فلما كانت الليلة ٢٠٠
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك شهرمان لما دخل ولده قمر الزمان الحمَّام، أمر بزينة المدينة فرحًا بذلك، وخلع الخِلَع وتصدَّقَ، وأطلق مَن في الحبوس، ثم إن مرزوان قال لقمر الزمان: اعلم أنني ما جئتُ من عند السيدة بدور إلا لهذا الأمر، وهو سبب سفري؛ لأجل أن أخلِّصها مما هي فيه، وما بقي لنا إلا الحيلة في رواحنا إليها؛ لأن والدك لا يقدر على فراقك، ولكن في غدٍ استأذِنْ والدك في أنك تخرج إلى الصيد في البرية، وخذ معك خرجًا ملآنًا من المال، واركب جوادًا من الخيل، وخذ معك جنيبًا، وأنا الآخَر مثلك، وقُلْ لوالدك: إني أريد أن أتفرج في البرية وأتصيَّد، وأنظر الفضاء، وأبيت هناك ليلة واحدة، فلا تشغل قلبك عليَّ بشيء. ففرح قمر الزمان بما قاله مرزوان، ودخل على والده واستأذنه في الخروج إلى الصيد، وقال له الكلام الذي أوصاه به مرزوان، فأذن له والده في الخروج إلى الصيد، وقال له: لا تبت غير ليلة واحدة، وفي غد تحضر؛ فإنك تعلم أنه ما يطيب لي عيش إلا بك، وإنني ما صدقت أنك خلصت مما كنتَ فيه. ثم إن الملك شهرمان أنشد لولده هذين البيتين:
ثم إن الملك جهَّز ولده قمر الزمان هو ومرزوان، وأمر أن يُهيَّأ لهما ستة من الخيل، وهجين برسم المال، وجمل يحمل الماء والزاد، ومنع قمر الزمان أن يخرج معه أحد في خدمته، فودَّعه أبوه وضمه إلى صدره وقال له: سألتك بالله لا تَغِبْ عني إلا ليلة واحدة، وحرام عليَّ المنام فيها. وأنشد يقول:
ثم خرج قمر الزمان ومرزوان وركبَا فرسين، ومعهما الهجين عليه المال، والجمل عليه الماء والزاد، واستقبلا البر. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.