ساندي راي
كانت الساعة قد قاربت السادسة والنصف صباحًا، حين عاد «عثمان» من جولته الرياضية حول الحي الذي يقع فيه مَقر الشياطين بمدينة «لندن».
في ذلك الوقت كان «أحمد» قد انتهى من إرسال تقرير إلى رقم «صفر» عن المناقشة التي دارت بين الشياطين … والتي على أثرها قرَّر الشياطين أن يبدءوا في البحث عن الطائرة المفقودة.
وقد وضع «أحمد» خطته على أساس البحث عن «ساندي راي» خطيبة «كارل بيكر» الطيار المُختفي ما دامت موجودة في «أوروبا» كما قال التقرير، فقد يجدون عندها بعض المعلومات خاصةً أنها اختفت قبل اختفاء الطائرة …
وفي السابعة والنصف جاء تقرير رقم «صفر» إلى الشياطين يُفيد بأن «ساندي» تعيش وحيدة في مدينة «هامبورج» بألمانيا الغربية في شقةٍ صغيرة في شمال المدينة، وتعمل في شركةٍ للإلكترونيات …
دخل «أحمد» على الشياطين الذين كانوا يتناولون طعام الإفطار، وقرأ عليهم تقرير رقم «صفر» الذي وصل منذ لحظات، وقد أحسَّ أن رقم «صفر» وافق على القيام بالبحث عن الفتاة، وأن لها إصبعًا أو دورًا في الحادث …
أحمد: والآن … وقد بدأت خيوط المغامرة تظهر وتنتقل من الكلام إلى العمل … أفتح أمامكم باب التطوُّع لهذه المغامرة الجديدة.
وعلى الفور رفع جميع الشياطين أيديهم وكأنهم طلبةٌ مجتهدون، يريدون الإجابة عن سؤال الأستاذ …
أحمد: شكرًا لكم ودعوني أُرشِّح الذين تلقوا الدورة التدريبية الأخيرة على الأسلحة الحديثة … «عثمان» و«إلهام» و«بو عمير» و«زبيدة»، وأرجو أن نستعد بسرعةٍ للسفر الليلة إلى «هامبورج» للبحث عن «ساندي»، فالوقت ليس من ذهب فقط، ولكن من القنابل النووية أيضًا!
وفي الساعة الخامسة مساءً قام «قيس» بتوصيل الشياطين الذين سيُسافرون «هامبورج» إلى مطار «هيثرو»، حيث استقلَّت المجموعة طائرة شركة الخطوط الجوية البريطانية المُتجهة إلى «برلين» … وبعدها يُكملون رحلتهم بالسيارة إلى «هامبورج». وقد غير «أحمد» من أسلوب الوصول؛ خوفًا من أن تكون حركة السفر في مطار «هامبورج» تحت مُراقبةٍ ما من المنظمات المُعادية للشياطين.
استغرقت الرحلة ثلاث ساعات بين مدينتي «برلين» و«هامبورج»، قطعها «أحمد» بالسيارة المرسيدس الزرقاء التي وضعها أحد عملاء رقم «صفر» تحت تصرُّف الشياطين عند وصولهم لمدينة «برلين» …
وعلى الفور توجَّه «أحمد» إلى شارع «ولهلم شتراسة» الذي خَصَّص لهم فيه شقةً للإقامة عند وصولهم إلى «هامبورج».
كانت الحركة قد هدأت في المدينة في هذه الساعة المُتأخِّرة من الليل، وكان البردُ شديدًا مع سقوط بعض الأمطار، مما جعل الشياطين يدخلون تحت الأغطية ليحصلوا على أكثر قسطٍ من الراحة بعد الرحلة الطويلة.
وفي الساعة السادسة صباحًا كانت حركة المرور قد بدأت … وتحوَّلَت المدينة الهادئة إلى خلية نحل، فهي تُعتبَر من أهم موانئ «أوروبا» التجارية، مما جعل الشياطين يستيقظون مُبكرًا على أصوات العربات التي تمرُّ في الميدان الذي تُطلُّ عليه شقتهم في «ولهلم شتراسة» …
وبدأ الشياطين رحلتهم في شوارع المدينة باحِثين عن شركة الإلكترونيات التي تعمل بها «ساندي».
وكانت الشركة قد أعلنت منذ أيامٍ عن طلَبِ موظفين وموظفات للعمل في بعض أقسام الشركة، وكانت فرصة رائعة «لأحمد» و«إلهام»، فتقدَّما للعمل في الوظائف الخالية …
أما المجموعة الثانية المكونة من «عثمان» و«زبيدة» و«بو عمير»، فكان المطلوب منهم جمع أكثر كمية من المعلومات عن «ساندي»، وعن حياتها الخاصة في المنطقة التي تسكن بها …
كان هناك حوالي ٢٥ شابًّا وفتاةً في انتظار دورهم للقيام بالاختبارات، التي تُؤهلهم للالتحاق بالوظيفة في الشركة … ومن حُسن حظ «أحمد» و«إلهام» أنهما كانا معًا أمام لجنة الاختيار، ولِحُسن الحظ كانت المعلومات والتدريبات التي حصلا عليها في المقر السري كافيةً لإدهاش لجنة الامتحان …
وبقي اختبارٌ أخير عن القدرات النفسية لطالب العمل … دخل «أحمد» أولًا في غرفةٍ خالية غُطِّيت جدرانها بالمرايا … وعرف «أحمد» أنه مُراقب من غرفةٍ أخرى؛ لذلك ظلَّت تَصرُّفاته طبيعية ليعطي انطباعًا طيبًا، وبدأت الأسئلة تنهال عليه من ميكروفوناتٍ مُثبتة في السقف، ومطلوبٌ منه أن يُجيب عليها بسرعةٍ كبيرة …
لقد تدرَّب «أحمد» على هذا النوع من الاختبارات النفسية؛ لذا لا بدَّ أن ينجح في هذا الاختبار بسهولة.
ثم جاء بعده دور «إلهام» وقد نجحت أيضًا، ونجح شابٌّ وفتاة آخران، وأصبح هؤلاء الأربعة من موظفي الشركة …
دخل الموظفون الجُدد يتقدَّمهم مدير العلاقات العامة بالشركة إلى غرفةٍ فسيحة للقاء رئيس الشركة «رودلف»، وكان رجلًا في حوالي الخامسة والخمسين من العمر، أزرق العينَين … حاد الملامح، وتمنَّى لهم التوفيق في عملهم الجديد.
ثُم تقدَّمهم مدير العلاقات العامة مرةً أخرى إلى أقسام الشركة للتعرُّف عليها وبدأ في توزيعهم؛ فالشابُّ والفتاة ذهبا إلى قِسم التجميع … أما «إلهام» فذهبت إلى قسم هندسة الكومبيوتر …
أما «أحمد» فسار مع المدير في بعض الطرقات، حتى وصلا إلى مكتبٍ مُغلق فتحه الرجل، وقال:
هنا سيكون عملك في قسم الهندسة النووية، ورئيستك في العمل في إجازةٍ إلى بعد الغد، وأعتقد أنكما ستُحقِّقان نجاحًا ممتازًا معًا، فهي تُحِبُّ عملها وتُخلص له … وبالمناسبة فإن هذه الرئيسة تُدعى «ساندي راي» …