فلما كانت الليلة ٢٠٢
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن قمر الزمان لما بانت له جزائر الملك الغيور، فرح فرحًا شديدًا، وشكر مرزوان على فعله، ثم دخلا المدينة، وأنزله مرزوان في خان، واستراحا ثلاثة أيام من السفر، وبعد ذلك دخل بقمر الزمان الحمَّام وألبسه لبس التجار، وعمل له تخت رمل من ذهب، وعمل له عدة، وعمل له أصطرلابًا من الذهب، ثم قال له مرزوان: قُمْ يا مولاي، وقِفْ تحت قصر الملك ونادِ: أنا الحاسب الكاتب المنجِّم، فأين الطالب؟ فإن الملك إذا سمعك يرسل خلفك، ويدخل بك على ابنته محبوبتك، وهي لمَّا تراك يزول ما بها من الجنون، ويفرح أبوها بسلامتها ويزوِّجها لك، ويقاسمك في ملكه؛ لأنه شرط على نفسه هذا الشرط. فقَبِل قمر الزمان ما أشار به مرزوان، وخرج من الخان وهو لابس البدلة، وأخذ معه العدَّة التي ذكرناها، ومشى إلى أن وقف تحت قصر الملك الغيور ونادى: أنا الكاتب الحاسب المنجِّم، أكتب الكتاب، وأُحكِم الحجاب، وأحسب الحساب، وأخطُّ بأقلام المطالب فأين الطالب؟ فلما سمع أهل المدينة هذا الكلام، وكان لهم مدة من الزمان ما رأوا حاسبًا ولا منجِّمًا، وقفوا حوله وتأمَّلوه؛ فتعجَّبوا من حسن صورته ورونق شبابه، وقالوا له: بالله عليك يا مولانا لا تفعل بنفسك هذه الفعال طمعًا في زواج بنت الملك الغيور، وانظر بعينك إلى هذه الرءوس المعلَّقة، فإن أصحابها كلهم قُتِلوا من أجل هذا الحال، فآلَ بهم الطمع إلى الوبال. فلم يلتفت قمر الزمان إلى كلامهم، بل رفع صوته ونادى: أنا كاتب حاسب، أُقرِّب المطالب للطالب. فتداخَلَ عليه الناس. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.