فلما كانت الليلة ٢٨٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الصبية لما صالحها زوجها نام عندها تلك الليلة، فلما أصبح الصباح أتته الجنود، وركب وخرج من الباب، فطلعت عندي وقالت لي: أرأيت هذا؟ قلت لها: نعم. قالت: هو زوجي، وأحكي لك ما جرى لي معه؛ اتفق أنني كنتُ أنا وإياه يومًا قاعدين في الجنينة داخل البيت، وإذا هو قد قام من جانبي وغاب عني ساعة طويلة، فاستبطأته فقلت في نفسي: لعله يكون في بيت الخلاء. فنهضت إلى بيت الخلاء فلم أجده، فدخلت المطبخ فرأيت جارية فسألتها عنه فأرتني إياه وهو راقد مع جارية من جواري المطبخ، فعند ذلك حلفت يمينًا عظيمةً إنني لا بد أن أزني مع أوسخ الناس وأقذرهم، ويوم قبض عليك الطواشي كان لي أربعة أيام وأنا أدوِّر في البلد على واحد يكون بهذه الصفة، فما وجدتُ أحدًا أوسخ ولا أقذر منك؛ فطلبتُك، وقد كان ما كان من قضاء الله علينا، وقد خلصت من اليمين التي حلفتها. ثم قالت: فمتى وقع زوجي على الجارية ورقَدَ معها مرةً أخرى أعدْتُك إلى ما كنتَ عليه معي. فلما سمعتُ منها هذا الكلام، ورمَتْ قلبي من لحاظها بالسهام، جرت دموعي حتى قرحت المحاجر، وأنشدتُ قول الشاعر:
ثم إنها أمرت بخروجي من عندها، وقد تحصَّل لي منها أربعمائة مثقال من الذهب، فأنا أصرف منها، وجئت إلى ها هنا أدعو الله — سبحانه وتعالى — أنَّ زوجها يعود إلى الجارية مرةً أخرى، لعلِّي أعود إلى ما كنتُ عليه. فلما سمع أمير الحاج قصة الرجل أطلقه، وقال للحاضرين: بالله عليكم أن تدعوا له فإنه معذور.
حكاية الخليفة المزوَّر
ومما يُحكَى أن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة من الليالي قلقًا شديدًا، فاستدعى وزيره جعفر البرمكي وقال له: إن صدري ضيِّق، ومرادي في هذه الليلة أن أتفرَّج في شوارع بغداد، وأنظر في مصالح العباد، بشرط أننا نتزيَّا بزيِّ التجار حتى لا يعرفنا أحد من الناس. فقال له الوزير: سمعًا وطاعة. ثم قاموا في الوقت والساعة، ونزعوا ما عليهم من ثياب الافتخار، ولبسوا ثياب التجار، وكانوا ثلاثة: الخليفة، وجعفر، ومسرور السيَّاف، وتمشوا من مكان إلى مكان حتى وصلوا إلى الدجلة، فرأوا شيخًا قاعدًا في زورق، فتقدَّموا إليه وسلَّموا عليه، وقالوا له: يا شيخ، إنا نشتهي من فضلك وإحسانك أن تفرجنا في مركبك هذه، وخذ هذا الدينار في أجرتك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.