العصابة تعرض الاتفاق مع الشياطين
بسرعة، أخرج «أحمد» من حقيبته سماعتين دقيقتين، ثم وضعهما في أذنيه … كانت السماعتان متصلتين بجهاز استقبال … وعن طريقهما يستطيع أن يسمع كل ما يحدث داخل المكتب … في نفس الوقت، كان الشَّياطين يراقبون كل الأماكن، حتَّى لا تحدث مفاجأة … فجأةً سمع «أحمد» من خلال السماعتين الحديث الذي يدور. كان صوت «برامز» يقول: أهلًا بالسيد «جون سنج»!
ردَّ صوت «عثمان»: أهلًا يا سيد «برامز»!
قال «برامز»: هل أنت من «تنزانيا»؟
ردَّ «عثمان»: إنني من «البرازيل»!
قال «برامز»: تبدو ملامحك أفريقية تمامًا!
ردَّ «عثمان»: البرازيليون لهم جذور أفريقية!
مرَّت لحظة، ثم قال «برامز»: ماذا تريدون؟
ردَّ «عثمان»: لقد عرضت انضمامنا إليكم، وعرضت نصيبًا لنا في كل عملية … هل يمكن أن أعرف النسبة؟
لم يرد «برامز» مباشرة … فقد مرَّت فترة قبل أن يقول: هل يمكن أن أعرف النسبة التي تريدونها؟
قال «عثمان» على الفور: أظن أنَّك الذي عرضت يا سيد «برامز»، وبالتالي فأنت الذي تُحدد النسبة، ونحن نوافق أو نرفض، أو نطلب رفعها!
مرَّت لحظة صمت أخرى، كان «أحمد» يتابع الحوار برضاء … فقد كان «عثمان» يناور مع «برامز» بذكاء. جاء صوت «برامز» يقول: دعني أسألك بعض الأسئلة قبل أن ندخل إلى تفاصيل الاتفاق!
سكت دقيقة، ثم قال: ما اسم منظمتكم؟
ردَّ «عثمان» مباشرة: وهل هذا يهم؟
قال «برامز»: ينبغي أن أعرف مع مَن سوف أتعامل؟
قال «عثمان»: سمِّنا أي اسم يعجبك … اليد الجهنمية … الضربة القاضية …
سكت لحظة، ثم أضاف: الشَّياطين …
تردد صوت ضحكة ﻟ «برامز»، وقال: اسم ظريف … أنتم الشَّياطين إذن …
ثم أضاف بعد لحظة: أنتم شياطين فعلًا!
ثم سأل: هل لكم فروع في أماكن أخرى؟
ردَّ «عثمان»: أظن أنَّ هذه التفاصيل ليست لها أهمية في اتفاقنا …
سكت لحظة، ثم أضاف: ما لم يكن اتفاقنا سوف يتجاوز هذه العملية إلى عمليات أخرى!
ابتسم «أحمد» لكلام «عثمان». في نفس الوقت الذي كان الشَّياطين يتابعون فيه وجه «أحمد» وانفعالاته، في حين كانوا يراقبون كل الاتِّجاهات. جاء صوت «برامز»، يقول: إذا كنتم ترغبون في الانضمام إلينا بشكل كامل، فسوف يكون لنا حديث آخر، أما إذا كان الاتفاق خاصًّا بهذه العملية فقط، فإنَّ الاتفاق سوف يختلف!
فكَّر «عثمان» بسرعة، وإن كان في نفس الوقت، يريد أن يعرف رأي الشَّياطين. تحفز «أحمد»، وهو ينتظر رد «عثمان»، الذي قال: إنَّ ذلك يخضع لحجم عملياتكم!
تردد صوت ضحكة ﻟ «برامز»، وقال: إنَّك ذكي بما يكفي، ودعني أسألك: هل أنت أحد الرجال القريبين من السيد «ألبرت»؟
لم يعرف «عثمان» بسرعة، ماذا يعني «برامز»، ولا من هو «ألبرت». في نفس الوقت الذي فهم فيه «أحمد» أنَّ «عثمان» يُمكن أن يخطئ، فقد قدَّم «أحمد» نفسه ﻟ «برامز» عندما التقيا في الطائرة على أنَّ اسمه «ألبرت». وبسرعة، ضغط زرًّا في الجهاز، وأرسل رسالة شفرية ﻟ «عثمان». كانت الرسالة تقول: «٨-٦٠٠» نقطة «٤-٢٠-٥٠٠-٤٢» نقطة «١٧٠-١-٢٠-١٣» نقطة «٨-٦٠٠» نقطة «٨-٤٤-٥٠٠-١٧٠» نقطة «٨-٤٠٠-٤-٢٠-٦» انتهى …
جاء صوت «برامز» يسأل: لماذا لم ترد على سؤالي؟
كانت الرسالة قد وصلت «عثمان»، فقال: أظن أنَّ السيد «ألبرت» قد اختارني للتفاهم معك، لأنَّه يعرف مكانتي عنده!
قال «برامز»: أنت فعلًا إنسان ذكي، وأنا فعلًا في حاجة إليك!
سكت لحظة، ثم قال: هل يجب أن تعمل مع هذه المنظمة التي سميناها الشَّياطين؟
ردَّ «عثمان» بسرعة: وهل يمكن أن يتحوَّل أحد من رجالك، وينضم إلى منظمة أخرى؟
قال «برامز»: أظن أنَّه سوف يفكر كثيرًا، قبل أن يفعل ذلك!
ردَّ «عثمان»: أمَّا أنا فلا أفكر مطلقًا. إنَّ ولائي الكامل لمنظمتنا، وللزعيم السيد «ألبرت».
ابتسم «أحمد» لرد «عثمان»، فقد كان ردًّا مثاليًّا. وأضاف «عثمان» بسرعة: أعتقد أننا نضيع وقتنا في كلام لا يفيد.
سكت لحظة، ثم أضاف: إذا كنت تظن أنَّكم يمكن أن تقوموا بتهريب أي شحنة جديدة، فسوف يكون ذلك سذاجة شديدة، فالطريق في هذه المنطقة وحتَّى المدينة، مرصود تمامًا …
قال «برامز»: أظن أنَّك تضحك، فأنتم لا تزيدون على أصابع اليد الواحدة.
سمع «أحمد» صوت «عثمان» وهو يضحك ضحكة سريعة، ثم يقول: إنني أستطيع أن أخبرك بأشياء قد تدهشك … أو هي ستدهشك فعلًا …
ثم سكت. فقال «برامز» بسرعة: ماذا تعني؟
قال «عثمان» بهدوء: أعني أننا نعرف نشاطكم جيدًا، حتَّى أسرار عملية الذهب، نعرف كل تفاصيلها.
ظهر الانزعاج في صوت «برامز» وهو يقول: أسرار عملية الذهب، ماذا تعني؟
أسرع «أحمد» بإرسال رسالة شفرية إلى «عثمان»، فقد عرف أنَّ الحديث بين «برامز» و«عثمان» قد اتجه اتِّجاهًا آخر. كانت الرسالة الشفرية تقول: «٨-٦٠٠» نقطة «٧-١٥٠-٨-٢٠-٣٠٠» نقطة «٥٠٠-٥٠٠-٦-٨-٤٢» نقطة «٨-٤٤-٦-٥٠٠-٢٠» نقطة «١٣-١٧٠» نقطة «٨-٤٠٠-٦٢-١٠-٧٥» نقطة «١-٤٠٠-١٧٠-٧٠٠» نقطة «٨-٩-٤-٢٠-٧٠٠-» نقطة «٤-٥٠٠-١-٤٠٠-١٥٠-٥٠٠-٨-٦-٦٠٠-٨» نقطة «٣٠٠-٤٠٠-٧٠٠-٨» نقطة نقطة «٨-٦٠٠» نقطة «١٥-٤٠٠-٣٠٠» نقطة «٤٤-١٥٠-١٣» نقطة «١٧٠-٥-١-٤٠٠-٣٠٠» نقطة «١٧٠-٤-١٥٠-٧» نقطة «٤-٣٠٠-٤٠٠» نقطة «٥٠٠-٨» نقطة «٤٠-١٢-١٧٠-٧٠٠» انتهى.
جاء صوت «برامز» يسأل: إنَّك لم ترد على سؤالي، ماذا تعني بأسرار عملية الذهب؟
ثم قال مرة أخرى: أراك تبتسم. هل هذا هو الرد؟
عرف «أحمد» أنَّ «عثمان» قد تلقى الرسالة، وترجمها، وعرف ما بها.
قال «عثمان» بهدوء: يا سيد «برامز»، إنَّ عملية تحويل الذهب إلى رصاص … ولم يكمل «عثمان» كلامه … فقد انتظر حتَّى يرى تأثير الكلمات على «برامز»، ولم يسمع «أحمد» شيئًا.
لكنَّه توقع أن يفعل «عثمان» ذلك.
جاء صوت «برامز» يقول: ماذا تعني؟
كان صوت «برامز» يبدو فيه الانزعاج. وجاء رد «عثمان»: أعني أننا نعرف كل شيء!
قال «برامز» بسرعة، وبصوت ظهرت فيه الدهشة: كيف عرفتم؟! إنَّ هذه المسألة سرية!
ردَّ «عثمان»: قد تكون سرية بالنسبة للآخرين، لكنها ليست سرية بالنسبة لنا.
ولم يسمع «أحمد» صوتًا بعدها. فقد امتدت فترة صمت. فهم «أحمد» منها أنَّ «برامز» قد امتلكته الدهشة. في نفس الوقت، فكَّر «أحمد»: قد يكون رد الفعل عند «برامز» عنيفًا، فقد يفكر في عملية للتخلص منهم.
لكنه فكر في نفس الوقت: إنَّ «برامز» سوف يتردد كثيرًا في عمل أي شيء … وهو الآن في موقف حرج، ولن يكون أمامه سوى محاولة الاتفاق مع «عثمان». ظلَّ «أحمد» في انتظار تعليق «برامز» على كلام «عثمان» الأخير، لكنَّ «برامز» ظلَّ صامتًا، فقال «عثمان»؛ حتَّى يقطع أيَّة فرصة تفكير أمام «برامز»: سيد «برامز»، إنَّ منظمتنا تعرف كل شيء عن منظمة «اليد الحديدية».
جاء صوت «برامز» مترددًا، وهو يقول: ماذا تعني؟
فردَّ «عثمان» بسرعة: أعني أننا يجب أن نتفق، لأنَّ اختلافنا سوف يكون سببًا في أن تخسروا كثيرًا.
قال «برامز» بعد لحظة صمت: إنَّني لا أستطيع أن أستمر في الاتفاق …
سأل «عثمان»: لماذا؟
ردَّ «برامز»: يجب أن أعود للزعيم، لآخذ منه التعليمات، وربما يقوم هو بالاتفاق معكم!
عندما سمع «أحمد» هذه الكلمات، فكَّر بسرعة: «هذا يعني أنَّ الاتفاق سوف يستغرق وقتًا … وأنَّ عليهم الآن أن يضربوا ضربتهم.»
أرسل رسالة شفرية إلى «عثمان» تقول: اتفق معه على عقد اتفاق مؤقت، قبل أن يذهب للزعيم.
في نفس الوقت، سمع صوت «برامز» يقول: سوف أتغيب عنك بعض الوقت، حتَّى أتصل بالزعيم، ثم أعود إليك، لننهيَ اتفاقنا …
سكت «برامز» لحظة، ثم أضاف: تستطيع أن تعود لزملائك، أو تبقى حيث أنت، حتَّى أعود!
قال «عثمان»: سوف أعود للزملاء، على أن أنتظر منك إشارة، عندما تعود. ومرَّت فترة صمت، ثم فُتح الباب، وظهر «عثمان» فيه. نظر إلى الشَّياطين وعلى فمه ابتسامة هادئة، ثم أخذ طريقه إليهم. عندما انضم للشياطين، قال «أحمد» بلغة الشَّياطين: يجب أن يكون حديثنا بلغة الشَّياطين حتَّى لا يكشف خطواتنا أحد. فالمؤكد أنَّ أجهزة كثيرة ترصد كل شيء الآن!
ثم شرح «أحمد» للشياطين الموقف كله، والحديث الذي دار بين «عثمان» و«برامز». كانت السعادة تبدو عليهم، وهم ينظرون إلى «عثمان»، وعندما انتهى من عرض الموقف، قال «خالد»: لقد كان «عثمان» موفَّقًا تمامًا!
ثم أضاف «خالد»: بل إنَّه استطاع أن يضع «برامز» في حالة لا يستطيع التصرف فيها!
وقال «باسم»: إنَّ الخطوة القادمة سوف تكون كشف عصابة «اليد الحديدية» أو زعيمها، على الأقل!
تساءل «أحمد»: ماذا تتوقعون الآن؟
وكانت إجابة السؤال هي الخطوة القادمة في مغامرة «جبال كليمنجارو» أو ربما تكون هي الخطوة الأخيرة.