اليهود في الإمبراطورية العثمانية: صفحات من التاريخ
«لم تكن هناك وجهة نظرٍ واحدة لدى الطبقة الحاكمة العثمانية بشأن السياسة الإثنية الطائفية الداخلية، على أن معظم السلاطين كانوا يتبنَّون مع هذا مبدأَ التسامح النِّسبي تجاه غير المسلمين؛ إذ إن اقتصاد الدولة كان مُتوقِّفًا عليهم في واقع الأمر.»
شهد القرن السادس عشر نزوحَ أعداد غفيرة من يهود أوروبا — نتيجةً للاضطهاد الذي تعرَّضوا له من قِبَل المسيحيِّين الأوروبيِّين في إسبانيا والبرتغال وصقلية — إلى ما عُرف آنذاك بالإمبراطورية العثمانية، التي شملت الشرق الأوسط والأناضول وشِبه جزية البلقان، وشكَّلوا بجانب اليهود المستقرين في هذه المناطق أقليةً كبيرةَ العدد نسبيًّا، لها اقتصادها ونظامها الديني والاجتماعي، وتخضع لحزمة من القوانين؛ بعضها فرضَته عليها السلطة العثمانية، وبعضها قوانين خاصة بالتعامل داخل الطائفة ذاتها. وقد جاء هذا الكتاب ليُلقي الضوء على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية لهذه الطائفة، وتفاعُلها مع الأحداث السياسية التي ماجَت فيها الإمبراطورية على مدار أربعة قرون، وقد اعتمدت المُؤلِّفة على الأرشيف العثماني الذي يَحوي تفاصيلَ كثيرة ومُهمة حول الجاليات اليهودية في البلاط العثماني، والمناطق الواقعة تحت نفوذه، وعلاقتهم بالسُّلطة بوصفهم أقليةً دينية وإثنية.