صارت الأشياء من الأزل،
سائرة في فلك القانون الطاوي،
فما كان يستطيع لساطع السماء بريق إلا ببقاء في آزال
الواحدية،
وما كانت تتقدَّس أقداس الروح [= الآلهة]،
إلَّا في سرمد الواحدية،
وما كان يفيض فيض النهر الجاري،
إلا في مستدام جريان الواحدية،
وما كان يحيا الحي، ولا تتكثر الكثرة،
إلا بمددٍ من أزل الواحدية،
ثم ما كان يتولَّى الوالي ولاية،
أو يملك الممالك ملك متوَّج،
إلا بدوام حفظ الواحدية،
فاعلم أنه لو حادت الأشياء عن قانون الواحدية،
هلكت، وفني عنها شاهد الوجود،
كادت السماء، بغير ميثاقٍ أحدي،
أن ينحطم قائم عمرها،
ويُخمَد بارق سنا أنوارها،
وكادت الأرض تتداعى خرابًا منثورًا،
منكوب المقام والمسعى،
وأوشكت الأرواح [= الآلهة] أن تتردى،
في مهاوي الفناء وتصير إلى العدم،
وكاد ينقطع جريان الجداول،
ويجفُّ الينبوع والساحل،
وقرب أن يفنى الوالد والمولود،
ويحصد الموتُ كلَّ نسمة حيَّة،
ثم كادت الملوك تزول عن عزيز المجد والسطوة،
وتسقط عن عروشها أممٌ وتيجان،
[= فلا بد من مرجعية قانون أحدي؛ ذلك أنه: –]،
لا يستوي للجليل عود أخضر، إلا كان الذل منبت
جذوره،
ولا يرتفع للعالي ارتفاع،
إلَّا بانحطاط أسفله الخفيض،
ولقد جاء على الملوك حِينٌ من الدهر،
كانوا يُلقِّبون أنفسهم بألقاب، من نحو:
«المتواضع»، «الفقير»، «الزاهد المسكين»،
أفما رأيت أن كل جليلٍ
مستنبت جذوره في ذلِّ الحضيض؟!
أليس صحيحًا أن الذل
مدار تراجع إليه أجل الدوائر؟!
إن الساعي إلى قمة المجد،
خاسر — لا محالة — رفيع مقام المجد،
فلا تكن تاجًا ذهبيًّا مُرصَّعًا باليواقيت،
وكن حبة رمل منسحقة في جوف التراب.