خنفساء الفول الكبيرة
كثيرة هي المرَّات التي تفاجأتم بوجودي ميتةً مسلوقة داخل إحدى حَبات الفول النابت التي تُحبُّونها. حجمي صغير، وطولي لا يتجاوز نصف سنتيمتر، ولَوني رمادي داكن.
فترة السُّبات عندي طويلةٌ تمتَد على مدى ثلاثة فصول تبدأ من فصل الصيف، مرورًا بفصل الخريف وفصل الشتاء، أقضيها في حَبَّات الفول أو البازلاء وغيرها من البقول في المخازن، أو أكياس الغِلال، أو الحصَّادات، أو في أماكنَ محميةٍ في الحقل تحت لحاء الأشجار، أو تحت بقايا محصول العام الماضي.
أنتظر قدوم فصل الربيع بشمسه الدافئة، وحرارته المعتدلة، وأزهار نباتاته المتفَتِّحة، وخاصةً أزهار نباتات محاصيل البقول كالفول أو البازلاء أو الفاصولياء، وهي نباتاتي المُفضَّلة حيث أحلُّ ضيفةً بين أوراقها وأزهارها، فأطير باتجاهها وأتغذَّى على حبوب طلعها وبَتَلات أزهارها طيلة أسبوعَين، أكون بعدها قد نضِجت وتهيَّأت للتزاوج ووضع البيوض بهدف إنتاج أجيالٍ جديدة تضمن استمرار نسلنا.
فأضع بيوضًا خضراء اللون مصفرَّةً صغيرة الحجم منفردةً على القرون في نباتات الحقل، قد يصل عددها حتى ١٠٠ بيضة.
تفقس بيوضي بعد ١٣ يومًا من وضعها عن يرقات صغيرة بطول نصف سنتيمتر، ذات لون أبيض عاجي.
تثقب يرقاتي الجدار الخارجي للقرون وتدخل إليها، ثم تثقب الحبة داخلها.
وهناك تُتابع تطوُّرها مدة ثلاثة أشهر تتحوَّل بعدها إلى عذراء، وقبل دخولها طَور العذراء تعمل على تجهيز ثقبٍ دائري في الحبة ذي حواف منتظمة، يسمح لها بالخروج بسهولة عندما تُصبح حشرةً كاملة.
ثم تتعذَّر وتبقى في حالة سكون مدة ١٠–١٥ يومًا، تخرج بعدها حشرةٌ كاملة تُشبهني تغادر البذرة عند بداية نضج القرون، أو عندما تبدأ نباتات المحصول بالجفاف في الحقول.
وبعد ذلك تبدأ طَور السُّبات في أماكن محميةٍ مناسبة، مثل مستودعات تخزين المحصول، أو في الحقل بين لِحاء الأشجار، وأوراق النباتات المتساقطة، وبقايا المحاصيل.
أمَّا الحشرات التي تأخَّر تطوُّرها داخل الحبوب فتبقى داخل البذور حتى بداية فترة إزهار النباتات المضيفة لها في الربيع القادم.
حيث تخرج من البذور عند إنباتها إلى سطح التربة وتختبئ في أماكن تُوفِّر لها الحماية بانتظار إزهار النباتات.
يعتبرني الإنسان حشرةً ضارَّة تُلحِق الأذى بمحاصيله البقولية من الفول، والبازلاء، والفاصولياء، فتجعلها غير صالحةٍ للاستهلاك، وغير صالحةٍ للتسويق، أو التصدير؛ حيث يتم رفض الشِّحنة بكاملها في حال مشاهدتهم لنا في إحدى حبات المحصول، وتُقلِّل من نسبة إنباتها نتيجة الثقوب العديدة التي نحفرها داخل الحبة التي قد يصل عددنا فيها إلى ست حشرات. ليس هذا فحسب، بل يُعتبر تواجدي داخل الحبوب المخزونة سببًا لانتشار الإصابة في المحاصيل التي سيتم زرعها في السنوات القادمة، فيُلجأ إلى تعقيم مخازن الحبوب المُحكمة الإغلاق بالغاز السام للقضاء علينا داخلها.
نتأثَّر كثيرًا بدرجة حرارة البيئة المحيطة بنا، سواء كُنَّا حشرات كبيرةً بالغة، أو يرقات فاقسةً من البيوض، أو كُنَّا بيوضًا لم تفقس بعد؛ فانخفاض الحرارة إلى درجة الصفر (مئوية) تؤدِّي إلى موت الخنافس البالغة في غضون ١٥ يومًا، وموت اليرقات في غضون ٣٠ يومًا، وإذا ارتفعت درجات الحرارة أكثر من ٣٠ درجةً مئوية تموت البيوض التي نضعها فلا تفقس. أمَّا درجة الحرارة المناسبة لنا فهي محصورة بين ١٥ إلى ٣٠ درجةً مئوية.
أنا خنفساء الفول الكبيرة أو العريضة. أنتمي إلى فصيلة خنافس البقول. يكسو جسمي حراشف كالوبر. تخصَّصت في حفر وإتلاف بذور الفول. أنتشر في أرجاء العالم. تبدأ الإصابة بالحقل، وهناك أتكاثر فقط، ولا أتكاثر أثناء سُباتي في المخازن بين حبوب المحصول، بل تنتقل يرقاتي ضمن البذور إلى المستودعات حيث تُتابع تطوُّرها، وتتحوَّل إلى عذارى، فحشرات كاملة هي سوسة حبة الفول التي تخرج من ثقوب دائرية منتظمة الحواف في الحبة، وذلك في فصل الربيع مع بداية تفتُّح أزهار النباتات، حيث تكون نشيطة، ماهرة الطيران، يمكن أن تُغطِّي مسافةً تصل إلى ٣كم بحثًا عن الغِذاء.