الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١م (الجزء الأول): الدين والثقافة الوطنية
«وإن إعادة بناء الثقافة الوطنية في البلاد النامية يحُلُّ إشكالها الرئيسي؛ وهو ازدواجية الثقافة بين المحافظة الموروثة والعلمانية الوافدة، ثم انعزال كلَيهما عن الواقع الحي للناس ولصالح الجماهير وتحدِّيات العصر.»
لمَّا كانت الثقافة الوطنية هي المُكوِّن الرئيسي لمزاجِ أيِّ شعب؛ يستمدُّ منها تصوُّراته للعالم، وبواعثه على السلوك، وهي الأساس الذي منه تخرج الأيديولوجيات السياسية؛ فقد انصبَّ تركيزُ الدكتور «حسن حنفي» في هذا الكتاب على الثقافة الوطنية في مصر خلال الفترة الواقعة بين ١٩٥٢م و١٩٨١م، ليُبيِّن لنا أن الثقافة الوطنية في المجتمعات العربية كانت تقع، في تلك الفترة، في مفترق طرق ثلاثة: الموروث الديني، والوافد العلماني، والواقع الحي المباشر؛ ومن ثَم بدأ يُحلِّل هذه المُكوِّنات الثلاثة في محاوَلة جادَّة لبناء ثقافة وطنية حقيقية تحافظ على الموروث الديني بما لا يَعوقها عن التقدم، وتستقبل الجديدَ من الوافد الغربي بما لا يُنحِّي هُويَّتها جانبًا، والتوفيق بينهما وبين الواقع حتى تصبح هذه الثقافة صدًى للواقع وليست غريبةً عنه.