فلما كانت الليلة ١٩٦
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير لما فعل مع مرزوان ما فعل قال له: اعلم أني كنت سببًا لنجاتك من الغرق، فلا تكن سببًا لموتي وموتك. فقال مرزوان: وكيف ذلك؟ قال الوزير: لأنك في هذه الساعة تطلع وتشق بين أمراء ووزراء، والكل ساكتون لا يتكلمون من أجل قمر الزمان ابن السلطان. فلما سمع مرزوان ذِكْر قمر الزمان عرفه؛ لأنه كان يسمع بحديثه في البلاد، فقال مرزوان: ومَن قمر الزمان؟ فقال الوزير: هو ابن السلطان شهرمان، وهو ضعيف ملقًى على الفراش لا يقرُّ له قرار، ولا يعرف ليلًا من نهار، وكاد أن يفارق الحياة من نحول جسمه ويصير من الأموات؛ فنهاره في لهيب، وليله في تعذيب، وقد يئسنا من حياته، وأيقنَّا بوفاته، وإياك أن تُطِيل النظرَ إليه أو تنظر إلى غير الموضع الذي تحط فيه رجلك، وإلا تروح روحك وروحي. فقال له: بالله تخبرني عن الشاب الذي وصفته لي، ما سبب هذا الأمر الذي هو فيه؟ فقال له الوزير: لا أعلم سببًا، إلا أن والده من منذ ثلاث سنين كان يراوده عن أمر الزواج وهو يأبى، فأصبح يزعم أنه كان نائمًا فرأى بجنبه صبية بارعة الجمال، وجمالها يحيِّر العقول، ويعجز عنه الوصف، وذكر لنا أنه نزع خاتمًا من إصبعها ولبسه، وألبسها خاتمه، ونحن لا نعرف باطن هذه القضية؛ فبالله يا ولدي اطلع معي القصر، ولا تنظر إلى ابن الملك، بعد ذلك رُح إلى حال سبيلك؛ فإن السلطان قلبه ملآن عليَّ غيظًا. فقال مرزوان في نفسه: والله إن هذا هو المطلوب. ثم طلع مرزوان خلف الوزير إلى أن وصل إلى القصر، ثم جلس الوزير تحت رجلَيْ قمر الزمان، وأما مرزوان فإنه لم يكن له دأب إلا أنه مشى حتى وقف قدَّام قمر الزمان ونظر إليه، فمات الوزير في جلده، وصار ينظر إلى مرزوان ويغمزه ليروح إلى حال سبيله، ومرزوان يتغافل وينظر إلى قمر الزمان، وعلم أنه هو المطلوب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.