من انتسب من أهل العلم إلى مدينة سالم
إن العرب لم يحلوا في محل، ولو مدة قصيرة إلا وحلّت مدنيتهم معهم فيه. واشتغلوا هنا بالعلم والأدب، وعكفوا على الإقراء، والتدريس، وتصنيف الكتب.
فمن المنسوبين إلى مدينة سالم من أهل العلم أبو الحسن علي بن يوسف القيسي السالمي، سكن جيان. وأخذ القراءات عن محمد بن أحمد بن الفرّا، وتصدر للإقراء. ذكره ابن الأبار في التكملة. وأبو الحسن علي بن موسى بن علي بن موسى بن محمد بن خلف الأنصاري السالمي الجياني، المعروف بابن النَقَرات. كان من القراء، ونزل مدينة فاس، وإليه ينسب الكتاب الموسوم بشذور الذهب في الكيمياء، ذكره التجيبي وأثنى عليه بالصلاح والورع وقال: سألته عن مولده فقال: سنة ٥١٥، وبقي إلى سنة ٩٣. وأبو الأصبغ عيسى بن أبي يونس بن أسد اللخمي، قرأ على أبي العباس بن هاشم المقرئ، وعلى غيره، وتوفي ببلده سنة ٤٨٢، على رواية ابن بشكوال. ومنه يفهم أن الإسبانيول افتتحوا طليطلة نهائيًا قبل مدينة سالم، لأن الروايات متفقة تقريبًا على أنهم استولوا على طليطلة سنة ٤٧٨، ومدينة سالم هي إلى الشمال من طليطلة بمسافة بعيدة، فما كذب الذي قال:
هذا إلا إذا كان هذا الرجل أقام بمدينة سالم من بعد استيلاء الأسبان عليها.
ثم أبو الحسن علي بن إبراهيم بن فتح، يعرف بابن الإمام، أخذ عن أبي عمر بن عبد البر وأبي الوليد الباجي وغيرهما، وكان من أهل النبل والأدب، توفي سنة ٤٧٩، وله ثلاث وستون سنة. ذكره ابن مدير، وعنه قال ابن بشكوال. وأبو الأصبغ عيسى بن عبد الرحمن بن سعيد الأموي المقرئ، سمع من القاضي ابن السقاط، وكان من أهل العلم، وتوفي بمصر سنة ثمان وتسعين بعد الأربعمائة. وأبو العاص حكم بن محمد بن إسماعيل بن داود القيسي السالمي، من ساكني سرقسطة، أخذ عن جماعة من علماء الأندلس، ثم رحل إلى المشرق، فأخذ عن ابن رشيق وغيره، وكان صالحًا ورعًا تولى الصلاة بجامع سرقسطة، وحدّث عنه الصاحبان، وذكر وضّاح بن محمد السرقسطي أنه توفي سنة ٣٩٩، نقلًا عن ابن بشكوال. وأبو عامر محمد بن أحمد بن عامر البلوي، من أهل طرطوشة وسكن مرسية، وأصله من مدينة سالم، كان من أهل العلم والأدب مؤرخًا، له كتاب اسمه «درر القلائد وغرر الفوائد» وله في اللغة العربية كتاب حسن، وله كتاب في الطب سماه «الشفاء» وكتاب في التشبيهات، وكان له حظ من قرض الشعر، وتوفي سنة ٥٩٩. ترجمه ابن الأبار في التكملة. ومحمد بن أحمد البلوي السالمي، قال في بغية الملتمس: إنه فقيه أديب، له كتاب جمع فيه علومًا، وجدّد من الدهر آثارًا ورسومًا، سماه «كتاب السلك المنظوم والمسك المختوم» ولم يذكر ابن عميرة في البغية أين سكن محمد بن أحمد البلوي، ولم نعلم هل هو أبو عامر محمد ابن أحمد البلوي، الذي سكن طرطوشة، وترجمه ابن الأبار، وله كتاب «درر القلائد وغرر الفوائد» أم هو غيره. كما أن ابن عميرة لم يذكر سنة وفاته، بحيث يترجح عندنا أن هذا البلوي محمد بن أحمد هو واحد، لا اثنان تشابه اسماهما؟
وأبو زيد خالد بن أحمد بن أبي زيد الرصافي، ولي قضاء مدينة سالم وامتحن بالنهب عند قتل واليها ذي الوزارتين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن باق، الكاتب القرطبي سنة ٤١٩، وكان يلقب بجبل الثلج. من خط ابن حبيش. قاله ابن الأبار في التكملة. وخلف بن يامين، من أهل مدينة سالم وقاضيها. قال ابن الأبار حضر مع غالب مولى الناصر، ووثوبه على محمد بن أبي عامر، إذ حاول الفتك به فقبض على أسفل كمه لما أهوى إليه بالسيف، فنثر خربته، وجعل يناشده الله حتى أدهشه، وأفلت ابن أبي عامر، وعدا غالب عليه (أي على خلف) بعد ذلك، فقتله أفظع قتلة، لخروج مدينة سالم عن يده. وذلك في منسلخ شهر رمضان سنة ٣٦٩ انتهى. ومن هنا يُعلم أن مدينة سالم تداولها المسلمون والنصارى مرارًا لأن بعد هذا التاريخ دفن فيها محمد بن أبي عامر الملقب بالمنصور، وكانت يومئذ في أيدي المسلمين. وخلف بن محمد بن خلف المقرئ، روى عن أبي عمرو المقرئ، وأخذ عنه أبو الحسن بن قوطة الحجاري، سمع منه في شعبان سنة ٤٧٦. وأبو الوليد يونس بن عيسى بن خلف الأنصاري، سمع من أبي عبد الله بن السقاط، وقرأ على أصحاب أبي عمرو المقرئ، قال ابن بشكوال: أخذ عنه أصحابنا، وقرأ بخط بعضهم أنه توفي سنة ٥٠٨. ويعيش بن خلف الأنصاري، روى عن أبي عمرو المقرئ، وكان عنده علم وخير. وقد حدث، وأخذ عنه، عن ابن بشكوال. ونصر بن عيسى بن نصر بن سحابة من أهل مدينة سالم، سكن سرقسطة، كان من أهل الأدب والمعرفة بالعروض، وله في العروض كتاب، صنعه للمؤتمن بن المقتدر بن هود. قال ابن الأبار في التكملة: وكان له خط من النظم ضعيف، وله رواية عن أبي الحسن بن سيده. وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم شاس القيسي، من أهل مدينة سالم، سكن سرقسطة، كان أديبًا كتب عنه ابن سيدراي. وأبو القلعي كامل السالمي الحكيم، حكى عنه أبو داود المؤيدي في حفظ أبي عمرو المقرئ، وذكر أنه كان رفيقًا له.
وأبو محمد الغالب بن يوسف السالمي، كان عالمًا بالأصول، سكن سبتة، ثم مراكش وتوفي فيها سنة ٥٧٦.
وأبو عبد الله محد بن موسى الأنصاري، كان من القراء أخذ عن المغامي.
وأبو مروان عبد الله بن خلف بن محمد الخولاني المكتّب، أصله من مدينة سالم، سكن غرناطة وتصدر للإقراء بها. وكان من جلة القراء مع الصلاح والزهد، أخذ عنه أبو بكر بن الخلوف وأبو الحسن بن ثابت، ترجمه ابن الأبار في التكملة.