تقدم الإنتاج الزراعي
كانت اليونان بلادًا زراعية وستبقى دائمًا كذلك، فليس لها موارد معدنية أو قوى محركة، حتى تصبح أمة صناعية كبيرة، ويبلغ عدد المشتغلين بالزراعة أكثر من ٦٠ في المائة من عدد السكان، كما أن ٩٠ في المائة من صادراتها من المنتجات الزراعية.
ولقد كان تقدمها في هذا المضمار ملحوظًا خلال السنوات القليلة التي انقضت منذ عام ١٩٤٨م؛ ففي ذلك العام كادت الأمة تموت جوعًا إذ قضت حرب العصابات على البقية الباقية من إنتاجها الضئيل بعد الحرب، وظهرت بوادر مشاكل الهجرة والإسكان، ومع هذا لم تُفرض قيود على الطعام في بلاد اليونان، وأصبحت البلاد اليوم تصدر الطعام إلى الخارج بكمياتٍ كبيرة.
وفي عام ١٩٤٨م استوردت البلاد ما قيمته ١٦٧ مليون دولار من الأغذية، بينما كانت الصادرات الزراعية لا تزيد قيمتها عن ٨٣ مليونًا من الدولارات، أما في السنة المالية الأخيرة فلم تستورد اليونان سوى ما قيمته ١٥ مليون دولار تقريبًا من الأغذية، بينما بلغت قيمة صادراتها من المنتجات الزراعية ١١١ مليون دولار.
ولقد استطاعت الحكومة أن تصل إلى هذا النجاح بواسطة تركيز اهتمامها على إنتاج الغذاء للاستهلاك المحلي، ومع ذلك لم تهمل الحكومة المحاصيل التي تصدرها.
ولقد كان الهدف الأساسي لاهتمام الحكومة هو القمح، وقد وصل إنتاجه اليوم إلى ١٨٣ في المائة من إنتاجه قبل الحرب، فقد زادت مساحة الأراضي الزراعية التي تزرع القمح من ٨٥٠٠٠٠ هكتار إلى أكثر من مليون هكتار، وارتفع الإنتاج من ٣٦٠ كيلوجرامًا في الفدان إلى ٥٨٠ كيلوجرامًا، ولقد خصص ٤٠ في المائة من الأراضي الزراعية لزراعة الحبوب.
إن الميزانية التي رصدت للتقدم الزراعي، قد خصصت لإصلاح الأراضي وموارد المياه، وبناء السدود للوقاية من الفيضانات، وشق المصارف والترع.
ويرجع هذا الارتفاع الكبير في الإنتاج إلى الخدمات الزراعية التي قدمت على نطاقٍ واسع؛ فقد تقدم ٤٠٠ من الخبراء وشرعوا في تدريب الفلاحين على الزراعة، وتهجين البذور والتسميد وإدارة المزارع، وإنتاج الأغذية ومكافحة الآفات وغيرها، وقد حدث مثلًا في عام ١٩٥٢م أن رفضت الولايات المتحدة التصريح بدخول ٥٤ في المائة من كمية التين اليوناني الذي صُدِّر إليها، ولكن اليوم لا يزيد مقدار ما يرده الحجر الصحي على نسبةٍ ضئيلة جدًّا.
وإنتاج القطن في بلاد اليونان اليوم يبلغ ٢١٤ في المائة مما كان عليه قبل الحرب، واليونان اليوم تصدر القطن إلى الخارج، أما إنتاج الأرز فقد ارتفع إلى ٢٠٠٠ في المائة، ولأول مرة في التاريخ تصبح اليونان مصدرة للأرز.
غير أن تصدير اليونان للفاكهة المجففة بدأ في الهبوط؛ بسبب زيادة استهلاك العالم للأطعمة المحفوظة في العلب أو المثلجة، ولكن من جهةٍ أخرى أخذ العالم يُقبل على شراء الدخان اليوناني أكثر من ذي قبل، ويزرع الدخان في شمال تراقيا، وهو يكون نصف صادرات البلاد، ويبلغ إنتاج الفدان اليوم ١٦٠ في المائة، عمَّا كان عليه قبل الحرب.
وتقسَّم الأراضي الزراعية إلى قطعٍ صغيرة مما يتفق مع المبادئ الاقتصادية السليمة، و٥٨ في المائة من هذه القطع تقل مساحة كل منها عن ١٢ فدانًا، كما أن ٣٣ في المائة منها تتراوح مساحة كل منها ما بين ١٢ و٥٠ فدانًا.
واستخدام الكهرباء على نطاقٍ واسع في اليونان بعد الحرب، سيؤدِّي كما يقول الخبراء الزراعيون إلى المساهمة في عملية التشجير أو زراعة الغابات.
فليس ببلاد اليونان بترول أو فحم، ولم يستخدم «اللجنيت» الذي لا يعتبر من الأصناف الجيدة، إلا حديثًا في العمليات التجارية؛ ولذلك فقد تعود الناس إذا احتاجوا إلى وقود للحرارة أو الطهي أن يقطعوا الأشجار من سفوح التلال، وأصبحت أجزاء كبيرة من البلاد جرداء، خصوصًا عندما انقطع استيراد الوقود أثناء الحرب، والآن وبعد أن وصلت الطاقة الكهربائية إلى كثير من المناطق الريفية، يتوقَّعُ الكثيرون أن يكثر السكان من استخدامها للطهي والحرارة؛ وبذلك يساهمون في المشروعات الكبرى التي تخطط الآن لإعادة تشجير مناطق الغابات السابقة.