المقدونيون
وهكذا نرى من النظرة العامة التي ألقيناها على تاريخ بلاد اليونان، أن السيادة في هذه البلاد كانت أولًا في يد «أرجوس»، ثم انتقلت إلى «أثينا» وبقيت في يدها مدة طويلة، ثم انتقلت من يدها إلى قبضة «أسبرتا» وأخيرًا كانت في يد «طيبة». ولا نزاع في أن حب النفس والغيرة، وتنازع السلطان بين هذه المدن قد انتهى باضمحلال البلاد جميعها، وجعلها فريسة لرجل قوي الشكيمة حازم يعرف كيف يعمل بحذر ومهارة. وقد كان هذا البطل متربصًا في بلاده ينتظر الفرصة، وأعني به ملك بلاد «مقدونيا» الواقعة على حدود بلاد الإغريق الشمالية والشمالية الشرقية.
(١) الإسكندر الأكبر
ولا نزاع في أنه لا يوجد بين أبطال العالم القديم من محاربين، أو رجال سياسة بما فيهم «يوليوس قيصر» نفسه من اشتهر مثل «الإسكندر»، كما أنه لا يوجد من بينهم من غير بعمق مثاليات الناس في تفكيرهم من وجهة حكومة الدول، ومن وجهة حكومة العالم أو الشعوب أو الرجال أو الطبيعة أو الله، كما لا يوجد من أثر بصورة قوية على خيال الذين أتوا بعده، سواء أكانوا أمراء أو مفكرين أو كتابًا أو قصاصين مثله. وأول شيء هو أن ندرك مقدار عظم التغيرات التي قام بها، وكيف وصل إلى تنفيذها، وبعد ذلك يأتي السؤال الذي يعد أصعب وأشد تعقيدًا وهو: ما نوع هذا الرجل الذي أنجز كل ذلك؟ وليس بكافٍ أن نضع جوابًا على ذلك قائمة بصفاته ثمينها وغثها، كأننا نضع تقريرًا عن أخلاق تلميذ في المدرسة؛ لأنك عندما تحصي كل صفاته الحسنة فماذا أنت صانع بنقائصه؟ هل تضاف إلى صفاته الأخرى أو تطرح منها؟ أليس من البدهي أن عظماء رجال التاريخ قد أنجزوا ما أنجزوه؛ لأنهم بشر مثلنا كذبوا وطمعوا، ولأنهم كان لهم لحظات خرقهم مثلنا، ولأنهم أفرطوا في الشراب أو أهملوا واجبهم؟ والواقع أنه كلما كثر عدد أخطاء الرجل العظيم، وكلما أصبحت نقط ضعفه ظاهرة، فإن ذلك يكون حافزًا أكبر لك لتبحث عن القوة الحقيقية التي ساعدته على أن يصل إلى كل ما وصل إليه من أعمال جبارة، ولكن يحتمل بعد كل ما يقال أنه لا بد أن نعترف أننا لا نعرف ما هي العبقرية، وأن العبقرية في الرجل هي التي تعمل معظم ما يأتيه من عظيم الأمور. ويمكننا حقًّا أن نتعرف على العبقرية، وأحيانًا نرى أنه حتى أخطاء صاحبها تنبع منها، وتساعده على ذلك الاتفاق الغريب مع الناس مما جعلهم يعتقدون فيه، ويتحولون إلى مساعدين متهيئين إلى إنجاز خططه العظيمة.
التعبئة لمحاربة الفرس
أمضى «الإسكندر» السنتين الأوليين بعد موت والده في تحصين تخوم بلاده، وجعلها في مأمن من أي غارة مفاجئة، ثم جعل كل الحكومات الإغريقية تعترف وتقبل قيادته لها. وكان عندئذ قادرًا وهو في سن الثانية والعشرين على أن يزحف على الشرق؛ لتنفيذ خطة والده «فيليب» الذي كان محط آماله غزو بلاد الفرس.
وكان «دارا الثالث» ملك الفرس وقتئذ شخصية جميلة لها وقع على النفس، غير أنه كان لا يقرن «بدارا العظيم» الذي قام بالحروب الفارسية الأولى على بلاد اليونان وغيرها. وكانت ثروته تصل إلى حد الخرافة في ضخامتها، وكان أسطوله عظيمًا ذا شهرة واسعة وجيشه البري عظيمًا غير أنه كانت تنقصه خفة الحركة، وإمبراطوريته تمتد من مصر وآسيا الصغرى إلى الهند. وفي مقابل ذلك كان «الإسكندر» لا يملك إلا جيشًا صغيرًا نسبيًّا، ولكنه كان جيشًا حسن النظام يشد ظهره أسطول صغير، ودخل معتدل من مناجم الفضة في بلاده، والمراعي والغابات، وعلى أية حال فإن هذا البطل كان عنده من الشجاعة، وحسن القيادة وقوة الإيمان بنفسه ومصيره ما جعله يقدم على تنفيذ مقاصده دون خوف أو وجل. ألم توحِ إليه كاهنة «دلفي» مرة قائلة: «يا بني إنك لا تُقهر.»
حملته على آسيا الصغرى
وأصبح الآن طريق «الإسكندر» يتجه داخل بوابات «سليسيه» — وهو ممر في الجبال غاية في الضيق حتى إنه قيل: إن جلالته لا يمكنه أن يمر فيه إلا بعد رفع ما عليه من أثقال — وكان هذا الممر محروسًا بحامية هربت عند اقتراب «الإسكندر» تاركة الطريق مفتوحة إلى «ترسوس»، ومن ثم إلى سوريا.
دخول سوريا
وفي خلال ذلك كان «دارا» زاحفًا لصد تقدم «الإسكندر»، وفي الحال تقابل الجيشان عبر نهر في سهل «أسوس» عام ٣٣٣ق.م، وبخطط «الإسكندر» الماهرة أمكنه أن يجعل الجيش الفارسي يصطف في مساحة ضيقة جدًّا بالنسبة لعظم عدده الضخم. ولكن مع ذلك فإنه قد دارت حرب قاسية، استمرت إلى أن أعلن أن «دارا» قد ولى هاربًا، وعندئذ أخذ كل الجيش الفارسي في التقهقر، فاستولى «الإسكندر» وجنوده على معسكرهم، وانقض الجيش المنتصر على الغنيمة غير أن سرادق «دارا» وعربته حفظتا «الإسكندر». ويقول «بلوتارخ»: وهنا عندما رأى «الإسكندر» أحواض الاستحمام وصناديق العطور كلها من الذهب المشغولة شغلًا عجيبًا، واستشنق عبير الروائح التي عطر بها كل المئات تعطيرًا جميلًا، ومن ثم انتقل إلى إيوان عظيم الحجم شاهق الارتفاع، حيث كانت الأرائك والموائد والاستعداد لوليمة غاية في الأبهة والعظمة، عند ذلك التفت إلى من حوله، وقال: «هذه هي على ما يظهر الملكية.» وسمع «الإسكندر» ولولة في السرادق الملاصق، وعندما علم أنها آتية من أم الملك «دارا» وزوجه وابنتيه أرسل رسولًا ليخبرهن أن «دارا» لا يزال على قيد الحياة، وأنهن أنفسهن لا خطر عليهن. لم يقف «الإسكندر» أثر «دارا» في هربه شرقًا بل ولى وجهه جنوبًا شطر سوريا، ثم انحدر إلى ساحل «صور»، وهي قاعدة بحرية قوية على جزيرة تبعد نصف ميل من الشاطئ فحاصرها، وبعد مقاومتها سبعة أشهر مقاومة اليائس استولى عليها بالهجوم.
غزو مصر
وبعد أن فتح سوريا وفلسطين زحف على مصر التي كانت وقتئذ تؤلف جزءًا من أملاك الفرس، فسلمت له واعترفت به فرعونًا على مصر. وفي أثناء إحدى سفراته في هذه البلاد المصرية مر بقرية صيد أسماك على دلتا النيل، وهنا أسس مدينة إغريقية أسماها «الإسكندرية»، وهي إحدى المدن العديدة التي منحها اسمه، ولكنها تفوق بكثير سائر المدن التي لقبت بهذا الاسم من حيث العظمة والشهرة وحسن الموقع. وكان يوجد في غربي النيل معبد شهير يوحي للإله المصري «آمون». وبعد سفر ثمانية أو عشرة أيام في الصحراء وصل «الإسكندر» إلى واحة «سيوة» المشهورة بعيون مائها وينابيعها ونخيلها وزيتونها، وهناك كان مقر الوحي، فاستقبله الكهنة بوصفه «ابن الإله»؛ وذلك لأن كل الفراعنة كانوا يعدون من أصل إلهي، ولم يكشف «الإسكندر» لأي فرد ما قيل له في المحراب، غير أنه قد سمع ما قيل له وحده. والظاهر أن ترحيب الكهنة وما أوحى به الوحي كان صدى ما يشعر به في قرارة نفسه، وهو أنه كان صاحب قوة ومستقبل يفوقان ما لأهل البشر العاديين، والواقع أنه قد حطم سلطان الفرس حول البحر الأبيض المتوسط. والآن أخذ على عاتقه أن يفتح إمبراطوريتها إلى أقصى حدودها.
سار «الإسكندر» شرقًا وعبر الفرات إلى نهر الدجلة حيث هزم «دارا» في واقعة «جاوجاملا» (٣٣١ق.م) وهي قرية على مقربة من «أربلا»، وهرب «دارا» ودخل «الإسكندر» عواصم بلاده فاستولى على «بابل» ثم «سوسا»، ومن ثم إلى «برسبوليس» التي أخذها بالهجوم عنوة. وقد أصبح بعد ذلك ما تحتويه هذه المدن العظيمة من ثروة مدهشة ملكًا له، فقد استولى منها على ثمانين ومائة ألف تلنت من الذهب والفضة مسكوكة وغير مسكوكة، وعلى كميات من صبغة الأرجواني وكنوز أخرى. ويقول «بلوتارخ»: «إن الغنائم من «برسوبوليس» كانت عظيمة لدرجة أنه كان يلزم لحملها ما لا يقل عن ألف بغل وخمسة آلاف جمل.» وقد طارد «دارا» ولحق به في الإقليم الواقع جنوبي بحر قزوين، ولكنه وجد أنه جرح جرحًا مميتًا بيد أحد شطاربته ورفاقه المتآمرين معه، وقد احتفل «الإسكندر» بدفن «دارا» احتفالًا يليق بملك، ومن ذلك الوقت أخذ يعد نفسه ملك الفرس.
كان جيش «الإسكندر» حتى هذه اللحظة طوع بنانه، وكان هو من جانبه يشاطرهم متاعبهم، وعُني بما فيه إسعادهم، فمنحهم مكافآت وأقام لهم المسابقات والأعياد، وكان يهيئ لهم أسباب الراحة بين أوقات الزحف والمعارك، ولكن الآن كان «الإسكندر» يدبر في عقله خطة عظيمة لم يكن في استطاعتهم فهم مغزاها أو مراميها.
وكان «الإسكندر» يحب الثقافة الإغريقية ويعجب بها — لغتها وآدابها وفنها وكل العلوم الخاصة بها مما لقنه إياها «أرسطو» في صباه — فأراد أن ينشر هذه الثقافة في كل مكان، وكذلك رأى أنه لا يمكن اعتبار الفرس مجرد قوم همج وأراد أن يضم معًا الفرس والإغريق بما في ذلك أحسن ما في الأمتين من ثقافة وعرفان، ويؤلف منهما ملكًا واسعًا يكون هو ملكًا على رأسه. فملأ أولًا الثغرات في جيشه بجنود من الفرس، وأعطى أشرافهم نصيبًا في حكم المديريات المقهورة، ولكن ذلك أغضب كثيرًا من أتباعه ومن ثم ظهر أول تذمر وعدم رضا بين جنوده. وكان رجاله قد جمعوا غنيمة كبيرة، وأخذ الملل من الحرب يتسرب إلى نفوسهم واشتاقوا إلى العودة إلى أوطانهم التي تركوها منذ أربعة أعوام مضت، وكرهوا الرعاية والإكرام اللذين أظهرهما الملك للفرس، كما كرهوا طرقهم الشرقية وسجودهم على وجوههم أمام الملك كأنه إله، وكذلك لم يستسيغوا الملابس الشرقية الفاخرة التي كان يقابلهم بها. وكان الناس قد أظهروا عدم الرضا، حتى إن بعض أصدقاء «الإسكندر» قد اتهم بالعصيان الذي من أجله حكم عليه بالإعدام. ولا نزاع في أن المعارك وزحف الجيوش من مكان إلى مكان، والتنظيم الذي كان لا نهاية له، وتأسيس المدن، وكذلك تأثير جروحه كان له مفعول عظيم على أعصابه، وقد ظهرت نتيجة ذلك فيما بعد في ساعة انفعال نفسي. فقد قتل صديقه «كليتوس» في وليمة سرت نشوة الخمر فيها على لبيهما، وذلك بسبب بعض كلمات ازدراء، ولكن «الإسكندر» لم يغفر لنفسه هذه الزلة فيما بعد.
الزحف على الشرق الأقصى والعودة إلى الوطن
عبر بعد ذلك «الإسكندر» جبال «هندوكوش» المغطاة بالثلوج إلى أعالي وادي «نهر السند»، وقد قام هناك بالعجائب التي يطول شرحها، وسنذكر واحدة من مخاطراته هناك، تلك هي المعركة التي دارت بينه وبين «بوروس» ملك أحد أجزاء البنجاب الحالية. فيحدثنا «بلوتارخ»: «أن ارتفاع قامته كان حوالي سبع أقدام، وأنه عندما ركب فيله الضخم ظهر أنه كان متناسبًا مع ركوبته كتناسب الفارس مع جواده.» وقد تغلب «الإسكندر» عليه بعد مصاعب كبيرة في واقعة حمي وطيسها، وعندما أخذ «بوروس» أسيرًا، وسأله «الإسكندر» عما يريد أن يعامل به أجابه: «كملك.» وعلى الرغم من أن بلاده كانت ستصبح وقتئذ جزءًا من أملاك مقدونيا، فإن «الإسكندر» نصبه ملكًا على بلاده وفوق ذلك أعطاه أراضي أوسع ليحكمها. وبعد ذلك مباشرة مات جواد «الإسكندر» الشهير المسمى «بوسفالوس»، فأسس مدينة تذكارًا لاسمه تسمى «بوسفالوس» بالقرب من مكان واقعته التي حاربها على نهر السند.
وكانت المملكة التي خلف نهر السند معروفة بصورة مبهمة، ولم يكن لدى «الإسكندر» فكرة عن أن بلاد الهند تمتد جنوبًا، وأن آسيا تمتد بعيدًا إلى جهة الشرق، فقد تاقت نفسه إلى كشف مجاهلها حتى نهر «الكنج»؛ ليرى ماءه يصب في المحيط الذي يحيط بالأرض؛ وكذلك كان يرغب في أن يعرف شيئًا عن المناجم، والنباتات والحيوانات ويفتح طريق تجارة، وكذلك يخضع هذه البلدان لحكمه. عند هذه النقطة أبى رجاله أن يسيروا معه إلى أبعد من ذلك، فقد كانت الحرب الأخيرة مع «بوروس» قد قضت على ما كان عندهم من شجاعة، وبخاصة أنهم قد سمعوا أن نهر الكنج البعيد يبلغ عرضه أربعة أميال وعمقه ستمائة قدم، وأن الشاطئ المقابل كان مزدحمًا بالجنود، هذا فضلًا عن ستة آلاف ميل. والواقع أن هؤلاء الجنود قد قطعوا على الأقدام ما يقرب من اثني عشر مائة ميل في ثمانية أعوام، وصمموا على أنهم لن يسيروا خطوة واحدة أبعد من ذلك، فاضطر «الإسكندر» أمام ذلك إلى أن يخضع وأعطى الأوامر بالتقهقر. وقد ذهب هو وحرسه في جولة طويلة للارتياد حتى وصل إلى مصب نهر السند، ومن ثم عبر صحراء «جدروسيان»، وفي النهاية تقابلت كل قواته عند «بابل»؛ ولكن هنا أصيب «الإسكندر» بالحمى، وبعد اثني عشر يومًا مات في صيف عام ٣٢٣ق.م وهو في الثانية والثلاثين من عمره تقريبًا.
فماذا نصنع في «الإسكندر» وأعماله المدهشة؟ ولدى الإغريق حكمة محببة، وهي: «لا شيء في الإفراط.» وقد كان «الإسكندر» في أعينهم فوق المبالغة والإفراط، وتلك نقيصة نمت فيه في فتوحه الأخيرة، ولكن مع ذلك لا يمكن لأحد أن ينكر عليه حبه للثقافة الإغريقية وقوته الخارقة لحد المألوف، وهي التي كان يمكن أن تستعمل في توحيد كل العالم الإغريقي بروابط السلام لولا أن الموت اختطفه. وعلى أية حال فإن الحرب كانت في أيامه قضية مسلمًا بها، وكانت أفكاره بطبيعة الحال متجهةً إليها. و«الإسكندر» لم يكن قائدًا عبقريًّا وحسب، بل كان له عقل فاق عقول رجال آخرين، من حيث القوة وسرعة الفهم بالإضافة إلى الحيوية والشجاعة في إبراز خططه البعيدة المدى إلى حيز العمل. ويمكن أن يسمى بحق «الإسكندر الأكبر»؛ لا لأنه كان واحدًا من أعظم قواد التاريخ؛ بل لأنه نشر الثقافة الإغريقية والآراء الإغريقية في كل العالم الشرقي؛ ولأنه لو عاش لوحد العالم تحت لواء الحب والإخاء تحت حكمه، الذي دلت كل الظواهر على أنه كان عادلًا يرمي إلى تكوين أمة عالمية رائدها المحبة والسلام، وما أحوجنا إلى ذلك الآن.
(٢) العصر الهيلاني
لم يترك الإسكندر وارثًا شرعيًّا للفرس، ومن أجل ذلك تحارب قواده فيما بينهم مدة أربعين سنة سعيًا وراء أن يكون كل واحد منهم أميرًا على الإقليم الذي كان تحت إمرته. وقد قامت عدة ممالك بعده على أنقاض إمبراطوريته وأهمها وأطولها عمرًا مصر وسوريا ومقدونيا، أما الشرق الأقصى فقد عاد إلى حكم نفسه بنفسه في الوقت المناسب، وبقيت المدن الإغريقية تحت الحكم المقدوني، ولكنها كانت تتمتع بحرية كبيرة، «فأثينا» على الرغم من أن أيام عزها قد مضت كانت لا تزال مركز ثقافة عظيمة، أما الحروب بين المدن الإغريقية فقد استمرت. ونميل إلى التساؤل ما الجديد الذي أتى به «الإسكندر» بعد كل ذلك إلى العالم؟ والجواب عن ذلك هو كل جديد إذ إن العالم لم يعد نفس العالم الذي كان قبله بل لبس حلة جديدة، وسنرى ذلك إذا نظرنا إلى تاريخ مائتي السنة التالية. وهذه المدة تسمى «العصر الهيلاني»؛ بسبب الطريقة المدهشة التي بوساطتها أثرت آراء بلاد الإغريق العظمى — أي كل «هيلاس» — على كل العالم المتمدين.