الفصل السابع والعشرون
أمهرُ السائرين مَن إذا مشى،
لانت خطوته، فعَبَر بغير أثر،
وأفصحُ المتكلِّمين مَن إذا تحدث،
بانت فصاحته فأفحم وظهَرَ،
إنَّ مَن تجلَّت عبقريته في حسابات الأرقام،
لم تعوزه آلة الحساب؛
وكذلك حارس الأبواب الذكي،
أبوابه مصونةٌ مغلقةٌ بغير أقفال؛
وعاقد الحبال الأريب،
بضائعه معقودةٌ بغير أربطةٍ،
وجدائل خيوطه موثقة بغير زمام؛
لذلك، فالعاقل مَن بسط لكل الناس
سرادق عنايته،
وحفظ في ذخائر النفع خير الوسائل،
لم يغادر وسيلة إلا أحصاها،
فذلك من جلاء الفهم ونافذ الحكمة والبصيرة،
إن الأخيار للأشرار مناهلُ علمٍ وهداية،
وإن الفُجَّار للأخيار ساحة موعظة.
فإيَّاك واحتقار أقطاب الهداية،
ثم إياك وإياك من امتهان قداسة السالكين؛
فإنه لا فضل مع احتقار سبيل الرشاد،
ولا هداية مع استصغار شأن الضالين،
إن في ذلك أسرارًا من الحكمة،
ولطائف من بواطن الدلالة … فتأمل!