فلما كانت الليلة ٢٠١
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن قمر الزمان ومرزوان لما استقبلَا البر سارَا أول يوم إلى المساء، ثم نزلَا وأكلَا وشربَا، وأطعمَا دوابهما، واستراحَا ساعة، ثم ركبَا وسارَا، وما زالَا سائرين مدة ثلاثة أيام، وفي رابع يوم بان لهما مكان متَّسع فيه غاب فنزلا فيه، ثم أخذ مرزوان جملًا وفرسًا وذبحهما، وقطع لحمهما قطعًا، ونجر عظمهما، وأخذ من قمر الزمان قميصه ولباسه، وقطَّعهما قطعًا، ولوَّثهما بدم الفرس، وأخذ ملوطة قمر الزمان ومزَّقها ولوَّثها بالدم، ورماها في مفرق الطريق، ثم أكلَا وشربَا وسافرَا، فسأله قمر الزمان عما فعله، فقال له مرزوان: اعلم أن والدك الملك شهرمان إذا غبتَ عنه ليلةً ولم تحضر له ثاني ليلة، يركب ويسافر في إثرنا إلى أن يصل إلى هذا الدم الذي فعلته، ويرى قماشك مقطعًا وعليه الدم، فيظن في نفسه أنه جرى لك شيء من قطاع الطريق أو وحش البر، فينقطع رجاؤه منك ويرجع إلى المدينة، ونبلغ بهذه الحيلة ما نريد. فقال قمر الزمان: نِعْمَ ما فعلتَ. ثم سارَا أيامًا وليالي، كل ذلك وقمر الزمان باكي العين إلى أن استبشر بقُرْب الديار، فأنشد هذه الأشعار:
فلما فرغ قمر الزمان من شعره، بانت له جزائر الملك الغيور، ففرح قمر الزمان فرحًا شديدًا، وشكر مرزوان على فعله. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.