فلما كانت الليلة ٢٤٩
حكاية علاء الدين أبي الشامات
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك الغيور سافر بابنته وجماعته إلى بلده، وأخذ الأمجد معهم، فلما استقر في مملكته أجلس الأمجد يحكم مكان جده، وأما قمر الزمان فإنه أجلس ابنه الأسعد يحكم مكانه في مدينة جده أرمانوس، ورضي به جدُّه، ثم تجهز قمر الزمان وسافر مع أبيه الملك شهرمان إلى أن وصل إلى جزائر خالدان، فزُيِّنت له المدينة واستمرت البشائر تدق شهرًا كاملًا، وجلس قمر الزمان يحكم مكان أبيه إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرِّق الجماعات، والله أعلم.
فقال الملك: يا شهرزاد، إن هذه الحكاية عجيبة جدًّا. قالت: أيها الملك، ليست هذه الحكاية بأعجب من حكاية علاء الدين أبي الشامات. قال: وما حكاية علاء الدين أبي الشامات؟
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان رجل تاجر بمصر يقال له شمس الدين، وكان من أحسن التجار، وأصدقهم مقالًا، وهو صاحب خدم وحشم، وعبيد وجوارٍ ومماليك ومال كثير، وكان شاه بندر التجار بمصر، وكان معه زوجة يحبها وتحبه، إلا أنه عاش معها أربعين عامًا ولم يُرزَق منها ببنت ولا ولد، فقعد يومًا من الأيام في دكانه فرأى التجار وكل واحد منهم له ولد أو ولدان أو أكثر، وهم قاعدون في دكاكين مثل آبائهم، وكان ذلك اليوم يوم جمعة، فدخل ذلك التاجر الحمام واغتسل غسل الجمعة، ولما طلع أخذ مرآة المزين فرأى وجهه فيها، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله. ثم نظر إلى لحيته فرأى البياض غطَّى السواد، وتذكر أن الشيب نذير الموت، وكانت زوجته تعرف ميعاد مجيئه، فتغتسل وتصلح شأنها له، فدخل عليها، فقالت له: مساء الخير. فقال لها: أنا ما رأيت الخير. وكانت قالت للجارية: هاتي سفرة العشاء. فأحضرت الطعام وقالت له: تعشَّ يا سيدي. فقال لها: ما آكل شيئًا. وأعرض عن السفرة بوجهه، فقالت له: ما سبب ذلك؟ وأي شيء أحزنك؟ فقال لها: أنتِ سبب حزني. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.