الفصل الثالث
إن تجاهل الأكفاء والموهوبين كفيلٌ بتهدئة الأحوال، وإزالة أسباب التناحر، إنَّ كنزًا غاليًا ومهملًا لن يُغري لصًّا بالسرقة، فاعلم أن حجب مكامن الاشتهاء، يصدُّ عن زيغ العقول، فما كانت الغلبة لحاكمٍ عاقلٍ إلا بما أشبع من بطون، وأفرغ من أذهان، وما استتبَّتْ له الأمور إلا بما بنى من أجساد وخرَّب من هِمَم وعزائم؛ فبقي الجهل آبدًا، واليأس سرمدًا، وذو الفطنة ذاهل الفطن، وليس أحكم من حكمة القائل: «دع الأمور للمقادير!» ففيها معقد مقام السلام، ومستقر أحوال الناس جميعًا فوق الأرض.