في سماء هامبورج
كان الحديث بين «أحمد» و«كارل» قد أنساه عودة «فوجل» … فكان دخوله مفاجأةً له … ولكن المفاجأة لم تمنعه أن يتصرَّف سريعًا، فطار في الهواء وضرب العالِم، قبل أن يرفع يدَه فسقط على الأرض …
وأسرع «أحمد» إلى «كارل» مرةً أخرى جذبه في عُنف، وقال له …
أحمد: اسمع يا صديقي إن حياتك مُهدَّدة بالموت كما حدث لصديقتك «ساندي»، ليس هناك أي وقت لنُضيعه، أخبرني فقط أين الطائرة وما هو مصير الصواريخ النووية؟
كان الذهول لا يزال مُرتسمًا على وجه «كارل»، وبحركةٍ لا إرادية مدَّ يده إلى أحد أزرار الإنذار، التي دقَّت في عنفٍ في المبنى كله، فلم يكن من «أحمد» إلا أن دفعه إلى إحدى الغُرَف وأغلق الباب … ثم أسرع وأرسل إشارةً إلى الشياطين لكي يُنفِّذوا خطتهم.
وعلى البوابة تقدَّم «بو عمير» فوجدها قد أغلقت أتوماتيكيًّا عند انطلاق جرس الإنذار، وسرى تيار كهربائي في السور الذي يُحيط بالمبنى كله يصعق كل من يحاول الدخول … أو الخروج …
أسرعت «إلهام» وألقت قنبلةً صغيرة أحدثت فجوةً في السلك مكَّنَت الشياطين من الدخول.
ولكن ما إن دخل «عثمان» الذي تقدَّم المجموعة حتى تعرض لوابلٍ من الرصاص كاد أن يُصيبه … اضطره للانبطاح على الأرض ثم أطلق صاروخًا صغيرًا من مدفعه نسف الحارس، وانتشر الشياطين الأربعة وبدءوا هجومهم على المكان …
كان «بو عمير» أول من وصل إلى المبنى من الجهة اليمنى، وحطم إحدى النوافذ الزجاجية وقفز داخل إحدى الغرف التي كانت حافلة بالأجهزة الإلكترونية …
فتح «بو عمير» باب الغرفة ونظر إلى ردهةٍ طويلة خالية وخرج إلى الصالة … ولكنه سمع صوت أقدامٍ فعاد إلى الغرفة مرةً أخرى حتى مرَّ جُنديان من جنود الأمن يجريان … فلمَّا اختفيا اتجه إلى السُّلَّم لكي يلحق ﺑ «أحمد» في الطابق الثالث.
وفي الغرفة العلوية أحس «أحمد» باقتراب بعض الأشخاص … فخرج من بابٍ صغير إلى سُلمٍ ضيق يؤدي إلى السطح العلوي للمبنى … فسمع صوت المدير ومعه بعض الأشخاص يتحدَّثون في عصبيةٍ عما حدث.
ثم انضمَّ إليهم «كارل» الذي أخذ يصيح مُهدِّدًا طالبًا مقابلة «ساندي» فورًا، وإلا فإنه سيعترِف للعالَم كله كيف هرب بالطائرة! …
وكيف نزل بها إلى جزيرةٍ في وسط المحيط، حيث نزعت منها القنابل النووية، ودُهِنت بدهانٍ خاص يُبعِد عنها الرادارات …
قال المدير: إنك إذا أدلَيْتَ بأي حديثٍ، سوف يُنَفذ فيك حُكم الإعدام فأنت خائنٌ ولن ترى «ساندي»؛ لأنها ماتت في حادث سيارة …
وأسرع المدير ومعه أعوانه … بينما انطلق «أحمد» إلى «كارل» الذي سقط جالسًا على كرسيٍّ قريب، وقد أصابه الذهول …
وقال «أحمد» وهو يهزُّه: لقد فهمت الآن كل شيء … وأؤكد لك أن «ساندي» قُتلِت بواسطة هذه العصابة … ومن الأفضل الآن إعادة الصواريخ النووية إلى الطائرة … وأن تُغادر هذا المكان وتعود إلى وطنك … إن هذا يُنقذك من الإعدام … وإن كنت ستُحاكم فسوف يُخفَّف عليك الحكم … وأصدقائي سوف يتدخَّلون لصالحك …
بدأ «كارل» يخرج من ذهوله وأشار إلى غرفة وقال: هنا الصواريخ، وممكن تحريكها أتوماتيكيًّا لتعود إلى الطائرة.
أسرع «أحمد» إلى الغرفة التي أشار إليها «كارل» … ولكنه فوجئ بأنها محروسةٌ جيدًا، بخمسة رجالٍ مُسلحين.
أخرج «أحمد» جهاز إرساله وبدأ يتَّصِل بالشياطين، كانت «إلهام» و«عثمان» و«زبيدة» قد وصلوا إلى المكان الذي تختبئ فيه الطائرة … في حين كان «بو عمير» في طريقه إلى «أحمد» ليُعاونه.
وبعد لحظاتٍ ظهر «بو عمير» من الناحية الأخرى من الممر، فأصبح الخمسة مُحاصرين من «بو عمير» في الجهة اليمنى … ومن «أحمد» في الجهة اليسرى …
وبدأ «أحمد» و«بو عمير» في توقيتٍ واحد بالهجوم على الرجال، الذين لم تُمكِّنهم المفاجأة من الرد على الطلقات المُحكَمة.
فأسرع «أحمد» و«بو عمير» ومعهم «كارل» إلى الحجرة، وكما توقع «أحمد» كانت الحجرة مُوصَدة، وبالطبع لم يكن «كارل» يعرف شفرة فتح وقفل الباب.
ولكن «بو عمير» المُدرَّب أخرج من حزامه شريطًا رفيعًا من المتفجرات البسيطة ولكن الشديدة التأثير، التي ما كادت تدخل في ثقوب القفل حتى انفجرت وانفتح الباب، وأسرع «أحمد» و«بو عمير» إلى الداخل، وطلب «أحمد» من «كارل» سرعة تنفيذ المهمة … وهي إعادة الصواريخ إلى الطائرة …
جلس «كارل» وبدأ يعمل، بينما خرج «بو عمير» إلى باب الحجرة وقد شهَرَ مُسدسه، حتى يُمكِّن «كارل» من تنفيذ عمله.
أما «أحمد» فقد طلب من «كارل» سرعة التنفيذ … ووقف يُراقبه …
فُتِحت الأبواب الضخمة وشاهد «أحمد» «الطائرة» التي كانت مُختفية تحت مظلةٍ ضخمة من الصاج الملون، وكان «كارل» يعمل بسرعة، والصواريخ تخرج من مكانها السري وتنسلُّ إلى أماكنها في الطائرة … وانتهى «كارل» من عمله ثم قفز إلى الممر …
في نفس الوقت الذي كان فيه الشياطين قد انتهوا من التخلص من الحراس، وأشار «كارل» إلى «أحمد» قائلًا:
تعالوا معي … إنكم لن تستطيعوا الخروج من هذا المكان، فهناك ثلاثة نطاقات أمن …
أسرع «أحمد» يقفز خلف «كارل» الذي قال: هناك طائرتان للتدريب في المَمرِّ المُجاور اركبوا فيهما …
أحمد: إن طائرة التدريب لا تستوعب سوى اثنين فقط!
كارل: تعال أنت معي!
أسرع «أحمد» يُشير إلى الشياطين الأربعة، الذين سارعوا إلى طائرتَي التدريب الصغيرتَين، بينما قفز «أحمد» بجوار «كارل» …
كان «كارل» طيَّارًا ماهرًا … فسرعان ما ارتفع بالطائرة إلى الجو، وخلفه الطائرتان الصغيرتان … وطلب «أحمد» الاتصال عن طريق الطائرة برقم «صفر» وقال في ابتهاج: سيدي … إننا نحلق فوق مدينة «هامبورج» بثلاث طائرات!
رقم «صفر»: وأين الطائرة النووية؟
أحمد: إنني أركب بجوار الطيار «كارل» الذي تعاون معنا إلى أقصي حد … أرجو أن تتصل بدولته، لتكون في استقباله!
ضحك رقم «صفر» وهو يقول:
سنُعِدُّ لكم استقبالًا حماسيًّا …!