فلما كانت الليلة ١٨٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن دهنشًا انقلب في صورة برغوثة ولدغ قمر الزمان في رقبته في موضع ناعم؛ فمد قمر الزمان يده على رقبته وهرش موضع القرصة من شدة ما أحرقته؛ فتحرَّك بجنبه، فوجد شيئًا نائمًا بجنبه، ونفسه أزكى من المسك، وجسمه ألين من الزبد؛ فتعجب قمر الزمان من ذلك غاية العجب، ثم قام من وقته قاعدًا، ونظر إلى ذلك الشخص الراقد بجانبه، فوجدها صبية كالدرَّة السنيَّة، أو القبَّة المبنية بقامة ألفيَّة، خماسية القدِّ، بارزة النهد، موردة الخد، كما قال فيها بعض واصفيها:
فلما رأى قمر الزمان السيدة بدور بنت الملك الغيور، وشاهد حسنها وجمالها وهي نائمة في طوله، وجد فوق بدنها قميصًا بندقيًّا وهي بلا سروال، وعليها كوفية من ذهب مرصعة بالجواهر، وفي عنقها قلادة من الفصوص المثمَّنة لا يقدر عليها أحد من الملوك؛ فصار مدهوش العقل من ذلك، ثم إنه حين شاهَدَ حُسْنَها تحرَّكت فيه الحرارة الغريزية، وألقى الله عليه شهوة الجماع، وقال في نفسه: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. ثم قلَّبها بيده ثاني مرة، وفتح طوق قميصها فبان له بطنها، ونظر إليه وإلى نهودها فازداد فيها محبة ورغبة، فصار ينبِّهها وهي لا تنتبه؛ لأن دهنشًا ثقَّل نومها، فصار قمر الزمان يهزُّها ويحرِّكها ويقول: يا حبيبتي استيقظي وانظري مَن أنا، فأنا قمر الزمان. فلم تستيقظ، ولم تحرِّك رأسها، فعند ذلك تفكَّرَ في أمرها ساعة زمانية، وقال في نفسه: إن صدق حَزْري فهذه الصبية هي التي يريد والدي زواجي بها، ومضى لي ثلاث سنين وأنا أمتنع من ذلك، فإن شاء الله إذا جاء الصبح أقول لأبي: زوِّجني بها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.