الدراسة النقدية للغة والتحرر الاجتماعي: تعليم اللغة في المدارس
وإذا كان للدراسة النقدية للغة أو لأيِّ أسلوب آخر للتحليل النقدي للمجتمع أن يُسهم في التحرر الاجتماعي من خلال رفع مستوى الوعي، فلا بد من تلبية شروط معينة أولًا. ولنا أن نميِّز ما بين الشروط «الموضوعية» والشروط «الذاتية». وربما يكون الشرط الموضوعي الرئيسي واضحًا، ولكنه جدير بإعادة ذكره، أي أن تكون الأوضاع الاجتماعية العامة في حالة تسمح بإمكان التقدم نحو التحرر الاجتماعي. ومعنى هذا أن الطاقة التحررية للدراسة النقدية للغة في ظل دكتاتورية فاشية، أو حتى في ظل نظام ديموقراطي تتمتع الكتلة المهيمنة فيه بموقع حصين، طاقة محدودة إلى حدٍّ بعيد! وأما الشروط الذاتية فتضم أولًا فئات الشعب الخاضعة للهيمنة، فيجب أن تتمتع بالقدرة على الانتقاد ورفع مستوى وَعْيِها، وهو ما يتوقف على خبرتها بالكفاح الاجتماعي. فالمقهورون لن يتبيَّنوا قهرهم لمجرد أن أحدًا من الناس كلَّف نفسَه عناءَ تنبيههم إليه، بل لن يتبيَّنوه فعلًا إلا من خلال خبرتهم الخاصة بالقهر، وأنشطتهم في الكفاح ضده. وهكذا فإن الكفاح ورفع الوعي يرتبطان بعلاقة جدلية، بمعنى أن الكفاح يُهيِّئ الناس لزيادة الوعي، وهو ما يمنحهم القوة على القيام بالكفاح. أضف إلى ذلك الشروط الذاتية المتعلقة بمن يقومون بدور العامل المساعد في رفع مستوى الوعي، أي إنه لا بد من وجود أفراد يتمتعون بالخلفية النظرية القادرة على تمكينهم من سلوك هذا المسلك، والمشاركة فيما يتعرض له المقهورون مشاركةً تكفي لضمان تقبُّلهم باعتبارهم عوامل مساعدة. وكثيرًا ما يكون هؤلاء معلمين بصورة رسمية أو غير رسمية، وإن لم يكن ذاك هو الواقع بالضرورة. وقد يتمثل جانب من «معداتهم»، وهو جانب واحد فحسب، في إحاطتهم بالدراسة النقدية للغة، والقدرة على الاستعانة بوسائط من كتب مثل هذا الكتاب للتواصل مع مَن لا يتمتعون بالخلفية اللازمة لقراءتها.
إن في مجتمعنا سياقاتٍ اجتماعيةً كثيرة يمكن للدراسة النقدية للغة أن تنهض فيها بدور في ضروب الكفاح من أجل التحرر الاجتماعي. وبعض هذه السياقات تعليمية (كالمدارس والكليات وسياقات التدريب «أثناء العمل» أو «أثناء الخدمة» … إلخ) أو من غيرها مثل أنشطة فروع النقابات، والمنظمات السياسية، والجمعيات النسوية، وجمعيات الحفاظ على البيئة، واتحادات المستأجرين والعديد من أنماط اللقاءات في أماكن العمل، أو المنازل، أو الحانات، أو المقاهي أو الشوارع. فلأعلق بإيجاز شديد على ثلاثة من أمثال هذه السياقات قبل التركيز على تدريس اللغة في المدارس.
من السياقات التي يعمل فيها معلمون محترفون تدريسُ اللغة الإنجليزية باعتبارها لغةً ثانية. ويتعامل هؤلاء المعلمون مع بعض القطاعات الاجتماعية التي تُعاني أشد الحرمان من المزايا التي يتمتع بها غيرها، وإحساسُ أفرادها بالخضوع للسيطرة والنزعة العنصرية إحساسٌ بالغ الحدة. ويرى بعض هؤلاء المعلمين أن دورهم يتضمن أصلًا تمكين هؤلاء الطلاب — بتعبير أحد الممارسين — من «التعامل مع المواقف التواصلية خارج قاعة الدرس، حيث كفة السلطة المؤسسية راجحة ضدهم، وإعدادهم لإظهار التحدي والمعارضة والإثبات في الحالات التي تقتضي ديناميات السلطة منهم الموافقة، والرضوخ والصمت». ويجب أن تقوم هذه العملية التعليمية «على أساس الحوار حول معنى السلطة وتشفيرها في اللغة» وهو ما يشير إلى وجود دور للدراسة النقدية للغة. وهكذا فإن تعليم الإنجليزية باعتبارها لغة ثانية حالة يعتبر فيها إنماء الوعي النقدي بالخطاب أساسًا لنموذج من الصراع الأيديولوجي الخطابي، وهي مثال سبق ترسيخُ جذوره إلى حدٍّ ما.
ولدينا مثالٌ آخر يفتقر، في حدود ما أعلم، إلى مثل هذه التقاليد الراسخة، وإن تكن إمكانياته تبدو، برغم هذا، كبيرة، ألا وهو تدريب العاملين في المرافق العامة الذين يتصلون اتصالًا مباشرًا بالفئات الاجتماعية الخاضعة للسلطة، كالعاملين بالتمريض على سبيل المثال. فالواقع أن عددًا كبيرًا من أمثال هؤلاء العاملين يتعرضون لضغوط هائلة لتكييف ممارساتهم حتى تتفق مع معايير نفعية محضة مثل «الكفاءة» و«فعالية التكاليف». ويعني هذا، لكثير منهم، توقُّع قيام عدد أقل من هؤلاء العاملين «بالتعامل» مع أعداد أكبر من الناس. ومن ثَم، ففي حدود ظهور الخطاب أو «التواصل» في التدريب، تظهر هذه السمات في شكل «التواصل» و«المهارات الاجتماعية» التي يتمثل دافعُها الأول في تحقيق الكفاءة في التعامل مع الأشخاص. ولا شك أنك تذكر مناقشة «المهارات» في الفصل الثامن. أي إن الدراسة النقدية للغة يمكن أن تكون موردًا مهمًّا لمن يشغلهم أمر هذه التطورات.
وتوجد حالة أخرى خارج المجال الرسمي للتعليم أو التدريب، وهي إمكانية البناء على أسس البحث النقدي في أجهزة الإعلام، وتوفرها حركة النقابات العمالية في بريطانيا؛ إذ يرى كثيرٌ من النقابيِّين أن الممارسات الإعلامية تضرُّ بمصالح النقابات خصوصًا وبأفراد الطبقة العاملة عمومًا. ويقوم جانب من هذا الموقف السلبي على الخبرة الجماعية المريرة للأسلوب الذي استخدمته وتستخدمه أجهزة الإعلام في وصفها لأنشطة النقابات وممارساتها، مثل أشكال الاقتراع والانتخابات والإضرابات. ولكن الباب يكاد يكون مغلقًا في وجه الانتفاع العام بأساليب التحليل القادرة على تمكين النقابيِّين من إجراء رصد تفصيلي لإنتاج أجهزة الإعلام، على الرغم من أن مثل هذا الرصد يمكنه تدعيم حملاتهم الرامية إلى السيطرة الديموقراطية على أجهزة الإعلام، وعلى إتاحة «حق الرد» للذين تُصورهم هذه الأجهزة وهلمَّ جرًّا. وأعتقد أن الدراسة النقدية للغة من الموارد التي يمكنها المساعدة في هذا الصدد، وعلاقتها بالقضية واضحة في أعين الكثير من النقابيِّين.
(١) تعليم اللغة في المدارس
(١-١) الوعي النقدي باللغة
ذكرت عاليه لجنة كينجمان باعتبارها أحدَ أسباب تركيزي على تعليم اللغة في المدارس. وكانت عدة عوامل قد أسهمت — فيما يبدو — في اتخاذ القرار بإنشاء هذه اللجنة، وكان من بينها الخلاف الذي نشب في أعقاب المحاولة التي قام بها مفتشو تعليم اللغة الإنجليزية لوضع أهداف لتعليم اللغة الإنجليزية، والخطوات التي اتخذت على طريق إنشاء منهج دراسي قومي في عدد من المواد الدراسية «الأساسية». وكان من العوامل الكبرى ما تردَّد من شكاوى بشأن المستويات، وخصوصًا مستوى إجادة القراءة والكتابة، وكثيرًا ما كانت هذه الشكاوى من أصحاب العمل أو من السياسيِّين الذين يرجعون أصداءهم. وفيما يلي — على سبيل المثال — التبرير الذي قدَّمه كينيث بيكر، وزير التعليم آنذاك، في نوفمبر ١٩٨٦م، لإنشاء اللجنة المذكورة: «كثيرًا ما أسمع أصحاب العمل يشكون من أن عددًا كبيرًا ممن انتهوا من المرحلة الدراسية وتقدَّموا بطلبات الحصول على أعمال أو وظائف، أي بعد أن قضَوا إحدى عشرة سنة في التعليم الإلزامي، لا يستطيعون الكتابة البسيطة الواضحة ومن دون ارتكاب أخطاء واضحة.»
… راعني وجودُ فجوة معينة. فالتلاميذ يحتاجون إلى الإحاطة بأسرار اللغة الإنجليزية حتى يتمكنوا من استخدامها استخدامًا فعالًا. ولم تَعُد معظم المدارس تُعلِّم النحو بالأسلوب القديم.
لكنها لم تستعِض عنه بشيء يُذكَر. لم تَعُد لدينا أرضية مشتركة بشأن أبنية اللغة الإنجليزية وطرائق عملها، أو بشأن الأسلوب الذي تستخدمه لنقل المعنى وإحداث آثار أخرى. علينا أن نزود المعلمين بنموذج صحيح للغة للمساعدة على تحسين تدريسهم.
وليس لدينا، من منظور التحليل النقدي للغة، ما نعترض عليه في القول بأن تنمية القدرات اللغوية للأطفال يقتضي حصولهم، هم ومَن يُعلِّمهم، على «نموذج» ما للغة، ولكن صورة اللغة والخطاب تختلف اختلافًا جذريًّا عن التصور النفعي الوارد عاليه. وما دامت الدراسة النقدية للغة تنسب إلى اللغة دلالة اجتماعية أشد ثراءً وأثقل وزنًا، فإنها تنظر إلى تعليم اللغة من زاوية أوسع. وما دمت أنا قد أقمت مناقشتي لتعليم اللغة على أساس اختصاصات لجنة كنجمان، فإن للقارئ أن يعتبر أن هذا القسم يمثل إسهامًا في المناظرة من وجهة نظر بالغة الاختلاف عن بعض الأفكار التي دعت إلى إنشاء اللجنة.
-
تقديم نموذج للغة الإنجليزية، منطوقًا أو مكتوبًا؛ بحيث يمكنه أن:
- (١)
يعتبر أساسًا لطرائق تدريب المعلمين على تفهُّم أساليب عمل اللغة الإنجليزية.
- (٢)
يعتبر مرجعًا للمناقشات المهنية عن جميع جوانب تعليم اللغة الإنجليزية.
- (١)
-
وضع المبادئ اللازمة لإرشاد المعلمين إلى مدى وجوب شرح هذا النموذج للتلاميذ وأساليب هذا الشرح، لتوعيتهم بطرائق استخدام اللغة في شتى السياقات.
-
ما يحتاج التلاميذ إلى معرفته عمومًا عن أساليب عمل اللغة الإنجليزية، ومن ثَم ما كان ينبغي أن يتعلموه وما يُتوقَّع أن يفهموه في هذا الصدد في سنِّ السابعة، والحادية عشرة والسادسة عشرة.
وسوف أبدأ بمناقشة النموذج المشار إليه في أولى الاختصاصات، ثم أناقش البند الثاني والثالث معًا تحت عنوان «المبادئ الإرشادية»، وإن لم أقترح أهدافًا محددة للأطفال في سن ٧، و١١و١٦.
(١-٢) النموذج
والواضح أن اختيار النموذج يعتمد على رأي المرء في تعليم اللغة، وفي التعليم بصفة عامة. وأعتقد أن علينا التمييز بين التعليم والتدريب، وأن هذا ينطبق على اللغة مثلما ينطبق على العناصر الأخرى للمنهج الدراسي. فالآراء النفعية في تعليم اللغة المشار إليها آنفًا تبدو لي موجهةً إلى التدريب؛ إذ تركز على نقل المعارف والمهارات، مفترضةً أن مضمونها لا إشكالية فيه، ومتجاهلة أصولها الاجتماعية. ويصادف المرء تصورًا مماثلًا للتعليم الأدبي، عادة ما يدعو إليه هؤلاء الأشخاص أنفسهم، باعتباره نقلًا للقيم الثقافية المهيمنة، وتعليم الأطفال ما تعتبره الحكمة التقليدية «أدبًا عظيمًا». وأنا أقول: إن التعليم على العكس من ذلك ليس مجردَ نقل أو تقديم أشياء (وإن كان يتضمن ذلك إلى حد ما) بل إنه يتمثل في تنمية الوعي النقدي للطفل ببيئته ووعيه الذاتي النقدي وقدرته على الإسهام في تشكيل عالمه الاجتماعي وإعادة تشكيله.
ومن ثَم فليس من التعليم في شيء أن نُقدِّم إلى الأطفال أيَّ عنصر من عناصر بيئتهم الاجتماعية التي صنعها الإنسان وتتعرض للتغيير على أيدي الإنسان كأنما هو عنصر من عناصر البيئة الطبيعية التي لا سلطان لهم عليها. ومع ذلك، فإن هذه الرؤية «التغريبية» للغة على وجه الدقة [أي التي تفصلها عن المجتمع] هي التي دأبت التقاليد على نقلها في المدارس [إلى التلاميذ]. فالذي نفتقده في حالات جد كثيرة هو منظور اللغة بصفتها نتاجًا للمجتمع ومنتجةً له، وهو ما يؤدي إلى تقديم نظم الخطاب التي أُضْفيَت عليها المشروعية والصبغة الطبيعية، كأنما هي مشروعة وطبيعية أصلًا، وإلى اعتبار التخفيض الاجتماعي لقيمة اللهجات المحلية عند معظم الأطفال تعصبًا لا عقلانيًّا لا أثرًا من آثار علاقات السلطة، وإلى الاستهانة بالتشكيل الأيديولوجي للخطاب والخطأ في تصويره في صورة سوء استخدام اللغة «المثقلة» بالدلالات من جانب أفراد لا خلاق لهم. ومن شأن أمثال هذه الأساليب المستخدمة في تصوير اللغة أن تمنع الأطفال من تفهُّم اللغة باعتبارها المادة اللازمة للوعي النقدي، أي أن تمنع تحقيقَ أيِّ توجُّه تعليمي حقيقي للغة.
(١-٣) المبادئ الإرشادية
يرتبط الوعي أو الإدراك بعلاقة جدلية بالممارسة و(بما قلت آنفًا إنه) الكفاح.
وليست الغاية من تعليم اللغة تحقيق الوعي لذاته، بل باعتباره عنصرًا لازمًا لمسايرة نمو قدرات الأطفال على إنتاج الخطاب وتفسيره. ولستُ أشير هنا وحسب إلى تنمية قدرات كلِّ طفل فرد، بل أيضًا إلى تنمية القدرات الجماعية للأطفال المنتمين إلى الفئات المقهورة اجتماعيًّا. وأنا أميل إلى اعتبار هذه المهمة مهمةَ التحرر الأولى لتعليم اللغة؛ إذ إن الوعي النقدي باللغة يُسهِّل بناء «الخطاب التحرري» (انظر أدناه) الذي يطعن في نظم الخطاب المهيمنة، ويخترقها، وقد ينجح أخيرًا في تغيير شكلها، أي باعتباره جانبًا من جوانب كفاح الفئات المقهورة اجتماعيًّا ضد الكتلة المهيمنة.
- (١)
اقتران الوعي بالممارسة: أي إن تنمية القدرات اللغوية للأطفال يعتمد على الاقتران بين الممارسة الهادفة للخطاب وبين الوعي النقدي باللغة.
- (٢)
البناء على أسس الخبرة: أي إن الوعي النقدي باللغة ينبغي أن يُبنى على القدرات اللغوية الموجودة وعلى خبرة الأطفال.
وسوف أناقش هذا بالترتيب:
- المستوى الأول: الوعي بالموارد الذاتية في الإنتاج والتفسير.
- المستوى الثاني: الوعي بالعوامل الاجتماعية التي تتحكم في الموارد الذاتية.
ينتمي المستوى الأول إلى مرحلة التفسير في الإجراءات التي قدَّمتُها في الفصلين الخامس والسادس. ويتعلق بمساعدة الناس على الوعي بما لديهم من موارد حافلة منوعة للخطاب، وكيف ينهلون منها عند إنتاج النص وتفسيره. ويتمثل جانب مما يحدث هنا في التفهم الصريح للغة بصفتها نظامًا صوريًّا، وأما التركيز هنا فينصبُّ على إدراك القدرات الكامنة في اللاوعي. وهكذا فإن مبدأ اقتران الوعي بالممارسة يُوحي من ناحية بأن أفضل سبيل إلى تحقيق هذا الوعي هو تنمية الوعي الذاتي لدى الأطفال بالخطاب الهادف الخاص بهم (أي الخطاب الذي يمارسونه بأنفسهم باعتبارهم منتجين له أو مفسرين له لتحقيق أغراض حقيقية، لا ما يمارسونه كتدريب أو ما يمارسه الآخرون)، كما يُوحي من ناحية أخرى بأن نطاق الخطاب الهادف المتاح للأطفال سوف يتسع بنموِّ وعيِهم.
- (١) تأمل الخبرة: يطلب من الأطفال تأمل خطابهم الخاص وخبرتهم بالقيود الاجتماعية المفروضة عليه، وأن يعبروا عن تأملاتهم لتلاميذ فرقتهم.
- (٢) منهجةُ الخبرة: يبين المعلم للتلاميذ كيف يعبرون عن هذه التأملات بشكل منهجي حتى تكتسب صفة المعرفة.
- (٣) الشرح: تصبح هذه المعرفة مادة للمزيد من التأمل والتحليل من جانب التلاميذ ابتغاء التوصل إلى شروح اجتماعية (انظر المستوى الثاني من الوعي باللغة عاليه).
ثم إننا نجد عنصرًا رابعًا في الدورة نتعرف عليه داخل المبدأ الأول وهو:
- (٤) تنمية الممارسة: إذ يستخدم الوعي الناشئ من ١–٣ في تنمية قدرة الطفل على ممارسة الخطاب الهادف.
ومن الممكن تكرار الدورة على الدوام: فمع نمو الوعي، يصبح من الممكن زيادة التأمل والفحص باطراد للخبرة الماضية والممارسة المتطورة، ويمكن أن تصبح مساهمة المعلم ذات ثقل أكبر وهلمَّ جرًّا.
- (١)
تأمل الخبرة: اطلب من الأطفال النظر في استخدام الكتابة بدلًا من الكلام ووصف أغراض ذلك، أي ما يرون أن الكتابة ترمي لتحقيقه، وأغراض الكتابة عندما يستخدمها غيرهم، وتصورهم لأنواع الكتابة التي تأتي بأرفع منزلة اجتماعية.
- (٢)
منهجة الخبرة: قدِّم عرضًا منهجيًّا للفوارق بين الكلام والكتابة، والمنزلة الاجتماعية لشتى استخدامات الكتابة، وتوزيع إمكانات المشاركة في الاستخدامات ذات الهيبة.
- (٣)
الشرح: استخدم (١) و(٢) أساسًا لتأمل التلاميذ للأسباب الاجتماعية التي تفرض القيود على إمكان المشاركة في الاستخدامات ذات الهيبة؛ وليكن التركيز على التاريخ، والقيود المفروضة على مَن يكتب التاريخ، وعلى مادته، وعلى اللغة التي يكتب بها، وهلمَّ جرًّا.
- (٤) تنمية الممارسة: نظم للأطفال مشروعًا لكتابة التاريخ، بحيث يُشجعون على توسيع الأعراف وخرقها في كتابة التاريخ، وقد يكون ذلك «أ» بكتابة تاريخ فئة معينة؛ مثل: النساء أو الأطفال في المجتمع المحلي؛ إذ كثيرًا ما لا يكتب تاريخ هذه الفئات، و«ب» باستخدام لغة في الكتابة لا تستخدم عادةً لأمثال هذه الأغراض، مثل لغة من لغات الأقليات أو مستوى غير معياري من مستويات اللغة الإنجليزية «ج» إذا كانوا مؤرخين جادين، أي إن كانت كتابتهم ترمي إلى تحقيق غرض حقيقي وتتجاوز كونها تدريبًا، فمن الممكن تشجيعهم، قُلْ بإيداع نسخ من كتاباتهم التاريخية في مكتبة محلية.
وإذن، فإن ملخص ما ذكرته استنادًا إلى المبدأَين الإرشاديَّين اللذَين قدَّمتُهما آنفًا يقول: إن تنمية القدرات اللغوية للأطفال ينبغي أن تتوسل بالجمع بين قدراتهم وخبراتهم الراهنة، ووعيهم النقدي المتنامي باللغة، وقدرتهم المتنامية على المشاركة في الخطاب الهادف.