بالطائرة … إلى قلب الجبل
كانت مغامرة «مدينة الرصاص» هي الجولة الأولى للشياطين في صراعهم مع عصابة «اليد الحديدية» … وكان رقم «صفر» قد أخبر الشياطين أنَّ العصابة تستولي على الذهب من مناجم مدينة «موانزا» في «تنزانيا»، ثم تقوم بنقله إلى معاملها السرية في جبال «كليمنجارو»، حيث يتم تحويل جزء منه إلى رصاص، ثم طلاء الجزء الباقي بالرصاص الجديد، فلا يستطيع أحد كشفه، وهكذا يتم نقل الذهب خارج «تنزانيا»، دون أن يلفت ذلك نظر أحد. بل يمكن أن يحدث ذلك في حراسة شرطة «تنزانيا» نفسها.
وهكذا طار الشياطين من مقرهم السري إلى قلب أفريقيا؛ حيث توجد جمهورية «تنزانيا» نفسها. وفي الطائرة التي أقلَّتهم إلى مدينة «دار السلام» عاصمة «تنزانيا» تعرَّف «أحمد» إلى «جون»، الذي اتضح فيما بعد أنَّه أحد الرءوس الكبيرة في عصابة «اليد الحديدية».
لقد كانت مغامرة مثيرة، عندما وصل الشياطين إلى مناجم مدينة «موانزا»، ولبسوا ملابس العمال العاملين في المناجم. ثم فجأةً اكتشف «أحمد» وجود «جون»، ودارت معركة رهيبة اشترك فيها العمال الوطنيون، الذين يقفون ضد الاستغلال، والذين يعرفون أنَّ هذه الشركات تعتدي على ثروات بلادهم.
وعندما اكتشف «أحمد» زعيمَ العمال، شرَحَ له كلَّ شيء، ثم تركه لتحقيق الجولة الثانية في المغامرة، وهي تحطيم المَعامِل السرية في الجبال أو الاستيلاء عليها.
كان عميل رقم «صفر» قد أعدَّ طائرة صغيرة، يستطيع الشياطين أن ينتقلوا بها إلى أي مكان، خصوصًا وأنَّ جبال «كليمنجارو» مرتفعة تمامًا، وفي الطريق إلى هناك استطاع قائد الطائرة أن يلمح طريقًا أسفلتيًّا يشق الجبال، وعندما لفت نظر «أحمد» إليه، قدَّم له منظارًا مكبرًا، فشاهد «أحمد» سيارة نقل تغادر الجبال. وهكذا، طاردت الطائرة سيارة النقل، ونزل الشياطين «أحمد» و«عثمان» و«خالد» و«رشيد» و«باسم» فوق السيارة، ودارت معركة رهيبة، انتهت بهزيمة أفراد العصابة … بعد أن اكتشف «أحمد» أنَّ السيارة تحمل شحنة من الذهب المطلي بالرصاص؛ لنقلها خارج «تنزانيا» …
وعندما انتهت الجولة الأولى من مغامرة «مدينة الرصاص» استقلَّ الشَّياطين طائرتهم، بعد أن أرسل «أحمد» إلى رقم «صفر» يشرح له ما حدث، وبعد أن طلب رقم «صفر» من الشياطين الاستيلاء على المعامل، أو نسفها. وهكذا أخذت طائرة الشياطين طريقها إلى جبال «كليمنجارو». قال قائد الطائرة وهو ينظر إلى «أحمد» مبتسمًا: لقد كانت معركة رائعة، تفشل السينما في تقديم معركة مثلها!
ابتسم «أحمد» وهو يرد: نرجو أن نقدم معركة أخرى رائعة، حتَّى تستمتع معنا!
قال «رشيد»: لقد أذهلني منظر مكعبات الرصاص.
قال «باسم» بسرعة: تقصد مكعبات الذهب المطلية بالرصاص؟
ردَّ «رشيد»: نعم. نعم. أقصد ذلك … إنَّها خطة ذكيَّة تمامًا!
تساءل «خالد»: ولماذا لا يقومون بتحويل الذهب كله إلى رصاص، ثم إعادته مرة أخرى إلى ذهب، بعد تهريبه؟!
ردَّ «أحمد»: لأنَّ ذلك يكلِّف كثيرًا الآن. ولا بد أنَّهم سوف يصلون إلى ذلك مستقبلًا.
أضاف «عثمان»: إنَّهم بطريقتهم هذه يحققون أرباحًا ضخمة. في نفس الوقت يؤثرون على اقتصاديات بلادنا في أفريقيا.
قال قائد الطائرة: إنَّ مثل هذه العصابات تحكم الآن اقتصاديات الدول وتتحكم في كل شيء!
كانت الطائرة تأخذ اتِّجاهًا عموديًّا مع ارتفاع جبال «كليمنجارو». لكن فجأةً، قال «أحمد» متحدثًا إلى قائد الطائرة: لا أظن أنَّ العصابة سوف تُقيم معاملها في قمة الجبال، إنَّ ذلك يمثِّل مشكلة ضخمة لهم، ولا بد أنَّ المعامل تقع في منطقة أكثر قربًا من سفح الجبل!
قال قائد الطائرة: هي فعلًا فكرة. لكنني أظن أنَّهم قد يَلجئون إلى قمة الجبل، كنوع من الاطمئنان.
سكت لحظة، ثم أضاف وهو يبتسم: لاحظ أنَّهم يتعاملون في مليارات الدولارات، وهي تستحق أن يتحملوا في سبيلها أي مشاكل.
نظر «أحمد» إلى الشياطين ينتظر رأيهم. قال «رشيد»: أقترح أن ندور دورةً كاملةً حول الجبل، ونرصد أي حركة فيه!
وقال «باسم»: إنَّني أوافق على رأي «رشيد».
وقال «خالد»: إنَّني أوافق «رشيد»، ولذا أقترح بأن دورة على ارتفاع معقول يمكن أن تفيدنا؛ حتَّى لا يطول البحث.
ابتسم «عثمان» وهو يقول: اسمحوا لي أن أعرض وجهة نظري، لقد رصدنا سيارة النقل حتَّى تغلَّبنا عليها، والسيارة كانت تنطلق فوق طريق. وإنَّ هذا الطريق يخرج بالتأكيد من حيث توجد المعامل.
نظر إلى «أحمد»، الذي ابتسم وقال: هذه فكرة لامعة، وهي تختصر كل ما نفكر فيه، إنَّ الطريق كما يقول «عثمان» يخرج من المعامل إلى المدينة. إذن، فإنَّ الطريق يوصلنا إلى المعامل.
سكت لحظة، ثم أضاف: إذن، لو أننا تتبعنا الطريق، فإنَّه سوف يصل بنا إلى المكان الذي نريده.
قال «عثمان» بسرعة: في نفس الوقت فإنَّنا نراقب الطريق، حتَّى لا يخرج منه شيء!
كان قائد الطائرة يستمع إلى الحوار بين الشياطين، فقال: فعلًا هي فكرة ذكية، ولامعة، وسوف أنفذها حالًا!
وبسرعة، كان يعيد اتِّجاه الطائرة إلى حيث يوجد الطريق، كان ذلك يحتاج إلى دورة كاملة حول الجبال؛ حتَّى يمكن رصد مكان الطريق.
فجأةً قال «عثمان»: ما يؤكد وجود المعامل في سفح الجبل هو أنَّ قمته مغطاة بالثلوج، والحياة تصبح صعبةً تمامًا بجوار ارتفاعه الذي يستغرق وقتًا في الصعود والهبوط.
ابتسم «أحمد» وهو يردُّ على «عثمان»: لقد فكرتَ بطريقة جيدة!
دارت الطائرة حول الجبل، لكن الطريق لم يظهر، فقال «أحمد»: ينبغي أن نعود إلى حيث كنا، ونبدأ البحث من هناك!
وبسرعة، أخذ قائد الطائرة اتِّجاه الطريق، حيث توجد سيارة النقل. كان «أحمد» يجلس بجوار النافذة وقد وضع المنظار المكبر فوق عينيه، وهو يرصد جوانب الجبل، لكن لم تكن هناك حركة ما يمكن أن تلفت النظر. مرَّ بعض الوقت ثم فجأةً صاح «أحمد»: هذا هو الطريق! إنَّه يقع في الجنوب الشرقي لنا.
نفذ قائد الطائرة ما حدده «أحمد»، وأخذ يقترب أكثر من جسم الجبل، ثم فجأةً هتف هو الآخر: ها هو!
كان الطريق قد بدأ يظهر كخط رفيع، يشق صخور جبال «كليمنجارو». فقال «أحمد»: عليك أن تتبعه، فإنَّه في النهاية سوف يقودنا إليهم!
أخذت الطائرة تهبط أكثر فأكثر حتَّى أصبح الطريق واضحًا تمامًا، وأضاف «أحمد»: علينا أن نظل مع الطريق!
نفذ القائد تعليمات «أحمد»، وأصبح يطير فوق الطريق تمامًا، ظل يتقدم ويتقدم، لكن فجأةً اختفى الطريق. صعد إلى ارتفاع أكبر، ثم دار من جديد، ليعيد اتِّجاهه مع اتِّجاه الطريق، فقال «رشيد»: هذه النقطة التي يختفي عندها الطريق، هي المدخل إلى منطقة المعامل.
أضاف «أحمد»: نعم، هذا صحيح.
أنهت الطائرة دورتها ثم أخذت اتِّجاه الطريق الذي ظهر. قال «أحمد» بسرعة: ينبغي أن نهبط أكثر، فالطائرة من النوع العمودي، وهذا يجعلها تتحرك في أضيق مكان.
هبط قائد الطائرة إلى ارتفاع أقل، واستمرَّ مندفعًا مع الطريق، فجأة اختفى الطريق في بطن الجبل، فقال «أحمد»: هذا هو هدفنا. إنَّ الطريق يمتد في بطن الجبل، وهذا يعني أنَّه يصل إلى هناك!
سكت لحظة، ثم قال لقائد الطائرة: ينبغي أن نعود مرة أخرى ثم نهبط قبل اختفاء الطريق مباشرة!
مرة أخرى عاد القائد بالطائرة إلى نفس النقطة من جديد. أخذت الطائرة تقترب أكثر فأكثر حتَّى قال «أحمد»: هنا ينبغي أن نهبط!
في هدوء، أخذ القائد يهبط بالطائرة في اتِّجاه عمودي فوق الطريق. وعندما لامست عجلات الطائرة أسفلت الطريق، كان الشَّياطين يستعدون لمغادرتها. نظر «أحمد» إلى قائد الطائرة، وسأل: كيف نلتقي مرة أخرى؟
ابتسم القائد وهو يقول: لن أكون بعيدًا. سأبحث عن منطقة قريبة، وأنتظر عودتكم في أي لحظة.
صمت ثم قال بسرعة، وهو يشد على يد «أحمد»: دعواتي لكم بالتوفيق!
كان «عثمان» قد فتح باب الطائرة وقفز، ثم تبعه بقية الشياطين، وكان «أحمد» آخرهم … وبسرعة كانت الطائرة ترتفع في هدوء. وقف الشياطين لحظةً يرقبون المكان. كان هادئًا تمامًا، لا صوت هناك، ولم يكن حولهم سوى الجبل الضخم بصخوره المتعددة الألوان، وبدأت برودة لاذعة تظهر. إلا أنَّ الشياطين كانوا مستعدين، فهم يعرفون جيدًا مُناخ كل مكان ينزلون فيه. كان الطريق الأسود يمتد أمامهم ثم يلتوي ليختفي. فقال «أحمد»: علينا أن نتقدم الآن في حذر، وينبغي ألا نكون في منتصف الطريق. فمَن يدري، ربما يكون هناك من يرصد تحركاتنا!
صمت لحظة، ثم أضاف: لقد فكرت في أن يكون «جون» قد أخبر المعامل بما حدث، وأنَّ العصابة تنتظر وصولنا في هدوء؛ حتَّى نقع في أيديهم.
قال «رشيد»: وهذا يجعلنا نفضِّل الانتظار حتَّى الليل!
لم يرد «أحمد» مباشرة. فقد كان يفكر، غير أنَّه قال بعد لحظة: أخشى أن تكون هناك بوابات حديدية تُغلق في الليل، وفي هذه الحالة سوف ننتظر حتَّى الصباح، ونحن إذا تقدمنا الآن ووصلنا إلى مكانهم فسوف يكون أحسن لنا تمامًا.
نظر له الشياطين، وقال «باسم»: إنَّها فكرة جيدة، علينا أن نتقدم الآن!
أخذوا جانب الطريق وبدءوا التحرك، لكن «أحمد» قال فجأةً: ينبغي ألا نكون في مكان واحد، الآن على كل مجموعة منا أن تتقدم من جانب!
وبسرعة، اتجه «عثمان» و«رشيد» و«خالد» إلى الجانب الآخر من الطريق. وبقي «أحمد» و«باسم» … وتقدمت المجموعتان في نفس الاتِّجاه الذي يتجه إليه، وإلى حيث تبدأ الجولة الثانية من المغامرة، والتي أطلق عليها الشياطين اسم «جبال كليمنجارو».