الفصل الخامس عشر
كان الراسخون في الفِكر الطاوي قديمًا،
يحملون في قلوبهم أسرار المعنى وخبايا التأويل.
وكانت الكلمات مكامن دلالات،
واجتهادات رؤًى بعيدة الغور،
وكان حملة أسرار الكَلِم
أشق من أن يحيط بأطوارهم الفهم،
أو يدور بأطياف ألغازهم المعنى.
ولئن حاولنا أن نصف لك شيئًا من أحوالهم،
فلن يسعنا إلا القول بأنهم:
متردِّدون، كمَن يعبرُ نهرًا من جليدٍ،
حذِرون، كمَن يتقي عاجل البلاء،
مُهذَّبون، كضيوف مأدبةٍ ملكيةٍ عامرة،
وادِعُون، كمسيل قطراتٍ من ثلج مُذاب،
مُخلِصون طاهرون، طهارة عود نبات أخضر،
واضحون، كأودية منبسطةٍ للناظرين،
مَحجوبون كأسرار مسربلةٍ بالغموض،
كتيَّار نهرٍ دافقٍ،
كثيف الجريان،
غائم مغمور الباطن.
فمَن ذا يكبح دفق شلالٍ جارفٍ [… سوى الطاوي]؟
ومَن ذا يقدر أن يُصفِّي كدر بئر آسنة؟
مَن ذا يجسر أن يزلزل أركان أجواء ثابتة الرسوخ؟
مَن ذا يفكِّر بأن يلهب بواطن بركان محمومٍ، في تقلب نيران
جمره الدفين؟