فلما كانت الليلة ١٧٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير قال للملك شهرمان: دَعْ ولدك في السجن مدة خمسة عشر يومًا، ثم أحضره بين يديك وَأْمُره بالزواج فإنه لا يخالفك أبدًا. فقَبِل الملك رأي الوزير في ذلك، ونام تلك الليلة وهو مشتغل القلب على ولده؛ لأنه كان يحبه محبة عظيمة، حيث لم يكن له ولد سواه، وكان الملك شهرمان كل ليلة لا يجيئه نوم حتى يجعل ذراعه تحت رقبة قمر الزمان وينام، فبات الملك تلك الليلة وهو متشوش الخاطر من أجله، وصار يتقلب من جنب إلى جنب كأنه نائم على جمر اللظى، ولحقه الوسواس ولم يأخذه نوم في تلك الليلة بطولها، وذرفت عيناه بالدموع، وأنشد قول الشاعر:
وقول الآخَر:
هذا ما كان من أمر الملك شهرمان، وأما ما كان من أمر قمر الزمان؛ فإنه لما قدم عليه الليل قدَّم له الخادم الفانوس، وأوقد له شمعة وجعلها في شمعدان، وقدَّم له شيئًا من المأكل فأكل قليلًا، وصار يعاتب نفسه حيث أساء الأدب في حق أبيه الملك شهرمان، وقال لنفسه: أَلَمْ تعلم أن ابن آدم رهين لسانه، وأن لسان الآدمي هو الذي يُوقِعه في المهالك؟! ولم يزل يعاتب نفسه ويلومها حتى غلبت عليه الدموع، واحترق قلبه المصدوع، وندم على ما خرج من لسانه في حق الملك غاية الندم، وأنشد هذين البيتين:
ثم إن قمر الزمان لما فرغ من الأكل طلب أن يغسل يديه، فغسل يديه من الطعام وتوضأ وصلَّى المغرب والعشاء وجلس … وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.