فلما كانت الليلة ٢٢١
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الخازندار بكى لبكائهما، ثم إن الأخوين تعانقَا وودَّعا بعضهما، وقال أحدهما للآخر: إن هذا كله من كيد الخائنتين أمي وأمك، وهذا جزاء ما جرى مني في حق أمك، وجزاء ما جرى منك في حقِّ أمي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون. ثم إن الأسعد اعتنق أخاه، وصعَّد الزفرات، وأنشد هذه الأبيات:
فلما سمع الأمجد بكاء أخيه بكى، وضمَّه إلى صدره، وأنشد هذين البيتين:
ثم قال الأمجد للخازندار: سألتك بالواحد القهار الملك الستار أن تقتلني قبل أخي الأسعد، لعل نار قلبي تخمد، ولا تدعها تتوقد. فبكى الأسعد وقال: ما يُقتَل قبلُ إلا أنا. فقال الأمجد: الرأي أن تعتنقني وأعتنقك حتى ينزل السيف علينا فيقتلنا دفعة واحدة. فلما اعتنق الاثنان وجهًا لوجه والتزمَا ببعضهما، شدَّهما الخازندار وربطهما بالحبال وهو يبكي، ثم جرَّد سيفه وقال: والله يا سيديَّ إنه يعزُّ عليَّ قتلكما، فهل لكما من حاجة فأقضيها، أو وصيَّة فأنفِّذها، أو رسالة فأبلِّغها؟ فقال الأمجد: ما لنا حاجة، وأما من جهة الوصية فإني أوصيك أن تجعل أخي الأسعد من تحت وأنا من فوق؛ لأجل أن تقع عليَّ الضربة أولًا، فإذا فرغتَ من قتلنا ووصلتَ إلى الملك وقال لك: ما سمعت منهما قبل موتهما؟ فقل له: إن ولدَيْك يُقْرِآنك السلام ويقولان لك: إنك لا تعلم هل هما بريئان أم مذنبان؟ وقد قتلتهما وما تحقَّقْتَ ذنبهما، وما نظرت في حالهما. ثم أنشده هذين البيتين:
ثم قال الأمجد: ما نريد منك إلا أن تبلغه هذين البيتين اللذين سمعتهما. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.