فلما كانت الليلة ٢١٨
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك توجَّه إلى الصيد والقنص، وأمر ولديه أن يجلسا في موضعه للحكم؛ كل واحد يومًا على عادتهما؛ فجلس للحكم في اليوم الأول الأمجد ابن الملكة بدور فأمر ونهى، وولَّى وعزل، وأعطى ومنع. فكتبت له الملكة حياة النفوس أم الأسعد مكتوبًا تستعطفه فيه، وتوضِّح له أنها متعلِّقة به، ومتعشِّقة فيه، وتكشف له الغطاء، وتعلمه أنها تريد وصاله، فأخذت ورقةً وكتبت فيها هذه السجعات: «من المسكينة العاشقة، الحزينة المفارقة، التي ضاع بحبك شبابها، وطال فيك عذابها، ولو وصفت لك طول الأسف، وما أقاسيه من اللهف، وما بقلبي من الشغف، وما أنا فيه من البكاء والأنين، وتقطع القلب الحزين، وتوالي الغموم، وتتابع الهموم، وما أجده من الفراق، والكآبة والاحتراق، لطال شرحه في الكتاب، وعجزت عن حصره الحساب، وقد ضاقت عليَّ الأرض والسماء، ولا لي في غيرك أمل ولا رجاء، فقد أشرفت على الموت، وكابدت أهوال الفوت، وزاد بي الاحتراق، وألم الهجر والفراق، ولو وصفت ما عندي من الأشواق، لضاقت عنه الأوراق.» ثم بعد ذلك كتبت هذين البيتين:
ثم إن الملكة حياة النفوس لفَّت تلك الورقة في رقعة من غالي الحرير، مضمَّخة بالمسك والعبير، ووضعت معها جدائل شعرها التي تستغرق الأموال بسعرها، ثم لفَّتها بمنديل، وأعطتها للخادم، وأمرته أن يوصلها إلى الملك الأمجد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.