فلما كانت الليلة ٢١٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك قمر الزمان بكى على فراق زوجته لما رأى الطائرين يبكيان على صاحبهما، ثم إن قمر الزمان رأى الطائرين حفرَا حفرة ودفنا الطائر المقتول فيها وطارَا إلى الجو وغابا ساعة، ثم عادا ومعهما الطائر القاتل، فنزلا به على قبر المقتول، وبركا على القاتل حتى قتلاه، وشقَّا جوفه وأخرجا أمعاءه، وأراقا دمه على قبر الطائر المقتول، ثم نثرا لحمه ومزَّقا جلده، وأخرجا ما في جوفه وفرَّقاه إلى أماكن متفرقة. هذا كله جرى وقمر الزمان ينظر ويتعجَّب، فحانت منه التفاتة إلى الموضع الذي قتلَا فيه الطائر، فوجد شيئًا يلمع، فدنا منه فوجده حوصلة الطائر، فأخذها وفتحها؛ فوجد فيها الفص الذي كان سبب فراقه من زوجته، فلما رآه وعرفه وقع على الأرض مغشيًّا عليه من فرحته، فلما أفاق قال في نفسه: هذا علامة الخير، وبشارة الاجتماع بمحبوبتي. ثم تأمله ومر به على عينه، وربطه على ذراعه، واستبشر بالخير، وقام يتمشى لينظر الخولي، ولم يزل يفتش عليه إلى الليل فلم يأتِ، فبات قمر الزمان في موضعه إلى الصباح، ثم قام إلى شغله، وشدَّ وسطه بحبل من الليف، وأخذ الفأس والقفَّة، وشق في البستان، فأتى إلى شجرة خروب وضرب الفأس في جذرها فطنَّت الضربة، فكشف التراب عن موضعها، فوجد طابقًا ففتحه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.