فلما كانت الليلة ١٩٨
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن مرزوان لما أنشد هذا الشعر، نزل على قلب قمر الزمان بردًا وسلامًا، ودار لسانه في فمه، وأشار إلى السلطان بيده: دَعْ هذا الشاب يجلس في جانبي. فلما سمع السلطان من ولده قمر الزمان هذا الكلام، فرح فرحًا شديدًا بعد أن غضب على الشاب، وأضمر في نفسه أنه يرمي رقبته، ثم قام الملك وأجلس مرزوان إلى جانب ولده، وأقبَلَ عليه وقال له: من أي البلاد أنت؟ قال من الجزائر الجوَّانية، من بلاد الملك الغيور صاحب الجزائر والبحور والسبعة قصور. فقال له الملك شهرمان: عسى أن يكون الفرج على يدك لولدي قمر الزمان. ثم إن مرزوان أقبل على قمر الزمان، وقال له في أذنه: ثبِّتْ قلبك، وطِبْ نفسًا، وقرَّ عينًا؛ فإن التي صرتَ من أجلها هكذا لا تسأل عمَّا هي فيه من أجلك، ولكنك كتمت أمرك فضعفت، وأما هي فإنها أظهرَتْ ما بها فجُنَّت، وهي الآن مسجونة بأسوأ حال، وفي رقبتها غلٌّ من حديد، وإن شاء الله تعالى يكون دواؤكما على يدي. فلما سمع قمر الزمان هذا الكلام، رُدَّتْ روحه إليه واستفاق، وأشار إلى الملك والده أن يُجلِسه، ففرح فرحًا زائدًا وأجلس ولده، ثم أخرج جميع الوزراء والأمراء، واتَّكأ قمر الزمان بين مخدتين، وأمر الملك أن يطيِّبوا القصر بالزعفران، ثم أمر بزينة المدينة، وقال لمرزوان: والله يا ولدي إن هذه طلعة مباركة. ثم أكرمه غاية الإكرام، وطلب لمرزوان الطعام فقدَّموا له، فأكل وأكل معه قمر الزمان، وبات عنده تلك الليلة، وبات الملك عندهما من فرحته. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.