مغامرة «بو عمير»
كانت الأرقام التي تُرجِمت إلى أهم كلماتٍ يمكن أن يقرأها أو يسمعها الشياطين، تعني أن «ساندي راي» مُشترِكة بشكلٍ أو بآخر في حادث الطائرة … وطلب «أحمد» من الشياطين أن يُكثِّفوا جهدهم في مُراقبتها.
في اليوم التالي تقابل «أحمد» و«ساندي» في مصعد الشركة … فحيَّاها «أحمد» ودخلا الحجرة سويًّا، وعلى الفور دقَّ جرس تليفون «ساندي» وردت … بصوتٍ خفيض ثم خرجت من الحجرة، وبعد حوالي عشر دقائق عادت وبدأت تأخُذ حقيبة يدها، وقالت ﻟ «أحمد»: إنني لم أنتهِ من عمل الأمس … ومرة أخرى يجب أن أذهب …
ابتسم لها «أحمد» ثم خرجَت من الحجرة مُسرعة، فأخرج «أحمد» من جيبه جهاز الإرسال الصغير، وبدأ في الاتصال «بعثمان» و«بو عمير» اللَّذين كانا في السيارة أمام الشركة استعدادًا لمُراقبة «ساندي»، فأبلغهما «أحمد» أنها غادرت الغرفة منذ دقائق …
وبعد لحظاتٍ ظهرت «ساندي» أمام باب الشركة، وأسرعت إلى موقف السيارات حيث اتَّجهت إلى سيارة «فولكس» خضراء، فتحتها وأدارتها ثُم انطلقت بها مسرعة، وعلى بعدٍ كانت سيارة «بو عمير» مُستعدة بحيث لا تلفت نظرها إليهم …
كانت سيارة «ساندي» تنطلق في الطريق المؤدي إلى بيتها، ولكنها انعطفت بالسيارة في أحد الشوارع وأوقفتها بجانب أحد المنازل ثم نزلت من السيارة … ودخلت أحد المحلات ونزل خلفها «بو عمير» ليُراقِب ما ستفعله في المحل … ولكن «ساندي» كانت تشتري بعض الأطعمة وبعض الفواكه … كذلك اشترت الجرائد اليومية. والملاحظة التي لفتت نظر «بو عمير» أن الجرائد التي اشترتها «ساندي» كانت باللغة الإنجليزية وليست بالألمانية، ثم دفعت النقود … وأسرعت بالخروج واتجهت إلى أحد المنازل ودخلت فيه … عاد «بو عمير» إلى «عثمان» في السيارة وأبلغه بما حدث في المحل …
وفي الشركة اتصل مدير الشركة ﺑ «أحمد»، وطلب منه بعض البيانات، فأسرع «أحمد» بها إليه وقال له الرجل: اعلم أن هذه الأوراق ليست مسئوليتك … ولكن الآنسة «ساندي» تتولى الآن إحدى المهام التي أوكلتها الشركة إليها!
ابتسم «أحمد» وأبدى استعداده للقيام بأيِّ عملٍ يُطلَب منه … ولكنه وهو عائدٌ إلى مكتبه طاردته فكرة … هل يمكن أن تكون «ساندي» جزءًا من عمليةٍ تقوم بها الشركة … أي عميلة خطف الطائرة؟! هل «ساندي» مهمة إلى هذا الحد؟!
قطع تفكير «أحمد» الأزيز المُتقطِّع الذي أطلقه جهاز الإرسال، وكان الاتصال من «بو عمير» الذي أبلغه بكل ما حدث، وأن «ساندي» لم تُغادر المبنى بعد.
وقبل أن يكمل حديثه ظهرت «ساندي» أمام البيت واتجهت إلى سيارتها، فطلب «أحمد» من «بو عمير» أن يُراقبها، وأن يظل «عثمان» يُراقب ويحاول أن يحصل على أية معلوماتٍ تفيدهم، ويحاول التوصُّل إلى الشقة التي كانت بها …
نزل «عثمان» على الفور مُتجهًا إلى العمارة التي غادرتها «ساندي»، بينما انطلق «بو عمير» بالسيارة خلفها.
وقف «عثمان» أمام المبنى قليلًا، ثم اتَّجه إلى الباب وهو يعرف أن لِمِثل هذه المباني الكبيرة مديرًا، يجلس في المدخل لمعرفة كل ما يدور في المبنى، ولكن «عثمان» لم يجد المدير في مكانه … وشاهد لوحاتٍ تحمل أسماء عدد من الأطباء ومواعيدهم جميعًا بعد الظهر … وقرَّر أن يطرق أبواب بقية الشقق لعله يعثُر على خيطٍ واحد، يدله على المكان الذي دخلته «ساندي».
واتجه «عثمان» إلى أول شقة ودق الباب، وفتحت له سيدة تحمل طفلًا صغيرًا وحدثها بالإنجليزية قائلًا إِنَّه يعمل لدى محلٍّ جديد للأدوات المنزلية … وعرض عليها الخدمات التي يؤديها المحل، كل ذلك بالطبع كان من خيال «عثمان» الخصب … ولكن السيدة نظرت «لعثمان» وقد بدا عليها أنها لا تفهم ما يقول، فرد عليها «عثمان» بالألمانية سائلًا إيَّاها:
هل يُوجَد هنا من يتكلم الإنجليزية؟! … فردت السيدة على الفور بالنفي، وهنا اضطر «عثمان» أن يُعيد ما قاله بالإنجليزية من قبل ولكن بالألمانية هذه المرة … فطلبت السيدة بعض العينات، فوعدها «عثمان» أن تكون معه في الزيارة المقبلة …
وقبل أن يُغادر «عثمان» المبنى فتحت السيدة الباب مرةً أخرى، وقالت له إن الطبيب الذي في الشقة المجاورة يتحدَّث الإنجليزية وأحيانًا يتردَّد عليه بعض من يتحدث الإنجليزية.
ابتسم «عثمان» لها وغادر المبنى، وعلى الباب وجد «عثمان» العربة التي تحمل مُخلفات المبنى، ولاحظ «عثمان» كثرة علب الأدوية الفارغة، وأخذ يتأمَّلها مُفكرًا وكانت بذهنه فكرة ما … فلم يتردَّد ومدَّ يدَه واختار إحدى علب الأدوية وأخذها …
أنهى «أحمد» عمله اليومي المُعتاد في الشركة، واتجه إلى باب الخروج مُنصرفًا، فقابل رئيس الشركة على الباب، الذي أخبره بأنه سعيد بأسلوبه في العمل، وأنهم سيسندون إليه عملًا هامًّا في وقتٍ قريب، إذا ظلَّ على هذه الجِدِّية …
وشكر «أحمد» المدير على ثقته، ثُم اتَّجه خارجًا حيث ركب سيارته إلى مقر الشياطين، وشاهد «أحمد» علبة الدواء الفارغة على المنضدة … فأخبره «عثمان» بما حدث طوال اليوم، وكيف أخذ علبة الدواء من العربة، وأنه قرأ ما عليها ووجد أن هذا الدواء يُستعمل عادةً بعد العمليات الجراحية، واتصل برقم «صفر» الذي وعد بأن يبعث بتقريرٍ آخر مُفصَّل عن استعمالات هذه الحقنة خاصة أنها نادرة الاستعمال …
في هذه الأثناء كان «بو عمير» يتناول عشاءه في مطعم «الراين»، الذي يقع شمال المدينة، ويُطل على البحر مباشرة، حيث كانت «ساندي» تتناول عشاءها أيضًا.
وقبل أن تدق الساعة التاسعة مساء دخل المطعم رجلٌ في منتصف العمر، وجلس على منضدةٍ مقابلة لمنضدة «ساندي» وطلب عشاء، ثم وقف واتجه إلى الشرفة ليُراقِب البحر في الليل. في تلك الأثناء وقفت «ساندي» واتجهت إلى باب الخروج …
ولكن «بو عمير» المُدرَّب استطاع أن يرى يد «ساندي» وهي تُسقِط ورقةً صغيرة على منضدة الرجل بجانب قُبعته وقفازه … ثم تُكمِل سيرَها إلى باب الخروج … فوقف «بو عمير» ثم سار خلف «ساندي»، وعندما مرَّ بجانب منضدة الرجل وقف «بو عمير» ونظر إلى الورقة، ثم إلى الرجل الذي اعتدل ونظر إلى «بو عمير» ووجده ينظُر إلى الورقة، فامتدَّت يده بسرعةٍ إلى جيب معطفه الداخلي، ثم عادت وظهرت وهي تحمل مُسدَّسًا ضخمًا … فلم يكن من «بو عمير» إلا أن … اختطف الورقة وجرى إلى باب الخروج كالصاروخ.