الفصل الثامن والثلاثون
مَن حاز أسمى مراتب الخلق والمجد،
وتبرَّأ من زيف التسامي المظهري،
استتبت له جدارة الوصف بأنه الشريف الأكمل؛
أمَّا صاحب الخلق الدنيء،
ففي أسر مظاهر الزهو والخيلاء،
ومن ثَم، تبرَّأ منه الخلق الكريم؛
المهذب الفاضل، تنقت أسراره من كَدَر التدبير،
فهو موكولٌ إلى تصاريف القدر،
أما الدنيء،
فهو الساعي لكسب حظوظ النفس،
ذُخْرُه فَقْدٌ وخسران،
وفعاله مَحْو وفناء؛
مريد الإحسان، متبرئ من هوى النفس،
لكن السالك بالعدل مدفوعٌ بغلبة إرادة ذاتية
[= الساعي إلى العدل،
مدفوع بغرائز التكفير عن الإثم]،
فقيه المراسم والشرائع،
هو الفصيح المفوَّه، المتكلم بالحسنى،
وسط الخاشعين المنصتين؛
فإذا ضجَّت، من حوله، ساحة العصيان،
شمَّر عن سواعد القهر،
آخذًا بناصية المارقين؛
[… أما دريت أن]
الفضيلة ما قامت، إلا بعد ضياع الطاو،
وما نودي بالإحسان إلا بعد ذهاب الفضائل،
وما استقامت العدالة إلا بعد انحسار الإحسان،
فما جاءت المراسم والشرائع إلا بعد فقدان
العدالة،
ثم كانت الشرائع رأس الفساد،
وأجلى دلائل النفاق؛
وما من مقولة عرضت على الطاو،
أكذب من مقولة:
«استجلاء أسرار الغيب،
بثاقب التفرس والبصيرة»؛
لذلك، يلزم العاقل حدَّ الإخلاص الصادق،
دون ساذج الإذعان للشرائع والمراسم،
ويحفظ خاطره من أن يسنح فيه،
إلا الدستور الطاوي،
دون استباقٍ عابثٍ لكشف حُجب الغيب.
دع «السطحي»، «الزائف»،
إلى «الجوهري»، «الأصيل».١
١
الجدير بالذكر هنا، أن طريقة الكتابة الرمزية
الصينية تستعمل أحيانًا بعض الرموز التصويرية
لإعطاء قيمة صوتية لبعض الكلمات القديمة التي
صاغت علاماتها الرمزية، وكان يتصادف أن يكون الرمز
التصوير المستعار = حاملًا لدلالة أخرى مختلفة عما
استعيرت له، فهكذا تأتي كلمات مثل «الأصيل» أو
«الأساسي»، وهي معبأةٌ في ثنايا تركيبها الرمزي
ببقايا تصويرية لها علاقة بدلالة أخرى مغايرة (=
الغليظ)، وكلمة مثل الجوهري تحمل صورًا لمعنى
(الثمرات الناضجة)، والطريف أن إحدى ترجمات الطاو
إلى الإنجليزية، الْتَبس عليها ظاهر التركيب الرمزي،
وراحت تُؤوِّل المعنى على نحو:
[= دع الخفيف إلى الغليظ، الثقيل،
ثم اترك الأوراق الذابلة واحظَ بناضج الثمر … إلخ.]
ومع ذلك، وبرغم الخطأ الفادح، جاء التأويل — بالمصادفة — معبِّرًا، سديد المعني، في محله تمامًا، متسقًا مع السياق الرمزي المعهود في الكتابات الطاوية … ولو أن مثل هذه المصادفات السعيدة لا تتكرر دائمًا في معظم المناسبات، انظر: [Lao Tzu TAO TE CHING, translated: by D.C. LAU, Penguin Books, England: 1963, XXXVIII, Book, p. 99]. (المترجم)
[= دع الخفيف إلى الغليظ، الثقيل،
ثم اترك الأوراق الذابلة واحظَ بناضج الثمر … إلخ.]
ومع ذلك، وبرغم الخطأ الفادح، جاء التأويل — بالمصادفة — معبِّرًا، سديد المعني، في محله تمامًا، متسقًا مع السياق الرمزي المعهود في الكتابات الطاوية … ولو أن مثل هذه المصادفات السعيدة لا تتكرر دائمًا في معظم المناسبات، انظر: [Lao Tzu TAO TE CHING, translated: by D.C. LAU, Penguin Books, England: 1963, XXXVIII, Book, p. 99]. (المترجم)