فلما كانت الليلة ٢٢٨
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الأسعد لما رأى نفسه مقيَّدًا وقد آلمه الضرب، تذكَّر ما كان فيه من العز والسعادة، والمُلك والسيادة، فبكى وصعَّد الزفرات، وأنشد هذه الأبيات:
فلما فرغ الأسعد من شعره مدَّ يده عند رأسه فوجد رغيفًا وكوز ماء مالح، فأكل قليلًا ليسد رمقه، وشرب قليلًا من الماء، ولم يزل ساهرًا إلى الصباح من كثرة البق والقمل. فلما أصبح الصباح نزلت إليه الجارية ونزعت عنه ثيابه، وكانت قد غُمِرت بالدم والتصقت بجلده، فطلع جلده مع القميص، فصرَخَ وتأوَّه وقال: يا مولاي، إن كان في هذا رضاك فزدني منه، يا رب إنك لستَ غافلًا عمَّن ظلمني، فخذ حقي منه. ثم صعَّد الزفرات، وأنشد هذه الأبيات:
فلما فرغ من شعره نزلت عليه الجارية بالضرب حتى غُشِي عليه، ورمت له رغيفًا وكوز ماء مالح، وطلعت من عنده وخلَّته وحيدًا فريدًا حزينًا والدماء تسيل من أعضائه، وهو مقيَّد في الحديد بعيد عن الأحباب، فتذكَّرَ أخاه والعزَّ الذي كان فيه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.