فلما كانت الليلة ١٨٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملكة بدور لما رأت قمر الزمان أخذها الهيام، والوجد والغرام، وقالت في نفسها: وا فضيحتاه! إن هذا شاب غريب لا أعرفه، ما باله راقدًا بجانبي في فراش واحد؟ ثم نظرت إليه بعيونها، وحقَّقت النظر فيه وفي ظُرفه ودلاله، وحسنه وجماله، ثم قالت: وحق الله إنه شاب مليح مثل القمر، إلا أن كبدي تكاد أن تتمزق وجدًا عليه، وشغفًا بحسنه وجماله، فيا فضيحتي منه، والله لو علمت أن هذا الشاب هو الذي خطبني من أبي ما رددتُه، بل كنت أتزوَّجه وأتملَّى بجماله.
ثم إن الملكة بدور تطلعت من وقتها وساعتها في وجه قمر الزمان، وقالت له: يا سيدي، وحبيب قلبي، ونور عيني، انتبه من منامك، وتمتع بحسني وجمالي. ثم حرَّكته بيدها، فأرخت عليه ميمونة الجنية النوم، وثقَّلت على رأسه بجناحها، فلم يستيقظ قمر الزمان، فهزَّته الملكة بدور بيديها، وقالت له: بحياتي عليك أن تطيعني، فانتبه من منامك، وانظر النرجس والخضرة، وتمتَّعْ ببطني والسرَّة، وهارِشْني وناغِشْني من هذا الوقت إلى بكرة، قم يا سيدي، واتَّكئ على المخدة ولا تنم. فلم يجبها قمر الزمان بجواب، ولم يرد عليها خطابًا، بل غط في النوم، فقالت الملكة بدور: ما لك تائهًا بحسنك وجمالك، وظرفك ودلالك؟ فكما أنت مليح أنا الأخرى مليحة، فما هذا الذي تفعله؟ هل هم علَّموك الصدَّ عني، أو أبي الشيخ النحس منعك من أن تكلمني في هذه الليلة؟ ففتح قمر الزمان عينيه فازدادت فيه محبة، وألقى الله محبته في قلبها، ونظرته نظرة أعقبتها ألف حسرة، فخفق فؤادها، وتقلقلت أحشاؤها، واضطربت جوارحها، وقالت لقمر الزمان: يا سيدي كلِّمني، يا حبيبي حدِّثني، يا معشوقي ردَّ عليَّ الجواب، وقل لي ما اسمك؛ فإنك سلبت عقلي.
كل ذلك وقمر الزمان مستغرق في النوم، ولم يرد عليها بكلمة، فتأوَّهت الملكة بدور، وقالت: ما لك معجبًا بنفسك؟ ثم هزَّته وقبَّلت يده، فرأت خاتمها في إصبعه الخنصر، فشهقت شهقة واتبعتها بغنجة، وقالت: أوَّه أوَّه! والله أنت حبيبي وتحبني، ولكن كأنك تُعرِض عني دلالًا مع أنك جئتني وأنا نائمة، وما أعرف كيف عملت أنت معي، ولكن ما أنا قالعة خاتمي من خنصرك. ثم فتحت جيب قميصه ومالت عليه، وقبَّلت رقبته، وفتَّشت على شيء تأخذه منه فلم تجد معه شيئًا، ورأته بغير سروال، فمدت يدها من تحت ذيل قميصه، وجست سيقانه فزلقت يدها من نعومة جسمه، وسقطت على أيره، فانصدع قلبها وارتجف فؤادها؛ لأن شهوة النساء أقوى من شهوة الرجال، وخجلت، ثم نزعت خاتمه من إصبعه، ووضعته في إصبعها عوضًا عن خاتمها، وقبَّلته في ثغره، وقبَّلت كفَّيه، ولم تترك فيه موضعًا إلا قبَّلته، وبعد ذلك أخذته في حضنها وعانقته، ووضعت إحدى يديها تحت رقبته، والأخرى من تحت إبطه، ونامت بجانبه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.