بين صبري ومطران
١
نوازن في هذا البحث بين نونّيتين من شعر إسماعيل صبري وخليل مطران، ونرى من الخير أن نذكر طائفة من أخبار إسماعيل صبري وأشعاره، ونبدأ فنذكر أنه ولد في ١٦ فبرايل سنة ١٨٥٤، وتوفي في مطلع الربيع صباح ٢١ مارس سنة ١٩٢٣، وكان من رجال القانون، وآخر منصب تولاه هو منصب وكيل وزارة الحقانية.
كان صبري شاعرًا مجيدًا، ولكنه لم يكن من المكثرين، وقد وصل إلى أبعد حدود التفوق في المعاني الوجدانية، واتفق له أن يغّذَي الغناء حينًا من الزمان، وهو صاحب المّوال الذي كان يغنيه المطربون في أواخر السهرات:
وهو صاحب هذا الدور:
ومضى صبري يَفتنُّ افتتانًا شائقًا في مغازلة الصباحة، وهو صاحب القصيدة المأثورة «تمثال جمال»، وفيها تظهر براعته في مناغاة الحسناء:
وهو أيضًا صاحب الأبيات الحسان:
وهو الذي يقول:
وهذا من وثبات الخيال.
وريحان هذا العصر أم كلثوم تغنِّي من شعره هذه الأبيات:
وألهمته قسوة المرض قصيدة من الشعر الخالد الذي يصوّر آلام اليائس المحزون:
ولم يخل قلبه من سوء ظن بالناس، يدل على ذلك قصيدة (الفزع الأكبر) إذ يقول:
وفي هذه القصيدة يقول:
وما أحب أن يفوتني إثبات هذه الأبيات:
وإنما أكثرنا من الشواهد؛ لأن شعر صبري لم يُجمَع في ديوان، فأحببنا أن يطلع على فرائده قراء هذا الكتاب، وقد حاول الأدباء غير مرة أن يجمعوا شعره ثم صرفتهم الشواغل عما يريدون، وكان صبري نفسه قليل الاهتمام بتدوين شعره وكان يسأل عن ذلك، فيجيب: وهبته للفناء!
٢
أما مطران فهو شاعر مدبع، وهو من المكثرين، وله وثبات لا ينهض بها إلا الفحول، وشعره مدوَّن نشرت منه المجموعة الأولى باسم — ديوان الخليل — وينتظر أن يُجمَع شعره كله في عدة أجزاء، وقد عرفنا مطران وصحبنا، وهو تحفة من تحف الذوق والوفاء، وله في النثر أسلوب مضمَّخ بالنفحات الشعرية، وهو رجل خصب الذهن، مثقف العقل، مرهف الإحساس. ومن خصائص مطران التلطف والترفق، فليس له في مصر عدو واحد، على قلة ما يتفق ذلك لأهل الأدب والبيان، وكان الناس يسمونه شاعر القطرين، فلما مات شوقي سمَّوه شاعر الأقطار العربية، مع أنه من أزهد الناس في الألقاب.
وقد تولى رياسة جمعية أبولَّلو في مصر بعد شوقي، وهي جمعية شعرية أثَّرت أبلغ تأثير في الشعر الحديث، ومن أقطاب هذه الجمعية الدكتور أحمد زكي أبو شادي والدكتور إبراهيم ناجي، وهما من أكثر الناس تغنيًا بالشعر بين أدباء هذا الجيل.
٣
فرعون وقومه:
•••
•••
•••
٤
قال، وقد رأى تمثال رمسيس الثاني في الأقصر:
•••