الفصل الثاني والثلاثون
كم التبس على الأذهان معنى الطاو،
كم تاهَ به الوصف،
وتحيَّرت الإشارة؛
كم بقي الحرف تحت حجب الفهم،
محض رسمٍ بغير دلالةٍ،
وما كان الاسم سوى الرمز،
في أبسط وأيسر معانيه؛
لكنه المعنى الذي
يدرك كل أقطار الدنيا،
ولا يحيط بمداه وصف؛
هو المعنى الذي إذا فقه الملوك
بواطن حكمته،
انقادت لهم الدنيا بأسرها،
على قدم الامتثال،
وتعانقت به شوارق أنوار السماوات،
مع مسارب أغوار الأرض،
وتدلت ثريات من أزكى قطوف وثمر؛
وصار لكل يد طالبة،
كفاية مؤنتها بالعدل،
والعدل — حينئذٍ — ميثاق معهود بين الناس،
المواثيق متون معاملات،
اشتقت من طول التجربة الأسماء،
وصارت كلمات ومعانٍ في قبضة تصريف النبلاء،
فاعرف، وتبصَّر، والزم حد الأشياء؛
ففي لزوم الحد،
تنجية من الخطر،
ولو جاز، في هذا المقام، مضرب للأمثال،
[… فربما أقول:]،
إنه ما كانت نسبة الطريق (الطاو)،
إلى سائر الدنيا،
إلا كبحرٍ هادرٍ اشتُقَّت منه الجداول.