الملك أحمس الثاني١
أحمس سانيت | خنم-اب-رع |
(١) أصل أحمس الثاني
تحدثنا فيما سبق أن الثورات التي قامت في مصر، تلك الثورات التي كان سببها النزاع الذي كان قائمًا بين «إبريز» وقائده «أحمس»، الذي أصبح فيما بعد ملكًا على مصر ويدعى أحمس الثاني، وذلك بعد أن خلع إبريز عن عرش الملك بمساعدة جنوده من المشوش. والواقع أنه بتولي أحمس هذا عرش الملك قد تغيرت الأسرة الحاكمة؛ لأنه لم يكن من دمها ولا من دم ملكي قط. ويحدثنا هردوت عن أمسيس فيقول: وبعد أن أنزل «إبريز» عن عرش الملك بهذه الصورة حكم مكانه «أمسيس»، الذي ينسب إلى إقليم سايس (صا الحجر)، واسم البلدة التي أتى منها هي «سيوف» (وهي قرية قريبة من «سايس»، ويحتمل أنها قرية «الصفة» الحالية التي تقع على مسافة ستة أميال من «سايس» (صا الحجر)). وقد أظهر له المصريون في بادئ الأمر الكره، ولم يشعروا من ناحيته باحترام كبير؛ لأنه كان فيما مضى شخصًا عاديًّا ولم يكن من أسرة لامعة، ولكنه فيما بعد أرضاهم بمخاطبته إياهم دون كبرياء.
(٢) الحالة السياسية والخارجية
لا نزاع في أن حالة البلاد الداخلية وما تفشى فيها من ثورات، وانشقاق بين أفراد الشعب من جهة، وما حدث من انقسام في الجيش من جهة أخرى قد أنهك قواها، وبث فيها روح الفوضى. وكانت هذه الفوضى قد عمت البلاد منذ باكورة عام ٥٦٩ق.م حتى عام ٥٧٦ق.م، بل يحتمل أنها كانت قد سبقت هذه السنة على أقل تقدير. وفي هذه الفترة العصيبة الحرجة من تاريخ البلاد تدخلت دولة أجنبية في شئون مصر، قاصدة الاستيلاء عليها، وقد كانت مصر وقتئذ في حالة ضعف وانحلال خطيرين.
وآية ذلك أنه في العام السابع والثلاثين من حكم العاهل «نبوخد نصر» ملك بابل هوجمت مصر بجيوش هذا العاهل، وذلك عندما كانت الحرب الداخلية بين «إبريز» و«أمسيس» على أشد ما تكون من عنف وقوة. ومما يؤسف له أن معلوماتنا التاريخية عن هذه الحملة البابلية قليلة جدًّا، إذ ليس في متناولنا عنها إلا قطعة من نقش بالخط المسماري محفوظة الآن بالمُتْحَف البريطاني.
وعلى الرغم من قلة الوثائق الخاصة بهذه الحروب، فإنه من المستطاع تصوير الموقف. وذلك أن العاهل «نبوخد نصر» قد انتهز فرصة قيام الفوضى في مصر؛ ليقوم بحملة حربية عظيمة على مصر، وبخاصة أن علاقته بها كانت على أسوأ ما يكون منذ عهد الملك «إبريز». وكان غرضه على ما يظهر أن يستعرض أمام المصريين بشيء من الأبهة والعظمة قوته الحربية الجبارة، محذرًا بذلك مصر ألا تفكر من جديد في القيام بأي تعدٍّ على أملاكه، ومن ثم نفهم أنه لم يكن في عزمه فتح مصر، كما كانت الحال في عام ٦٠٥ق.م وذلك في عام ٥٨٠ق.م كما سبق شرحه.
وعلى أية حال نجد هنا أن أمسيس قد تحول تمامًا عن سياسة «إبريز» الهجومية، وقد قدم مساعدته للوبيين أهل برقا على الإغريق، ولم يتحول أمسيس عن هذا المبدأ، ويلحظ ذلك عندما قامت الثورة في الفيقة في برقا، واستمرت حتى العهد الفارسي.
(٢-١) سقوط «مديا» ونتائجه
(٣) آثار أحمس الثاني في مصر
لا نزاع في أن معظم نشاط الملك «أمسيس» طوال مدة حياته في داخل البلاد كان منحصرًا في إقامة المباني العظيمة، والآثار الخالدة التي خلفها في طول البلاد وعرضها، فآثاره تمتد من أول الشمال الغربي للدلتا حتى جزيرة «سهيل» بأسوان هذا فضلًا عما أهداه من آثار لبلاد الإغريق، وهاك بعض هذه الآثار على حسب ترتيبها الجغرافي بقدر المستطاع.
(٣-١) لوحة من الجرانيت
(٣-٢) كوم أفرين
(٣-٣) أدفينا
(٣-٤) نبيشة
- (١)
المعبد الصغير الذي أقامه أحمس الأول، غير أنه لم تبقَ من آثاره في مكانها الأصلي إلا أجزاء كثيفة من رقعة مزدوجة في أساس الحرم بالقرب من واجهة المعبد، هذا بالإضافة إلى الجزء الخلفي للناووس الكبير، الذي ظل باقيًا منتصبًا في مكانه الأصلي على قطعة حجر رملي كوارتسيتي ترتكز بدورها على قطع أخرى من رقعة المعبد، وتدل الظواهر على أن هذا الملك قد استعمل في بناء هذا المعبد أحجارًا أخرى من المعبد الكبير المجاور له.
والظاهر أن مساحة هذا المعبد كانت أكثر من ٦٦ × ٣٧ قدمًا من الخارج. وقد وجد في رقعة هذا المعبد عدة قطع من الجرانيت الأحمر، نقش عليها مناظر قرابين وطغراءات، غير أنها لسوء الحظ قد محيت تمامًا. وقد وجد كذلك الجزء الأسفل من تمثال الإلهة «وازيت»، وهو مصنوع من الحجر السنيتي المصقول صقلًا جميلًا وعلى ظهر التمثال تقديم قربان يقوم به الملك رعمسيس الثاني. ومن حجم هذه القطعة يحتمل أن التمثال كان يبلغ في الأصل حوالي ٧٥٠ بوصة، وهذه القطعة بالإضافة لتاج الإلهة «وازيت» تلائم على ما يظهر الناووس الكبير المصنوع من الجرانيت، ويبلغ طوله حوالي ٩٠ بوصة، وعلى ذلك فإنه من المحتمل أن هذا التمثال كان في الأصل موضوعًا في المعبد الكبير، الذي أقامه رعمسيس الثاني، ويقع في هذه الجهة، ثم أخذ من مكانه، واستعمله أحمس الثاني من جديد بكتابة اسمه عليه.
(٣-٥) تمي الأمديد (تل الربع الحالية مركز السنبلاوين)
(٣-٦) سايس (صا الحجر)
والمطلع على الآثار المصرية لا يدهش مما ورد في هذه القصة، فإن هذه الحجرة لا تخرج عن كونها محرابًا (ناووسًا) ضخمًا مكونًا من حجر واحد قطعه أمسيس من الفنتين؛ ليضع فيه تمثال الإلهة نيت على ما يظن، وبخاصة أن هذا العصر كان مشهورًا بالمحاريب (النواويس) الكبيرة للآلهة بدلًا من المعابد الضخمة. أما السبب الذي حدا به إلى عدم جر هذا الحجر إلى داخل المعبد، فهو الشفقة والرحمة برعاياه في كلتا الحالتين، فقد أشفق على مهندسه من الإعياء كما يجوز أنه في الحالة الثانية قد خاف من تكرار مأساة هرس فرد أو أفراد آخرين في أثناء جر هذا الحجر إلى داخل المعبد.
هذا ويوجد كذلك في سايس تمثال آخر مماثل للسابق بنفس الوضع الذي عليه تمثال منف. وكان أمسيس كذلك هو الذي بنى معبد أزيس في منف، وهو فسيح الأرجاء ويستحق الذكر.
(٣-٧) طنطا
وعلى الرغم من أنه حتى الآن لم يكشف عن أشياء من العصر الفرعوني في هذه البلدة، فإن من المؤكد أن طنطا مثلها مثل مدن أخرى كسمنود وبلبيس، وكثير غيرها من مدن الدلتا مبنية على أكوام قديمة.
(٣-٨) المحلة الكبرى
(٣-٩) تل بسطة
(٣-١٠) تل أتريب
وعلى الجدار الذي على اليمين نشاهد «رع حرمخيس»، وأتوم وشو وتفنوت وجب ونوت (على الصف الأول آ). ونشاهد على الصف الثالث الآلهة «بتاح» و«ماعت»، وتحوت وأربع إلهات في صورة حتحور.
ونشاهد على الجدار الأيسر: الإله بتاح (في الصف الأول)، والإلهين «آمون» و«خنسو» في (الصف الثاني) ثم الآلهة «نيت» و«وازيت»، و«الأسد محوس» (في الصف الثالث).
ونشاهد على الجدار الأمامي ثمانية الآلهة الأزلية في أربع مجاميع، وكل مجموعة تؤلف من ذكر برأس ضفدع ومن أنثى برأس ثعبان (في الصف الأول)، ويوجد في الصف الثاني الإلهان «ماعت» و«آمون».
يعيش حور (سمنت ماعت = مثبت العدالة) (ملك الوجه القبلي والوجه البحري) خنم اب رع، عمله بمثابة أثر لوالده فم ور (أي: الأسود العظيم = لقب لثور تل أتريب) الإله العظيم المشرف على حقل الطعام، وهو ناووس فاخر من حجر بخن عمله …
وقد زين الجزء الأسفل من سقف هذا الناووس بنماذج من ريش، ثم باسم الملك ولقبه والجزء الأعلى من السقف مزين بأصلال.
ويشاهد الملك مصورًا على الجدار الأيمن يتعبد أمام الآلهة. كما تشاهد مجموعة من أشخاص جالسين على سرير. وتتألف من رجل قاعد بين امرأتين على سرير في صورة أسد.
وكذلك نشاهد إلهة على عرشها، وقد نقش فوق ذلك في سطر أفقي عند فاخر، ثم يأتي على أثر ذلك ثلاثة آلهة على عروشهم، وقد نقش فوقهم خط أفقي جاء فيه: الآلهة الذين في البيت العظيم (القصر). وعلى الجدار الخلفي للناووس يشاهد الملك أمسيس يأتي بالنبيذ أمام الآلهة متعبدًا.
(٣-١١) هليوبوليس
وجد لهذا الفرعون تمثال راكع من البرونز، وفي يده إناء ونقش عليه اسمه.
(٣-١٢) السربيوم
حور سمن ماعت (أي: مثبت العدالة) ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خنم-اب-رع»، لقد أهدى أثره لأبيس الحي (= تابوتًا من الجرانيت)، والآن لقد وجد (جلالته) أنه لم يكن يعمل من حجر ثمين لأي ملك، وفي أي زمن؛ لأجل أن يعطى الحياة مخلدًا.
والآن فإن جلالته كان بره مثل البر الذي عمله حور لوالده أوزير، فقد صنع له (أي: لأبيس) تابوتًا عظيمًا من الجرانيت. والآن فإن جلالته وجد أنه (أي: التابوت) لم يكن قد صنع من حجر ثمين لأي ملك في أي زمن مضى.
والذين أمام تحوت قد ذبحوا بالسكين الآتية من «الإله ست». وإنك تعطي ساعدك للموتى، وللأرواح التي ستأخذ ساعدك إلى أول الغرب (= أوزير).
(أ) لوحة للعجل أبيس بالسربيوم من عهد «أمسيس»
السنة الثالثة والعشرون الشهر الأول من الفصل الثالث (الشهر التاسع من السنة) اليوم الخامس عشر في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري خنم اب رع (أمسيس) معطى الحياة أبديًّا.
دفن العجل
إن الإله قد اقتيد في سلام إلى الغرب الجميل؛ لأجل أن يأخذ مكانه في الجبانة في المكان الذي عمله له جلالته الذي لم يعمل مثيله من قبل، وذلك بعد أن عمل له ما يعمل في البيت الطاهر (مكان التحنيط).
تأمل لقد كان في ذاكرة جلالته كيف فعل «حور» لوالده «أوزير»؛ ولذلك عمل تابوتًا عظيمًا من الجرانيت. تأمل لقد وجد جلالته أنه من الخير أن يعمله من حجر ثمين لم يعمل منه كل الملوك في كل زمان. وقد عمل كفنًا من كتان رستت ومحتت السري (مكانان يؤلفان جزءًا من بلده سايس المقدسة)، ووضع معه تعاويذ وكل حلي من الذهب، وكل حجر فاخر ثمين وكانت أجمل مما عمل من قبل (على يد ملوك آخرين)؛ لأن جلالته أحب أبيس الابن الحي العائش أكثر من أي ملك (آخر).
حياة أبيس
إن جلالة هذا الإله قد ذهب إلى السماء في السنة الثالثة والعشرين الشهر الثالث من الفصل الثاني (الشهر الرابع) اليوم السادس، وكان قد ولد في السنة الخامسة الشهر الأول من (الفصل الأول) اليوم السابع، وقد وضع في بيت «بتاح» في الشهر الثاني من الفصل الثالث (الشهر العاشر) اليوم الثامن عشر، ومدة الحياة الجميلة (التي عاشها) هذا الإله الكامل كانت ثماني عشرة سنة وشهرًا وستة أيام «أحمس بن نيت» معطى الحياة الرضية أبديًّا قد عملها (أي: اللوحة) له.
(٣-١٣) منف معبد الإله «بتاح»
السنة التاسعة والعشرون في عهد جلالة حورمثبت العدالة الإلهتان (المسمى) ابن نيت الذي يدير الأرضين والمختار من الآلهة، حور الذهبي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خنم اب رع»، وابن رع أحمس بن نيت معطى الحياة والثبات والقوة أبديًّا.
إن النيل الغزير قد أتى إلى جلالته وقد غطى ثانية الشاطئين، وقد أتى من قال لجلالته: إن السد الجنوبي الذي خلف «منف» قد كسر بالماء، والموقف حرج بالنسبة للسد الشمالي، وعندئذ قال جلالته: إني أنا الإله الكامل …
حور سمن ماعت (مثبت العدالة) ملك الوجه القبلي والوجه البحري (أحمس بن نيت) محبوب نيت نزيلة حت كابتاح = (منف) معطى الحياة.
(٣-١٤) القاهرة
-
(١)
عثر في القاهرة على قطعة حجر من معبد للملك أمسيس الثاني، ويحتمل أنها من منف وقد استعملها الأهلون أسكفة مدخل لردهة في حي بولاق، وهي من الحجر الجيري الصلب، ويبلغ طولها مترين وخمسة وسبعين سنتيمترًا، وعرضها أربعين سنتيمترًا، وقد مثل عليها رجال واقفون يقدمون علامة القربان المتدلى منها علامة الحياة باليد اليمنى، وفي اليد اليسرى إناء قربان، وقد فصل كل منهم عن الآخر بسطر من النقوش، وقد ظهر في واحد منها اسم الكا للملك أمسيس ولقبه: حور مثبت العدالة «خنوم اب رع». والجزء الأعلى من نقوش هذا الحجر قد ضاع (راجع A. S. Tom III, P. 93).
-
(٢)
ووجدت قطعة من الجرانيت مستعملة أسكفة باب في جامع السلطان حسن، وتدل شواهد الأحوال على أنها من معبد الملك أمسيس الثاني، وقد بقي من صورته على هذا الحجر الجزء الأعلى لابسًا الكوفية الملكية، والظاهر مما تبقى من النقش أنه كان يقوم بتقديم قربان في حفل تطهير، وطغراء هذا الملك قد بقي منها ما يسمح لنا بالقول: إنه «أحمس بن نيت» معطى الحياة أبديًّا (راجع Rec. Trav. XXXV, P. 45-6).
-
(٣)
ووجدت قطعة من الحجر عليها منظر للملك أمسيس، وناووس يتبعه روحه غير أن كلًّا من شمبوليون وروزوليني قد نقلا الطغراء الملكية، وجعلها لإبريز بدلًا من أمسيس خطأ. وهذه القطعة كانت في الأصل من منف، وقد وجدت حديثًا في القلعة (راجع Porter & Moss, Vol, IV, P. 72)، وقد كتب الأثري جوتييه عن هذه القطعة في قاموسه الجغرافي ما يأتي (راجع L. R. IV P. 122 N. 2) لقد نقل كل من شمبليون وروزوليني «واح اب رع»، وهي طغراء الملك «إبريز»، وقد راق في أعين كل المؤرخين أن يتعرفوا فيه على طغراء الملك إبريز الذي تبعته روح خلفه الملك أمسيس، وقد كان من جراء وجود هذين الملكين جنبًا لجنب على نفس الأثر، وفي منظر واحد أن نظروا إلى ذلك باهتمام بالغ (والمنظر كان عبارة عن تأسيس معبد)، وذلك أن هذين الملكين لا بد كانا قد حكما في وقت واحد مدة من الزمن، ولكن كما ذكرنا من قبل قد دحض الأثري بيل هذا القول (راجع Petrie, Hirst. III P. 351 Fig. 145).
-
(٤)
تمثال بولهول بالقرب من الدير القبطي بجهة مصر القديمة، عثر على تمثال عظيم مصنوع من الحجر الرملي المائل للاحمرار من عهد الملك أمسيس، وطول هذا التمثال نحو ٣٫٥ أمتار، ويبلغ ارتفاعه حوالي متر وقد ضاع رأسه، وقد نقش حول القاعدة متن مهشم يدل ما بقي منه على أنه يحتوي على الألقاب الفرعونية، التي كان يحملها هذا الملك كما جاء فيه أنه محبوب الآلهة أحمس بن نيت معطى الحياة والثبات والقوة، كلها مثل رع أبديًّا (راجع Rec. Trav. XI, P. 98).
-
(٥)
درع من البرنز عليها اسم الملك أمسيس الثاني محفوظة بالمُتْحَف المصري (راجع Maspero, Guide of the Cairo Museum in English P. 267).
(٣-١٥) العرابة
(أ) معبد خنتي أمنتي بالعرابة
ومن الآثار التي وجدت في هذا المعبد مائدة قربان من الجرانيت الأحمر، أهداها أحمس الثاني للإله أوزير حنتي أمنتي رب العرابة.
يعيش «حور» مثبت العدالة، السيدتان (المسمى) ابن نيت منظم الأرضين حور الذهبي (المسمى) المختار من الآلهة، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) خنم اب رع، ابن رع المسمى (أحمس نيت) محبوب أوزير خنتي أمنتي الإله العظيم رب «العرابة المدفونة» معطى الحياة مثل رع أبديًّا.
- (١) المائدة الأولى من الجرانيت الرمادي، وطولها ٥٢ سنتيمترًا وعرضها ٦٢ سنتيمترًا، وهي على هيئة الرمز الدال على مائدة بالمصرية القديمة. وقد نقش على إطارها السفلي الصيغة التالية: الإله الكامل رب الأرضين خنم-اب-رع (أحمس الثاني) محبوب آتوم يقدم كل قربان لأجل أن يعطى الحياة والثبات والقوة مثل رع أبديًّا، ورقعة المائدة مزينة بعلامة التي نشاهد عليها من كلا جانبيها مجموعة من القربات تحوي أنواعًا مختلفة من المشروبات والمأكولات. واللوحات محفوظة حفظًا جيدًا ومعتنى بحفرها، غير أن النقوش الهيروغليفية قد نقشت معكوسة (راجع Journal d’entrée du Musée No. 40608).
- (٢) والمائدة الأخرى قد وجد جزء منها فقط، وهي من الحجر الرملي الصلب وطولها ٦٧ سنتيمترًا، وعرضها حوالي ٦٠ سنتيمترًا. ويشاهد في أسفلها من الجزء المكسور بقية علامة حتب، والظاهر أنه كان قد رسم عليها إناءان ورغيفان مستديران، وقد نقش على جانبها الطويل من وجهها العلوي متن لم يتبقَ منه إلا ما يأتي. ملك الوجه القبلي والوجه البحري خنم اب رع عمله (أي: هذا الأثر) بمثابة أثره لوالده حابي (النيل) والد الآلهة لأجل أن يعمل له … هذا ونجد على جسمه علامة، وبقية متن وهو: يعيش حور مثبت العدالة الإله الكامل خنم اب رع (محبوب) حابي والد الآلهة (راجع Journal d’entrée du Musée No. 4051).وأخيرًا قد وجد في ودائع الأساس نصف قرص نقش عليه «خنم اب رع» = (أحمس الثاني) (Ibid, PI. LXX No. 7).
(٣-١٦) وادي حمامات
وعثر لهذا الملك على نقش في وادي حمامات مؤرخ السنة الرابعة والأربعين من حكمه، وهذا أعلى تاريخ له وسنتحدث عن هذا النقش عند الكلام على الحكم الفارسي في مصر.
(٣-١٧) قفط
(٣-١٨) الدير الأبيض القريب من سوهاج
(٣-١٩) المنشأة الواقعة بين أسيوط والعرابة
(٣-٢٠) وفي العرابة المدفونة
(٣-٢١) الكرنك
(٣-٢٢) تل إدفو
(٣-٢٣) معبد أزيس في الفيلة
(٣-٢٤) أسوان
-
(١)
وجد على الصخور القريبة من النهر الاسم الحوري للملك أمسيس الثاني … حور سمن ماعت (مثبت العدالة) ملك الوجه القبلي والوجه البحري (خنم اب رع) ابن «رع» «أحمس سانيت»، محبوب الآلهة عنقت (وهي معبودة الفنتين) (راجع L. D. Texte IV, P. 124).
-
(٢)
وكذلك وجد على الصخور التي بين أسوان والفيلة طغراءات هذا الملك، وقد جاء فيها حور مثبت العدالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خنم اب رع» بن «رع» أحمس سانيت محبوب (ثالوث أسوان) خنمو وساتت وعنقت (راجع Morgan, Mon. et Inscr. Tom. I, P. 84).
-
(٣)
وفي جزيرة بجة وجد نقش على الصخر جاء فيه حور مثبت الأرضين، ملك الوجه القبلي والوجه البحري خنم اب رع بن الشمس أحمس سانيت محبوب خنم رب سنموت (= جزيرة بجة).
(٤) آثار الملك أحمس الثاني في خارج مصر
-
(١)
تونس: توجد آنية من القاشاني في تونس في متحف آلاوي دي باردو (راجع Merlin and Drappier, La Necropole Punique d’ard el Kheraib à Carthage P. 43 (42); Porter & Moss, VII, P. 367).
-
(٢)
سوريا: يوجد الآن في متحف «بيروت» الأهلي اللبناني آنية من البرنز، عليها اسم الملك أمسيس الثاني، وقد عثر عليها في مقبرة تقع في الجنوب الشرقي من مدينة سعيدة (راجع Dunand, note sur quelques objets provenant de Saida in Syria VII PI. XXXII, (1) cf P. 123).وكذلك عثر على قطعة من مقبض صناجة عليها اسم الملك أحمس الثاني في نفس المكان (راجع Ibid. P. 124).
-
(٣)
بلاد الإغريق: كشف عن أسدين من القاشاني باسم أحمس الثاني في نفس المكان في مقبرة بجبانة ديبيلون Dipylon، وهما الآن في المُتْحَف الأهلي بأثينا (راجع: P. & M. VII, P. 402; Athens National Mus. 780-1; Pendlebury Aegyptiaca P. 78 (159-8); Bulletin de Correspondance Hellenique XVII (1893) P. 189).
-
(٤)
قبرص: آنية من الخزف المطلي يحتمل أنها للملك أمسيس (أو إبريز) عثر عليها في مريون Marion، وهي الآن في متحف نيقوسيا بقبرص (راجع: Porter & Moss, VII, P. 204).
(٥) تماثيل أحمس الثاني
-
(١)
يوجد جذع تمثال للملك أحمس الثاني في «فلا الباني» بإيطاليا (راجع Rosselini, Mon. IV P. 204).
-
(٢)
تمثال صغير للملك أحمس الثاني في مجموعة سابتييه، وقد مثل الملك قاعدًا يلبس على رأسه التاج المزدوج، وبيده علامة الحياة وهو مصنوع من الحجر الجيري، ويبلغ ارتفاعه ٢٣ سنتيمترًا وقد كتب على ظهره النقش التالي: الإله الكامل ورب الشعائر ملك الوجه القبلي والوجه البحري (خنم اب رع) بن رع أحمس سانيت العائش، مثل رع عاش أبديًّا (راجع Rec. Trav. XIV, P. 55).
-
(٣)
تمثال مجيب للملك أمسيس من الفخار المطلي باللون الأزرق المائل للخضرة موجود بمتحف كستنر في «لاهي» (راجع Kestner-Museum, V, C. 25). وقد نقش عليه صيغة الفصل السادس من كتاب الموتى الخاص بعمل مثل هذه التماثيل، بدلًا من المتوفى في عالم الآخرة (راجع Rec. Trav. XVII, P. 14)، وتوجد تماثيل مجيبة أخرى لهذا الملك بمتحف برلين (راجع Ausfuhrliches Verzeichniss 1899, No. 7483, P. 277).
(٦) جعارين وأختام أحمس
- (١) لوحة من الخزف المطلي محفوظة بالمُتْحَف البريطاني (No. 4119) جاء عليها الإله الكامل «خنم-اب-رع».
- (٢)
جعران بالمُتْحَف البريطاني جاء عليه «خنم نفرت اب (؟)».
- (٣) لوحة على هيئة طغراء من الخزف المطلي بالمُتْحَف البريطاني، جاء عليها خنم-اب-رع و«أحمس سانيت» (راجع: Petrie, Historical Scarabs No. 1994; & Hall Cat of Egypt, Scarabs I, P. 295, No. 2811).
وقد جاء على كل منهما أحمس سانيت رب الأرضين.
وهذه محفوظة في متاحف برلين وتورين ومصر.
وهذه التعويذة خاصة بالإلهة حتحور وشعائرها.
وهكذا نشاهد أن آثار أحمس الثاني كانت منتشرة في داخل البلاد وخارجها بصورة بارزة.
(٧) الوثائق الديموطيقية والحياة الاجتماعية في عهد أحمس الثاني١٤
(٧-١) عقد إبراء ذمة بين فردين (راجع: Louvre E. 7861 Not. P. 322; Facsimile in Corpus Louvre Pl. XVIII No. 17)
وهذه الوثيقة غامضة في بعض نواحيها. ويقول الأثري «رفييو»: إن إمضاءات أربعة شهود يمكن رؤيتها على ظهر البردية. ومن المحتمل أن هذا هو المثال الوحيد بين البرديات التي كتبت بالخط الهيراطيقي غير العادي، جاءت فيه الشهادات مكتوبة على ظهر البردية.
(٧-٢) عقد زواج (راجع Louvre E. 7846. Not. 332; Facsimile in Corpus Louvre PI. XX No. 19)
(٧-٣) العقود التي كتبت بالخط الديموطيقي العادي
في سلسلة العقود التي كتبت بهذا الخط تشاهد عادة الشهود يضعون إمضاءاتهم في عمود على ظهر الوثيقة، هذا ويلحظ أن يوم الشهر الذي كتبت فيه الوثيقة لا يذكر، كما أننا لا نجد ذكر قسم قط، وأوضح أمثلة من هذا النوع من الوثائق أتى إلينا من الحيبة. ومعظم هذه الوثائق عن العبودية.
(أ) وثيقة بالاعتراف بالعبودية (الورقة الثالثة)
ولن يكون في استطاعة أي رجل أن يفرض سلطانه علينا في الأرض غيرك من السنة الثانية الشهر الخامس (٥) من … وما بعد إلى أية سنة أبديًّا.
(ب) نزول عن عقد (الورقة الرابعة)
(١) (السنة الثانية (؟) … للفرعون له الحياة والفلاح والصحة «أحمس»، له الحياة والفلاح والصحة) أعلن مهدئ قلب الوالد، والكاهن الأول، وكاتب الكتاب المقدس «زوبستفعنخ» بن «حور» إلى مهدئ قلب (الوالد) (٣) أسمتو بن بتيسي (؟).
كتبه مهدئ قلب الوالد «حور» بن زوبستفعنخ لنفسه.
(٧) كتبه مهدئ قلب الوالد الكاهن الأول، وكاتب الكتاب المقدس زوبستفعنخ بن حور لنفسه.
- (١)
اسحارثوت بن بشنبتاح.
- (٢)
ينحارو بن بمي.
- (٣)
بفتوعو آمون بن حاروز.
- (٤)
احتفناختي بن حور.
- (٥)
وسرناخت بن بشنوباستي.
- (٦)
امرتايس بن حور.
- (٧)
امرتايس بن بسنكي.
- (٨)
زويستفعنخ بن حور.
- (٩)
أحو (؟) بن بسنكي.
- (١٠)
أحتفناختي بن.
- (١١)
زحو بن ينحارو.
- (١٢)
ين … رو بن أنتفنختي.
- (١٣)
ز … افعنخ بن … حور.
- (١٤)
حور بن زوبستفعنخ.
- (١٥)
زوبستفعنخ بن حار … (؟).
ويفهم من هذا العقد أنه كتب في السنة الثانية من حكم الملك أحمس الثاني، ويتضمن أن الكاهن الأكبر «زوبستفنخ بن» قد نزل عن وثيقة عبودية أعطيها من فرد يدعى بفتوعوخنس بن حريوباستي إلى أسمتو بن بتيسي، وقد ذيل بإمضاء الكاتب وهو وارث الكاهن الأكبر، وقد دون على ظهر الورقة خمسة عشر شاهدًا.
(ﺟ) اعتراف بالعبودية: عقد عبودية (البردية الخامسة)
(١) السنة الثانية شهر بئونة (هذا الشهر يبتدئ في ٩ أكتوبر سنة ٥٦٨ق.م) من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة أحمس له الحياة والفلاح والصحة.
لقد اعترف المزارع «بفتوعوخنس» بن «حريوباستي»، وأمه هي «كاوسنسي» لمهدئ قلب الوالد «أسمتو» (٢) بن بتيسي: إني عبدك إلى الأبد بسبب هذا (؟) الطبيب، ويورد (؟) ما عملت (؟) من أجلي في السنة الثانية عندما كنت مشرفًا على الموت.
ولن يكون في استطاعتي قط أن أعمل بوصفي مواطنًا (رجلًا حرًّا) بالنسبة لك، وإلى أي من فضتك أو غلتك وإلى أي نوع من عقار أرض، وكذلك مع أولادي الذين ولدوا والذين سيولدون لي و(٤) كل ما أملك، وكذلك هذه الأشياء التي سأكسبها والملابس التي على ظهري، وذلك من السنة الثانية من شهر بئونة، وما بعده إلى أية سنة (٥) إلى الأبد.
والرجل الذي سيأتي إليك بخصوصنا قائلًا: إنه ليس عبدك بما في ذلك أي إنسان في البلاد، فإنه سيعطيك أية فضة (٦) وأية غلة سترضي قلبك، فإني لا أزال ملكك بمثابة عبد إلى الأبد.
كتبه مهدئ قلب الولد (المسمى) سوفخنس (؟) بن «ينحارو».
- (١)
حور بن زوبستفعنخ.
- (٢)
أحو (؟) بن … بمو (؟).
- (٣)
أحو (١) بن بسنكي.
- (٤)
زحو بن بسنكي.
- (٥)
وسيبتاح بن بشنوباست.
- (٦)
بمو بن ينحارو.
- (٧)
زوبستفعنخ بن حاروز.
- (٨)
ينحارو بن بمو.
- (٩)
ينحارو بن زوبستفعنخ.
- (١٠)
يورو بن منتومحات.
- (١١)
ششنكعنخ (؟) بن بكيون.
- (١٢)
منتومحات بن ينحارو.
- (١٣)
ينحارو بن بشنبتاح.
- (١٤)
اهرتياس بن حور.
- (١٥)
بدي آمون (؟) بن زوبستفعنخ.
- (١٦)
أحو (؟) بن حاروز.
- (١٧)
حور بن زوبستفعنخ.
- (١٨)
حور بن زحو.
- (١٩)
عنخ بفحراي بن زحو.
- (٢٠)
زحو بن حور.
- (٢١)
زوبستفعنخ بن حور.
ومن هذه الوثيقة نفهم أنه في السنة الثانية من حكم أحمس الثاني في شهر بئونة قد اعترف بفتوعوغنس بالعبودية لأسمتو، وذلك في مقابل أشياء وردت له (؟) وغير ذلك، وكان قد أعطيها وهو على حافة الموت.
(د) عقد عبودية (الورقة رقم ٦)
(١) السنة الثالثة شهر توت (هذه السنة ابتدأت في ١٢ يناير سنة ٥٦٧ق.م) من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة أحمس له الحياة والفلاح والصحة.
وإني عبدك إلى الأبد ولن يكون في استطاعتي أن أعمل بوصفي مواطنًا (حرًّا) بالنسبة إلي ولأية فضة ولأية غلة، ولأي نوع من عقار أرض، وكذلك معي أولادي الذين ولدوا والذين سيولدون لنا، وكذلك الملابس التي على ظهري، وكل ما نملك وتلك الأشياء التي سنكسبها ثانية من السنة الثالثة (٤) شهر توت وما بعده إلى أية سنة إلى الأبد. كتبه مهدئ قلب الوالد احتفنختي بن «ينحارو».
يأتي بعد ذلك على ما يظهر مجرد إمضاء الكاهن الأول «زوبستفعنخ» بن «حور»، ثم خمس نسخ شهود. وصورة هذه النسخ هي بالضبط نفس الصورة التي جاءت في الورقتين ١ و٢ اللتين مر ذكرهما، عدا أن اسم الملك وألقابه قد حذفت في حين أن ذكر الشهر قد بقي.
شهد على ذلك فلان بن فلان وهو شاهد في السنة الثالثة شهر توت على الاعتراف الذي عمله بفتوخنس … إلخ. لقد جعلت قلبي يتق على … إلخ من السنة الثالثة شهر توت، وما بعد إلى أية سنة إلى الأبد. كتبه كما سبق (؟).
- (١)
مهدئ قلب الوالد بمو بن حور.
- (٢)
مهدئ قلب الوالد حور بن زحو.
- (٣)
مهدئ قلب الوالد الكاهن الأول كاتب الإضمامات المقدسة حور بن زوبستفعنخ.
- (٤)
مهدئ قلب الوالد حور بن بكررنف (بوكاريس).
- (٥)
فاتح محراب آمون توزوي تفنخت بن …
هذا ونجد أن القائمة الكاملة للشهود قد كتبت على عمود واحد على ظهر البردية، وعددهم تسعة عشر شاهدًا.
ويلاحظ أن هذا البيع الرسمي للعبودية للمالك الجديد قد تم على ذلك في بداية السنة بعد أن حدث النزول.
(ﻫ) تجديد اعتراف بالعبودية (الورقة رقم ٧) (John Ryland VII)
السنة الثامنة شهر كيهك (ابتدأ هذا الشهر في ١١ أبريل سنة ٥٦٢ق.م) من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة «أحمس» له الحياة والفلاح والصحة.
اعترف العبد «بفتوعوخنس» بن «حريوباستي»، وأمه هي «كاوسنسى»، لمهدئ قلب الوالد (٢) «أسمتو» بن بتيسي، وأمه هي «تشنترنع» لقد كنت معك (؟) بعد السنة الثامنة الخامس من توت حتى السنة التاسعة اليوم الخامس من شهر توت، ملابسي (؟) حنطة ١٠٠ … غلة (؟) (٣) توزوي (؟) وشعير (؟) … ١٥٠، وإني ملكك إلى الأبد ولن يكون في استطاعتي ثانية أن أعمل بوصفي مزارعًا (؟) لك من أجل أية فضة، وأية غلة وأي نوع من عقار أرض، وكذلك أولادي الذين ولدوا وأولئك الذين سيولدون لنا، والملابس التي على ظهورنا من السنة الثامنة شهر توت (٥) وما بعده إلى أية سنة وإني ملكك حتى الأبد.
كتبه مهدئ قلب الوالد «بمو» بن «أحو» (؟).
- (١)
«بمو» بن «حور».
- (٢)
زوبستفعنخ بن «حاروز».
- (٣)
احتفنخت بن «ينحارو».
- (٤)
ينحارو بن منتموسي (؟).
- (٥)
زحو بن اشارتوت (؟).
- (٦)
حور بن «احو» (؟).
- (٧)
امرتايس بن حور.
- (٨)
حور بن بكررينف.
- (٩)
امرتايس بن حور.
- (١٠)
احتفنخي بن حور.
- (١١)
ينحارو بن بشنبتاح.
ومما يلفت النظر في هذه الوثائق الخاصة بالعبودية أن الوثيقة رقم ٤، وهي الخاصة بالنزول عن عقد بهذه الكيفية يعد نسيج وحده. وذلك أنه عندما نجد أرضًا قد بيعت أو منحت، فإن كل ما يتبعها من حقوق خاصة تنقل إليها في الوقت نفسه في نفس العملية، كما شاهدنا ذلك في الوثائق التي ذكرناها من قبل في عهد الملك بسمتيك الأول، وكما سنرى في عهد أحمس الثاني، غير أن الوثيقة الحالية التي نحن بصددها تعد المثال الوحيد عن نقل عقد بجزء منفصل (عن العملية كلها)، وهذا الأمر على ما يظهر يوضح لنا أنه لا بد من اتخاذ احتياطات خاصة عند النزول عن عقود عبودية.
وكذلك في العقد رقم ٦ السالف الذكر، وهو الخاص ببيع رجل نفسه للعبودية لدينا نظير له في تاريخ مبكر عنه بعض الشيء، وقد ذكرناه فيما سبق في عهد الملك بسمتيك الثاني وهو لامرأة. وعلى أية حال فإن الوثيقة التي نتحدث عنها هي أحدث وثيقة في متناولنا عن هذا العبد، والآن يتساءل المرء هل كانت مدة خمس السنوات في خدمة السيد كافية لأن يكون بعدها العبد حرًّا طليقًا، فلا تكون العبودية بذلك مطلقة؟
تعليق على عقود العبودية
إذا نظرنا بعين فاحصة وجدنا أن العقود الخمسة السالفة الذكر هنا كانت خاصة بالعبودية، وتعتبر كلها — بغض النظر عن واحد منها — خاصة بعبد واحد بعينه. وتواريخ آخر ثلاثة منها تامة وهي السنة الثانية شهر بئونة، والسنة الثالثة شهر توت، والسنة الثامنة شهر كيهك. وفي أقدم هذه العقود نجد أن «بفتوعوخنس» يعترف بنفسه بأنه عبد لأسمتو إلى الأبد، وذلك في مقابل أشياء مادية تسلمها منه، وفي شهر توت (أي: في بداية السنة التالية) نجده يقوم بعمل عقد أكثر رسمية؛ وفي السنة الثامنة يجدد العقد بعبوديته، وهذا التجديد قد يحتمل أنه كان ضروريًّا على حسب القانون بعد مضي كذا من السنين. ومما يؤسف له جد الأسف أن العقدين الثاني والثالث هما مجرد قطع صغيرة من أصليهما، ولكن هناك خيط علاقة يربط بينهما وبين العقود الأخرى يمكن التعرف عليه. فعن تاريخ العقد الثاني يمكن القول: إنه كان في السنة الثانية، وفي الشهر الثاني من فصل ما، ومن الجائز أن يكون شهر بابة أو أمشير أو بئونة ثانية، وبمقتضاه نفهم أن أخا «بفتوعوخنس» هذا إذا لم يكن بفتوعوخنس نفسه يعترف أنه هو عبد رئيس الكهنة «زوبستفعنخ» بن «حور». وفي العقد الرابع لا نجد أثرًا لذكر تاريخ؛ ولكن نجد أن «زوبستفعنخ» ابن حور ينزل لفرد فقد اسمه في البردية عن استعباده ﻟ بفتوعوخنس، ولما كانت الأوراق الباقية خاصة بأسمتو الذي يظهر فيها بأنه هو صاحب العبد، فإنه يمكن أن نؤكد أن هذه البردية كانت كذلك له، وفضلًا عن ذلك يمكن أن نخمن أن الورقة رقم ٣ كانت الورقة التي أشير لها، ولو أن اسم العبد كان مختلفًا بعض الشيء في هذه الوثيقة. والواقع أن تنوع الاسم لنفس الفرد كان كثير الحدوث في الوثائق القانونية، وعلى ذلك قد يجوز أن «أسمتو» قد استولى على عبد كان من جهة قد باع نفسه له (أي: لأسمتو) وذلك بسبب سلفية عملها عندما كان على حافة الموت، ومن جهة أخرى قد نزل عنه له (أي: لأسمتو) بوساطة الكاهن الأكبر. على أن تاريخ العملية الأخيرة كذلك يظهر أنه ينم عن تحديد دقيق جدًّا فلا بد أن يكون تاريخ العملية قد جاء بعد الوثيقة رقم ٣ في السنة الثانية، ولكن قبل شهر توت من السنة الثالثة، وذلك عندما كان حور بن زوبستفعنخ يشغل وظيفه والده بوصفه كاهنًا أكبر، وعلى ذلك فإن «أسمتو» قد استولى على عبده في السنة الثانية من عهد أحمس الثاني، وعلى ذلك لا نكاد نكون قد أخطأنا في ربط هذا الحادث بالحرب الداخلية التي وقعت بين «إبريز» وأحمس الثاني، وهي التي قاربت وقتئذ على نهايتها، إذ لا بد أن حالة الاضطراب التي سادت البلاد في تلك الفترة قد جرت على كثير من أفراد البلاد الخراب والدمار، كما أدت إلى ذبح وجرح، وأسر عدد كبير من الوطنيين والجنود المرتزقة، وفي مثل هذه الأحوال كانت الفرص كثيرة للاستيلاء على عبيد، ويميل الإنسان إلى توحيد تاريخ البردية الثالثة (وهو السنة الثانية الشهر الثاني من) بتاريخ الورقة الخامسة (وهو السنة الثانية الشهر الثاني من فصل الحصاد؛ أي بئونه)، وفي هذه الحالة تكون الوثيقة الرابعة كذلك هي بنفس التاريخ.
(و) عقد ببيع بقرة (الوثيقة الثامنة)
(١) السنة الثامنة شهر بشنس (هذا الشهر ابتدأ في ٨ سبتمبر سنة ٥٦٢ق.م).
(٢) أعلن زبتفعنخ بن «بديبتاح»، وأمه هي «تبايايت» (٢) لمهدئ قلب الوالد بتيسي بن «أسمتو»، وأمه هي شبنيسي (الظاهر أنه بتيسي الثالث كاتب الظلامة المشهورة، التي تحدثنا عنها قبل).
لقد جعلت قلبي يتفق على الفضة الخاصة ببقرة المحراث الحمراء هذه المسماة.
(٣) وزبوكي (؟).
إنها متاعي وإنها بقرتك بالإضافة لكل عجل ستنتجه من السنة الثامنة شهر بشنس، وما بعد إلى الأبد.
(٤) وليس من حق إنسان في البلاد أن يستعمل سلطته عليها بما في ذلك أي رجل في البلاد وكذلك أنا نفسي.
(٥) وأن من يأتي إليك بسببها ليأخذها منك قائلًا: إنها ليست «بقرتك»، فإني أنا الذي سأخلصها (٦) لك وإذا لم أخلصها لك، فإني سأعطيك بقرة من نوعها (؟) وإذا لم أعطك بقرة من نوعها فإني أعطيك (٧) إردبًّا (؟) من القمح (؟) مقابلها، وكذلك عن كل عجل ستلده، ورجلك؛ أي وكيلك له الحق في أن يطلبها، وإني سأعطيك إياها (٨) وإذا أخذت وعملت (؟) ثورًا صغيرًا منها، فإني سأعطيك ثورًا من نوعه (؟) وإذا أخذت وعملت منها عجلة (٩)، فإني سأعطيك عجلة من نوعها (؟) وإذا أخذت وعملت منها ثورًا، فإني سأعطيك ثورًا من نوعه (؟).
(١٠) بدون أن أذكر أية براءة (رخصة) في الأرض ضدك.
وكتب على ظهر الورقة في عمود واحد (الشهود).
(١) احتفنختي بن بسمتيك. (٢) أحمس بن احتفنختي. (٣) «جررو» بن زديتا حفعنخ. (٤) … بن زدحرفعنخ. (٥) خنس (؟) ارتابس بن بفتوعوبستي. (٦) «بمو» بن ينحارو. (٧) امرتايس بن أمنو. (٨) بتيسي بن «زدوسرفعنخ». (٩) «بوخنس» (؟) بن «بدوسيري». (١٠) سمتاوى تفنخت بن «حريس». (١١) «زحو» بن «بسمتيك». (١٢) خنستفخنت بن كمينفحربوك. (١٣) احتفنختي بن خاأمون (؟).
(٧-٤) خطابان مؤرخان بالسنة الثانية عشرة (راجع Louvre E. 7855; Corpus Louvre PI. XVII No. 6; Ryl III P. 21 No. 25)
والخطاب الثاني كذلك من «زفمين» إلى «زخي» السابق الذكر، ويذكره فيه بأنه لم يكتب إليه منذ أن رحل إلى الجنوب، ويأمره بأن يعتني بشئون «مترتياس» وطفلها، وتاريخ الخطاب الثاني هو السنة الثانية عشرة الثامن من شهر هاتور (والعنوان كتب على ظهر الورقة).
وهذان الخطابان قد كتبا معًا في عمود واحد. ويلحظ أن «زخي» المذكور هنا هو ابن فرد يدعى ديخنس، وقد جاء ذكره في وثائق لم تنشر بعد.
(٧-٥) منحة أرض (راجع Corpus Louvre face. 4, P. 2 facsimle Ibid PI. XXV No. 25, Ryl. III, P. 22 No. 26)
السنة الخامسة عشرة شهر هاتور يعطي بسمتي-منخ ١٠ + ١ أرورات من أرض آمون في «قفط» اسمون، وهو سقاء في جبانة طيبة بصفة وقف لقبر والدته «تستنحور»، وكانت (هذه الأرض) جزءًا من اثنين وعشرين أرورا اشتراها من «سن» في شهر بئونة من السنة الرابعة عشرة، وكان «سن» قد اشتراها في بشنس من نفس السنة من «وننفر» الذي كان والده «حاروز» قد اشتراها في السنة الثالثة من عهد «واح اب رع» من «اسخنس». واسخنس هذا كان قد تزوج نيتوكريس، وتسلم الأرض بمثابة مهر من والدها «بدوزير» بن ونأمون في برمودة من السنة السابعة والثلاثين من عهد «بسمتيك الأول»، والواهب يسلم أربع وثائق ملكية؛ أي اثنتين قديمتين أعطيتا «سن» بوساطة «وننفر» والبيع كان بوساطة «وننفر» إلى «سن» والبيع بوساطة «سن» إلى «بسمتيك منخ». إمضاء الكاتب وإمضاءات «بسمتيك منخ» ووارثه.
وقد كتب على ظهر الوثيقة ست عشرة شهادة يتبعها إمضاء الكاتب لإقليم «قفط».
(٧-٦) ورقة حسابات (راجع Louvre, F 784 bis, Ryl III, P. 22)
السنة التاسعة والعشرون (؟) شهر توت وتواريخ أخرى لسنة ٣٣.
(٧-٧) ورقة بيع شخص لنفسه بوصفه ابنًا (راجع Louvre, F 7832; Facsimile in Revue Egyptologique Vol. III, Corpus Louvre Pl. IX No. Ryl. III, P. 22 & 57.)
السنة الثانية والثلاثون شهر هاتور من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة أحمس له الحياة والفلاح الصحة.
أعلن حور بن «بتيسي» الذي تدعى أمه توعو سقاء الوادي (المسمى) «يتوروز» بن «زخي» الذي تدعى أمه «يتورو»: لقد جعلت قلبي يتفق على فضتي لأجل أن يقوم لك مقام الابن. وإني ابنك وكذلك أولادي الذين سيولدون لي مع كل ما هو ملكي، وتلك الأشياء التي سأكسبها.
وليس هناك رجل في الأرض سيكون في قدرته أن يجري سلطانه على غيرك، بما في ذلك الوالد والأم والأخ والأخت والبنت والسيدة، أو أي فرد يدعى توميضًا (؟) وكذلك أنا نفسي.
وإن أولادي هم أولاد أولادك إلى الأبد وسرمديًّا.
وإن من سيأتي إليك بسببي ليأخذني منك قائلًا: إنه ليس ابنك من أي رجل في الأرض بما في ذلك الوالد والأم والأخ والأخت والابن والبنت والسيد والسيدة، أو أي فرد يدعى تعويضًا (؟) وكذلك أنا نفسي فإنه سيعطيك أي فضة وأي غلة ترضي قلبك. وإني لا زلت ابنك مع أولادي إلى الأبد.
الكاتب الشاهد نحمسخنس بن ينحارو.
وهذه الوثيقة شهد عليها اثنا عشر شاهدًا على ظهر البردية.
(٧-٨) إيصال ضرائب أجرة أرض أو باكورة حصاد (؟) (راجع Louvre E. 7835 Facsimlie in Corpus Louvre PI. IV No. 13, Ryl III, P. 22)
السنة الرابعة شهر بامنحتب: من أجل أرض في ضيعة آمون في حقل باحي، الواقعة في الغرب في إقليم خفط دفع بوساطة يتوروز لكتاب معبد آمون عن السنة ٣٣-٣٤ إمضاءات كاتب الغلة وكاتب آمون قفط وأربعة آخرين.
(ويلحظ أن هذه الصكوك تُمضى دائمًا على وجه الوثيقة.)
(٧-٩) صك كالسابق (راجع Louvre E 7838; Facsimile in Corpus Louvre PI. XII No. 11, RYl. III, P. 22)
السنة ٣٥ شهر طوبة: وهو كالسابق عن سنة ٣٤-٣٥. وقد أضيف إليه إمضاء واحد أكثر من السابق.
(٧-١٠) صك كالسابق (راجع Louvre E. 7834, Ryl. III, P. 22)
السنة الخامسة والثلاثون شهر طوبة: وهو كالسابق من راعٍ يدعى «يتورو»، وأخوه «بدمونت» ومعه يتوروز عن السنة ٣٤-٣٥. الإمضاءات كالسابق.
(٧-١١) اتفاق عن زراعة (راجع Louvre E. 7836; Ryl. III, P. 23)
السنة الخامسة والثلاثون أبيب بخصوص راعي «منتو» المسمى «برمنتو»؛ لأجل زراعة مزرعة وقف ليتوروز في السنة ٣٦. على أن يقسم المحصول بالتساوي بين صاحب الملك والمزارع.
(٧-١٢) عقد اشتراك في عمل (راجع Louvre El. 7843; Facsimile in Corpus Louvre Pl. XXVI, No. 23; Ryl. III, P. 23)
السنة الخامسة والثلاثون شهر مسرى. يعترف «كاوسنموت» بأن «يتوروز» شريك له في واجباته، وفي كل فوائد (بوصفه سقاء) في المقابر الخاصة «ببدمنستو» و«زدمنتفعنخ».
(٧-١٣) عقد اتفاق على زراعة (راجع Louvre E. 7833, Ryl. III, P. 23)
السنة السادسة والثلاثون شهر بشنس: أقرض السقاء «وزحور» زوج ثيران للراعي «بدمنتو»؛ لأجل حرث أرض (الدخل يكون لأخيه المتوفى (؟)) من أول سنة ٣٦-٣٧ على أن يعطى ثلث المحصول وزحور من الأرض بمثابة حق أخيه، وسيدفع منه أجر كتاب آمون وكذلك ثلاثة الأرباع، مما ينبغي لوزحور مقابل أجر زوج الثيران، ويكون الربع لأجل «بدمنتو» مقابل زراعة الأرض.
(٧-١٤) عقد اتفاق على زراعة (راجع Louvre E. 7833, Ryl. III 23)
السنة السادسة والثلاثون شهر بشنس. أعار «وزحور» ثورا، وكذلك الراعي «بدمنتو» وشركاؤه خمسة ثيران، فيكون الكل ثلاثة أزواج ثيران لأجل حرث أراضي «وزحور» في سنة ٣٦-٣٧. وكان وزحور يأخذ ثلث محصول الأرض بعد (؟) دفع الكتبة سدس الباقي، ويأخذ «بدمنتو» وصحبه خمسة الأسداس الباقية؛ وإذا سحب «وزحور» نفسه من هذا الاتفاق، فإنه يدفع دبنًا من الفضة (غرامة).
(٧-١٥) عقد اتفاق على زراعة (راجع Louvre E. 7839, Ryl. III 23)
السنة السابعة والثلاثون شهر بئونة كلف «بد آتوم»، حارس النحل في معبد الإله «منتو» بزراعة الأرض التي تؤلف وقف قبر «زخي» من قبل السقاء «يتوروز» ابن «زخي» عن سنة ٣٧-٣٨، وسيدفع كتبة آمون ويعطي باقي المحصول يتوروز ثم يرحل.
(ومن منطوق هذا الاتفاق نفهم أنه لم يأخذ أجرًا على هذا العمل، وعلى ذلك يحتمل أنه كان عليه أن يؤدي التزامًا سابقًا فرض عليه.)
(٧-١٦) رسالة أعمال (راجع Louvre E. 7540, Ryl. III, 23)
(رسالة) من بد آمون ملاحظ الجبانة لسيده الكاهن والد الإله «زخي»، يعترف بتسلم ثور مستحق للأوقاف الإلهية لآمون من «بميتي»، بصفة أجر للمصاريف الجنازية الخاصة ﺑ «بد حارب بك» السنة الثامنة والثلاثون شهر مسرى.
(٧-١٧) رسالة أعمال (راجع Louvre E. 7854, Ryl. III, P. 23)
من «زدخنسفعنخ» إلى «بدمنستو» كاهن آمون ابن ابني «زخي» … مين و«يتورزو» قد دفعا ضريبة غلتهم، وأنه يطلب أن يجري الإيصال بذلك لهما.
(هذه الرسالة ليست مؤرخة، ولكنها من هذه المجموعة.)
(٧-١٨) وثيقة بالاعتراف بحقوق (راجع Vienna, Munzkabinette; Krall Studien zur Geschichte II, 19 (Sitzungsberichte der Kais. Akad. Wien. 1844, P. 345). Ryl. III, P. 24.)
السنة … شهر طوبة: يعترف «رر» (؟) بن «حريرم» و«انتوتهتس» وهو سقاء وادي طيبة، أن نصف ممتلكاته وهو نصف ممتلكات والديه هو ملك أخيه «بشنيسي» (هذه الوثيقة ممزقة والتاريخ مفقود، ولكن اسم الملك قد حفظ فيها). وهي وثيقة هامة؛ لأنه يوجد عدد من الوثائق لهذه الأسرة لا تزال محفوظة في متاحف مختلفة، وترجع إلى عهد الملك «دارا».
(٧-١٩) تعليق
إن هذه الوثائق الديموطيقية التي يرجع تاريخها لعهد الملك أحمس الثاني، وهو الذي عمر طويلًا في الحكم تقدم لنا صفحة جديدة في صميم تاريخ الحياة الاجتماعية، التي كان يحياها الشعب في تلك الفترة من تاريخ مصر الحافل بالذكريات الخالدة.
والطريف في هذه الوثائق أنها كتبت بلغة الشعب وبأفراد من صميم الشعب، وقد تناولت شتى الموضوعات التي لا نجدها في أي فترة من فترات العصور، التي سبقت ذلك العهد بهذه الصورة الوضاءة المبينة، فقد كشفت لنا هذه الوثائق عن علاقات طبقات الشعب بعضها ببعض، فحدثتنا عن الاستعباد ومداه، وأنه لم يكن بمعنى الاستعباد الذي لم ينقرض من العالم الحديث إلا منذ زمن قليل جدًّا، والواضح أنه لم يظهر في مصر في تلك الفترة إلا على أثر الفوضى والحروب الداخلية التي حدثت في البلاد، ومع ذلك لم يكن هذا الاستعباد إلا لفترة من الزمن يصبح الفرد بعدها حرًّا؛ لأن كل فرد في مصر كان ملك الدولة في السلم والحرب. هذا ويلحظ في عقود العبودية أن الفرد كان يدفع بنفسه وأولاده إلى العبودية لمن يشتريه بمبلغ من المال وسلفيه. والظاهر أن زوج العبد كانت لا تدخل ضمن العقد، بل كان هو وأولاده فقط عبيدًا إلى الأبد كما جاء في الوثائق. وتدل الأحوال على أن الرجل الذي كان يبيع نفسه قد يكون مزارعًا، ثم قضت عليه أحوال قاسية أن يكون عبدًا، وذلك بسبب دين اقترضه ليدفع منه أجر الطبيب لمرض قاتل ألم به، ولم يكن له سبيل للحصول عليه بغير ذلك، ومن ثم كان يخرج مثل هذا الفرد من عداد المواطنين أصحاب الحقوق في البلاد. ومن الطريف أننا نجد في وثائق العبودية أن مالك العبد كان له الحق في أن يبيعه لغيره كأنه سلعة. وقد كان ثمن العبد في تلك الفترة عشرين إردبًّا من القمح أو بعض دبنات من الفضة، وقد كان هناك نوع آخر من العبودية عن طريق التبني، فكان الفرد يبيع نفسه لآخر مقابل مبلغ من المال، على الرغم من أن والديه على قيد الحياة، ويعترف الفرد المتبنى في العقد الذي أبرم بينه وبين والده الجديد، أنه إذا أراد أحد أفراد الأسرة استرداده، فإنه كان عليه أن يدفع المبلغ الذي يرضيه من الفضة والقمح.
ولدينا من جهة أخرى وثائق بيع أخرى للماشية، وبخاصة البقرات فكان هناك تمييز بين البقرة التي تجر المحراث والبقرة الولود، ثم البقرة التي لا تلد وتفاصيل شروط البيع شيقة ممتعة، فقد كانت البقرة تباع هي ونتاجها من الذكور والإناث الكبير منها والصغير، وكان البائع ملزمًا برد ثمن أي ولد من أولادها، إذا ادعى ملكيته آخر وزيادة في تحديد صفة البقرة المباعة كانت تذكر باسمها الذي كانت تسمى به. ويلحظ هنا أن قدر الغرامة في تلك الفترة كان يقدر بالأشياء العينية لا بالعملة التي لم تكن قد استعملت في تلك الفترة، فقد جاء في عقد بيع بقرة أن البائع قد تعهد للمشتري بدفع إردب من القمح إذا ادعى آخر ملكيتها وثبت ذلك. هذا فضلًا عن أنه كان يدفع مثل هذا التعويض عن كل عجل أو عجلة من نتاجها. وعلى أية حال فإن الغرامة كانت تدفع أحيانًا ناقصة، ولكنها لم تكن من عيار محدد. ومن الطريف أن البائع كان يشترط أنه إذا أخذت البقرة من مالكها الجديد، فإنه كان على البائع أن يدفع الثمن، وفضلًا عن ذلك يعوضه عن كل نتاج من نتاجها بمثله.
ويلفت النظر في هذه العقود كذلك الاتفاقات الزراعية. والواقع أنها تشبه في كثير من الأحوال ما يجري في مصرنا الآن، فما أشبه اليوم بالأمس فلدينا من هذا العهد اتفاق عقد بين راعٍ ومشرف على أرض أوقاف على أن يأخذ الراعي النصف من المحصول، ويترك النصف للوقف فما أعدل هذه القسمة، وليتها كانت جارية في أيامنا على هذا الوضع.
ولدينا اتفاق آخر من نوع جديد هو أن تقوم جماعة من الذين يملكون الماشية بحرث أرض، بوساطة ثلاثة أزواج من الماشية لصاحب الأرض منها ثور واحد. وذلك على أن يأخذ صاحب الأرض ثلث المحصول، وذلك بعد دفع أجر الكتبة وهو سدس الباقي، أما أصحاب الماشية الآخرون، فيأخذون الباقي وهو خمسة أسداس وإذا نقض صاحب الملك هذا الشرط، فكان عليه أن يدفع غرامة قدرها دبن من الفضة. وهذا نفس ما نجده في أيامنا هذه في كثير من جهات القطر، وبخاصة الأفراد الذين يحرثون الأرض، ويروونها في مقابل جزء من المحصول.
ولدينا اتفاق آخر من هذا النوع مع نفس صاحب الملك السابق، ولكن بشروط مختلفة بعض الشيء. وأخيرًا نجد في هذه الوثائق اتفاقًا غريبًا في بابه يكلف شخصًا بعينه القيام بزرع قطعة أرض وقف على أن يدفع من المحصول أجر كتاب «آمون»، ثم يعطي الباقي للمشرف على الوقف ثم يغادر الأرض. والظاهر هنا أنه كان هناك اتفاق خاص يحتم على المزارع القيام بمثل هذا العمل. فقد يجوز أنه كان مدينًا لصاحب الوقف. ويلفت النظر في مثل هذه الاتفاقات أن الكتبة كان لهم مرتب خاص من محصول هذه الأراضي، سواء كانت أوقافًا أم ملكًا خاصًّا، ولا غرابة في ذلك فإن الكتبة كانوا في كل عصور التاريخ المصري لهم مكانة عظيمة، فهم الذين يقومون بعمل الحسابات الخاصة بكل الأطنان ودخلها، وكانت هذه حرفتهم التي يمتازون بها.
ننتقل بعد ذلك إلى الأعمال الحسابية والصكوك التي كانت تحرر عن المخالصات المالية، وهنا كان يلعب الكتاب دورًا عظيمًا. فلدينا صكوك يعترف فيها بدفع الضرائب من الأطيان أو المحاصيل الأولى أو الإيجارات، ممضاة من الكاتب الذي كان يتسلم الضريبة، وهو ما يقابل الصراف في عهدنا الحاضر.
وقد وجدنا بين هذه الوثائق التي نحن بصددها بعض رسائل أعمال منها رسالة يعترف فيها مرسلها بأنه تسلم ثورًا كان مستحقًّا لأوقاف آمون، وذلك بصفة أجر لمصاريف جنازية لفرد معين. وأخرى من كاهن لآخر يذكر فيها أن ابني فرد يدعى «زخي»، قد دفعا ما عليهما من ضرائب من الغلة، ويطلب أن يعطيا إيصالًا بذلك. هذا ولدينا وثيقة بدفع دين مقداره سبعة دبنات من الذهب مقابل بضائع سلمت، وقد تحدثنا فيما سبق عن عقود الزواج في مكان آخر، ولدينا عقد من هذا النوع لا يختلف كثيرًا عن العقود السابقة.
(٨) أحمس الثاني وأسرته
لم تسعفنا المصادر التي في أيدينا حتى الآن للوصول إلى نتيجة حاسمة عن أصل أسرة الملك «أحمس الثاني»، وبخاصة عندما نعلم أن الكتاب الإغريق لم يذكروا لنا شيئًا معينًا عنها. وسنحاول أن نستعرض هنا ما لدينا من معلومات أثرية، وكذلك ما وصل إلينا من أقاصيص أسطورية إغريقية، ثم نستنبط من كل ذلك نتيجة على حسب ما تسمح به الأحوال والملابسات، وبخاصة عندما نعلم أن المؤرخين والأثريين قد اختلفت آراؤهم اختلافًا بينًا في أصل أحمس الثاني، فمن قائل: إنه من أصل نبيل، ومن قائل: إنه من أصل وضيع. وقد استند كل فريق على أسانيد أثرية أو غير أثرية مما ذكره الكتاب الإغريق ونقل عنهم.
(٨-١) المصادر الأثرية
ونجد أولًا في نقوش تابوت والدته المتن التالي: المقربة من زوجها المعروفة لدى الملك «واح-اب-رع» (= إبريز) «تابرت». وعمرها سبعون سنة وأربعة أشهر وخمسة عشر عامًا. واسم أمها هو «مربتاح ساحابي»؛ وأنه ابنها الذي أنجبه لها حامل الخاتم الملكي للوجه البحري والسمير الوحيد، ورئيس القصر وكاهن «أزيس»، والمشرف على قاعة المحاكمة «أحمس سانيت». ومن ثم نشاهد أن نقوش هذا التابوت تقدم لنا اسم والدة «تابرت»، وهي «مربتاح ساحابي» واسم زوجها وهو «واح اب رع».
هذا ولدينا حوض القربان السالف الذكر. جاء عليه النقش التالي: الأمير الوراثي والسمير الوحيد ورئيس القصر، والمشرف على العرش ورئيس المعابد ورئيس الأشياء السرية لكل أمور الملك، ومحبوب سيده والمسيطر على عقله؛ أي موضع ثقته، ورئيس قاعات الاستشارة الملكية والمشرف على قاعة العدالة (= المحكمة) «أحمس سانيت» بن «واح اب رع» والذي وضعته «تابرت».
(١) يحكى ذات مرة في عهد الفرعون «أحمس» أن الفرعون قال لعظماء بلاطه: سأشرب نبيذ «كولوبي» (٢) وعندئذ قالوا: يا مليكنا العظيم إنه من الصعب شرب نبيذ «كولوبي»، وعندئذ قال لهم: لا تعارضوا ما أقول. فقالوا: يا سيدنا العظيم ليت الفرعون يفعل ما يريد. فقال الفرعون: فليذهب رجل إلى البحر لينفذ ما أمر به الفرعون، وهناك أكل الفرعون مع نسوته، حيث لم يكن هناك أي نبيذ في العالم أمامهم إلا نبيذ «كولوبي»، وبذلك كان الفرعون فرحًا مع نسوته، وشرب كمية عظيمة من النبيذ بقدر ما اشتهت نفس الفرعون من نبيذ «كولوبي».
ثم نام الفرعون طلبًا للراحة على البحر في نفس الليلة، وذهب تحت كرمة في الجهة الشمالية (حيث النسيم العليل)، وعندما انبلج الصباح لم يكن في مقدور الفرعون أن يقف بسبب انحراف مزاجه (من السكر)، وعندما اقترب الوقت (الذي كان يجب على الفرعون أن يستيقظ فيه) لم يكن في استطاعته أن يستيقظ، وعندئذ حزن رجال الحاشية، وعلى ذلك قالوا: هل شيء مثل هذا ممكن؟ فقد حدث أن الفرعون قد ألم به انحراف كبير، ولم يكن في استطاعة أي رجل في العالم أن يذهب ويتحدث إلى الفرعون. وعندئذ ذهب رجال الحاشية إلى المكان الذي كان فيه الفرعون وقالوا: يا سيدنا العظيم ما الذي ألم بالفرعون؟ وعندئذ قال الفرعون: إني أشعر بانحراف عظيم (وحسب)، ولا يمكنني أن أقوم بأي عمل في العالم، ولكن انظروا: هل يوجد بينكم رجل يقص علي قصة يمكن أن يسري بها عني؟ وكان هناك كاهن قفط للإلهة «نيت» بين رجال الحاشية يدعى «بدسوتم» (؟) وكان رجلًا فطنًا فانبرى أمام الفرعون وقال: يا سيدي قد يجوز أن الفرعون لم يكن قد سمع بعد قصة البحار الذي يسمى «حوروس» بن «سيوزيريس» بن «أوزير» … يدعى. وكان يعيش في زمن الفرعون … وكانت زوجته تدعى «شبت مرت»، وكانت تنادى باسمها «عنخت» وكان اسم البحار الذي ينادى به هو «بتيسي»، وكانت تحبه ويحبها أيضًا. وقد اتفق ذات يوم أن الفرعون أرسله إلى «دفني» (أدفينا)، فاستيقظ في اليوم التالي وفي قلبه هم أليم بسبب ما أمره به الفرعون لقد كان عبئًا عليه أن يذهب إلى «دفني»، ويعود في نفس اليوم. ومن ثم وقع في هم جسيم، إذ لم يكن في مقدوره أن يعارض الأمر الذي أمره به الفرعون …
ومن هذه القصة المبتورة نفهم أن ما جاء على لسان «هردوت» وغيره، مما ذكرناه آنفًا عن «أحمس الثاني» وما اتصف به من لهو ولعب قد يتفق بعض الشيء مع ما جاء في هذه القصة التي ترجع إلى أصل مصري صميم، وتشعر بأنه لم يكن يسير سيرة الفراعنة الذين هم من دم ملكي.
(٨-٢) أزواج «أحمس»
(أ) تنت-ختا
(ب) نخت سباستت رو (؟)
(٨-٣) أبناء أحمس الثاني
(أ) بسمتيك
جاء اسم هذا الأمير على لوحة السربيوم السالفة الذكر، وقد سمي ابن الملك «خنم اب رع» العائش أبديًّا «بسمتيك»، وهو الذي أصبح فيما بعد «بسمتيك الثالث».
(ب) أحمس
جاء ذكر هذا الابن في نقوش مقبرة «الجيزة» السالفة الذكر: «أحمس» المرحوم سيد الاحترام.
(ﺟ) باش خنس
جاء ذكره على لوحة السربيوم السالفة الذكر في النص التالي: الابن الملكي محبوبه والسمير الوحيد لملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خنم اب رع» المسمى باش خنس.
(٨-٤) بنات أحمس الثاني
(٨-٥) أخت «أحمس الثاني»: سا است
وهكذا كما ذكرنا آنفًا تحوم الشكوك حول معظم الأفراد، الذين نسبوا إلى «أحمس الثاني»، والقول الأرجح أنه لم يكن من دم ملكي قط.
(٩) عظماء الرجال في عهد «أحمس الثاني»
(٩-١) «بفنفدينيت» كبير الأطباء
- (١) وأهم آثار هذا العظيم تمثال غاية في الجمال يمثله واقفًا ممسكًا أمامه محرابًا صغيرًا موضوعًا على قاعدة، وفي المحراب صورة الإله أوزير (راجع Louvre A 93; Pierret, Recueil d’Inscriptions du Louvre II, 39 = Brugsch, Thesaurus VI, 1251–54 (Incomplete); Piehl, A. Z. 32, P. P. 118–22; Baillet, A. Z. 1895, P. 127 ff; Boreux, Guide-Catalogue Sommaire I, P. 57 f; Br. A. R. IV, §§ 1015–1025).
وتدل شواهد الأحوال على أن تمثال «اللوفر» هذا كان قد أقيم في «العرابة»، وقد نقش عليه متن يقص علينا جلائل الأعمال التي أنجزها «بفنفدينيت»؛ لإعلاء شأن الإله «أوزير» ومعبده، وقد ادعى لنفسه احترام هذا الإله وكهانته؛ وذلك لأنه كان دائمًا يقدم كل ما تحتاج إليه بلدة «العرابة المدفونة» المقدسة أمام الملك «أحمس»؛ وقد حقق لمعبد العرابة ثروة ومباني كثيرة. وقد كان يقوم بنفسه بالإشراف على إنجاز بعض هذه الأعمال، كما شارك في تمثيل مسرحية الإله «أوزير» في «العرابة» نفسها (راجع ما كتبناه عن هذه المسرحية في الجزء الثالث مصر القديمة).
وقد كان نشاطه المستمر متجهًا لإنماء عبادة الإله «أوزير»، على الرغم من أنه لم يكن عضوًا من الأسرة المالكة، حتى إنه كان مثالًا يلفت النظر إلى ما كان عليه القوم من حماس ديني وغيره في هذا العهد، وقد وصف لنا «هردوت» هذا الحماس الديني في كتابه عن مصر.
وفضلًا عن ذلك قام هذا العظيم بعمل جليل للإله أوزير يلفت النظر بصورة بارزة، وذلك أن أحد أخلاف أسرة طينة القديمة التي كان حكامها لا يزالون على قيد الحياة في عهد الأسرة الثامنة عشرة، قد جرد من دخله من الواحة الكبرى، كما جرد من دخل المعبر المحلي (المعدية المحلية) الذي كان يملكه وقد استولى «بفنفدينيت» عليه، وأضاف دخله إلى دخل خزانة الإله «أوزير»، وعلى ذلك أصبح الدخل الذي يأتي من الواحة مخصصًا لسد المصاريف الجنازية الخاصة بأهل العرابة. ولا غرابة في ذلك فإنا نجد أن عبدة الإله «أوزير» في الواحات، وبخاصة الواحة البحرية منتشرون بصورة بارزة. والواقع أن قصة المحاكمة أمام الإله «أوزير» قد رسمت على جدران كل المقابر الهامة، التي كشفت في هذه الواحة بصورة تلفت النظر مما لا نجده في كثير من مقابر عظماء القوم في وادي النيل نفسه بهذه الصورة، وهذا أمر طبيعي يرجع سببه لوجود طريق مباشرة بين الواحات والعرابة، ولما كان لإلهها الأكبر من مكانة علية. وسنرى ذلك عند التحدث عن علاقات مصر بالواحات في عهد الأسرة السادسة والعشرين، وبخاصة في عهد كل من حكم الملكين «إبريز» و«أحمس الثاني».
نعود الآن إلى ترجمة نقوش هذا التمثال:- ألقاب «بفنفدينيت»: الأمير الوراثي، والحاكم والسمير الوحيد ورئيس القصر والطبيب الأول والمشرف على الخزانة المزدوجة، والعظيم في القاعة، والعظيم المقرب في بيت الملك، والمدير العظيم للبيت «بفنفدينيت» الذي أنجبه رئيس المعاقل، والحاكم المحلي في «دب»، وكاهن حور صاحب «ب» «ساسبك» يقول: يا كل كاهن مطهر سيقوم بعمل شعائر، إن أول أهل الغرب (أوزير) سيحييكم عندما تتلون لي صلاة لأجل القربات الجنازية مع السجود لأول أهل الغرب؛ وعلى ذلك فإنكم سترون النعيم أمام إلهكم؛ لأني كنت أكثر تبجيلًا من جلالة سيدي من أي شريف لديه، ولقد كنت إنسانًا مميزًا بسبب ما قد فعله، فقد كنت صانعًا ممتازًا مثبتًا بيته.
- عنايته بالعرابة: ولقد نقلت أمور «العرابة» إلى القصر لأجل أن يسمعها جلالته؛ وقد أمر جلالته أن أقوم بالعمل في العرابة لأجل أن تجهز العرابة، ولقد عملت بقوة لتحسين العرابة، ونظمت كل أشياء العرابة (سواء) أكنت نائمًا أم يقظانًا قاصدًا صالح العرابة بذلك. ورجوت الإحسان من سيدي كل يوم لأجل أن تجهز «العرابة».
- المعبد والمعدات: وبنيت معبد أول أهل الغرب بعمل ممتاز أبدي، كما أمرني به جلالته. ولقد رأى الفلاح في أحوال مقاطعة «العرابة» بما فعلته، فقد أحطتها بجدران من اللبنات وأحطت الجبانة بالجرانيت، وكان المحراب الفاخر من السام والزينات والتعاويذ المقدسة، وكل من موائد القربان الإلهية من الذهب والفضة وكل حجر ثمين، وأقمت وبج (المكان المقدس الذي دفن فيه أوزير)، ونصبت موائد قربانه وحفرت بحيرته وزرعت أشجاره.
- دخل المعبد: ومونت معبد «أول أهل الغرب» مكثرًا ما كان
يدخل فيه له، وجعلته باقيًا بوصفه دخلًا يوميًّا.
وقد استوطن في مستودعه عبيد وإماء، ومنحته ألف ستاد
من الأراضي والحقول من مقاطعة «العرابة» مجهزة بأناس
وكل الماشية الصغيرة، ووضع اسمها: «مؤسسة أوزير»
لأجل أن تورد منها القربات الإلهية حتى الأبدية.
وجددت له القربات الإلهية بغزارة أكثر مما كانت عليه
سابقًا هناك، وعملت له خمائل مغروسة بكل أشجار
النخيل والكروم، وفيها الأهلون من البلاد الأجنبية
قد جلبوا بوصفهم أسرى أحياء منتجين ثلاثين «هنا» من
النبيذ كل يوم على مائدة «أول أهل الغرب»، وستجلب
القربات من هناك في كل الأبدية.
ولقد أصلحت دار الوثائق المقدسة عندما خربت، ودونت قربان أوزير ونظمت كل عقوده.
- تمثيلية أوزير: وقد صنعت من الأرز القارب المقدس، الذي وجدته مصنوعًا من السنط. ورددت رئيس المخربين (في التمثيل الدراماتيكي لحوادث أسطورة أوزير) عن العرابة، وحميت «العرابة» لربها وكافأت كل أهلها.
- مصادرة أموال الحاكم: وقد أعطيت المعابد الأشياء التي جاءت من صحراء العرابة،١٩ وهي التي وجدتها في حيازة الحاكم لأجل أن يدفن منها أهل العرابة. ومنحت المعبد قارب العبور الخاص بالعرابة وهو الذي أخذته من الحاكم؛ وذلك لأن أوزير رغب في أن تجهز مدينته. وقد أثنى على جلالته بسبب ما قد فعلته.
- صلاة للملك: ليته (أوزير) يمنح الحياة لابنه «أحمس سانيت» ليته يمنح الحظوة أمام جلالته والشرف أمام الإله العظيم. يا أيها الكاهن أثن على الإله من أجلي، ويا كل إنسان خارج، صلوا أنتم في المعبد، اذكروا اسمي: مدير البيت العظيم «بفنفدينيت» الذي وضعته نعنسباست …
- (٢) وعثر لهذا الطبيب على مائدة قربان موضوعة في جامع السلطان «بيبرس»، وكان أول من نقل نقوشها، وهي في مكانها الأثري «فيدمان» (راجع Recueil de Paris; Sharpe, Egyptian Inscriptions I Pl III; A. Z. 31, P. 86–88).وهاك ما جاء عليها:
«أوزير» المدير العظيم للبيت «بفنفدينيت» المرحوم الذي وضعته «نعنسباست» المرحومة. أقدم لك ماءك البارد الخارج من ثديي أمك «نوت»، فتحيا منه وتقوى به وتصح بوساطته. وإنك تكون في صحة عندما تكون بجوارها، وإنك تذهب لمقابلة والدك «جب» الذي يمد زراعيه لك. والموت هو عدوك وعضلاتك قوية، وإنك ضممت قلبك إلى مكانك في القبر، وإنك تتسلم عين حور (أي: القربان)، وإنك تحصل على السائل الذي فيها، وإن الذي يحييني سيكون مرتاحًا ومحبوبًا.
- (٣) والأثر الثالث لهذا العظيم هو قطعة من تمثال محفوظة بالمُتْحَف البريطاني (راجع A. Z. 31 P. 88). وهذه القطعة الباقية هي الجذع، وقد جاء عليها النقش التالي:
ملك الوجه القبلي والوجه البحري «حعع اب-رع» محبوب أرواح عين شمس المقرب، والمشرف على بيتي المال والطبيب الأول ورئيس الإدارة والمدير العظيم للبيت «بفنفدينيت». والذي جعله الفرعون ينتقل من وظيفة لوظيفة، والذي يملأ قلب حور (الملك) بمشاريعه، والرابض الجأش الذي يضع قلبه في كل أمر يحدث، والذي يفعل ما يحبه سيده، والذي ينجز ما تحبه الآلهة … في معابدهم، والذي يوصل متاعهم إلى داخل القصر، وكبير الأطباء للوجهين القبلي والبحري، والمشرف على الخزانة، والمدير العظيم للبيت «بفنفدينيت» بن كاهن «آمون طيبة» الوجه البحري وكاهن «حور» صاحب «ب» (المسمى) ساسبك، الذي وضعته كاهنة «نيت» سيدة «سايس» نعنسباست مدير البيت العظيم «بفنفدينيت»: يقول: إني كنت محبوبًا من سيدي، ومتجرًا في الأدب وسامعًا لشكوى كل إنسان. ولقد أسست أوقافًا ﻟ … أنتم يا … الأشياء الطيبة لهذا المعبد، قولوا: ليت الملك يكون رحيمًا ويقدم قربانًا: ألفًا من الخبز والجعة ومن كل شيء جميل لروح المدير العظيم للبيت «بفنفدينيت». وإن الله هنا ليكافئ أعمال أي إنسان ولا ينام ولا يفرق.
المدير العظيم للبيت «بفنفدينيت» يقول: يا كل كاهن مطهر يدخل محراب «أتوم» رب عين شمس احم هذا التمثال وأعطه كل الأشياء الطيبة، بعد أن يستكفى الإله منها، وعليه أن يقول: ليت الملك يكون رحيمًا ويقدم ألفًا من الخبز والجعة وكل شيء جميل لروح المدير العظيم للبيت؛ لأنه قد وصل إلى الشيخوخة في بلدته وكان مبجلًا في مقاطعته. وإني كنت شريفًا وقد فعلت ما هو شريف وجعلت فوائد هذا البلد تصل إلى داخل القصر.
(أ) تعليق
لا نزاع في أن المتون التي خلفها لنا «بفنفدينيت» على الآثار الثلاثة التي عثر عليها له تكشف لنا عن عدة أمور هامة في هذه الفترة المزدهرة من تاريخ هذا الفرعون. وأعجب ما في ذلك أنه قد جمع بين التخصص في العلوم البحتة، كما برز في أمور الإدارة وبخاصة الإدارة المالية، والظاهر أن ذلك لم يكن بالأمر المستغرب في هذا العصر، فسنرى أنه في عصره وجد من جمع بين العلوم البحتة وغيرها من أمور الدولة. فقد كان «بفنفدينيت» يحمل لقب كبير الأطباء للوجهين القبلي والبحري، كما كان يحمل لقب مدير الخزانة العامة للبلاد قاطبة، فقد لقب مدير خزانتي الفضة وخزانتي الذهب؛ هذا فضلًا عن أنه كان يحمل لقب المدير العظيم للبيت، ويقصد بذلك أنه كان المشرف على الأملاك الخاصة ببيت الفرعون؛ وهذه الوظيفة الأخيرة كان لها خطرها منذ الأسرة الثامنة عشرة (وقد تحدثنا عنها بإسهاب في الجزء الخامس من مصر القديمة).
وعلى أية حال فإن هذا العظيم قد وضع أمامنا صورة واضحة عن سبب انتشار عبادة أوزير في الواحات بصورة بارزة، كما أبرز لنا مقدار ما كانت عليه البلاد في تلك الفترة من الرخاء والثروة بما عمله لمعبد الإله أوزير في العرابة المدفونة. وهذا يذكرنا بعصور مصر القديمة وفراعنتها العظام، واهتمامهم بقبر أوزير ومعبده في تلك البلد المقدسة، وبخاصة في عهد سيتي الأول وسنوسرت الثالث (راجع مصر القديمة الجزء السادس والجزء الثالث).
(٩-٢) الكاهن بسمتيك
والحسبة كما يأتي: كان عمر «بسمتيك» هذا عند وفاته خمسًا وستين سنة وعشرة أشهر ويومين، في السنة السابعة والعشرين من حكم الملك «أحمس الثاني» في اليوم الثامن والعشرين من الشهر الثامن، وعلى ذلك يكون قد ولد قبل تولية «أحمس» بمدة تسع وثلاثين سنة وشهرين وأربعة أيام.
المجموع | ١٣٨ سنة |
بسمتيك الأول | ٥٤ سنة |
«نيكاو» و«بسمتيك الثاني» و«إبريز» | ٤٠ سنة |
أحمس الثاني | ٤٤ سنة |
ولما كان سقوط هذه الأسرة قد حدث في عام ٥٢٥ق.م، فإن تاريخ توليها عرش الملك قد وقع في (٥٢٥ + ١٣٨) ٦٦٣ق.م.
ويمكن تحديد مدة حكم «إبريز» من نفس التواريخ التي جاءت على هذه اللوحات، فمجموع كل العهود الأخرى هي كما يأتي:
المجموع | ١١٩ سنة |
بسمتيك الأول | ٥٤ سنة |
نيكاو وبسمتيك الثاني | ٢١ سنة |
إبريز (حذف) | |
أحمس الثاني | ٤٤ سنة |
وإذا طرح هذا المجموع من ١٣٨ سنة وهو طول حكم الأسرة كلها، فإنه يبقى لنا تسع عشرة سنة، وهو مدة حكم «إبريز». هذا ونعلم من لوحة عثر عليها في الفنتين للملك «أحمس الثاني» أن «إبريز» عاش أكثر من سنتين (فقد عاش بعض الوقت في السنة الثالثة) بعد تولي «أحمس» عرش الملك، غير أن هاتين السنتين تقعان في عهد «أحمس»، ولم تحسبا في مدة التسع عشرة سنة من حكم «إبريز» المنفرد.
السنة الأولى الشهر الثالث من الفصل الثالث اليوم الأول في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري وحم اب رع بن «رع» «نيكاو».
في هذا اليوم ولد الكاهن والد الإله بسمتيك الذي أنجبه «اعح وبن» والذي وضعته «عنختس»، وقد كانت حياته الطيبة خمسًا وستين سنة وعشرة أشهر ويومين. السنة السابعة والعشرون الشهر الرابع من الفصل الثاني اليوم الثامن والعشرون كان يوم رحيله من الحياة، وقد أدخل في البيت الجميل (هذا هو مكان المحنطين حيث أمضى اثنين وأربعين يومًا في عملية التحنيط. وكما هو ظاهر من مضمون المتن كان الإله «أنوبيس» هو المحنط)، وقد أمضى ٤٢ يومًا تحت يد «أنوبيس» رب الأرض المقدسة، ثم اقتِيدَ في سلام إلى الغرب الجميل في الشهر الأول من الفصل الثالث (الشهر التاسع اليوم (…)) وحياته في الجبانة إلى الأبد سرمديًّا.