الفصل الثالث والعشرون
قلعة أيوب
والأسبان يقولون كلاتايود
وهي الآن بليدة لا يزيد عدد سكانها على عشرة آلاف نسمة، لكنها في موضع من أبدع المواقع
منظرًا، على وادي جالون يشرف عليها قلعة تسمى قلعة أيوب، يقال إن بانيها هو أيوب بن حبيب
اللخمي ابن أخت موسى بن نصير ولذلك انتسبت إليه. ومباني هذه البلدة من الطين المجفف في
الشمس، وعليها علامة الفقر. وفيها كنيسة يقال لها كنيسة سانتامرية، كانت في الأصل جامعة،
ولها منارة للجرس كانت في أصلها مئذنة، وكنيسة أخرى يقال لها كنيسة القبر المقدس، لها
برجان، وكانت في الماضي أعظم مركز لفرسان الهيكلين في أسبانية. وقد بنيت هذه الكنيسة
سنة
١١٤١ أي بعد إجلاء العرب عن قلعة أيوب باثنتين وعشرين سنة، لأن الأذفونش الأول ملك أراغون
انتزع قلعة أيوب من أيدي العرب سنة ١١١٩.
وفي جوار قلعة أيوب كهوف وغيران يسكن فيها البشر، أشهرها الكهف الذي يقال له المُرَريَة Moreria، وكذلك المغاور التي يقال لها «كامينوسوليداد» Camino de Soledad. وإلى الشرق من قلعة أيوب على
الطريق السلطاني المؤدي من ماردة إلى سرقسطة، كانت مدينة «بيلبيليس» Bilbilis. وهي بلدة بناها بعض الجالية الإيطالية في أثناء المائة
الأولى من التاريخ المسيحي، وكانت موصوفة بحسن الصياغة، وبإتقان صنعة الأسلحة، وبتربية
الخيل المسومة. ومن قلعة أيوب إلى بلنسية ٢٩٤ كيلومترًا بالقطار الحديدي، الذي يسير كل
يوم،
ومنها إلى يِرْوَل Teuel يسير عليه القطار أيضًا ثم إن
السكة الحديدية تمتد من قلعة أيوب في وادي جلق Giloca فلا
يسير القطار أكثر من خمسة كيلومترات حتى يصل إلى بلدة يقال لها «باراكولوس» paracuellos، وبعد خمسة كيلومترات أخرى إلى بلدة يقال
لها «مالونده فيلية» Maluenda Velilla، وفيها عدد من
الكنائس، وبعد ثلاثة كيلومترات لا غير إلى موراته Morata،
ثم على مسافة تقرب منها إلى قرية يقال لها «فنت جلق» في أرضها معدن من الجفصين والمرمر.
ثم
على مسافة قريبة من هذه بلدة «فيلا فليش» Villa Feliche،
واقعة بين أكمتين وفيها آثار مساجد إسلامية. والسكة الحديدية في هذه المسافة تخترق الجبل
في
عدة أماكن. وعلى ٣٥ كيلومترًا من قلعة أيوب مدينة دورقة، وليس فيها الآن إلا أربعة آلاف
نسمة، لكنها في موقع بديع خفيف على الروح، ضمن واد عميق من جلق. وقد كانت هذه البلدة
من
زمان الأيبيريين، ولكنها عمرت كثيرًا في أيام العرب، إلى أن فتحها الأذفونش الأول صاحب
أراغون سنة ١١٢١ وأجلى العرب عنها، ولها قلعة من بناء العرب معروفة بقلعة دورقه، وسور
عظيم
طوله ثلاثة كيلومترات، وعليه ١١٤ برجًا.
وإلى الشمال الشرقي من دورقة، وهناك منظر من أبدع المناظر، سرداب طويل، يزيد على
خمسمائة
متر، ويعلو على ستة أمطار، لأجل تصريف المياه، في وقت الفيضان، نحو وادي جلق. وعلى مقربة
من
دورقة بلدة في سهل مريع تسمى «باغنه» Bagiena، وبلدة أخرى
اسمها كلموشه Calamocha ثم بلدة تسمى كاميرال Caminreal على نهير يقال له «ريجه» واقع على الطريق
السلطاني بين قاعدتي سرقسطة وبلنسيه.