فلما كانت الليلة ١٣٠
حكاية الأميرة دنيا مع تاج الملوك
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير دندان قال لضوء المكان: إن والد تاج الملوك قال له: يا ولدي، إن أباها ملك وبلاده بعيدة عنا، فدَعْ عنك هذا وادخل قصر أمك، فإن فيه خمسمائة جارية كالأقمار، فمَن أعجبَتْكَ منهم فخذها، وإن لم تعجبك جارية منهن، نخطب لك بنتًا من بنات الملوك تكون أحسن من السيدة دنيا. فقال له: يا والدي لا أريد غيرها، وهي التي صورت صورةَ الغزال التي رأيتُها، فلا بد لي منها، وإلا أهجُّ في البراري وأقتل روحي بسببها. فقال له أبوه: يا ولدي، أمهل عليَّ حتى أرسل إلى أبيها وأخطبها منه وأبلغك المرامَ مثلما فعلتُ لنفسي مع أمك، وإن لم يرضَ زلزلتُ عليه مملكتَه وجرَّدْتُ عليه جيشًا يكون آخِره عندي وأوله عنده. ثم دعا بالشاب عزيز وقال له: يا ولدي، هل أنت تعرف الطريق؟ قال: نعم. قال له: أشتهي منك أن تسافر مع وزيري. فقال له عزيز: سمعًا وطاعةً يا ملك الزمان. ثم أحضر وزيره وقال له: دبِّرْ لي أمرَ ولدي كما تعرف، واذهب إلى جزائر الكافور واخطب بنتَ ملكها. فأجابه الوزير: بالسمع والطاعة. ثم عاد تاج الملوك إلى منزله وقد زادت به الأمراض والحسرات، وحين جنَّ عليه الليلُ أنشد هذه الأبيات:
فلما فرغ من شعره وقع مغشيًّا عليه، ولم يفِقْ إلا وقتَ الصباح؛ فلما أصبح الصباح جاء إليه أبوه، فرآه قد تغيَّرَ لونه وزاد اصفراره ووعده بجمْعِ شمله، ثم جهَّزَ عزيزًا مع وزيره وأعطاهم الهدايا، فسافروا أيامًا وليالي إلى أن أشرفوا على جزائر الكافور، فأقاموا على شاطئ نهر وأنفَذَ الوزيرُ رسولًا من عنده إلى الملك ليخبره بقدومهم، وبعد ذهاب الرسول بنصف يوم، لم يشعر إلا وحجَّاب الملك وأمراؤه قد أقبلوا عليهم ولاقوهم من مسيرة فرسخ، فتلقَّوْهم وساروا في خدمتهم إلى أن دخلوا بهم على الملك، فقدَّموا له الهدايا وأقاموا عنده أربعةَ أيام، وفي اليوم الخامس قام الوزير ودخل على الملك ووقف بين يديه وحدَّثه بحديثه، وأخبره بسبب مجيئه، فصار الملك متحيِّرًا في ردِّ الجواب؛ لأن ابنته لا تحبُّ الزواج، وأطرق رأسه إلى الأرض ساعةً ثم رفع رأسَه إلى بعض الخدام وقال له: اذهب إلى سيدتك دنيا وأخبرها بما سمعتَ وبما جاء به هذا الوزير. فقام الخادم وغاب ساعةً، ثم عاد إلى الملك وقال له: يا ملك الزمان، إني لما دخلتُ على السيدة دنيا أخبرتُها بما سمعتُ، فغضبَتْ غضبًا شديدًا ونهضت عليَّ بمسوقة وأرادَتْ كسْرَ رأسي، ففررتُ منها هربًا وقالت لي: إنْ كان أبي يغصبني على الزواج، فالذي أتزوَّج به أقتله. فقال أبوها للوزير وعزيز: سلِّمَا على الملك وأخبراه بذلك، وأن ابنتي لا تحبُّ الزواجَ. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتَتْ عن الكلام المباح.