فلما كانت الليلة ١٧٨
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن دهنشًا قال: إني خرجت في هذه الليلة من الجزائر الداخلة في بلاد الصين، وهي بلاد الملك الغيور، صاحب الجزائر والبحور والسبعة قصور، فرأيت لذلك الملك بنتًا لم يخلق الله في زمانها أحسن منها، ولا أعرف كيف أَصِفها لك، ويعجز لساني عن وصفها كما ينبغي، ولكن أذكر لك شيئًا من صفاتها على سبيل التقريب؛ أمَّا شعرها فكليالي الهجر والانفصال، وأما وجهها فكأيام الوصال، وقد أحسن في وصفها مَن قال:
ولها أنف كحد السيف المصقول، ولها وجنتان كرحيق الأرجوان، ولها خد كشقائق النعمان، وشفتاها كالمرجان والعقيق، وريقها أشهى من الرحيق، يطفئ مذاقه عذاب الحريق، ولسانها يحركه عقل وافر، وجواب حاضر، ولها صدر فتنةٌ لمَن يراه، فسبحان مَن خلقه وسوَّاه! ومتصل بذلك الصدر عضدان مدملجان، كما قال فيهما الشاعر الولهان:
ولها نهدان كأنهما من العاج، حقَّان يستمد من إشراقهما القمران، ولها بطن بأعكان مطوية كطي القباطي المصرية، وينتهي ذلك إلى خصر مختصر من وهم الخيال، فوق ردف ككثيب من رمال، يُقعِدها إذا قامت، ويوقظها إذا نامت، كما قال فيه بعض واصفيه:
يحمل ذلك الكفل فخذان كأنهما من الدر عمودان، وعلى حمله ما أقدرهما إلا بركة الشيخ الذي بينهما، وأما غير ذلك من الأوصاف فلا يحصيه ناعت ولا وصَّاف، ويحمل ذلك كله قدمان لطيفتان صنعة المهيمن الديان، فعجبت منهما كيف يحملان ما فوقهما. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.