فلما كانت الليلة ١٧٢
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك شهرمان طلب وزيره واختلى به، وقال له: أيها الوزير، قل لي ما الذي أفعله في قضية ولدي قمر الزمان، فإني استشرتك في زواجه قبل أن أسلطنه فأشرت عليَّ بذلك، وأشرت عليَّ أيضًا أن أذكر له أمر الزواج فذكرته له فخالفني، فَشِرْ عليَّ الآن بما تراه حسنًا. فقال له الوزير: الذي أشور به عليك الآن أيها الملك أن تصبر عليه سنة أخرى، فإذا أردتَ أن تكلِّمه بعدها في أمر الزواج فلا تكلمه سرًّا، ولكن حدِّثه في يوم حكومة، ويكون جميع الأمراء والوزراء حاضرين، وجميع العساكر واقفين، فإذا اجتمع هؤلاء فأرسل إلى ولدك قمر الزمان في تلك الساعة وأحضره، فإذا حضر فخاطبه في أمر الزواج بحضرة جميع الأمراء والوزراء، والحُجَّاب والنواب، وأرباب الدولة، والعساكر، وأصحاب الصولة، فإنه يستحي منهم، وما يقدر أن يخالفك بحضرتهم. فلما سمع الملك شهرمان من وزيره هذا الكلام، فرح فرحًا شديدًا واستصوب رأي الوزير في ذلك، وخلع عليه خلعة سنيَّة. وصبر الملك شهرمان على ولده قمر الزمان سنة، وكلما مضى عليه يوم من الأيام يزداد حسنًا وجمالًا، وبهجةً وكمالًا، حتى بلغ من العمر قريبًا من عشرين عامًا، وألبسه الله حلل الجمال، وتوَّجه بتاج الكمال، وصار طرفه أسحر من هاروت، وغنج ألحاظه أضل من الطاغوت، وأشرقت خدوده بالاحمرار، وازدرت جفونه بالصارم البتار، وبياض غرته حكى القمر الزاهر، وسواد شعره كأنه الليل العاكر، وخصره أرق من خيط هميان، وردفه أثقل من الكثبان، تهيج البلابل على أعطافه، ويشتكي خصره من ثقل أردافه، ومحاسنه حيَّرت الورى، كما قال فيه بعض الشعراء:
ثم إن الملك شهرمان سمع كلام الوزير، وصبر سنة أخرى حتى حصل يوم موسم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.