فلما كانت الليلة ٢٧٠
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ذا الكراع لما نزل بذلك الوادي بات تلك الليلة هناك، وتقرَّب من ذلك الموضع فسمع الصراخ، فقال: ما هذا العويل الذي فوق هذا الجبل؟ فقالوا له: إن هذا قبر حاتم الطائي، وإن عليه حوضين من حجر وصور بنات من حجر محلولات الشعور، وكل ليلة يسمع النازلون في هذا المكان هذا العويل والصراخ. فقال ذو الكراع ملك حمير يهزأ بحاتم الطائي: يا حاتم، نحن الليلة ضيوفك، ونحن خماص. فغلب عليه النوم، ثم استيقظ وهو مرعوب، وقال: يا عرب الحقوني وأدركوا راحلتي. فلما جاءوه وجدوا الناقة تضطرب فنحروها، وشوَوْا لحمها وأكلوا، ثم سألوه عن سبب ذلك، فقال: إني نمت فرأيت حاتمًا الطائي في المنام قد جاءني بسيف، وقال: جئتنا ولم يكن عندنا شيء، وعقر ناقتي بالسيف، ولو لم تنحروها لماتت. فلما أصبح الصباح ركب ذو الكراع راحلة واحد من أصحابه، ثم أردفه خلفه، فلما كان وسط النهار رأوا راكبًا على راحلة، وفي يده راحلة أخرى، فقالوا له: مَن أنت؟ قال: أنا عدي بن حاتم الطائي. ثم قال: أين ذو الكراع أمير حمير؟ فقالوا له: هذا هو. فقال له: اركب هذه الناقة عوضًا عن راحلتك، فإن ناقتك قد نحرها أبي لك. قال: ومَن أخبرك؟ قال: أتاني في المنام في هذه الليلة وقال لي: يا عدي، إن ذا الكراع ملك حمير استضافني، فنحرت له ناقته فأدركه بناقة يركبها، فإني لم يكن عندي شيء. فأخذها ذو الكراع وتعجَّبَ من كرم حاتم حيًّا وميتًا.
ومن حكايات الكرام أيضًا ما يُروى عن معن بن زائدة أنه كان يومًا من الأيام في الصيد والقنص، فعطش فلم يجد مع غلمانه ماءً، فبينما هو كذلك، وإذا بثلاث جوارٍ قد أقبلن عليه حاملات ثلاث قِرَب ماء. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.