الفصل الرابع والثلاثون
طرسونة
وإلى الجنوب الغربي من تطيلة مدينة طرسونة Tarazona على
مسافة ٢٢ كيلومترًا. واسمها كان عند الرومانيين تورياسو Turiaso، سكانها اليوم ثمانية آلاف نسمة، وفيها كنيسة من بناء القرن
الثاني عشر، وقد كانت طرسونة من المدن العربية المعروفة، قال ياقوت في المعجم: بينها
وبين
تطيلة أربعة فراسخ، معدودة في أعمال تطيلة؛ كان يسكنها العمال ومقاتلة المسلمين إلى أن
تغلب
عليها الروم، فهي في أيديهم إلى هذه الغاية١ انتهى. ومن طرسونة إلى شورية Soria ٦٧
كيلومترا.
هذا وينسب إلى طرسونة بعض أهل العلم، منهم أبو إسحاق بن يعلى الطرسوني٢ ثم مدينة كشيجون Cacijon على مسافة ٩٤ مترًا
من سرقسطة، وقصبة «أوليت» Oliete، وسكانها نحو من ألفي
نسمة، وقصبة طفالة Tafalla سكانها خمسة آلاف نسمة، وعلى ٨٨
كيلومترًا من سرقسطة بنبلونة الشهيرة، وقد تقدم ذكرها في أثناء الكلام على جبال البيرانس،
والإسبانيول يكتبونها بالميم بعد الفاء الفارسية، أي باميلونة، ولكن العرب يكتبونها بالنون،
لأنهم لا يأتون بالميم بعد الباء، وإنما يأتون بالنون. وسكان بنبلونة نحو من ثلاثين ألفًا،
وهي واقعة على ضفة نهر أرقة Arga ويحيط بها سور قديم بناها
بوسي Pompee الروماني، فانتسبت إليه، وصارت تسمى
بومبايلو Pompaela ثم تحرفت إلى اسمها الحالي بنبلونة،
وكان استيلاء القوط على هذه البلدة سنة ٤٧٦ للمسيح، ثم في سنة ٥٤٢ استولى عليها الإفرنج،
ثم
في سنة ٥٧٨ جاءها العرب، واستولوا عليها مدة غير طويلة. ومن سنة ٩٠٥ صارت قاعدة مملكة
نبارة Navarra، ثم استولى عليها القشتاليون سنة ١٥١٢،
وفي حصارها جرح أينيقولوبيس ريكالد الذي بعد أن كان قائد عسكر ترهّب وأقلع عن الدنيا،
وصار
هو القديس أغناطيوس لويولا Loyola مؤسس الرهبانية
اليسوعية.
وفي بنبلونة كنيسة كبرى بدأ بناءها كارلس الثالث ملك نبارة سنة ١٣٩٧، وفي الزاوية
الجنوبية الغربية من الكنيسة شبكة حديدية أصلها سلسلة، كانت تحيط بسرادق الناصر سلطان
الموحدين، أخذت منه في الهزيمة الكبرى التي وقعت على المسلمين في وقعة العقاب التي يقول
لها
الأسبان «لاس نافاس دو
طولوزه» Les Novas de Tolosa.
ومن بنبلونة يصعد السائح إلى جبال البيرانس، وغير بعيد من هناك مضيق رونسقو، ويقال
له
أيضًا رونسفال Roncevalles الذي انهزمت فيه ساقة شارلمان
وهو قافل من سرقسطة، ويقول له العرب باب الشزري.
ومن بنبلونة إلى سان سبتيان ٩٣ كيلومترًا بسكة الحديد. وفي هذه المسافة يقع الخط
الحديدي
الحد الذي كان فاصلًا بين قشتالة الديمة ونبارة. ومن مدن تلك البلاد «الفارة» وسكانها
ستة
آلاف، ثم «كلهره» وهي مدينة أيبيرية قديمة سكانها عشرة آلاف، واقعة على نهر سيداكوس Cidacos وكان اسمها في القديم كالاغوريس ناسيكا Calagurris Nassica وفيها كنيسة قديمة جدًّا فيها
عظام بعض شهداء النصرانية. ومن كلهره إلى شورية ٩٩ كيلومترا. وأما الأرض القفر المسماة
سولانا Solana فتمتد من الأبره إلى أرقة Arga.
ومن المدن المجاورة لنهر سيداكوس قصبة يقال لها أرنيدو Arnide٣ ثم بلدة يقال لها لودوسا Lodosa فيها كهوف
كانت مساكن، ثم بلدة يقال لها آغون سيلو وفيها حصن بأربعة أبراج، ثم مدينة لوكرونتو Logrono وكان العرب يقولون لها «لوكروني» وهي بلدة سكانها
خمسة عشر ألفًا، معدودة من قشتالة القديمة. ومن لوكروني مسافة ٢٥ كيلومترًا إلى ناجرة،
وهذه
بلدة قديمة كان لها شأن في القديم، وفيها قصر كان يسكنه الملوك في القرنين الثالث عشر
والرابع عشر. وعلى ١٩ كليومترًا إلى الغرب من ناجره، على طريق برغش، بلدة يقال لها سانتو
دومنقه قلصادة. وهي التي ينسب إليها الإمام القلصادي المار الذكر Santo
Domingo de la Calzada وفيها أربعة آلاف نسمة، ومن لوكروني مسافة قصيرة
إلى بلدة استله Estella.
وقد ورد ذكر ناجره في كتب العرب، قال ياقوت: ناجرة بكسر الجيم، والراء مهملة. مدينة
في
شرقي الأندلس من أعمال تطيلة، هي الآن بيد الإفرنج، وإلى اليمين من نهر أبره توجد جبال
وعرة
في وسط الحقول، وذلك عن بلدة «فون مابور» Fuenmayor وعندها
قنطرة على أبره، ثم بلدة «غوارديه» وأما بلدة هارو Haro
فهي من ناحية «ريوجه» Rioja وسكانها ثمانية آلاف نسمة،
وبالقرب منها وادي ميرندة.
ومن سرقسطة يمر الخط الحديدي على الضفة اليمنى من نهر جلق، فعلى مسافة ثمانية كيلومترات
يصل إلى بلدة يقال لها «سان جوان موزاريفار» وبالقرب منها بلدة أخرى اسمها «فيلا نوفة»
ثم
بلدة «زويرة» ثم قصبة يقال لها المدور، سكانها ثلاثة آلاف فيها حصن قديم، ثم بلدة تسمى
«تاردينتة» Tardienta.
ثم مدينة وشقة وهي بلدة في غاية القدم، سكانها اليوم ثلاثة عشر ألفًا، لا يزيدون
وهي على
رابية مشرفة على سهل الهوية La Hoya، وكان يقال لهذه
البلدة لعهد الرومانيين أوسكا Osca وكان سرطوريوس لذلك
العهد أسس فيها مدرسة لشبان الأيبيريين. وقد فتح العرب وشقة في ما فتحوه من المدن عندما
استولوا على سرقسطة أي في سنة ٩٦ للهجرة، وفق ٧١٣، وفي الأنسيكلوبيدية الإسلامية ينقل
عن
المستشرق قديرة: أن وشقة كانت مركز مقاطعة مستقلة في نواحي سنة ٣٠١، لعهد أميرها محمد
بن
عبد الملك الطويل، وبقيت في يد العرب إلى سنة ١٠٩٦، من التاريخ المسيحي، فاسترجعها الأسبان،
وجعلوها قاعدة مملكة أراجون، وبقيت كذلك إلى سنة ١١١٨، إذ نقلوا مركز الحكم إلى سرقسطة
نفسها بعد أن أخرجوا العرب منها.
أما ياقوت الحموي فقال عن وشقة، بفتح أوله، وسكون ثانيه والقاف: بليدة بالأندلس ينسب إليها طائفة من أهل العلم منهم حديدة بن الغمر، له رحلة. وإبراهيم بن عجبيس بن أسباط بن أسعد بن عديّ الزيادي الوشقي، كان حافظًا للفقه، واختصر المدونة، له رحلة سمع فيها من يونس بن عبد الأعلى، ومات سنة ٢٧٥. عن ابن الفرضي. وابنه أحمد، سمع من أبيه. وتوفي سنة ٣٢٢ انتهى.
هوامش
(١) ومن البلاد التي تتصل بتطيلة «قلصادة» جاء في دليل بديكر أنها على مسافة ١٩
كيلومترا إلى الغرب من ناجرة، على طريق برغش Burgos والأسبان يقولون لها «سانتا دومينية وقلصادة» Santa Dominigo de la Calzads
وليس فيها أكثر من أربعة آلاف من السكان، ولكن فيها كنيسة من الطرز القوطي عظيمة.
قلنا إنه منسوب إلى قلصادة، ونظنها هي هذه، رجل من أعلم علماء الأندلس اسمه أبو
الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي البسطي القلصادي، ترجمه نفح الطيب فيمن
رحل إلى المشرق، وضبطه «القلصادي» بفتحات وقال في حقه: الرحالة المؤلف الفرضي، آخر
من له التآليف الكثيرة من أئمة الأندلس، وأكثر تصانيفه في الحساب والفرائض كشرحيه
العجيبين على تلخيص ابن البناء والحوفي، وكفاه فخرًا أن الإمام السنوسي صاحب
العقائد أخذ عنه جملة من الفرائض والحساب، وأجازه جميع مروياته. وأصله من بسطة، ثم
انتقل إلى غرناطة فاستوطنها، وأخذ بها عن جماعة كابن فتوح والسرقسطي وغيرهما، ثم
ارتحل إلى المشرق، ومر بتلمسان، فأخذ بها عن عالم الدنيا ابن مرزوق والقاضي أبي
الفضل العقباني، وأبي العباس بن زاغ وغيرهم، ثم ارتحل فلقي بتونس تلاميذ ابن عرقة
كابن عقاب والقلشاني، وغيرهما، ثم حج ولقي أعلامًا، ورجع فاستوطن غرناطة، إلى أن حل
بوطنه ما حل، فتحيل في خلاصه من الشرك، وارتحل فمر بتلمسان فنزل بها على الكتيب بن
مرزوق ابن شيخه، ثم جدت به الرحلة إلى أن وافته منيته بباجة إفريقية، منتصف ذي
الحجة سنة ٨٩١ (أي قبل سقوط غرناطة بست سنوات).
ومن تآليفه أشرف المسالك إلى مذهب مالك. وشرح مختصر خليل، وشرح الرسالة وشرح التلقين، وهداية الأنام في شرح مختصر قواعد الإسلام، وشرح رجز القرطي، وتنبيه الإنسان إلى علم الميزان، والمدخل الضروري، وشرح إيساغوجي في المنطق وشرح الأنوار السنية لابن جزي، وشرح رجز الشراز في الفرائض. وشرح حكم ابن عطاء الله، وشرح رجز أبي عمرو بن منصور في أسماء النبي ﷺ، وشرح البردة، وشرح رجز ابن بري، وشرح رجز شيخه أبي إسحاق بن فتوح في النجوم. وشرح رجز ابن مقرعة، وله النصيحة في السياسة العامة والخاصة. وهداية النظار في تحفة الأحكام والأسرار. وكشف الجلباب عن علم الحساب. وكشف الأسرار عن علم البخار. والتبصرة. وقانون الحساب وشرحه. وشرحان على التلخيص كبير وصغير وشرح ابن الياسمين في الجبر والمقابلة ومختصره. وكليات الفرائض وشرحها. وشرحان للتلمسانية كبير وصغير. وشرح فرائض صالح بن شريف. وفرائض مختصر خليل. وشرح لابن الحاجب. وكتاب الغنية في الفرائض. وغنية النجاة وشرحاها الكبير والصغير. وتقريب المواريث. ومنتهى العقول البواحث. وشرح مختصر العقباني ولم يتم. ومدخل الطالبين. ومختصر مفيد في النحو. وشرح رجز ابن مالك. وشرح الأجرومية وشرح جمل الزجاجي. وشرح ملحة الحريري. وشرح الخزرجية. ومختصر في العروض.
ومن تآليفه أشرف المسالك إلى مذهب مالك. وشرح مختصر خليل، وشرح الرسالة وشرح التلقين، وهداية الأنام في شرح مختصر قواعد الإسلام، وشرح رجز القرطي، وتنبيه الإنسان إلى علم الميزان، والمدخل الضروري، وشرح إيساغوجي في المنطق وشرح الأنوار السنية لابن جزي، وشرح رجز الشراز في الفرائض. وشرح حكم ابن عطاء الله، وشرح رجز أبي عمرو بن منصور في أسماء النبي ﷺ، وشرح البردة، وشرح رجز ابن بري، وشرح رجز شيخه أبي إسحاق بن فتوح في النجوم. وشرح رجز ابن مقرعة، وله النصيحة في السياسة العامة والخاصة. وهداية النظار في تحفة الأحكام والأسرار. وكشف الجلباب عن علم الحساب. وكشف الأسرار عن علم البخار. والتبصرة. وقانون الحساب وشرحه. وشرحان على التلخيص كبير وصغير وشرح ابن الياسمين في الجبر والمقابلة ومختصره. وكليات الفرائض وشرحها. وشرحان للتلمسانية كبير وصغير. وشرح فرائض صالح بن شريف. وفرائض مختصر خليل. وشرح لابن الحاجب. وكتاب الغنية في الفرائض. وغنية النجاة وشرحاها الكبير والصغير. وتقريب المواريث. ومنتهى العقول البواحث. وشرح مختصر العقباني ولم يتم. ومدخل الطالبين. ومختصر مفيد في النحو. وشرح رجز ابن مالك. وشرح الأجرومية وشرح جمل الزجاجي. وشرح ملحة الحريري. وشرح الخزرجية. ومختصر في العروض.
(٢) وقد أقام بطرسونة أبو الحسن سعيد بن محمد الجهمي المقرئ من أهل وادي الحجارة
وتوفي بها، وكان يعرف بابن قوطة.
(٣) هذه التي نظن أن العرب كانوا يقولون لها «أرنيط» وبعد ذكرها ياقوت والإدريسي
وغيرهما.