فلما كانت الليلة ٢٠٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن قمر الزمان نهته الناس فلم يسمع كلامهم، بل رفع صوته ونادى: أنا الكاتب الحاسب، أُقرِّب المطالب للطالب. فاغتاظوا منه جميعًا وقالوا له: ما أنت إلا شاب مكابر أحمق، ارحم شبابك وصغر سنك وحسنك وجمالك. فصاح قمر الزمان وقال: أنا المنجم والحاسب، فهل من طالب؟ فبينما الناس تنهى قمر الزمان عن هذه الحالة، إذ سمع الملك الغيور الصياح وضجَّة الناس، فقال للوزير: انزل ائتنا بهذا المنجِّم. فنزل الوزير وأخذ قمر الزمان، فلما دخل قمر الزمان على الملك قبَّلَ الأرض بين يديه، وأنشد هذين البيتين:
فلما نظر الملك الغيور إليه أجلسه إلى جانبه وأقبل عليه، وقال له: يا ولدي، بالله لا تجعل نفسك منجِّمًا، ولا تدخل على شرطي؛ فإني ألزمت نفسي أن كل مَن دخل على بنتي ولم يُبرئها مما أصابها ضربتُ عنقه، ومَن أبرَأَها زوَّجته بها، فلا يغرَّنك حسنك وجمالك، وقدُّك واعتدالك، والله والله إن لم تُبرِئها لأضربن عنقك. فقال قمر الزمان: قبلت منك هذا الشرط. فأشهد عليه الملكُ الغيور القضاةَ، وسلَّمه إلى الخادم وقال له: أوصل هذا إلى السيدة بدور. فأخذه الخادم من يده ومشى به في الدهليز، فصار قمر الزمان سابقه، وصار الخادم يقول له: ويلك! لا تستعجل على هلاك نفسك، فوالله ما رأيت منجِّمًا يستعجل على هلاك نفسه إلا أنت، ولكنك لم تعرف أي شيء قدَّامك من الدواهي. فأعرَضَ قمر الزمان بوجهه عن الخادم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.