من نبغ من أهل العلم من أهل قلعة أيوب
ولنذكر الآن بعض ما جاء في كتب العرب وغيرها عن قلعة أيوب. قال ياقوت: مدينة عظيمة جليلة القدر بالأندلس بالثغر، وكذا ينسب إليها، فيقال: ثغري، من أعمال سرقسطة، بقعتها كثيرة الأشجار، والأنهار، والمزارع، ولها عدة حصون. وبالقرب منها مدينة لبلة. ينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم محمد بن قاسم بن خُرَّة، من أهل قلعة أيوب، يكنى أبا عبد الله، رحل سنة ٣٣٨، سمع بالقيروان من محمد بن أحمد بن نادر، ومحمد بن نصر الثغري، يكنى أبا عبد الله، أصله من سرقسطة، كان حافظًا للأخبار والأشعار، عالمًا باللغة والنحو خطيبًا بليغًا، وكان صاحب صلاة قلعة أيوب. قال ابن الفرضي: أحسب أن وفاته كانت في نحو سنة ٣٤٥. انتهى.
قلنا: لم يذكر ياقوت استيلاء النصارى على قلعة أيوب، ونظن ذلك قد فاته سهوًا، لأنه في أيام ياقوت الحموي المتوفى في ٦٢٦ للهجرة، كان مضى على قلعة أيوب نحو مائة وعشرين سنة وهي في يد الإسبانيول. وقد ذكر ياقوت تحت لفظة الثغر ترجمة أبي محمد بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم بن خلف الثغري، من أهل قلعة أيوب، سمع بتطيلة من ابن شبل، وأحمد بن يوسف بن عباس، وبمدينة الفرج من وهب بن مسرة، ورحل إلى الشرق سنة ٣٥٠، فسمع ببغداد من أبي علي الصواف، وأبي بكر بن حمدان، سمع منه مسند أحمد بن حنبل والتاريخ، دخل البصرة والكوفة، وسمع بها، وسمع بالشام ومصر وغيرهما، من جماعة يكثر تعدادهم، وانصرف إلى الأندلس، ولزم العبادة والجهاد، واستقضاه الحكم المستنصر بموضعه، ثم استعفاه منه فأعفاه، وقدم قرطبة في سنة ٣٧٥، وقرأ عليه الناس. قال ابن الفرضي: وقرأت عليه علمًا كثيرًا، فعاد إلى الثغر، فأقام إلى أن مات. وكان يعد من الفرسان وتوفي سنة ٣٨٣ بالثغر من مشرق الأندلس. ا.ﻫ.
قلنا: وممن ينسب إلى قلعة أيوب من أهل العلم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن عبد الحميد التجيبي، ويعرف بالقبريري، كان فقيهًا مالكيًّا جليلًا، بصيرًا بالمذهب، حافظًا للرأي، وله مسائل في الآذان، وفي الحضانة وكتاب سماه «بالانتصار لابن العطار فيما رده عليه أبو عبد الله بن الفخار» وقد روى عنه أبو عبد الله بن سيدراي القلعي، ذكره القنطري، وقال في نسبه: محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن عبد الحميد، وذكر أنه كان من كبار الفقهاء الحفاظ وكان شاعرًا، روى هذا ابن الأبار في التكملة. أبو عبد الله محمد بن أحمد الكفيف يعرف بابن الحاج، حدث عنه ابن عبد السلام الحافظ وقال: أجاز لنا كتاب الشريعة لأبي بكر الآجري، وكان قد كف بصره. وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن مطرف التجيبي القلعي، يعرف بالبيراني، روى عن أبي محمد بن عتاب، وكان من أهل العلم والفضل، حدث عنه ابنه أبو حفص عمر، وتوفي بعد الأربعين والخمسمائة. ذكره ابن الأبار. وأبو عبد الله محمد بن سليمان بن سيدراي الكلابي الوراق القلعي، سكن ببلنسية، كان يروي عن أبي الحسن بن واجب وأبي بكر بن العربي وأبي الأصبغ المنزلي، وأبي عبد الله القبريري، سمع منه المدونة ثلاث مرات، وخرج من بلده لما تغلب العدو عليه، بعد وقيعة كتندة في سنة ٥١٤، فكان يبيع الكتب في دكان له، وكان أبوه من قبله وراقًا، توفي ببلنسية في رجب سنة ٥٤٨، وقد نيف على السبعين، وقيل بلغ الثمانين.
وأبو عمر يوسف بن يونس الأموي، يعرف بالمروي، له رحلة إلى المشرق أخذ فيها عن أبي الوشا، وأبي حفص بن عراق، ورايق الصقلي وغيرهم، وأخذ ببلدة قلعة أيوب عن القاضي أبي محمد عبد الله بن قاسم، وأخذ عنه الصاحبان وأبو عمر المقري.
وأبو بكر عبد الله بن عبد الله بن محمد بن قاسم بن حزم يعرف بالبطروري نسبة إلى قرية منها بوادي جلق، وهو والد القاضي أبي محمد القلعي، توفي سنة ٤٢٥.