فلما كانت الليلة ٢٠٤
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن قمر الزمان أعرض بوجهه عن الخادم وأنشد هذه الأبيات:
ثم إن الخادم أوقف قمر الزمان خلف الستارة التي على الباب، فقال له قمر الزمان: أيُّ الحالتين أحبُّ إليك؛ كوني أداوي سيدتك وأبرئها من هنا، أم أدخل إليها فأبرئها من داخل الستارة؟ فتعجَّب الخادم من كلامه وقال له: إن أبرأتها من هنا كان ذلك زيادة في فضلك. فعند ذلك جلس قمر الزمان خلف الستارة، وأطلع الدواة والقلم، وكتب في ورقةٍ هذه الكلمات: «مَن برح به الجفا، فدواؤه الوفا، والبلاء لمَن يئس من حياته، وأيقن بحلول وفاته، وما لقلبه الحزين، من مسعف ولا معين، وما لطرفه الساهر، على الهم ناصر، فنهاره في لهيب، وليله في تعذيب، وقد انبرى جسمه من كثرة النحول، ولم يأته من حبيبه رسول كتب.» ثم كتب هذه الأبيات:
ثم كتب تحت الشعر هذه السجعات: «شفاء القلوب لقاء المحبوب، مَن جفاه حبيبه فالله طبيبه، مَن خان منكم ومنَّا لا نال ما يتمنَّى، ولا أظرف من المحب الوافي إلى الحبيب الجافي.» ثم كتب في الإمضاء: «من الهائم الولهان، العاشق الحيران، مَن أقلقه الشوق والغرام، أسير الوَجْد والهيام، قمر الزمان بن شهرمان، إلى فريدة الزمان، ونخبة الحور الحسان، السيدة بدور بنت الملك الغيور، اعلمي أنني في ليلي سهران، وفي نهاري حيران، زائد النحول والأسقام، والعشق والغرام، كثير الزفرات غزير العَبَرات، أسير الهوى قتيل الجوى، غريم الغرام نديم السقام، فأنا السهران الذي لا تهجع مقلته، والمتيم الذي لا ترفأ عبرته، فنارُ قلبي لا تُطفَى، ولهيب شوقي لا يخفَى.» ثم كتب في حاشية الكتاب هذا البيت المستطاب:
وكتب أيضًا:
ثم إن قمر الزمان بعد أن ختم الكتاب، كتب في عنوانه هذه الأبيات:
ثم كتب أيضًا:
وكان قد وضع خاتم السيدة بدور في طي الكتاب، ثم ناوَلَ الكتاب للخادم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.