرة نشأت «عن جهود الشعوب المُهمَّشة في كل أنحاء العالم من أجل التصدي لهيمنة علم الآثار على حياتهم وتراثهم» (٢٠٠٨: ١٦٦٨). إلا أن المعارضين لعلم آثار الشعوب الأصلية (قارن ماكجي ٢٠٠٨) يرون أن الحجة التي تطرحها هذه الفكرة بشأن أهمية علم الآثار تستند إلى «حقيقةٍ جوهرية» تُميِّز الشعوب «الأصلية» عن الباحثين غير المحليين، وهو امتيازٌ يستند بطريقةٍ ما إلى «أصالة» السكان الأصليين.
تضمَّنت طبعةٌ حديثة من «السجل الأثري» الصادر عن الجمعية الأمريكية لعلم الآثار مجموعة أبحاث حول مسألة «العمل معًا على العرق والعنصرية في علم الآثار الأمريكية» (دونجوسكي وزيمرمان ٢٠١٠: ٣–٢٥)، والتي درست فكرة علم آثار الشعوب الأصلية بوصفها مفهومًا ذا صِبغة عِرقية. أشعل جذوة النقاش روجر إيكو-هوك، وهو أحد أفراد قبيلة باوني في أوكلاهوما لكنه يَعترف أنه كان «هنديًّا في السابق»؛ حيث أشار إلى أنه «في السنوات الأخيرة، ظهرت في علم الآثار أعدادٌ مُتزايدة من الأشخاص الذين ما يزالون يحملون راية الهنود الحُمر، ويعرِّفون أنفسهم على أنهم مُتمسِّكون بعِرقهم الهندي، مُستخدمين ببراعةٍ رسائلَ الدكتوراه وكلَّ ما لديهم من أدواتٍ أثناء تناولهم للمسيرة التاريخية لعلم الآثار» (٢٠١٠: ٢١). يرى إيكو-هوك أنَّ هذا «التعصُّب للعِرق الهندي» يجعل «الهنود» عُنصريِّين شأنهم شأن الأكاديمية الغربية التي يُحاربونها فيما يبدو. ربما تكون وجهة نظره الجوهرية تلك التي يرى فيها مُمارسي علم آثار الشعوب الأصلية على أنهم علماء آثار عنصريُّون مصدر قلق وإزعاج في بعض الأحيان، إلا أن الآمال معقودة على أن تؤدي إلى مناقشة أكثر شمولًا للفِكَر الأساسية المتعلقة بمبادئ هذا المجال المعرفي الفرعي.
(١-٤) إعادة الرُّفات إلى الوطن والتحكُّم في الماضي
ليس المقصود من هذا المقال الموجز استكشافُ كل جوانب العلاقة بين الهنود الأمريكيين وعلماء الآثار، وإنما ببساطة لفتُ الانتباه إلى بعض الأسباب الأساسية وراء الخلاف. فهذه الموضوعات المتعلِّقة بإعادة الرُّفات البشري للهنود الأمريكيين إلى الوطن والتحكُّم في الماضي من قِبل مجموعاتٍ أكاديمية — وليس من قِبل أحفاد مَن صنعوا ذلك الماضي — مشحونة بالعواطف ومُثيرة للخلاف والجدل. ترى بعضُ المجموعات أن الرُّفات البشري للهنود الأمريكيين مواردَ علمية تحتوي على معلوماتٍ عن السكان الأوائل لهذا البلد، بينما ترى مجموعاتٌ أخرى أن العدد غير المُتناسب من الرُّفات البشري للهنود الأمريكيين الموجود ضمن المعروضات العلمية ومعروضات المتاحف يُمثل إرثًا مُخزيًا من المواقف العنصرية التي تعود إلى القرن الثامن عشر.
بصرف النظر عن فكرة إعادة الرُّفات إلى الوطن وتأثيرها على علم الآثار أو النتائج المترتِّبة على التعاون بين علماء الآثار والهنود الأمريكيين، ستكون دائمًا ثمَّة هدنةٌ مُضطربة بين العلماء الذين يدرسون «الماضي» وأحفاد مَن صنعوا هذا الماضي. لا يزال قانون حماية مقابر الأمريكيين الأصليين وإعادة الرُّفات إلى الوطن موجودًا، ومن المُرجَّح أن يُثير مزيدًا من المشكلات في الوقت الذي يستمر فيه تفسيره عبر المحاكم وتظهر فيه إجراءاتٌ تشريعية أخرى تُوسِّع نطاقه. على الرغم من أنه ليس العرق في حدِّ ذاته هو ما يُشكِّل الأساس في وجهات النظر المختلفة هذه؛ فإن السهولة التي غالبًا ما تُطرَح بها فكرة العرق الراسخة لا تزال تنطوي على مشكلاتٍ معقَّدة ويجب تغييرها.
- ميا باي: خلال القرن التاسع عشر، كان ثمة الكثير من المحاضرات العامة حول الأعراق البشرية. وكان [عِلم الأعراق] يحظى باهتمامٍ كبير لدى الناس بوصفه مجالًا جديدًا. وكان من المتوقَّع أن يكشف العلم في القرن التاسع عشر عن كل الجوانب الغامضة للكون وأن يحلَّ كل ألغازه.
- ريتشارد ليونتين: كان الجميع مهتمًّا بشرح أوجه التفاوت الاجتماعي الهائلة، على الرغم من حقيقة أنهم كانوا يعيشون في هذه المجتمعات التي اندلعت فيها الثورات تحقيقًا للمُساواة الاجتماعية.
- جيمس هورتون: رأى بعض العلماء أنَّ ثمة خصائصَ جسديةً وطبيةً معينة يتَّسم بها السود جعلتهم مناسبين للعبودية دون غيرهم. في الواقع، ثمة عالِمٌ واحد، سأضعُ هذه العبارة بين علامتَي اقتباس، ثمة «عالِمٌ» واحد افترضَ أن ثمة مرضًا يمكن أن يُفسِّر هروب العبيد. وأطلق عليه «مرض الهروب». يُصاب المرءُ بهذا المرض؛ مما يجعله يرغب في الهروب من العبودية؛ ومن ثمَّ فإن المرءَ لم يكن ليهرب من العبودية إلا إذا أُصيبَ بهذا المرض.
- إيفلين هاموندز: وبنهاية القرن التاسع عشر، إذا أخذنا الأمريكيين الأفارقة فقط كمثال، لم يكن ثمة جزءٌ واحد من أجزاء الجسم لم يخضع لهذا النوع من التحليل؛ لذا، ستجد مقالاتٍ في الأدبيات الطبية تتحدَّث عن أُذن الزنجي، وأنفه، وساقه، وقلبه، وعينه، وقدمه، وعن كل جزء من أجزاء جسمه، إلى آخر هذه القائمة اللانهائية من الاختلافات.
- جيمس هورتون: لربما كان من الأفضل أحيانًا لو أن أمريكا واجهت العالم بجرأة وقالت: «حسنًا، نحن نستعبدُ هؤلاء الأشخاص لأننا نحتاج إلى عملهم، ولدينا القدرة على أن نقوم بذلك.» ولكان الأمرُ الآن أفضل بكثير؛ لأن المشكلة كانت ستنتهي بزوال القدرة وانتهاء العبودية. لكن ما قلناه — نحن الأمريكيين — كان كالتالي: «ثمة شيءٌ مختلف بشأن هؤلاء الأشخاص.» ومن خلال القيام بذلك، فإن العبودية عندما تنتهي، يظل تبرير وجودها قائمًا.
- إيفلين هاموندز: إنَّ الذين أبصروا الاختلافات كانوا يُريدون تأكيدَ رؤيتهم في أن أنسبَ مكان لمَن يُنعَتون ﺑ «الزنوج» هو قاع المجتمع الأمريكي. ودعَّموا موقفهم هذا بالبحث عن هذه الاختلافات الجسدية والبيولوجية الجوهرية التي جعَلت الأمر يبدو طبيعيًّا. والفكرة في البحث عن الاختلافات أنك تجدُها بمجرِّد النظر؛ ومن ثمَّ فإنهم يجدون اختلافات في حجم الصدر وعَرْضه، وطول الأطراف، وسعة الرئتَين، وغيرها من تلك الأمور. وبالطبع، فإنهم يُفسِّرون تلك الاختلافات بمنظور العرق.
- بيلار أوساريو: من بين الأمور التي قام بها علماء الأنثروبولوجيا خلال القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر أنهم تجوَّلوا هنا وهناك وجرَّبوا وصنَّفوا الناس حسب أعراقهم، محاوِلين أخذ كل أنواع القياسات الجسدية. وفي النهاية، توصَّلوا في أوائل القرن العشرين إلى فهم أنه لم يكن من المُمكن تحديد مجموعة بعينها من المقاييس والمعايير التي يُمكننا من خلالها أن نُصنِّف بوضوح كل الأشخاص الذين نعتقد أنهم يَنتمون إلى عِرقٍ واحد ونفصلهم عن كل الأشخاص الذين نَعتقد أنهم ينتمون إلى عِرقٍ آخر؛ ومن ثمَّ حتى في أوائل القرن العشرين، كان علماء الأنثروبولوجيا على وشك أن يَستنتِجوا فعليًّا أنه ليس ثمة أعراقٌ مختلفة. ودراساتُنا في علم الوراثة تدعم ذلك.
(نُسخت بتصريح من كاليفورنيا نيوزريل.)
المراجع
-
Armelagos, George J., and Alan H. Goodman:1998 Race, Racism and Anthropology. In Building a New Biocultural Synthesis: Political-Economic Perspectives on Human Biology. Alan H. Goodman and Thomas L. Leatherman, eds. pp. 359–377. Ann Arbor: The University of Michigan Press.
-
Armelagos, George J., and Dennis P. Van Gerven:2003 A Century of Skeletal Biology and Paleopathology: Contrasts, Contradictions, and Conflicts. American Anthropologist 105: 53–64.
-
Barkan, E.:1992 The Retreat of Scientific Racism: Changing Concepts of Race in Britain and the United States between the World Wars. New York: Cambridge University Press.
-
Benedict, Ruth:1945 Race: Science and Politics. Rev. edition. New York: Viking Press.
-
Blakey Michael L.:1987 Skull Doctors: Intrinsic Social and Political Bias in the History of American Physical Anthropology. With special reference to the work of Aleš Hrdlička. Critique of Anthropology 7: 7–35.
-
Brace, C. Loring:2005 “Race” Is a Four-Letter Word: The Genesis of the Concept. New York: Oxford University Press.
-
Byrd, W. Michael, and Linda A. Clayton:2000 An American Health Dilemma, vol. 1: A Medical History of African Americans and the Problem of Race: Beginnings to 1900. New York: Routledge.
-
Cigaretten-Bilderdienst, and Altona-Bahrenfeld:1936 Die Olympischen Spiele 1936 in Berlin und Garmisch-Partenkirchen. p. 27: Cigaretten-Bilderdienst and Altona-Bahrenfeld.
-
Cobb, William Montague:1936 Race and Runners. The Journal of Health and Physical Education 7: 3–7, 52–56.
-
Duster, Troy:2005 Race and Reification in Science. Science 307: 1050-1051.
-
Ossorio, Pilar, and Troy Duster:2005 Race and Genetics: Controversies in Biomedical, Behavioral and Forensic Sciences. American Psychologist 60: 115–128.
-
Feldman, Marcus W., and Richard C. Lewontin:2008 Race, Ancestry, and Medicine. In Revisiting Race in a Genomic Age. Barbara A. Koenig, Sandra Soo-Jin Lee, and Sarah S. Richardson, eds. pp. 89–101. New Brunswick: Rutgers University Press.
-
Fredrickson, George M.:1987 The Black Image in the White Mind: The Debate on Afro-American Character and Destiny, 1817–1914. Wesleyan edition. Hanover, NH: Wesleyan University Press.
-
Gould, Stephen Jay:1996 The Mismeasure of Man. Rev. and expanded edition. New York: W.W. Norton and Company.
-
Gravlee, Clarence C., Amy Non, and Connie Mulligan:2009 Genetic Ancestry, Social Classification, and Racial Inequalities in Blood Pressure in Southeastern Puerto Rico. PLoS ONE 4: e6821.
-
Hammonds, Evelyn M., and Rebecca M. Herzig, eds.:2008 The Nature of Difference: Sciences of Race in the United States from Jefferson to Genomics. Cambridge, MA: The MIT Press.
-
Harding, Sandra, ed.:1993 The Political Economy of Science: Toward a Democratic Future. Bloomington: Indiana University Press.
-
Jackson, Fatimah L. C.:2004 Human Genetic Variation and Health: New Assessment Approaches Based on Ethnogenetic Layering. British Medical Journal 69: 215–235.
-
Kahn, Jonathan:2004 How a Drug Becomes “Ethnic”: Law, Commerce, and the Production of Racial Categories in Medicine. Yale Journal of Health Policy, Law, and Ethics 4: 1–46.
-
Keita, Shomarka, R. A. Kittles, C. D. M. Royal, G. E. Bonney, P. Furbert-Harris, G. M. Dunston, and C. M. Rotimi:2004 Conceptualizing Human Variation. Nature Genetics 36: S17–S20.
-
Koenig, Barbara A., Sandra Soo-Jin Lee, and Sarah S. Richardson, eds.:2008 Revisiting Race in a Genomic Age. New Brunswick: Rutgers University Press.
-
Krieger, Nancy:2003 Does Racism Harm Health? Did Child Abuse Exist Before 1962? On Explicit Questions, Critical Science, and Current Controversies: An Ecosocial Perspective. American Journal of Public Health 93(2): 194–199.
-
Kuzawa, Christopher, and E. Sweet:2009 Epigenetics and the Embodiment of Race: Developmental Origins of U.S. Racial Disparities in Cardiovascular Health. American Journal of Human Biology 21: 2–15.
-
Livingstone, Frank:1962 On the Nonexistence of Races. Current Anthropology 3: 279–281.
-
Long, Jeff C., J. Li, and M. E. Healy:2009 Human DNA Sequences: More Variation and Less Race. American Journal of Physical Anthropology 139: 23–34.
-
Marks, Jonathan:2010 The Two 20th-Century Crises of Racial Anthropology. In Histories of American Physical Anthropology in the Twentieth Century. Michael A. Little and Kenneth A. R. Kennedy, eds. pp. 187–206.
-
Montagu, Ashley, ed.:1964 The Concept of Race. New York: Collier Books.
-
Montoya, Michael:2007 Bioethnic Conscription: Genes, Race, and Mexicana/o Ethnicity in Diabetes Research. Cultural Anthropology 22: 94–128.
-
Social Science Research Council:2005 Is Race Real?: A Web Forum Organized by the Social Science Research Council. http://raceandgenomics.ssrc.org/, accessed November 17, 2011.
-
Templeton, Alan R.:2003 Human Races in Context of Recent Human Evolution: A Molecular Genetic Perspective. In Genetic Nature/Culture: Anthropology and Science beyond the Two-Culture Divide. Alan H. Goodman, Deborah Heath, and M. Susan Lindee, eds. pp. 258–277. Berkeley: University of California Press.
جو واتكينز، الكَفُّ عن عَرْقنة الماضي
-
Deloria, Vine, Jr.:1969 Custer died for your sins: An Indian Manifesto. London: The Macmillan Company.
-
Dongoske, Kurt, and Larry Zimmerman:2010 Working Together on Race and Racialism in American Archaeology. The SAA Archaeological Record 10(3): 3-4.
-
Echo-Hawk Roger:1997 Forging a New Ancient History for Native America. In Native Americans and Archaeologists: Stepping Stones to Common Ground. N. Swidler, K. Dongoske, R. Anyon, and A. Downer, eds. pp. 88–102. Walnut Creek, CA: AltaMira Press.
-
Echo-Hawk Roger:2000 Exploring Ancient Worlds. In Working Together: Native Americans and Archaeologists. Kurt E. Dongoske, Mark Aldenderfer & Karen Doehner, eds. pp. 3–7. Washington, D.C.: Society for American Archaeology.
-
Echo-Hawk, Roger:2010 Merciless Greetings, Wicked Servants of the Age of Archaeoracialism. The SAA Archaeological Record 10(3): 21–25.
-
Johnson, George:1996 Indian Tribes’ Creationists Thwart Archeologists. New York Times October 22.
-
McGhee, Robert:2008 Aboriginalism and the Problems of Indigenous Archaeology. American Antiquity 73(4): 579–597.
-
Mihesuah, Devon A.:1996 American Indians, Anthropologists, Pothunters, and Repatriation: Ethical, Religious, and Political Differences. Special issue, “Repatriation: An Interdisciplinary Dialogue,” American Indian Quarterly 20(2): 229–250.
-
Nicholas George P.:2008 Encyclopedia of Archaeology, vol. 3: Native Peoples and Archaeology. Deborah M. Pearsall, ed. pp. 1660–1669. New York: Academic Press.
-
Ponte, Lowell:1999 Politically Incorrect Genocide, Part 2. FrontPageMagazine.com, October 5. On line edition at http://archive.frontpagemag.com/readArticle.aspx? ARTID=22976, accessed November 17, 2011.
-
Riding In, James:1992 Without Ethics and Morality: A Historical Overview of Imperial Archaeology and American Indians. Arizona State Law Journal 24(1): 11–34.
-
Rose, Jerome C., Thomas J. Green, and Victoria D. Green:1996 NAGPRA is Forever: The Future of Osteology and the Repatriation of Skeletons. Annual Review of Anthropology 25: 81–103.
-
Trope, Jack F., and Walter Echo-Hawk:1992 The Native American Graves Protection and Repatriation Act: Background and Legislative History. Arizona State Law Journal 24(1): 35–77.
-
Watkins, Joe:2000 Indigenous Archaeology: American Indian Values and Scientific Practice. Walnut Creek, CA; AltaMira Press.
-
Watkins, Joe:2003 Beyond the Margin: American Indians, First Nations, and Archaeology in North America. American Antiquity 68(2): 273–285.
-
Watkins, Joe:2004 Representing and Repatriating the Past. In North American Archaeology. Timothy Pauketat and Diana Loren, eds. Malden, MA: Blackwell Press.
-
Watkins, Joe:2005a Sacred Sites and Repatriation. Contemporary Native American Issue. Philadelphia: Chelsea House Publishers.
-
Watkins, Joe:2005b The Politics of American Archaeology: Cultural Resources, Cultural Affiliation and Kennewick. In Indigenous Peoples and Archaeology: Decolonizing Theory and Practice. Claire Smith and Martin Wobst, eds. pp. 189–203, Routledge Press, London.
-
Yerkes, Robert ed.:1921 Psychological Examining in the United States Army. Memoirs of the National Academy of Sciences 15. Washington, DC: Government Printing Office.
-
Zimmerman, Larry J.:2001 Usurping Native American Voice. In The Future of the Past: Archaeologists, Native Americans, and Repatriation, Tamara Bray, ed. pp. 169–184. New York: Garland Publishing, Inc.
إهانة البشر (١٧٠٠–٢٠٠٠)
-
Agassiz, Louis:1854 Sketch—of the natural provinces of the animal world and their relation to the different types of man In Types of Mankind: or, Ethnological researches based upon the ancient monuments, paintings, sculptures, and crania of races, and upon their natural, geographical, philological and Biblical history: illustrated by selections from the inedited papers of Samuel George Morton and by additional contributions from L. Agassiz, W. Usher, and H.S. Patterson. 2nd Edition. Josiah Nott and George Gliddon. Philadelphia: J.B. Lippincott, Grambo and Company.
-
Blumenbach, Johann:1795 [2000] On the natural varieties of mankind. Cited in The Idea of Race Robert Bernasconi and Tommy Lee Lott, eds. Indianapolis: Hackett Publishing Company, Inc.
-
Franz Boas:1911 [2000] The Instability of Human Types. In The Idea of Race. Robert Bernasconi and Tommy Lee Lott, eds. Indianapolis: Hackett Publishing Company, Inc.
-
Bond, Horace Mann:1924 Intelligence Tests and Propaganda. The Crisis 25(2): 61–64.
-
Brigham, Carl C.:1923 A Study of American Intelligence. Princeton: Princeton University Press.
-
Camper, Petrus:1792 [1974] Dissertation sur les variétés naturelles qui caracterisent la physionomie des divers climates et es differens ages. Henri J. Jansen, trans. (Paris). Cited in Coleridge’s speculations on race. Studies in Romanticism. J. H. Haeger. 13(4): 339.
-
Coon, Carleton:1939 The Races of Europe. New York: The Macmillan Company.
-
Douglass, Frederick:1854 [1999] The claims of the negro, ethnologically considered. In Frederick Douglass: Selected Speeches and Writings. Philip S. Foner, ed. Adapted by Yuval Taylor. Chicago: Lawrence Hill Books.
-
Firmin, Anténor:2002 [1885] The Equality of Human Races. Asselin Charles, trans. Champaign, IL: University of Illinois Press.
-
Gibbs, R. W.:1851 [1996] Death of Samuel George Morton, M.D. Charleston Medical Journal. Cited in The Mismeasure of Man. Rev. and exp. edition. Stephen Jay Gould. New York: W.W. Norton and Company.
-
Gould, Stephen Jay:1994 Curveball. New Yorker, November 28.
-
Grant, Madison:1916 [1994] The Passing of the Great Race or The Racial Basis of European History. New York: Charles Scribner’s Sons.
-
Harmon Amy:2006 DNA Gatherers Hit a Snag: The Tribes Don’t Trust Them. New York Times. December 10: A1, A38.
-
Hooton, Earnest A.:1939 Why the Jew Grows Stronger. Collier’s Weekly, May 4.
-
Hrdlička, Aleš:1921 [1994] American university lecture 27. Cited in Race. Steven Gregory and Roger Sanjek, eds. New Brunswick, NJ: Rutgers University Press.
-
Huxley, Julian and A. C. Haddon:1935 [1985] We Europeans. Cited in In the Name of Eugenics: Genetics and the Uses of Human Heredity. Daniel J. Kevles. Berkeley and Los Angeles: University of California Press.
-
Marks, Jonathan:2002 What it means to be 98% chimpanzee. Berkeley and Los Angeles: University of California Press.
-
Minthorn, Armand:1996 Human remains should be reburied. http://www.umatilla.nsn.us/kman1.html, accessed January 25, 2012.
-
Morgan, Lewis Henry:1877 Ancient Society, or Researches in the Lines of Phenomen Human Progress from Savagery through Barbarism to Civilization. New York: Henry Holt and Company.
-
Pohrt, Richard A.:1975 The American Indian, the American Flag. Flint, MI: Flint Institute of Art.
-
Sapir, Edward:1911 An Anthropological Survey of Canada. Science, December 8.
-
UNESCO:1952 What Is Race? Paris: UNESCO Department of Mass Communication. http://unesdoc.unesco.org/images/0006/000678/067867eb.pdf, accessed January 25, 2012.