فلما كانت الليلة ١٧٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك شهرمان قال لولده قمر الزمان: ولكن أنت إلى الآن ما أدَّبك أحد، أَمَا تعلم أن هذا الأمر الذي صدر منك، لو صدر من عامِّي من العوام لكان ذلك قبيحًا منه. ثم إن الملك أمر المماليك أن يحلُّوا كتافه ويحبسوه في برج من أبراج القلعة، فعند ذلك دخل الفرَّاشون القاعة التي في البرج فكنسوها ومسحوا بلاطها، ونصبوا فيها سريرًا لقمر الزمان، وفرشوا له على السرير طرَّاحة ونطعًا، ووضعوا له مخدة وفانوسًا كبيرًا وشمعة؛ لأن ذلك المكان كان مظلمًا في النهار، ثم إن المماليك أدخلوا قمر الزمان في تلك القاعة، وجعلوا على باب القاعة خادمًا، فعند ذلك طلع قمر الزمان فوق ذلك السرير وهو منكسر الخاطر حزين الفؤاد، قد عاتب نفسه وندم على ما جرى منه في حق أبيه حيث لا ينفعه الندم، وقال: خيَّب الله الزواج والبنات والنساء الخائنات، فيا ليتني سمعت من والدي وتزوَّجت، فلو فعلت ذلك كان أحسن لي من هذا السجن.
هذا ما كان من أمر قمر الزمان، وأما ما كان من أمر أبيه، فإنه أقام على كرسي مملكته بقية اليوم إلى وقت الغروب، ثم خلا بالوزير، وقال له: اعلم أيها الوزير أنك كنت السبب في هذا الذي جرى بيني وبين ولدي كله؛ حيث أشرتَ عليَّ بما أشرتَ، فما الذي تشور به عليَّ الآن؟ فقال له الوزير: أيها الملك، دَعْ ولدك في السجن مدة خمسة عشر يومًا، ثم أحضره بين يديك وَأْمُره بالزواج فإنه لا يخالفك أبدًا. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.