فلما كانت الليلة ١٩٥
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن المركب انقلبت بجميع ما فيها، واشتغل كل واحد بنفسه، وأما مرزوان فإنه جذبته قوة التيار جذبةً حتى أوصلته تحت قصر الملك الذي فيه قمر الزمان، وكان بالأمر المقدور قد اجتمع الأمراء والوزراء عنده للخدمة، والملك شهرمان جالس ورأس ولده قمر الزمان في حجره، وخادم ينش عليه. وكان قمر الزمان مضى له يومان وهو لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم، وصار الوزير واقفًا عند رجلَيْه قُريب الشباك المطل على البحر، فرفع الوزير بصره فرأى مرزوان قد أشرف على الهلاك من التيار، وبقي على آخِر نفس، فرَقَّ قلبُ الوزير إليه فتقرَّبَ إلى السلطان، ومدَّ رأسه إليه، وقال له: أستأذنك في أن أنزل إلى ساحة القصر وأفتح بابها لأنقذ إنسانًا قد أشرف على الغرق في البحر، وأطلعه من الضيق إلى الفرج، لعل الله بسبب ذلك يخلص ولدك مما هو فيه. فقال السلطان: كل ما جرى على ولدي بسببك، وربما أنك إذا أطلعت هذا الغريق، يطَّلِع على أحوالنا وينظر إلى ولدي وهو في هذه الحالة فيشمت بي، ولكن أقسم بالله إن طلع هذا الغريق ونظر إلى ولدي وخرج يتحدَّث مع أحد بأسرارنا، لَأضربن رقبتك قبله؛ لأنك أيها الوزير سبب ما جرى لنا أولًا وآخرًا، فافعل ما بَدَا لك. فنهض الوزير، وفتح باب الساحة، ونزل في الممشاة عشرين خطوة، ثم خرج إلى البحر فرأى مرزوان مشرفًا على الموت، فمدَّ الوزير يده إليه ومسكه من شعر رأسه وجذبه منه، فخرج من البحر وهو في حال العدم، وقد امتلأ بطنه ماءً وبرزت عيناه، فصبر الوزير عليه حتى رُدَّتْ روحه إليه، ثم نزع عنه ثيابه وألبسه ثيابًا غيرها، وعمَّمه بعمامة من عمائم غلمانه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.