علاقات مصر بالبلاد المجاورة
كانت الواحات ضمن أملاك الدولة المصرية في عهد الأسرة الثانية والعشرين، كما أوضحنا ذلك في الجزء التاسع من هذه الموسوعة. غير أن سلطانها كان قد ضعف بسبب ما حل بمصر من تفكك وانحلال في عهد أواخر الأسرة الثانية والعشرين والثالثة والعشرين والرابعة والعشرين، وأوائل الخامسة والعشرين، وكانت هذه الأسرات كلها تحكم سويًّا في مصر في آن واحد، ولا غرابة في ذلك فقد كانت البلاد في الواقع في هذه الفترة مقسمة عدة دويلات صغيرة وصلت في خلالها إلى أكثر من ثماني عشرة دويلة، وبخاصة في الدلتا.
وقد كان «أحمس» الثاني بعد توليه الملك على تمام الأهبة، والحيطة في أن تكون علاقته مع الواحات وطيدة سليمة، وأن يكون هو المسيطر عليها؛ لأنها كانت المفتاح الخارجي لمصر، وبخاصة طرق القوافل المؤدية إلى بلاد النوبة والسودان، ومن أجل ذلك عمل على أن تكون هذه النقط الاستراتيجية والتجارية في الصحراء تابعة له، وسعى في أن يوليها عنايته، ويعمل على بث الأمن والثراء في أرجائها، وعلى إقامة المعاقل لصد أي عدوان من جيرانه الذين كانوا في غربيها. وسنحاول فيما يلي أن نظهر إلى أي حد حقق كل هذه الأغراض.
هذا ونجد أن الواحات الأخرى قد أخذت في أسباب الثراء، ولا أدل على ذلك من أن بعض السكان أخذوا في إقامة مقابر فيها تضارع التي كانت تقام في مدن وادي النيل نفسه، ففي «الواحة البحرية» عثر على أربع مقابر يرجع عهدها إلى الأسرة السادسة والعشرين كان أصحابها من الذين يشغلون مكانةً عليا في الواحة، ونعلم أنه كان منهما اثنان يشغلان وظيفة كاهن وهم: (١) «بدعشتر» الكاهن الأكبر للإلهين «خنسو» و«حور»، (٢) «باتي»، وهو كاهن «خنسو» وحاجب «آمون»، وقد كان حفيد الكاهن «بدعشتر» و(٣) «زد أمنوف عنخ»، وقبره بالقرب من «قعرت قصر سليم» شرقي «البويطي»، وأخيرًا (٤) قبر «باناننتيو» ويقع غربي الأخير.
هذا وتدل النقوش المكشوفة في هذه الجهة على أن الكاهن الثاني المسمى «زدخنسوف عنخ» قد أصبح كاهن معابد الواحة البحرية وحاكمها؛ وقد أقام فيها معبدين عظيمين باسم «أحمس الثاني»، وكان هذا الحاكم من الثراء بحيث أقام لنفسه هناك تماثيل كبيرة من المرمر، وقد عثر على اثنين منهما، وكذلك أقام عدة مقاصير في الواحة البحرية على مقربة من عين «المفتلا». وقد كشف عن أربع منها. وقد أقيمت هذه المقاصير من الحجر واللبنات ونقشت جدرانها وزينت بالألوان، ويشاهد عليها مناظر كثيرة يرى فيها «أحمس» يتبعه حاكم الواحة البحرية الموالي له، كما تشاهد عدة آلهة من الذين كانوا يعبدون هناك، ومما يؤسف له جد الأسف أن قبر هذا الحاكم العظيم لم يعثر عليه بعد، ولكن من جهة أخرى كشف عن مقابر ثلاثة من أقربائه عثر عليهم الدكتور «أحمد فخري».
وهذه المقابر تدل على ما كانت تتمتع به هذه الأسرة من ثروة عظيمة حتى قبل عهد الملك «أحمس الثاني»، إذ في الواقع يرجع إقامة بعضها إلى عهد الملك «إبريز».
(١) المباني الدينية التي أقيمت في عهد «أحمس الثاني»
(١-١) مقاصير «عين المفتلا»
من أهم المباني الدينية التي يرجع عهد إقامتها إلى عصر الملك «أحمس الثاني» المقاصير التي كشف عنها في «عين المفتلا». وهذا الكشل يبشر في الواقع بوجود آثار كثيرة في تلك الجهة في المستقبل، فقد كشف الأثري «ستيندورف» عن جدار منقوش في عام ١٩٠٠م، ثم كشف بعده الأثري «أحمد فخري» عن بقية جدران المبنى وهي مقصورة، ثم تابع أعمال الحفر حتى كشف عن ثلاث مقاصير أخرى بالقرب من الأولى، وكل هذه المقاصير يرجع عهدها إلى الأسرة السادسة والعشرين. وكان قد أقامها كلها الكاهن الثاني «لآمون» المسمى «زدخنسوف عنخ» وأسرته. ويتضح من فحص تصميم هذه المقاصير أنها كانت جزءًا من مبنى واحد عظيم لا يزال مدفونًا تحت الأرض. وتدل شواهد الأحوال على أن جوار «عين المفتلا» كان مركز العاصمة أو جزءًا منها.
- المقصورة الأولى: هذه المقصورة أكبر المقاصير الأربع حجمًا، وتحتوي على
قاعتين وحجرتين صغيرتين خاليتين من النقوش، ويلاحظ أن
الفرعون «أمسيس» قد مثل على واجهة المقصورة في حضرة الإله
«حرسفيس» (حرشف)، وفي الجهة الأخرى من الواجهة مثل الملك
يقدم قربانًا لحور الذي مثل برأس صقر.
وفي القاعة الأولى يشاهد الحاكم «شن خنسو» يتبع سيده «أحمس»، وكلاهما يقدمان قربانًا لثلاثة عشر إلهًا، ممثلة على الجدار الشمالي، ويشاهد الملك في أقصى الجدار الغربي يقدم للآلهة، ويحمل على يده طبقًا عليه أربعة رغفان، كما يوجد أمامه مائدة قربان محملة بالمواد الغذائية. والآلهة الذين يقدم لهم هم: (١) الإله «ماحسا» برأس أسد. (٢) الإلهة «باست». (٣) الإله «آمون». (٤) الإلهة «موت» (وتُسمى عين رع). (٥) الإله «خنسو». (٦) الإله «حرسفيس» برأس كبش عليه قرص الشمس. (٧) الإلهة «حتحور» سيدة الأرضين. (٨) الإله «تحوت» نزيل الواحة البحرية. (٩) الإلهة «نحم عاوا»، وهي زوج «تحوت». (١٠) الإله «آمون» الذي ينير «طيبة» والإله العظيم نزيل الواحة البحرية. (١١) الإلهة «موت» سيدة الأرضين. (١٢) الإله «أنوبيس» المشرف على مقصورته ورب السماء. (١٣) الإلهة «أزيس» الأم العظيمة المقدسة.
وأهم منظر في القاعة الثانية يشاهد على الجدار الغربي، وقد مثل فيه الملك يقدم القربان لثمانية آلهة وهم: «أوزير». (٢) «أزيس»، (٣) «نفتيس»، (٤) «حور»، (٥) الإلهة «سشات» إلهة الكتابة، وقد لقبت هنا سيدة الأرضين، (٦) الإلهة «تحوت» نزيل الواحة البحرية، (٧) الإلهة «نحم عاوا» زوج «تحوت»، (٨) الإله «حا» صاحب الغرب (إله الصحراء وهو خاص بهذه الجهة).
- المقصورة الثانية: وتعتبر أصغر المقاصير الأربع. ويشاهد على واجهتها الملك
«أمسيس» يقدم قربانًا لإله في صورة إنسان وبرأس صقر. هذا
ويشاهد في الصف الأسفل من الواجهة الإله «أوزير» قاعدًا،
وأمامه باني المقصورة وهو «زدخنسوف-عنخ» يصلي، وقد نقش
أمامه وفوقه ثمانية أسطر عمودية جاء فيها ألقابه، وهي: إن
الخادم الممتاز لدى سيده، والأمير الوراثي، وحاكم الواحة،
ومثبت العين السليمة، والكاهن الثاني، والكاهن الثالث،
وكاهن الإلهة «موت»، وكاهن «خنسو»، وكاهن «خنسو الطفل» (؟)
وكاهن «منتو»، ومربي «خنسو الطفل»، وكاتب المعبد الكبير في
نوبته الشهرية، وكاهن «أوزير»، وكاهن الإله «سكر فكا»،
وكاهن «أزيس»، وكاهن «حور» وكاهن «مين»، مربي «حوربوخراد»،
وكاهن «أوزير» وكاهن «أوزير حب»، وكاهن «آمون» ملك الأرضين
نزيل الواحة، وكاهن «حتحور»، قد أحضر إلى المحصول:
«زدخنسوف عنخ» ابن الأمير الوراثي حاكم الواحات مثبت
(العين السليمه) «بديسي» بن «بد آمون» بن «حور حب خنو» بن
«ون حر عنخ وننفر» بن «ون حر» المشرف على خزانة بيت
«آمون»، والأمير الوراثي حاكم الواحة «شبن خنسو».
وكذلك يشاهد في الصف الأعلى من الجدار الشرقي مناظر دينية متعلقة بالمناظر، التي على هذا الجدار من الخلف، وأهم ما يلفت النظر فيها هو ما نشاهده على الجدار الخلفي، وهو صورة كبيرة للإله «أوزير» محنطًا ونائمًا على أفعى. وفي الصف الأسفل من هذا الجدار من الداخل يشاهد الأمير «زدخنسوف عنخ»، يتعبد لصور عدة آلهة كان هو كاهنها، وقد ذكرناها فيما سبق. هذا ويشاهد على الجدار الخلفي مناظر دينية ظهر فيها الإله «أوزير» تنعاه زوجه وأخته «أزيس»، ثم يلي ذلك منظر يمثل حمل «أزيس» في ابنها «حور»، ثم إعادة «أوزير» للحياة ثم ذهابه إلى عالم الآخرة؛ ليكون حاكمها.
- المقصورة الثالثة: تقع قبالة الأولى على مسافة أمتار منها، ومعظم مبانيها
قد انتزع واستعمل في أماكن أخرى، وتحتوي على حجرة واحدة
لها مدخن، وما بقي من زينتها ونقوشها قليل جدًّا، غير أن
ما بقي منها يوحي بأنها كانت مخصصة لعبادة الإله «بس»،
وهذا الإله كان يعبد منذ عهد الدولة الحديثة، ويقوم بدور
هام في حياة الموسيقاريين.
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الإله كان من الآلهة المحليين في بلاد «كوش»، وقد وجدت في معبد «جبل برقان» أعمدة عليها صور هذا الإله،٧ وترجع إلى عهد الأسرة الخامسة والعشرين، وهذا الإله هو رمز للفرح والسرور عند المصريين. ويطيب لنا أن نذكر هنا أنه لم يكن مشوه الخلق كما يظهر في الصور، بل هو في الواقع يمثل إلها قزمًا وحسب. وهذا يذكرنا بالأقزام الذين كانوا يقومون منذ الدولة القديمة برقصة خاصة دينية، كما كان ملوك مصر في الدولة يأمرون بإحضارهم من أواسط أفريقيا للتسلية،٨ ولا نزاع في أن هذه المقصورة ترجع إلى عهد الأسرة السادسة والعشرين، ولا نعلم لأي غرض خاص أقيمت، ولكن تدل شواهد الأحوال على أنها كانت للإله «بس». هذا وقد وجد على الجزء الجنوبي من الجدار الشرقي في الصف الأسفل ستة من أسماء ممالك الأقواس التسعة، وقد تحدثت عن هذه الأقوام ببعض التفصيل في غير هذا المكان.٩
إلا أبوابهما فقد بنيت بالحجر، ويرجع عهدها إلى عصر الملك «أحمس الثاني»، وقد أقامها الكاهن «زدخنسوف عنخ». وقد نقش جانبا البوابة بمتون في أربعة صفوف ضاع الصف الأول منها. ويشاهد في الصف الأعلى الملك «أحمس» واقفًا على اليمين مقدمًا إناء لإله في صورة آدمي، وفي الصف الثاني نشاهد «أحمس» في حضرة.
- المقصورة الرابعة: هذه المقصورة تحتوي بأقل تقدير على حجرتين أقيمتا
باللبنات الإله «خنوم»، وقد نقش أمام الملك لقبه واسمه
ونقش أمام الإله «خنوم»: الإله «خنوم» رب السماء، ضيف
«الفنتين».
وفي الصف الثالث مثل الملك في حضرة الإله «حرشف»، الذي مثل برأس كبش ومعه النقش: «حرشف» الإله العظيم، ويلفت النظر أن هذين الإلهين كانا خاصين بالماء مما يتفق وطبيعة الواحة. فالأول هو إله الشلال، والثاني وهو «حرشف» يعني «الذي على بحيرته»، وهو إله جهة «الفيوم»، حيث توجد «بحيرة موريس» ويعبد بوجه خاص في «أهناسيا المدينة».
ونقوش الجانب الأيسر ممزقة ولم يبقَ منها كثير، ويشاهد في الصف الأسفل «زدخنسوف عنخ» يقدم قربانًا إلى إله قد هشمت صورته، وقد نقش فوق صورة «زدخنسوف عنخ» أربعة أسطر جاء فيها: «الأمير الوراثي»، وحاكم المدينة … والكاهن الثاني للإلهة «نخبيت»، وكاهن «أوزير» «زدخنسوف عنخ» بن مثيله «بديسي» والذي أنجبته «نعس».
وكذلك نجد أن البوابتين المصنوعتين من الحجر، وهما المؤديتان إلى الحجرة الثانية قد نقشتا بحروف غائرة. وهنا كذلك يشاهد الملك يقدم قربانًا، ولكن النقش مهشم. وفي الصف الأسفل نشاهد الإله «تحوت» على اليمين، والإله «حور» على اليسار وهما يقومان بعملية التطهير، ونقش أمام «تحوت»: «تحوت»، المزدوج العظمة رب «الأشمونين» والإله العظيم رب السماء … إنك تطهر، إنك تطهر، إنك تطهر. ونقش أمام «حور»: «بحدتي» الإله العظيم رب السماء صاحب الريش ذي الألوان المختلفة، والذي يخرج من الأفق مثل «رع» معطى الحياة.
ومما سبق يتضح لنا أن هذه المقاصير الأربع قد بنيت في عهد الفرعون «أحمس الثاني»، غير أنها لم تُبْنَ في وقت واحد. وأقدمها هي الأولى التي كشف عن جزء منها الأستاذ «ستيندورف»، حيث نجد الأمير «زدخنسوف عنخ» يلعب دورًا ثانويًّا في نقوشها، وكانت الأولوية لأخيه «شبن خنسو»، الذي كان يقوم بوظيفة الحاكم للواحة البحرية. ولم تسمح لنا النقوش القليلة التي بقيت لنا على جدران المقصورة الثالثة بتحديد وقت إقامتها على وجه التأكيد. ومن نقوش المقصورة الرابعة والأخيرة نفهم أن «زدخنسوف عنخ» كان حاكم الواحة عند إقامتها، كما كان يحمل لقب الكاهن الثاني. وتدل نقوش المقصورة الثانية على أن «زدخنسوف عنخ» قد أقامها وهو في قمة مجده، فقد ذكر لنا على جدرانها سلسلة من ألقابه التي لم نجدها في المقاصير الأخرى، والواقع أنه كان وقتئذ حاكم الواحة البحرية، وكاهن الآلهة كلها التي ذكرت على جدران هذه المقاصير، سواء أكانوا وافدين زوارًا على الواحة البحرية، أم كانوا آلهة أصليين يعبدون فيها، وليس هناك من شك — إذا صدقنا ما تركه لنا من نقوش — في أنه كان رئيس كل الكهنة هناك. وتدل شواهد الأحوال على أنه كان في يده سلطة كبيرة ومال وفير لإقامة هذه المقاصير، وكذلك لإقامة معبد «البويطي» وغيره من الآثار التي تحمل اسمه، وعلى أية حال فإن الواحة البحرية قد شهدت أمجد عصر لها في عهد الملك «أحمس الثاني» وحاكمها «زدخنسوف عنخ».
وقد كان أعظم لقب يتحلى به هذا الحاكم هو الكاهن الثاني، وهذا اللقب بالنسبة للواحات يعد لقبًا غامضًا. والواقع أن هذا اللقب المجرد على التعريف كان يعتبر لقب الكاهن الثاني «لآمون»، كما جرت العادة بالنسبة لهذا العصر. فقد كان الكاهن الأكبر لهذا الإله يسكن «طيبة». ويلحظ كذلك أن «زدخنسوف عنخ» قد لقب نفسه كذلك الكاهن الثالث، دون أن يذكر الإله الذي هو كاهنه. ولا نزاع في أن لقب كاهن من أي درجة، سواء أكانت الدرجة الأولى أم الثانية أم الثالثة أم الرابعة دون ذكر اسم الإله كان يعود على «آمون»، الذي كانت عبادته هي العبادة السائدة في هذا العهد، وبخاصة بعد أن بث الكوشيون عبادته بصورة بارزة، وأصبح لسلطان طائفته نفوذ عظيم كان لا بد أن تخضع له ملوك الأسرة الساوية على الرغم من مقاومتهم الفاشلة في إطفاء جذوتها، التي كانت متأججة في كل البلاد. ومما يؤكد أن المقصود هنا هو الإله «آمون» أنه بعد ذكر الكاهن الثاني والكاهن الثالث، جاء أنه كاهن الإلهة «موت»، ثم كاهن الإله «خنسو» وهما المتممان لثالوث «آمون» الذي كان مقر عبادته «طيبة». هذا وينطبق هذا الوضع كذلك عند ذكر مدينة «طيبة»، فإنها أحيانًا تذكر بلفظة «المدينة» وحسب، ويعني ذلك مدينة «طيبة». والأمر الذي يلفت النظر هنا أن الآلهة الذين كانوا يعبدون في هذه الواحة قد بلغ عددهم العشرات، وقد كان صاحبنا «زدخنسوف عنخ» يقوم بوظيفة الكاهن لمعظم هؤلاء الآلهة.
ونظرة فاحصة في أسماء هؤلاء الآلهة تكشف لنا عن أمرين هامين؛ الأمر الأول: أن الرياسة العظمى كانت في «طيبة»، وليست في «سايس»، وبخاصة عندما نعلم أن الإلهة «نيت» لم تذكر إلا مرة واحدة في نقوش المقاصير والمعابد، وذلك على الرغم من أن الملك الذي أقيمت في عهده كان يدعى «أحمس» بن «نيت»، وهذا برهان على تغلب عبادة «آمون» وسيادتها في هذا العهد.
هذا بغض النظر عن عبادة «أوزير» الذي كان يعد إله الآخرة في كل زمان ومكان، وقد جاء اسمه في هذه المقاصير بصور مختلفة. ولا ننسى أن اسم حاكم البحرية كان مركبًا تركيبًا مزجيًّا مع «خنسو» بن «آمون»، كما كان «بدعشتر» ابن عمه كاهنًا «لخنسو»؛ أي لابن «آمون». أما الآلهة الآخرون فإن عبادتهم كانت مشتركة في كل البلاد طولًا وعرضًا. والظاهر أن عبادتهم في الواحات كان القصد منها التقرب إليهم بصلاة خاصة بطبيعة الواحات، ولإظهار نفوذ وعظمة باقي هذه المقاصير، وبخاصة أنه كان الحاكم هناك. والواقع أنه كانت هناك آلهة خاصة تتفق وطبيعة الواحات، فمثلًا كانت هناك عبادة الإله «حا» إله الغرب وهو خاص بالصحراء، كما كانت هناك عبادة الآلهة المائية مثل الإله «خنوم» والإله «حرشف»، والأول هو إله «الشلال» والثاني إله «الفيوم» و«أهناسيا المدينة» ومعناه المشرف على بحيرته؛ أي «بحيرة قارون» كما كانت هناك عبادة الإلهتين «مرتي»؛ أي النيل الجنوبي والنيل الشمالي، ومنهما تأخذ الواحات مياهها الأرضية التي تتفجر عيونها نهرًا.
(١-٢) معبد القصر
(١-٣) معبد البويطي
هذا ويوجد المعبد الذي أقامه الملك «أحمس الثاني» في وسط المنازل التي في قرية «البويطي»، وهو تحت المنازل الحالية للقرية ولم يتبقَ منه إلا القليل، غير أنه يمكن مما بقي منه أن نتعرف على تصميمه، وأجزاء مبانيه السفلية لا تزال تحتفظ بنقوشها.
(١-٤) المقابر التي من عهد «أحمس الثاني» في الواحة البحرية (قرية البويطي)
عثر على بعض مقابر هامة تحت منازل قرية «البويطي» من عهد «أحمس الثاني»، وقد وجدت عليها نقوش وعددها ثلاث وهي: (١) مقبرة ثاتي، (٢) ومقبرة «بدعشتر»، (٣) ومقبرة «تانفرت باست». وهذه المقابر وجدت متجاورة، وقد قطعت في نفس التل القريب من «الشيخ الصوبي»، وكلها مقطوعة في الصخر وتحتوي كل واحدة منها على عدة حجرات عليها نقوش على ملاط ملون. ومناظرها ذات صبغة دينية في معظمها، وبعض هذه النقوش له أهمية عظيمة لدراسة ديانة هذا العصر، ويلحظ أن ملابس السيدات اللاتي مثلهن هناك لها طابع خاص، وتختلف عن الملابس المصرية العادية، ويظهر فيها التأثير الأجنبي وبخاصة الإغريقي، ولا غرابة في ذلك؛ لأن مصر بخاصة في عهد الأسرة السادسة والعشرين كان اختلاطها بالإغريق قد ازداد بدرجة محسة تمشيًا مع السياسة المصرية وقتئذ. انظر شكل رقم …
وتدل شواهد الأحوال على أن «بدعشتر» لا بد كان عائشًا في عهد الملك «إبريز» أو قبله. أما «ثاتي» فهو حفيده، وعلى ذلك فإن القبرين يؤرخان بالأسرة السادسة والعشرين. وسنحاول هنا أن نتحدث عن هذه المقابر بشيء من الإيجاز مع ملاحظة ما فيها من مميزات بارزة.
مقبرة «بدعشتر»
تحتوي هذه المقبرة على أربع قاعات ذات عمد وثلاث حجرات. ويلاحظ أن نقوش هذه المقبرة قد عملت على يد مفتنين مهرة، غير أن معظم نقوشها قد أبيد. وتابوتها منحوت نحتًا جميلًا، ونقش عليه ساعات الليل وساعات النهار، كما رسم عليه الاثنان والأربعون قاضيًا لقاعة المحاكمة. والمناظر التي على كل جدران المقبرة ذات صبغة دينية.
ويدل اسم صاحب المقبرة المركب تركيبًا مزجيًّا على أنه كان فيه عنصر أجنبي، ومعنى «بدعشتر» هو «هدية الإلهة عشتار»، وهي إلهة سورية وقد أدخلت عبادتها مصر منذ الأسرة الثامنة عشرة، وتمثل بشكل امرأة لها رأس لبؤة. وتوحد أحيانًا بالإلهة «سخمت» إلهة القوة كما توحد أحيانًا بالإلهة «حتحور».
ومن سلسلة النسب يمكن القول: إن «زدخنسوف عنخ» قد عاش في عهد كل من «إبريز» و«أحمس الثاني»، ومن ثم يمكن نسبة كل مقابر أسرته إلى الأسرة السادسة والعشرين. ومناظر مقبرة «بدعشتر» كلها دينية، ولكنها على مستوى عالٍ، فقد استعمل في تزيينها المناظر التي كانت لا تستعمل إلا للملوك، مثال ذلك نشاهد الإلهين «حور» و«تحوت» يطهرانه، ولا شك في أن ذلك قد حدث بعد أن انتشرت الديموقراطية في الديانة المصرية، وهي أقدم ديموقراطية ظهرت في العالم. وكذلك نجد أن أرواح «با» و«نخن»، التي كانت تنتحب وتنعي إخوتها من الآلهة أصبحت تنتحب، وتنعي أفراد الشعب كأنهم إخوتها.
ومن المشاهدات الغريبة كذلك في هذا القبر أنه بدلًا من قيام الإلهتين «أزيس» و«نفتيس» بالحزن على أخيهما المتوفى، نجد أنه قد حل محلهما الإلهتان «مرت شمع»؛ أي إلهة النيل الجنوبي والإلهة «مرت محيت»؛ أي إلهة النيل الشمالي، وهما توحدان في بعض المتون بالإلهتين «نخبيت» و«وازيت»؛ أي فيضان النيل الجنوبي وفيضان النيل الشمالي. ونحن نعلم من جهتنا أن «أزيس» عندما بكت على أخيها «أوزير»، فاض النيل وهو ما يعرف عند العامة حتى الآن «بليلة النقطة» التي تحدث في حوالي ١٩ يونيه من كل سنة، ويقول الفلاحون المصريون: إن في هذه الليلة تنزل الحلاوة في الفاكهة، ويبدأ ارتفاع النيل تدريجًا. هذا فضلًا عن أن أوزير كان يوحد بالنيل.
مقبرة «ثاتي»
تمتاز مقبرة هذا السيد بأن مناظرها ذات أهمية من الوجهة الأثرية، وذلك على الرغم من أن رسمها غير دقيق. ويفتح بابها نحو الجنوب وتحتوي على قاعة ذات عمد. وتقع مقبرة «بدعشتر» خلف مقبرة هذا السيد، هذا وتحتوي المقبرة خلافًا لقاعة العمد هذه على حجرتين، وتدل شواهد الأحوال على أن الأخيرة كانت هي حجرة الدفن. والظاهر أنها نهبت في العهد المتأخر، وقد استعملت للدفن كرة أخرى، وقد ولد فيها أربعة توابيت لم يبقَ سليمًا منها إلا واحد وفيه جسم رجل محنط، ولم يكن معه بطبيعة الحال شيء يذكر من الحلي الفاخرة.
والمناظر التي صورت على جدران قاعة العمد تحتوي على منظر محاكمة المتوفى أمام «أوزير» ووزن قلبه، كما نشاهد فيها الإلهين «حور» و«تحوت» يقومان بعملية التطهير، التي كانت لا تعمل قديمًا بوساطة هذين الإلهين إلا للملك، كما سبقت الإشارة لذلك، يضاف إلى هذا أننا نشاهد في نفس الحجرة صورتي أرواح بلدة «نخن» وبلدة «ب» الأولى ممثلة بأربعة صقور، والأخرى بأربعة من أولاد آوى، وهؤلاء في الواقع كانوا يمثلون أرواح الملوك الذين غيروا، وقد مثلت هنا لتكون في خدمة المتوفى، وكانت من قبل في خدمة الملوك والآلهة فقط.
وفي الحجرة الثانية من هذا القبر نجد كل مناظرها ذات طابع ديني تمثل مناظر من عالم الآخرة، وعددًا من الآلهة من الذين يوجدون في كتاب الموتى وعلى توابيت الدولة الحديثة.
أما حجرة الدفن فقد مثل عليها منظر ظهر فيه «أوزير» على نعش تكنفه كل من الإلهتين «نفتيس» و«أزيس» الأولى عن يمينه، والأخرى عن يساره.
مقبرة «تانفرت باست» زوج ثاتي
تقع هذه المقبرة على مسافة قريبة جدًّا خلف مقبرة زوجها، وتدل حالة المقبرة على أنه لم يكن قد تم نحتها، ولم يلون من القبر إلا جزء صغير، ويشاهد في الحجرة الداخلية صاحبة المقبرة تقودها الإلهة «أزيس»، ومعها أختها «نفتيس» إلى الإله «أوزير»، وتدل شواهد الأحوال على أن القبر لم يكن قد تم عند موت صاحبته.
مقابر «قعرت سليم» المنحوتة في الحافة الشرقية لجبل «البويطي»
- مقبرة «زدأموتف عنخ»: ويلحظ أنه لم يوجد أثر مقصورة لهذه المقبرة، وتحتوي على
قاعة ذات أربعة عمد، وقد نهبت المقبرة في العهد الروماني،
واستعملت للدفن ثانية، غير أنه من حسن الحظ لم تشوه نقوشها
كثيرًا، وقد نهبت من جديد في عصرنا الحديث، وأخيرًا نظفها
من جديد «الدكتور أحمد فخري» ونشر نقوشها. وتحتوي حجرة
الدفن على غرفة مربعة تقريبًا يصل إليها الإنسان بوساطة
بئر عمقها حوالي خمسة أمتار. وقد حفظت لنا كل نقوشها إلا
ما كان في الجزء الذي قطع فيه المدخل للدفنة المتأخرة، فقد
هشم، ولا تزال هذه النقوش حافظة لرونقها. ومما تجدر
ملاحظته في نقوش هذه المقبرة أن اسم صاحبها «زدأموتف عنخ»،
قد ذكر مرات عدة دون أن يذكر معه أي لقب أو وظيفة من
الوظائف التي كان يحملها في حياته الدنيا، كما هي العادة
تقريبًا في كل المقابر التي عثر عليها في كل أنحاء وادي
النيل، ولعل السبب في ذلك هو أن «زدأموتف عنخ» هذا كان
تاجرًا من أصحاب اليسار من الذين كانوا يتجرون بين وادي
النيل والواحات وغيرها من البلدان المجاورة؛ ولذلك لم يكن
موظفًا في الحكومة ولم يحمل من أجل ذلك لقبًا معينًا. وتدل
شواهد الأحوال على أن هذا هو على أغلب الظن السبب الحقيقي
لهذه الظاهرة، إذ سنجد أن ابنه الذي يدعى «بان ننتي» الذي
يوجد قبره بجوار قبر والده لم يحمل أي لقب كذلك في النقوش
التي تركها لنا على قبره، وهذا يعني أنه كان كوالده تاجرًا
حرًّا ولم يكن قط موظفًا.
ومما تجدر ملاحظته في نقوش هذا القبر أن مدخله قد زُيِّن بنقوش ومناظر كالتي الإله «حور» على اليسار وصورة الإله «تحوت» على اليمين، وكل منهما يصب ماء الطهور كأن صاحب المقبرة كان ملكًا، وهذه الظاهرة كما ذكرنا من قبل أن دلت على شيء، فإنما تدل على منتهى الديموقراطية في عالم الآخرة التي قامت في مصر على أعقاب الثورة الاجتماعية بعد سقوط الأسرة السادسة.
والمناظر التي في الحجرة الداخلية مأخوذة من كتاب الموتى، الذي كان غالبًا ما يكتب معظمه أو بعضه، ويوضع مع المتوفى على إضمامة من البردي، والظاهر هنا أن المتوفى كان يحرص على أن تكون معه فصول بعض هذا الكتاب في قبره بصورة ثابتة، فنقشها على الجدران يضمن بقاءها أكثر من كتابتها على البردي، الذي كان قابلًا للتلف بسرعة، وبخاصة أن عبادة الإله «أوزير» إله الآخرة كانت منتشرة بصورة بارزة في الواحات لقربها من مقر عبادته وهو «العرابة المدفونة». وقد خلت المقبرة من المناظر الدنيوية التي كنا نراها في مقابر الدولة الحديثة، واقتصر الأمر على المناظر الدينية البحتة.
وفي مدخل المقبرة نشاهد كاهنين يحملان آنيتين، كما نشاهد متونًا تحدثنا عن القرابين التي تقدم للمتوفى، ثم نشاهد بعد ذلك ثماني نائحات صورن على مدخل الحجرة أربعًا على كل من الجانبين، ويرتدين ملابس بيض، وهي لباس الحزن عند المصريين القدامى. ونشاهد بعد ذلك على الجدار الشرقي للحجرة أولاد «حور» الأربعة، وهم «دواموتف» و«كبحسنوف» و«أمستي»، ثم «حابي»، وهم الآلهة والذين كان يوكل إليهم حفظ أحشاء المتوفى منذ ظهورهم بصورة واضحة في عهد الدولة الوسطى، وقد كانوا يرسمون بوصفهم ذكورًا، غير أنه قد رسم هنا منهم اثنتان في صورة أنثيين وهما «حابي» و«أمستي»، وتحملان آنيتين، أما الاثنان الآخران وهما «دواموتف» و«كبحسنوف»، فقد مثلا في هيئة رجلين يهرولان وفي يد كل منهما سكين، كأنهما يَدْرَآنِ الخطر عن المتوفى، وهذه ظاهرة جديدة في وظائف أولاد «حور».١٧ والمناظر الباقية على جدران هذه المقبرة ليس فيها ما يلفت النظر، بل كلها مناظر دينية عادية. - مقبرة «بان ننتي» أو «بناتي» بن «زدأموتف عنخ»: توجد مقبرة «بناتي» بالقرب من مقبرة والده «زدأموتف عنخ»
وبئرها على مسافة خمسة عشر مترًا من بئر «زدأموتف عنخ» من
جهة الغرب، وليس هناك أي أثر لوجود مقصورة لهذه المقبرة،
وتبلغ عمق البئر ستة أمتار، وفي نهاية البئر فتحتان أهمهما
هي التي في الشمال، وتؤدي إلى حجرة الدفن التي تحتوي على
قاعة ذات عمد وثلاث كوات مسدودة، واحدة منها منقوشة
جدرانها. وعلى الرغم من أن المقبرة قد نهبت في العهد
الروماني، واستعملت ثانية فإن نقوشها قد حفظت حفظًا جيدًا،
هذا بالإضافة إلى إتقان نقوشها. وعندما أعاد فتحها الدكتور
«أحمد فخري» لم يجد فيها أية آثار.
وأهم المناظر التي صورت على جدران هذه المقبرة في القاعة ذات العمد ما يأتي: منظر يرى فيه صاحب المقبرة يقوده «أيونموتف» (عمود أمه) والإله «أنوبيس» إلى الآلهة «أوزير» و«أزيس» و«حور»، ثم يشاهد المتوفى على الجدار الغربي واقفًا وأمامه مائدة قربان يحملها المتوفى راكعًا كأنه نفسه مائدة أمام الإلهين «حور أختي» والإلهة «عبعأست» على رأسها قنفذ، وقد كتب أمامها «عبعأست» الإلهه العظيمة سيدة السماء وسيدة الآلهة. وقد كان القنفذ في مصر القديمة يعد حيوانًا مقدسًا، وقد استعملت صورته تعاويذ سحرية.
وعلى الجدار الشرقي الذي يقابل المنظر السالف الذكر منظر آخر مثل فيه المتوفى يقوده «أيونموتف» و«أنوبيس» إلى الإلهين «آمون» و«حورسا أزيس». وقد نقش أمام «أنوبيس»: «أنوبيس» رب الأرض العالية (أي: المقدسة)، والإله العظيم صاحب «حزت». ولا بد أن «حزت» هذه تعني المكان العالي الذي فيه الجبانة في هذه الجهة، ولدينا نظير يشبه هذا التعبير في مقبرة «دبحني» بالجيزة، وذلك عندما كان يتحدث عن هرم الملكة «خنتكاوس».١٨هذا ويشاهد على نفس الجدار ستة رموز لآلهة كل منها على حامل وهي الآلهة: نجدها في المعابد ومقابر الملوك، فنجد مثلًا أنه قد زين عارضتي باب القبر بصورة «وبوات» (فاتح الطريق)، (٢) «حور»، (٣) «أبيس»، (٤) «نفرتوم»، (٥) «رع حور أختي»، (٦) الإله «خنسو»؛ كما يشاهد على الجهة اليسرى ستة آلهة على حوامل أيضًا، وهي كالسابقة عدا رمز الإله «نفرتوم»، وكذلك نرى رمز الإله «نفرتوم» على حامل، وتقف كل من «أزيس» و«نفتيس» على الجانبين ناشرتين أجنحتهما حامية لهذا الرمز، وهذا المنظر غريب في بابه في مناظر مقابر أفراد الشعب.
هذا ويرى على نفس الجدار في الصف الأعلى الإله «أنوبيس» يحنط مومية المتوفى على مغسلة على جانبيها إلهتان، وفي الصف الأسفل نشاهد المومية تتعبد إليها كل من «أزيس» و«نفتيس» في حضرة كل من «أوزير وننفر» و«حورسا أزيس». ويلفت النظر هنا أن «أوزير وننفر» لم يمثل في هيئة مومية، بل في هيئة إله يخطو إلى الأمام. وعلى الجدار الشمالي نشاهد سفينة الشمس تجرها آلهة في صورة أبناء آوى، ويحملها الإله «شو» (إله الهواء) وأربعة آلهة آخرين، ويتعبد إليها آلهة وثامون بلدة «الأشمونين» وهم آلهة مثلوا في صورة قردة. وقد صور على عمد القاعة الإله «جب» إله الأرض والإلهة «نوت» إلهة السماء، والإله «منديس بانبددو» في صورة كبش (إله تمي الأمديد الحالية) والإلهة «عبعأست» و«أوزير وننفر» و«أزيس»، وروح الإله «شو» إله الفضاء ثم الإلهة «تفنوت» إلهة الرطوبة.- حجرة الدفن: يشاهد في مدخل هذه الحجرة على العتب الخارجي
الشمس المجنحة، ومعها متن يخاطب الإله «أوزير»، وعلى
عارضتي الباب يشاهد الإله «تحوت» على اليسار والإله
«حور» على اليمين يطهران المتوفى. ويشاهد قبالة
المدخل في وسط الجدار سطر من النقوش، وعلى يمين
ويسار الجدار منظر قاعة محاكمة «أوزير» للمتوفى ووزن
قلبه، وعلى اليسار يوجد منظر آخر يمثل فيه «أوزير»
جالسًا على عرشه، كما يشاهد صاحب المقبرة يتبعه عدد
من الآلهة يقدمون له القربان. هذا ويلحظ أنه على كلا
جانبي الجدار الجنوبي على اليسار وعلى اليمين من
المدخل مناظر ملونة، فعلى اليمين منظر تحنيط في الصف
الأعلى، وفي الصف الأسفل نشاهد الإلهة «نيت» قابضة
على قوسها، وقد لقبت «نيت العظيمة»، ويتبعها الإلهان
«أنوبيس» و«تحوت»، وفي الجانب الآخر يشاهد الإله
«حا» يقبض على حربته، ويلحظ أن كلًّا من الإلهين
«حا» و«نيت» كان مستعدًّا لمهاجمة الأعداء الذين
يريدون شرًّا بمومية المتوفى، وبذلك كانا يحميانها
من كل خطر يتهددها.
ومما هو جدير بالملاحظة هنا أن الإلهة «نيت» لم يأتِ ذكرها في النقوش التي كشف عنها في الواحات حتى الآن، إلا في هذا المتن الديني الخاص بالعالم السفلي، وكنا ننتظر انتشار عبادة هذه الإلهة في الواحات التي قام بتعميرها «أحمس» الثاني، الذي يعد نفسه أبًا لها إذ يدعى «أحمس سانيت»؛ أي «أحمس بن نيت». ولعل السبب في ذلك يرجع إلى ضعف نفوذ كهنة صا الحجر وقتئذ، وطغيان سلطان كهنة آمون في هذا العهد، وسنرى بعد أن ملوك الأسرة السادسة والعشرين كانوا يخشون بأس كهنة آمون الذين كانوا قد تسلطوا على البلاد بدرجة عظيمة في عهد الأسرة الخامسة والعشرين، وهي التي كان ملوكها متمسكين بعقائد آمون وتعاليمه بدرجة التعصب الذي ما بعده تعصب.
- حجرة الدفن: يشاهد في مدخل هذه الحجرة على العتب الخارجي
الشمس المجنحة، ومعها متن يخاطب الإله «أوزير»، وعلى
عارضتي الباب يشاهد الإله «تحوت» على اليسار والإله
«حور» على اليمين يطهران المتوفى. ويشاهد قبالة
المدخل في وسط الجدار سطر من النقوش، وعلى يمين
ويسار الجدار منظر قاعة محاكمة «أوزير» للمتوفى ووزن
قلبه، وعلى اليسار يوجد منظر آخر يمثل فيه «أوزير»
جالسًا على عرشه، كما يشاهد صاحب المقبرة يتبعه عدد
من الآلهة يقدمون له القربان. هذا ويلحظ أنه على كلا
جانبي الجدار الجنوبي على اليسار وعلى اليمين من
المدخل مناظر ملونة، فعلى اليمين منظر تحنيط في الصف
الأعلى، وفي الصف الأسفل نشاهد الإلهة «نيت» قابضة
على قوسها، وقد لقبت «نيت العظيمة»، ويتبعها الإلهان
«أنوبيس» و«تحوت»، وفي الجانب الآخر يشاهد الإله
«حا» يقبض على حربته، ويلحظ أن كلًّا من الإلهين
«حا» و«نيت» كان مستعدًّا لمهاجمة الأعداء الذين
يريدون شرًّا بمومية المتوفى، وبذلك كانا يحميانها
من كل خطر يتهددها.