اختطاف إلهام!
وقف الشياطين و«سالم» و«ممدوح» ساكنِينَ، بينما سكان الغابة يوجِّهُون سهامهم المسمومة نحوهم، وهم ينظرون إليهم نظرات عدائية … وظهر الرعب على وجه «ممدوح» وهمس ﻟ «أحمد»: ماذا ينتظرون … لماذا لم يهاجموننا، ماذا ينتظرون؟!
ردَّ «أحمد» ببطء: لا أعرف بالضبط ماذا يريدون؟!
تفصَّد العرق على وجه «ممدوح» وزاد ذهوله ورعبه … وصاح أحد الرجال بصوت غاضب وهو يشير بقوسه نحو الشياطين، وعلى الفور تصاعدَتْ صرخات وصياح الرجال في غضب وهم يشيرون إليهم بأيديهم. فقالت «إلهام»: إنَّهم يريدون منَّا أن نتحرك.
لوَّح الرجال بسهامهم نحو الشياطين والصَّدِيقَينِ، فقال «أحمد»: دعونا ننفِّذ ما يأمروننا به.
صاح «ممدوح» في رعب: ولكنهم سيقتلوننا لو ذهبنا معهم. رمقه «أحمد» بنظرة ناطقة ثم قال: وهم سيقتلوننا أيضًا إذا رفضنا إطاعة أوامرهم!
ممدوح: دعني أشرح لهم و…
ولم يكمل عبارته لأنَّه شاهد أحد الرجال يصوب قوسه في غضب نحوه. وقبل أن ينطق كان الرجل قد أطلق سهمه نحوه … حدث الأمر بصورة مباغتة، ولكن «أحمد» كان يتوقع ما حدث، وقبل أن يصيب السهم «ممدوح» جذبه «أحمد» من ذراعه فطاش السهم … وحدث ما هو متوقع، فعلى الفور أطلق بقية الرجال سهامهم مرة واحدة … ولم يكن الشياطين بحاجة إلى تحذير، فقد ألقوا بأنفسهم فوق الأرض، وجذب «سالم» و«ممدوح» معه، واحتموا خلف أقرب الأشجار بجوارهم فطاشت السهام المصوبة عليهم، وقبل أن يطلق هؤلاء الرجال سهامهم مرة أخرى أخرج «عثمان» إحدى القنابل اليدوية لإلقائها عليهم ولكن «أحمد» أمسك بيده قائلًا: لا يا «عثمان». إنَّهم يظنُّوننا من الأعداء … ومن الهمجية أن نقابل سهامهم بقنابلنا.
وأخرج «أحمد» مسدسه وأطلق عدة طلقات في الهواء، وعلى الفور تفرق الرجال وأسرعوا يختبئون خلف بعض الأشجار وهم يطلقون سهامهم نحو الشياطين، ولكن السهام طاشت فاختفى الرجال وعاد الهدوء يسود المكان … قال «سالم» لقد هربوا.
أحمد: لا أظنُّ … إنهم يختبئون في مكان ما … وهم ينتهزون أول فرصة لاقتناصنا مرة أخرى …
ممدوح: وماذا نفعل؟
أحمد: لن نعطيهم الفرصة التي ينتظرونها!
قيس: هل سنظل في مكاننا مختبئين خلف الأشجار؟
ردَّ «أحمد»: لا … فسوف يحلُّ الليل بعد قليل وسنصبح مكشوفِينَ ومُعرَّضِينَ للخطر. لا بد أن نتحرك للبحث عن مكان آمن للاحتماء به … هيا بنا.
وسار «أحمد» في المقدمة شاهرًا مسدسه، وهتف «عثمان» في غضب: ألا توجد وسيلة للتفاهم مع هؤلاء الرجال؟!
وقبل أن يكمل «عثمان» عبارته أحسَّ بشيء يطبق على قدمه، ووجد نفسه يرتفع في الهواء بسرعة خارقة إلى قمم الأشجار … وأدرك الشياطين على الفور ما حدث. لقد وطأت قدم «عثمان» إحدى الشِّراك الخداعية فالتفَّ أحد الحبال على قدمه ورفعه عاليًا إلى قمم الأشجار … ومن أعلى الأشجار انقضَّ عدد من الرجال على «عثمان» وهم يمسكون بأسلحتهم ولمع الغضب في عينَيْ «أحمد» وصوَّب مسدسه نحو قمم الأشجار وأطلق أول طلقة، وعلى الفور تفرَّق الرجال وقفزوا من فوق الأشجار يصرخون صرخة مرعبة وأطلق «أحمد» طلقة ثانية وثالثة … ودَبَّ الفزع بين الرجال فقفزوا مبتعدِينَ … وصاح «أحمد» في «عثمان»: اهبط بسرعة يا «عثمان» …
وصرخَتْ «إلهام»: حاذِرْ يا «أحمد».
وعندما التفت «أحمد» فوجئ برجل يندفع نحوه يهاجمه بحَرْبَته، فتفادى «أحمد» الحَرْبة، وأمسك بالرجل، وبحركة كاراتيه بارعة ضربه ضربة قوية ألقَتْ به بعيدًا وهو يئنُّ، ثم راح يزحف مبتعِدًا … ومن الأمام برز عدد من الرجال يهجمون برماحهم، وأطلق «أحمد» مسدسه لحماية رفاقه فتساقط عدد من الرجال، وفرغ مسدس «أحمد» فصاح في رفاقه: اختبئوا بسرعة.
ولكن «إلهام» و«زبيدة» و«قيس» اندفعوا نحو الرجال بأيديهم العارية وكان عدد الرجال كبيرًا ولكن الشياطين اندفعوا في معركة مصيرية … وأخذت الأعداد تتزايد … وبدا أنَّه لا أمل للشياطين، وجاء العون على غير انتظار، فقد استطاع «عثمان» تخليص نفسه من الحبل، ومن مكانه أدرك المأزق الذي يتعرض له الشياطين فأسرع قافزًا أسفل الشجرة قفزةً خطرة غير مبالٍ بما قد يتعرض له … وما إن لامست قدما «عثمان» الأرض حتى أخرج إحدى قنابله وصاح في زملائه: ألقوا أنفسكم فوق الأرض.
وعلى الفور، ألقى الشياطين بأنفسهم فوق الأرض، في اللحظة التي ألقى فيها بالقنبلة اليدوية التي انفجرت بصوت مدوٍّ، وصرخ الرجل من الرعب واندفعوا يجرون كما لو كان قد أصابهم مسٌّ من الجنون، ونهض الشياطين وهم يبتسمون في سعادة … وقال «عثمان» ضاحكًا: لقد أعطيناهم درسًا قاسيًا، وأعتقد أنَّهم لن يعترضوا طريقنا بعد الآن.
وتلفتت «زبيدة» حولها في فزع وهتفت: «إلهام» … أين «إلهام»؟
وانتبهوا ذاهلِينَ. لم تكن «إلهام» معهم، وليس هناك أيُّ أثر لها … وقال «أحمد» بصوت مصدوم: لقد اختُطِفَتْ … اختَطَفَها الرجال أثناء هروبهم، وتلاقت أعين الشياطين في ذهول بالغ غير مصدِّقِينَ …